
محمد اليوبي
مع حلول فصل كل صيف، تعود ظاهرة السطو على الملك العمومي البحري بشكل ملفت لتغزو معظم الشواطئ المغربية، محدثة فوضى تؤرق راحة الزوار والمصطافين، في ظل تجاهل مستمر للمسؤولين عن تدبير الشأن العام والسلطات المحلية التي من المفروض أن تتدخل لتفعيل آليات المراقبة والزجر، وتدفع مثل هذه الممارسات العديد من الأسر إلى قضاء العطلة الصيفية خارج أرض الوطن.
وتفشت، خلال السنوات الأخيرة، ممارسات خطيرة تتعلق باحتلال الشواطئ من طرف أشخاص غرباء يفرضون قوانينهم الخاصة في ما يشبه «كريساج» علنيا في واضحة النهار، من خلال إجبار المواطنين على أداء مبالغ مالية مقابل السماح لهم بالولوج إلى الشاطئ، والاستمتاع برمال ومياه البحر، والغريب في الأمر أن هذه الممارسات تتم أمام أعين السلطات والجهات المسؤولة، حيث يتم حجز الواجهات الأمامية للشواطئ بالكراسي والمظلات الشمسية المعدة للكراء، دون أن يحصل هؤلاء على أي ترخيص بذلك.
وأخطر من ذلك أن بعض الأشخاص يلجؤون إلى بناء محلات عشوائية داخل الشواطئ، بدون ترخيص من الجهات الوصية وبدون أداء الإتاوات المستحقة عن الاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة، ومنه الملك العمومي البحري.
والمثير في الأمر أنه، حتى المحلات المرخصة، تؤدي مبالغ لا تتجاوز أربعة دراهم للمتر الواحد، مقابل احتلال الملك العمومي البحري، وذلك بموجب قرار صادر عن وزارة التجهيز، وكأن هذا القرار يكرس المزيد من الفوضى و«ريع» احتلال الملك العمومي بالشواطئ المغربية، رغم التوصيات والملاحظات التي أبداها المجلس الأعلى للحسابات حول هذا الموضوع، ومن جهة أخرى، تستمر ظاهرة السطو على الملك البحري، لبناء إقامات سكنية فاخرة فوق رمال الشواطئ، أمام عجز المسؤولين عن تطبيق القانون.
وتطلق وزارة التجهيز والنقل، سنويا، طلبات عروض تخص الحصول على رخص الاحتلال المؤقت للملك العمومي البحري أو تجديدها بالعديد من الشواطئ التي تعرف إقبالا كبيرا خلال فصل الصيف، وذلك مقابل إتاوات لا تتجاوز في بعض الأحيان مبلغ 4 دراهم للمتر المربع. وأوضحت المصادر أن وزارة التجهيز أصدرت قرارا يتعلق بتحديد الإتاوة المستحقة عن الاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة، ومنه الملك العمومي البحري، مشيرة إلى أن عدد الرخص المسلمة من طرف الوزارة يبلغ حوالي ألف رخصة، بالإضافة إلى رخص استغلال الملك العمومي البحري لإنجاز مشاريع استثمارية سياحية، ورخص استغلال الشواطئ التي تعتبر رخصا موسمية خاصة بفترة الاصطياف الممتدة من 15 يونيو إلى 15 شتنبر من كل سنة.
وأفادت المصادر بأن مسؤولين بوزارة التجهيز يتجاهلون توصيات صادرة عن المجلس الأعلى للحسابات، الذي سجل، من خلال دراسة جدول الإتاوات المتعلقة بالاحتلال المؤقت للملك العمومي البحري، أن أسعار هذه الإتاوات زهيدة، فضلا عن عدم احترام المقتضيات المنظمة للاحتلال المؤقت للملك العمومي البحري، وعدم تسديد الإتاوات المستحقة. وأكد التقرير أن العديد من الأشخاص يستفيدون من رخص الاحتلال المؤقت للملك العمومي البحري لكنهم لا يسددون الإتاوات المستحقة في ذمتهم، ومع ذلك لا تلجأ مصالح وزارة التجهيز والنقل إلى سحب هذه الرخص تطبيقا للمادة 6 من ظهير 30 نونبر 1918 المتعلق بالاحتلال المؤقت للملك العمومي.
ورصد المجلس الأعلى للحسابات استمرار احتلال الملك البحري بدون سند قانوني، حيث وقف المجلس على ضرورة تسوية وضعية محلات الاصطياف التي انتهت صلاحية الرخص الخاصة بها، إذ بلغ عدد هذه الرخص منتهية الصلاحية 400 رخصة، أي بنسبة في المائة من مجموع هذا النوع من الرخص، وبخصوص حماية السواحل، سجل المجلس الحاجة إلى تعزيز الطابع الزجري لشرطة الملك العمومي البحري، التي تعرف نقصا في مواردها البشرية، وذلك بغية مكافحة الظواهر المؤدية لتدهور السواحل، سيما نهب الرمال والاحتلال غير المشروع. وعلى الرغم من عمليات المراقبة المنجزة، بلغ العدد الإجمالي لحالات الترامي على هذا الملك 3.088 حالة، وفقا لأحدث جرد أنجزته الوزارة المكلفة بالتجهيز.
وأوصى المجلس الوزارة المكلفة بالتجهيز بتحديث الإطار القانوني المتعلق بتدبير الاحتلال المؤقت للملك العمومي البحري، والحرص على تقديم المساعدة التقنية اللازمة للجماعات لضمان إعداد تصاميم استغلال وتدبير الشواطئ، كما أوصى المجلس الوزارة بدعم شرطة الملك العمومي البحري بالموارد اللوجستيكية والبشرية الضرورية من أجل تعزيز دورها الرقابي، وتفعيل الآليات الضرورية من قبيل (صور الأقمار الاصطناعية والطائرات بدون طيار) للتحديد الدقيق لاحتلال الملك البحري العمومي.