شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

متلازمة «السوبر ليغ»

 

حسن البصري

 

بين الكرة الإفريقية والسياسة الإفريقية فرق كبير، بين حماس المنافسات الإفريقية ومآسي القارة السمراء بون شاسع، بين اختناق المدرجات وإقبال الجماهير في الملاعب وحالة الطوارئ في شوارع كثير من العواصم الإفريقية مسافة بعيدة، وأكثر من ذلك شتان بين المال المسكوب على مباريات السوبر الإفريقي واعتذار منتخبات جنوب شرق القارة ولجوئها الرياضي إلى دول أخرى، بسبب ضيق ذات اليد.

عندما انتخب موتسيبي رئيسا للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، قرر رفع سقف المنح المخصصة للأندية في المسابقات القارية، فأنشأ بطولة مصغرة أطلق عليها كأس «السوبر ليغ»، أو بطولة الأكابر كما يسميها أشقاؤنا في مصر.

أقام موتسيبي مسابقة مسيلة للعاب، وجعل مسؤولي الفرق الإفريقية يتمنون المشاركة في برنامج «كيف تربح ملايير الدولارات في ظرف ثلاثة أسابيع؟»، علما أن الفرق المغربية تخوض موسما كاملا بحثا عن جائزة مالية قدرها 300 مليون سنتيم، قبل أن تتم مضاعفتها.

اليوم هناك قناعة تامة بأن الاستثمار في كرة القدم يقود إلى الثراء، شريطة ألا يرصد تحركاتك المشبوهة «فار» مكافحة الفساد والمفسدين.

خصص «الكاف» للفريق الخاسر الخارج من مسابقة «النخبة» مليار سنتيم، بمعنى أن للمنهزم نصيبا من الكعكة، «انهزم واربح» هذا شعار المسابقة الإفريقية الجديدة التي تصدر لماكرون صورة أخرى عن قارة تحاكي في كرتها كبار الأندية العالمية.

الوداد يراهن على الفوز بأربعة ملايير لتسديد متأخرات مالية، ودخول منافسات عصبة الأبطال الإفريقية بمعنويات عالية، بعد أن صب الاتحاد الإفريقي لكرة القدم في حساب النادي سيولة مالية ترفع مؤشر «المورال»، بعد أن اقتنع جميع المدربين بأن المنح المالية تنوب اليوم عن الاختصاصيين النفسانيين، في شحن معنويات اللاعبين.

اليوم يتلقى نجوم الكرة منحا على شيكات بيضاء، بالمبلغ الذي يريده اللاعبون ويزكيه وكلاؤهم. ويصبح الدفاع عن القميص وعشق النادي مجرد إشاعة، اسألوا القائمين على غرفة المنازعات عن اللاعبين الذين جروا فريقهم إلى المحاكمة وهم الذين كانوا بالأمس يقبلون القميص ويدينون بالولاء لشعار الفريق، ويرددون مع الجماهير مواويل وأهازيج تجسد عمق الانتماء.

لكن ما أن يغادروا النادي حتى يصبح المنتدب القضائي رفيقهم، وغرفة المنازعات قبلتهم، حتى وإن كان وجودهم في الملاعب لا يتعدى دقائق معدودة.

في حوار مع «الأخبار» كشف عبد العزيز أنيني، العميد السابق للوداد الرياضي لكرة القدم، عن منحة فوز الفريق بكأس العرش سنة 1970، فقال: «بعد الظفر بالكأس الغالية على جميع الرياضيين، تسلم كل لاعب ودادي منحة الفوز وقدرها 200 درهم، وعلبة شاي سعتها كيلوغرام، تبرع بها حسن مول أتاي، أما عاشق الوداد بلباشا فسلمنا سروالين لكل لاعب من نوع «دجين». لكن المنحة الكبيرة هي التي قدمناها لمدرب في قبره، حين حملنا الكأس إلى المقبرة».

صحيح أن موازين اللعبة قد تغيرت، وأن زمن منح كأس أو تذكار لفريق بطل قد انتهى إلى غير رجعة، وأن الكرة اليوم تبيض ذهبا، لهذا أصبحت القيمة المالية لكل مسابقة كروية سر النجاح.

قبل ثلاث سنوات رفض كل من «الفيفا» و«اليويفا» تنظيم دوري السوبر الأوروبي، وهددا باستبعاد لاعبي الأندية المشاركة من البطولات الدولية، بما في ذلك كأس العالم لكرة القدم ضمن سلسلة من العقوبات بحق الأندية التي وصفت بالمتمردة.

أمام التهديد الجاد للاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحاد الأوروبي لكرة القدم، تراجعت أندية عملاقة، وأمام تصدي رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون لهذه المسابقة، وأصدر قصر الإليزيه بيانا على لسان الرئيس الفرنسي إيمانول ماكرون يرفض السوبر. ولكن اليوم يحضر جياني إنفانتينو، رئيس «الفيفا»، انطلاقة السوبر الإفريقي، وكأنه يريد أن يجعل من المنافسات القارية اختبارا تجريبيا للسوبر الأوروبي، ويعيد العمل بإفريقيا كمختبر للتجارب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى