شوف تشوف

الافتتاحية

ديبلوماسية الخوف

هل تهاب الديبلوماسية الجزائرية انتقاد مواقف إسرائيل علانية؟ هذا السؤال فرضه البلاغ «اللاديبلوماسي» لوزارة رمطان لعمامرة، الذي حمل المغرب المسؤولية الكاملة عن تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، التي عبر من خلالها عن «قلقه من تقارب الجزائر وإيران»، ورفضه «للحملة التي تشنها الجزائر ضد قبول إسرائيل عضوا ملاحظا بالاتحاد الإفريقي». بل ذهب الانحدار ببلاغ وزارة الخارجية الجزائرية إلى حد اتهام ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، بـ«المكر» و«التحريض الحقيقي» على «التصريحات الكاذبة والخبيثة الصادرة عن المغرب بشأن الجزائر، ودورها الإقليمي وعلاقاتها مع دولة ثالثة». فهل يمكن لأي عاقل أن يصدق أن ناصر بوريطة يفرض على وزير الخارجية الإسرائيلي ما يصرح به من مواقف، وما يدلي به من تصريحات تلزم دولته؟
في الحقيقة نحن أمام ديبلوماسية أقل ما يقال عنها إنها جبانة لا تجرؤ على انتقاد مواقف إسرائيل ولا حتى أن تذكر اسمها، في المقابل توجه سهام التجريح وتستعمل قاموس «البلطجة» تجاه بلدنا دون وازع أخلاقي، لذلك على هذه الديبلوماسية الجبانة أن تنكفئ على نفسها حتى تتوفر لها القدرة والشجاعة على نقد مواقف إسرائيل تصريحا لا تلميحا، ثم بعد ذلك يجوز لها أن تقحم المغرب في أي موضوع تشاء.
نعلم أن الديبلوماسية الجزائرية فقدت البوصلة منذ زمان، وأصبحت غير قادرة على وضع أجندتها الخاصة للدفاع عن مصالح بلدها بما يفرضه حسن الجوار من حقوق، وتحولت إلى شاهد زور وآلة دعاية مغرضة لصالح «السيستام» العسكري الذي يربط استمراره باستمرار التوتر، لكن لم نكن نتوقع أن تصل ديبلوماسية المليون شهيد إلى هذا القاع من المستنقع المتعفن. في مناسبات عديدة حل ديبلوماسيون بالجزائر وأدلوا بمواقف معارضة لوحدتنا الترابية، بل معادية لسيادتنا الوطنية، وآخرها كانت تلميحات وزير الخارجية التركي وقبلها مع الديبلوماسية الإيرانية والجنوب إفريقية، ولم تخرج ديبلوماسية المغرب لتحمل الجزائر مسؤولية مواقف ممثلي دول لهم سيادتهم، ولا أن تتهم رمطان لعمامرة بإملاء تصريحات على الديبلوماسيين وتحريضهم.
لسنا في موضع الدفاع عن أنفسنا، لكن المغرب دولة ذات سيادة وليست مسؤولة عن التصريحات الديبلوماسية لإسرائيل وليست ناطقا باسمها، ولذلك على المسؤولين في الجزائر أن يتوقفوا عن ممارسة ديبلوماسية الهروب إلى الأمام. نعلم أن حكام العسكر بالجارة الشرقية في ورطة وحيرة من تراكم الأزمات والمآسي، ونستشعر حجم السعار الديبلوماسي بسبب التقارب المغربي الإسرائيلي الأمريكي وبسبب سياسة تنويع شركاء المغرب، ونعلم أن المواقف العاقلة والمتعلقة للملك محمد السادس القائمة على اليد الممدودة وحسن الجوار، تحرج قصر المرادية كل يوم وتضع المسؤولين الجزائريين في الزاوية الضيقة أمام العالم وأمام شعبهم الذي يعاني الأمرين، لكن لا يمكن للمغرب أن يتحمل إلى ما لا نهاية حماقات جار حشرنا الله معه في الجوار، كما قال الراحل الملك الحسن الثاني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى