
النعمان اليعلاوي
شهدت مراكز اجتياز امتحان الحصول على رخصة السياقة بالمغرب، خلال الأيام الأخيرة، نسب رسوب غير مسبوقة، بلغت في بعض المناطق 95 في المائة، فيما سُجّلت نسبة نجاح بلغت 0 في المائة بمراكز أخرى، بعد حوالي عام من دخول نظام الأسئلة الجديد حيز التنفيذ، ما أثار موجة استياء واسعة في أوساط مهنيي قطاع تعليم السياقة والممتحنين على حد سواء.
وقالت مصادر مهنية إن عددا من مراكز الامتحان عاشت أجواء مشحونة، بسبب ما اعتبره المهنيون «فشلا ذريعا» في تنزيل تفاصيل النظام الجديد، الذي أطلقته الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (نارسا)، بهدف تجويد شروط امتحان نيل رخصة السياقة والرفع من مصداقيته، غير أن النتائج الأولية أظهرت أن النظام تحول إلى «حجرة عثرة» أمام آلاف المرشحين.
وفي هذا السياق، وصف عبد الرحيم المسعودي، رئيس جمعية مدربي ومهنيي مدارس تعليم السياقة بمدينة سلا، النتائج المسجلة بأنها «كارثة بكل المقاييس»، مشيرا إلى أن «المرشحين وأرباب المدارس كانوا يأملون أن تساهم الإجراءات الجديدة في تسهيل مساطر الامتحان وتعزيز شفافيته، لكن تبين أن الأسئلة التي تم اعتمادها تختلف تماما عما هو متوفر في مدارس تعليم السياقة».
وأوضح المسعودي، في تصريح لـ«الأخبار»، أن الوكالة كانت قد أعلنت عن منصة رقمية للتكوين عن بعد تتضمن مضامين بنك الأسئلة الجديد، غير أن «المرشحين أكدوا أن الأسئلة التي طُرحت عليهم في الامتحان لا توجد مضامينها ضمن محتويات تلك المنصة»، مضيفا أن ذلك خلق ارتباكا كبيرا في صفوف المتدربين والمدربين على حد سواء.
وأكد المتحدث ذاته أن «بنك الأسئلة السابق، الذي كان يتضمن 600 سؤال، وُضع سنة 2004، وتم تحيينه أكثر من مرة منذ ذلك الحين، خاصة بعد إقرار مدونة السير سنة 2010، ومع توسع شبكة النقل الحضري (مثل الترامواي) بالرباط والدار البيضاء»، وأشار إلى أن «التحيين الأخير رفع عدد الأسئلة إلى 1000 سؤال، منها 950 سؤالا مصورا، و50 على شكل فيديو، موزعة على ستة محاور رئيسية، إلا أن المفاجأة كانت في اعتماد أسئلة غير مألوفة، ما فاقم من نسب الرسوب».
وأبرز المسعودي أن المهنيين سبق أن عبروا عن رفضهم إلزام المرشحين بالتكوين عبر المنصة الرقمية التي وضعتها الوكالة، نظرا إلى ضعف محتواها التكويني، مشيرا إلى أن اعتماد أسئلة مستمدة من هذه المنصة، أو حتى من خارجها، «يطرح إشكالا حقيقيا على مستوى تكافؤ الفرص ومبدأ التنافسية بين مؤسسات تعليم السياقة».
وتابع قائلا: «الراسبون يمكنهم إعادة اجتياز الامتحان بعد مرور 15 يوما، لكننا نتوقع استمرار نفس نسب الرسوب المرتفعة، إذا لم تتم مراجعة النظام الجديد، أو تأهيل الممتحنين بشكل فعلي»، لافتا إلى أن عددا من المدن المغربية شهدت احتجاجات لممتحنين وأرباب مدارس تعليم السياقة، «بسبب الخوف من استمرار هذا الوضع، الذي قد يؤدي إلى عزوف المواطنين عن التقدم لاجتياز امتحان السياقة».
يُذكر أن الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية قررت، رسميا، رفع عدد أسئلة الامتحان النظري للحصول على رخصة السياقة من 600 إلى 1000 سؤال، وتحديثها لتواكب مستجدات مدونة السير، مع إقرار امتحانات مرئية عبر الفيديو، في خطوة اعتبرتها الوكالة ضرورية لتجويد التكوين والحد من الحوادث، في حين يرى المهنيون أن هذه الإصلاحات فُرضت دون إشراك حقيقي لأرباب المؤسسات، ودون تمكين المرشحين من أدوات تكوينية كافية للتأقلم مع النظام الجديد.