
استقبل رئيس الحكومة المغربية صحيفة «لا رازون» بعد اختتام الاجتماع رفيع المستوى الإسباني-المغربي في مدريد، الذي وصفه بأنه «نجاح كبير» و«دليل على المستوى الممتاز» للعلاقات الثنائية بين البلدين. وفي ما يتعلق بإمكانية حدوث تغيير في رئاسة الحكومة الإسبانية ووصول مرشح الحزب الشعبي إلى المنصب، عبر أخنوش عن ثقته في استمرار الروابط بين البلدين، «التي تستند الآن إلى معايير سياسية واضحة، وحوار مستقر، ورؤية مشتركة».
حاوره: أنطونيو نافارو أموديو
ما أهمية القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء بالنسبة للمغرب؟
إنه قرار دولي عادل ومنصف يمثل إنجازًا حاسمًا لحل نهائي لهذا النزاع المصطنع الذي طال أمده بشكل مفرط. علاوة على ذلك، يفتح هذا القرار الباب أمام حوار بناء بهدف التوصل إلى توافق بين جميع الأطراف، دون منتصر أو مهزوم، يحافظ على كرامة الجميع، كما صرح جلالة الملك محمد السادس في خطابه الأخير بمناسبة افتتاح البرلمان.
ما مثلته الدبلوماسية الملكية على مدار 26 عامًا من حكمة وواقعية وصلابة على الصعد الوطنية والإقليمية والدولية جعل من بلدنا اليوم نموذجًا يحظى بالاحترام والمصداقية، وهو ما سمح بهذا التحول الدبلوماسي الحاسم في قضية الصحراء.
هذا العام تم الاحتفال بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء. هل تعتقد أن المغرب يقترب من حل نهائي للنزاع، أم أن عملية التفاوض ستستمر في حالة الجمود التي ميزت السنوات الأخيرة؟
إن قرار مجلس الأمن الصادر في 31 أكتوبر 2025 يضع جميع الأطراف المعنية أمام مسؤولياتها، ويمنح الجميع فرصة تاريخية وعادلة لبناء بيئة إقليمية أكثر تناغمًا وازدهارًا؛ ونتطلع من الآن فصاعدًا إلى مستقبل يتميز بمزيد من التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والتعايش السلمي، والازدهار الاقتصادي والاجتماعي في مناطقنا الجنوبية.
هل تتوقع من الحكومة الإسبانية الحالية أن تتخذ خطوة إضافية لدعم بلادكم في قضية الصحراء بعد رسالة رئيس الحكومة إلى الملك محمد السادس في مارس 2022؟
كما تعلمون، منذ سنوات، وتحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، اعتمد المغرب موقفًا حازمًا وعادلاً بشأن قضية الصحراء، يتمثل في تنويع وتعميق تحالفاته، مع وضع دعم سيادتنا الترابية الكاملة وغير القابلة للتجزئة في صلب هذه التحالفات. يوجد تقارب استراتيجي بين الرباط ومدريد في ما يتعلق بالصحراء المغربية بفضل وضوح وثبات الموقف الإسباني، المتناغم مع قرارات مجلس الأمن. لقد شكل هذا الموقف، وما زال، عنصرًا أساسيًا للثقة بين بلدينا وعاملًا هيكليًا لاستقرار المنطقة في الفضاءات الإفريقية والمتوسطية والأطلسية.
ما تقييمك للوضع الحالي للعلاقات بين المغرب وإسبانيا؟
ممتازة. لقد شهدت العلاقات بين بلدينا، على مر القرون، فترات من القرب الكبير، ولكن أيضًا، يجب ذكره، فترات من سوء التفاهم. ومع ذلك، لم يتوقف الحوار أبدًا: فقد شكل التجارة، وحركة الأشخاص، والتبادل الثقافي المتبادل معرفة عميقة بين الطرفين، معرفة غارقة في الحياة اليومية لمجتمعاتنا، ولغتنا، ومدننا، واقتصاداتنا.
لقد تمتع التعاون بين بلدينا باستقرار كبير وديناميكية خاصة في السنوات الأخيرة، تميزت بالثقة والاحترام المتبادل. لقد سمح الزخم السياسي الذي أطلقه رئيسا الدولتين وعمق الروابط بينهما بأن يتأسس هذا التعاون بشكل راسخ ويتحدد بوضوح، مما مهد الطريق لتعاون أقوى وهيكلي.
نحن لسنا مجرد جيران؛ كل طرف شريك وسوق استراتيجي للآخر. إسبانيا هي حاليًا الشريك التجاري الرئيسي للمغرب، والمغرب هو ثالث أهم زبون لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي، كما أنه أكبر زبون ومورد لإسبانيا في جميع أنحاء إفريقيا. هناك حوالي 800 شركة إسبانية مقرها في المغرب، وما يقرب من 12.000 شركة مغربية ترتبط اقتصاديًا بإسبانيا. هذه تدفقات ثنائية الاتجاه تربط اقتصادينا وتعكس جودة استثنائية للعلاقة بين بلدينا. ولا ننسى الاتصال البشري العميق الذي يربطنا بما يقرب من مليون مغربي مقيم في إسبانيا، ومجتمع إسباني نشط في المغرب، مما يعكس الترابط الوثيق بين المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لدينا.
علاوة على ذلك، من المهم تذكر النهج الشامل والمتوازن الذي اعتمده بلدانا في مجال الهجرة، القائم على التعاون المسؤول مع بلدان المنشأ والعبور، والمتميز بالإجراءات المشتركة الفعالة لمكافحة الهجرة غير النظامية وشبكات تهريب البشر.
بعد فترة تميزت بتطبيع العلاقات وعقد لقاءات ثنائية رفيعة المستوى بشكل متكرر، يبدو أن جدول الأعمال الثنائي دخل في حالة من الجمود؟
على العكس من ذلك: الدليل هو النجاح الكبير للاجتماع رفيع المستوى بين إسبانيا والمغرب الذي عقدناه الأسبوع الماضي في مدريد بمشاركة وفد وزاري هام من كلا الطرفين، والذي أسفر عن توقيع ما لا يقل عن 14 اتفاقية تعاون في مجالات متعددة.
عُقد الاجتماع رفيع المستوى السابق في الرباط عام 2023 وتميز بنفس الزخم الاستراتيجي الإيجابي. بين الاجتماعَين، تم إحراز خطوة مهمة إلى الأمام، حيث تجسدت الطموحات الموضحة في خارطة الطريق المغربية-الإسبانية التي تم اعتمادها في أبريل 2022 في إطار عملي للعمل، مدعوم بحوار سياسي منتظم وتنسيق مستمر بين الحكومتين.
فقد تكثفت مشاوراتنا على العكس في السنوات الأخيرة بوتيرة غير مسبوقة، مما يعكس الالتزام المشترك بضمان استمرارية واستدامة عملنا. في كل اجتماع من اجتماعاتنا، عمل الطرفان بجد لضمان تنفيذ التزاماتنا، وأكدت الأسبوع الماضي في مدريد على التزام الحكومة المغربية بالحفاظ على هذا الزخم.
تجديد رئاسة الحكومة أمر لا مفر منه في أي ديمقراطية، وفي وقت لاحق أو سابق سيشغل مرشح من الحزب الشعبي الرئاسة. هل تخشى أن يؤثر ذلك على العلاقات بين البلدين؟
كما قلت لكم، يحافظ بلدانا على روابط قوية ومؤسسية، قائمة على المدى الطويل والوضوح، وذلك في إطار دينامية سياسية يقودها أعلى مستوى من قبل رئيسي الدولتين، وأعتقد أن العلاقات بين بلدينا تقوم الآن على معايير سياسية واضحة، وحوار مستقر، ورؤية مشتركة نبنيها معًا بشكل مستدام وبروح عالية من المسؤولية.
حكومتكم في السنة الخامسة من ولايتها. ما تقييمكم لأربعة أعوام من قيادتكم للحكومة؟
المشاريع والإصلاحات التي عملنا عليها يوميًا منذ تولينا المنصب تهدف إلى شيء واحد فقط: تغييرات ملموسة تؤثر في حياة المغاربة. تمثل هذه السنوات الأربع عملًا متواصلًا ومنهجيًا لتحقيق التحول الذي يبتغيه جلالة الملك، لبناء دولة اجتماعية، وفي الوقت نفسه تعزيز التنمية الاقتصادية.
واجهت حكومتنا، قبل كل شيء، بسلاسة وصرامة سلسلة من الأزمات المتعاقبة: أزمة الطاقة، مع ارتفاعات قياسية في الأسعار على مستوى العالم؛ أزمة المناخ، مع أسوأ جفاف شهده المغرب خلال 40 عامًا؛ والأزمة النقدية، مع عودة التضخم على مستوى العالم. وعلى الرغم من هذه التحديات، نفذت الحكومة بنجاح إجراءات تكميلية ودعمًا ماليًا، مع الحفاظ على استقرارنا الكلي وإصلاحاتنا ذات الأولوية. التضخم الآن أقل ثلاث مرات مما كان عليه قبل أربع سنوات، وقد بقي تحت 1 في المائة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وفقًا للتوجيهات الملكية، شهد بلدنا تحولًا تاريخيًا في مجال الحماية الاجتماعية خلال الأربع سنوات الأخيرة: يستفيد أكثر من أربعة ملايين أسرة حاليًا من الدعم الاجتماعي المباشر، ما يمثل أكثر من 12 مليون شخص، بما في ذلك خمسة ملايين طفل، وأكثر من مليون شخص فوق سن الستين. كما نفذت الحكومة، وفقًا للأجندة الملكية، مشروع توسيع التأمين الصحي الإلزامي ليشمل جميع المغاربة، الذي يوفر الآن تغطية طبية لأكثر من 88 في المائة من السكان.
وقد مثلت جميع هذه الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية خطوة مهمة على الصعيد المؤسسي، حيث قررت الحكومة إقامة حوار اجتماعي دائم مع النقابات الرئيسية. وفي هذا الإطار، استفادت 4.2 ملايين أسرة من زيادات في الأجور منذ بداية الولاية.
نظرًا للدور الحاسم لرأس المال البشري في نجاح أي مشروع إصلاحي، نولي أهمية كبيرة لتعزيز نظامنا الصحي، وتحسين جودة نظامنا التعليمي، وتشجيع البحث العلمي والابتكار.
كما تتزايد الاستثمارات سنويًا في بلادنا، مما يعكس الثقة القوية للمستثمرين ويخلق آلاف فرص العمل. ولتعزيز الاستثمار أكثر، اعتمد المغرب ميثاق استثمار جديد، يحدد إطارًا جديدًا وجذابًا قائمًا على الحوافز لجميع المستثمرين، سواء كانوا وطنيين أو أجانب، ولكافة أنواع الاستثمارات الكبيرة والصغيرة.
باختصار، حققنا خلال السنوات الأربع الأخيرة تقدمًا كبيرًا، لكننا ندرك تمامًا حجم العمل المتبقي، ونواصل طريقنا نحو الإصلاح.
يستعد المغرب بكل عناية وحماس لاستضافة كأس العالم 2030، الذي ينظمه جنبًا إلى جنب مع إسبانيا والبرتغال. هل سيسهم هذا الحدث الكبير في تقريب الضفتين؟
بدون أي شك. إن تنظيم كأس العالم 2030 بشكل مشترك من قبل المغرب وإسبانيا والبرتغال هو رمز قوي للتقارب وقدرة بلداننا الثلاثة على تنفيذ مشروع عالمي طموح ومستقبلي، قائم على التنسيق والثقة. علاوة على ذلك، فإن هذا الحدث أكبر بكثير من مجرد فعالية رياضية: فهو محفز للاستثمار، ويضع تحالفنا في موقع يمكنه من تنفيذ استثمارات ضخمة في البنية التحتية للنقل، والمرافق الرياضية، والسياحة والفندقة، والحلول الرقمية، والأمن، وصورة العلامة التجارية. كما يظهر ما يمكننا تحقيقه معًا.





