
يونس جنوحي
جاءت فترة حكم السعديين للمغرب، كانت مدة قصيرة ولم تكن حافلة بأحداث مهمة (يقصد القنصل هنا فترة حكم الوطاسيين ووقع لديه خلط بينهم والسعديين).
لا شك أن أهم حدث في العصر الحسني الشريف (هنا يقصد فترة حكم السعديين)، ما بين سنوات 1550 و1649 ميلادية، كان معركة القصر الكبير، المعروفة تاريخيا باسم «معركة الملوك الثلاثة»، والتي حدثت سنة 1578 ميلادية، وكانت نتيجتها هزيمة ساحقة للجيش البرتغالي ووفاة قائده الشاب «دون سيباستيان». كانت هذه الهزيمة سببا أدى إلى نشوء اتحاد بين إسبانيا والبرتغال.
ويبقى من المهم أن نُسجل أنه في القرن نفسه، وتحديدا سنة 1577، جرى تعيين أول سفير أجنبي في المغرب.
عُين مبعوث إنجليزي سفيرا في المغرب بعد أن أثبت تاجر بريطاني إمكانية استمرار التجارة المُربحة بين إنجلترا والمغرب.
كان اسم هذا السفير «السيد إدموند هوگان»، وهو أحد الذين وشّحتهم جلالة الملكة، وتم الاعتراف به من طرف «ملك المغرب وفاس».
وحدث في السنة نفسها أن عين الملك هنري الثالث، ملك فرنسا، قنصلا لبلاده لدى المغرب وفاس. (يُقصد بالمغرب Morocco في معظم الكتابات الأجنبية التاريخية، مدينة مراكش).
استُعمل لقب السلطان، أو الإمبراطور، خلال فترة حكم محمد، الذي تولى الحكم سنة 1637، وقبل توليه الحكم كان الحاكم يحمل لقب الأمير.
في سنة 1649، بدأت فترة الفيلاليين (يقصد الكاتب هنا فترة حكم العلويين، بحكم أن الأسرة العلوية تنحدر من تافيلالت)، والتي حكم خلالها الشرفاء الفيلاليون، وكان أبرزهم السلطان إسماعيل، الذي اعتلى العرش سنة 1672 ميلادية.
كُتبت مجلدات عن فترة حكم هذا السلطان غير العادي، والتي امتدت طوال خمس وخمسين سنة، وقيل عنه: «في الوقت الذي ترتعد فرائص كل من يسمع اسمه خلال فترة حكمه، من الغريب اليوم أن يتذكره مسلمو اليوم، ليس باعتباره طاغية مستبدا، بل باعتباره سلطانا عظيما ومُتدينا».
يُحكى عنه أنه قتل بيده عشرين ألفا من رعاياه خلال السنوات العشرين الأولى من فترة حكمه.
هناك حادثتان، مُغرقتان في «الرومانسية»، ترتبطان بحياة هذا الرجل الذي اشتهر بالقسوة والقدرات الخارقة، تستحقان أن تُسجلا في صفحات التاريخ وأن تحظيا بكثير من الأهمية.
في إحدى المناسبات، جاءت إليه امرأة من الصحراء – جاءت إليه تماما كما جاءت ملكة سبأ إلى النبي سليمان. وذهب إسماعيل على رأس جيش كامل للقائها.
عرضت عليه السيدة أن تضع نفسها وشعبها رهن إشارته، إن استطاع هزيمتها في رمي الرمح. قبل إسماعيل التحدي وهزم الأميرة الصحراوية، التي صارت بعد ذلك من حريمه، بينما واصل جيشها طريقه نحو بلادها.
أما الواقعة الأخرى فتتعلق بأميرة أوروبية.
كان الأميرال ومبعوث المغرب إلى قصر ملك فرنسا، لويس الرابع عشر، معجبا جدا بجمال وسحر الآنسة «دو بلوا»، وهي ابنة الملك الرابع عشر، (والتي صارت بعد ذلك تحمل اسم الآنسة «دو لا فاليير»، وبعد ذلك حملت لقب أميرة «دو كونتي»)، إلى درجة أنه كتب تقريرا مهما وأرسله إلى سيده.
أصدر إسماعيل أمرا إلى مبعوثه لكي يكتب رسالة إلى «بونت شارتران»، وهو أحد أصدقائه، يأمره أن يطلب له يد الأميرة من والدها الملك، ويخبره بأنه يسمح لها بأن تبقى على دينها، وأنها ستحظى بكل مظاهر الرفاهية التي ستتيحها ثروته.
قيل أيضا إن إسماعيل ذهب بنفسه إلى فرنسا، مُتنكرا في صفة ملحق لسفيره الخاص، لكي يتمكن من رؤية المرأة الفرنسية الجميلة، لكنه لم ينجح في أيّ من تلك المساعي.