
محمد اليوبي
شرعت غرفة الجنايات الابتدائية، المكلفة بجرائم الأموال بالرباط، في محاكمة مسؤول قضائي موقوف عن ممارسة مهامه، وكان يشغل منصب نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس، وذلك على خلفية تورطه في شبهة الارتشاء واستغلال النفوذ والنصب والتحرش الجنسي والمشاركة في بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة بغرض التشهير، وقررت المحكمة تأخير مناقشة الملف إلى جلسة ستنعقد يوم 29 دجنبر الجاري.
معلومات كيدية
أفادت المصادر بأن عبد القادر الشنتوف، قاضي التحقيق بالغرفة الأولى بمحكمة الاستئناف بالرباط، واجه المسؤول القضائي بنتائج الأبحاث والتحريات التي قامت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وكذلك نتائج الخبرة الهاتفية والخطية، التي أثبتت تحريره لرسائل تتضمن معلومات كيدية ضد قضاة وشخصيات أخرى، موجهة إلى صاحب موقع إلكتروني مقيم بدولة إيطاليا.
وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد قامت بإجراء أبحاث وتحريات دقيقة بناء على تعليمات النيابة العامة التي توصلت بشكاية من رجال أعمال من مدينة فاس، التي كان يشتغل بها المسؤول القضائي، وأورد المشتكي أن نائب الوكيل العام “محمد.م” كانت تربطه علاقة مع وسطاء سبق متابعتهم من قبل القضاء بمدينة فاس بعد ثبوت تورطهم في مشاركة المسمى “إدريس فرحان” صاحب جريدة إلكترونية بدولة إيطاليا في التحريض ضد الوحدة الترابية للمملكة، والتهديد والابتزاز بإفشاء أمور شائنة وبث وتوزيع ادعاءات كاذبة ووقائع زائفة، حيث أفاد المشتكي بأن نائب الوكيل العام للملك كان يتواصل عبر هؤلاء الوسطاء مع صاحب الموقع الإلكتروني، من أجل نشر معلومات تخص مسؤولين قضائيين وشخصيات سياسية، وأدلى المشتكي بنسخة من رسالة مكتوبة بخط اليد من طرف المسؤول القضائي، طلب منه إرسالها عبر البريد إلى صاحب الموقع للنيل من أحد العدول، وأثبتت الخبرة التقنية الموجزة على الرسالة أنها تخص نائب الوكيل العام.
وتحدث المشتكي، الذي كان يملك فندقا ومشاريع تجارية بمدينة فاس، عن تعرضه لأعمال استغلال النفوذ والابتزاز والرشوة والنصب. وأوضح أن المسؤول القضائي كان يختلق له قضايا يوهمه بتورطه فيها، حيث كان يطلب منه تسليمه مبالغ مالية قصد الحصول على تنازلات وتكفله بطي تلك الملفات حتى لا تتم متابعته قضائيا بشأنها، وأنه بسبب ثقته به كان يلبي جميع طلباته بتسليمه مبالغ مالية بشكل مستمر، وتقديم مجموعة من الخدمات له في مختلف المناسبات، هذا بالإضافة إلى عدد من الخروقات نسبها إلى ممثل النيابة العامة المذكور من قبيل محاولته التحرش بزوجته ساعة اعتقاله بالسجن على خلفية قضية تتعلق بإصدار شيك بدون مؤونة ادعى أن المسؤول القضائي هو من ورطه فيها.
وأفاد المشتكي في هذا الإطار بأنه بعدما وعده المسؤول القضائي بالتدخل لفائدته في استخلاص قيمة شيكات بنكية تخصه، وذلك بأن طلب منه تسليمه تلك الشيكات البنكية وأطلعه بكونه سيسلمها إلى محاميين بهيئة فاس، حيث إنه بعدما سلم لممثل النيابة العامة تلك الشيكات بقي يستفسره عن مآلها غير أنه كان يماطله دون تحقيق أي شيء، ليتم دفع تلك الشيكات ومطالبته بتأدية قيمتها، ساعتها قام باستشارة المسؤول القضائي في ذلك، فاقترح عليه بعدم تأديتها وأنه سيتدخل لفائدته في القضية بوساطة أحد المحامين عن هيئة مدينة فاس وأوهمه بأنه لن يتم الزج به في السجن، وسيقوم بما يلزم للحيلولة دون وقوع ذلك.
جلسات خمرية
أضاف المشتكي أنه من أجل طمأنته في تلك الفترة، وبعدما أصبح مبحوثا عنه من أجل إصدار شيكات بدون مؤونة كان المسؤول القضائي يقوم تارة بنقله باستعمال سيارته الخاصة وتارة بمرافقته على متن سيارة المشتكي ويلازمه من أجل تفادي إيقافه، مضيفا أنه كان يلتقيه باستمرار في تلك الفترة بأماكن مختلفة بمدينة فاس ونواحيها، بهدف السهر سوية خلال جلسات خمرية سواء بمنزل نائب الوكيل العام بمدينة فاس، أو من أجل السهر بمطعم بحي أطلس بنفس المدينة، أو خلال التنقل إلى مدينة إيموزار كندر، مضيفا أنه نظير هذه الحماية التي كان يوفرها له المسؤول القضائي، كان يتكفل بأداء المقابل المادي لتلك الجلسات والسهرات وقضاء متطلبات أخرى لفائدته.
وصرح المشتكي بأن الهدف من وراء حث المسؤول القضائي له في التماطل وعدم تأدية قيمة الشيكات المذكورة، وحرص هذا الأخير على استمرار تواجده رهن الاعتقال ساعتها، كان من أجل التحرش بزوجته ومحاولة استغلالها جنسيا أثناء فترة اعتقاله، حيث أوضح في هذا الإطار أنه على خلفية معاملة تجارية تمت بينه وبين المسؤول القضائي بقيت بذمة هذا الأخير مبلغ 100 ألف درهم، شكلت البعض من المقابل المادي لمعدن الحديد الذي باعه إياه ساعة بنائه لفيلا سكنه بطريق عين الشقف بمدينة فاس، ومن أجل استرداد ذلك المبلغ حتى يتمكن من سداد قيمة تلك الشيكات ربطت زوجة المشتكي الاتصال بهذا المسؤول في محاولة لاستخلاص ذلك المبلغ، وهو ما تحقق بعدما سلمها هذا الأخير شيكا بقيمة 100 ألف درهم بموقف السيارات التابع للمحكمة الابتدائية بفاس في ذلك الإبان، مضيفا أن زوجته أخبرته بعدها أن المشتكى به حاول لقاءها منفردة، إلى أن تمكن من ذلك بعد أن دعاها لمكتبه بمقر المحكمة الابتدائية بفاس في الوقت الذي كان فيه رهن الاعتقال حيث حاول تقبيلها عبر السلام عليها في وجهها، لكنها رفضت ذلك وسلمت عليه بمصافحته باليد.
ومن جملة الخروقات التي أوردها رجل الأعمال في شكايته، هي طلبه منه اقتناء سيارة من أجل التدخل لفائدة شقيقه “ن.م” على خلفية قضية تتعلق بالإتجار في المخدرات أقحم فيها خلال الفترة التي كان يدير فيها فندقا بمدينة فاس، حيث صرح المشتكي أنه لجأ إلى نائب الوكيل العام من أجل التدخل في قضية شقيقه المذكور، وأن المشتكى به طلب منه في البداية تسليمه مبلغ 40 ألف درهم نظير ذلك، ليطلب منه في ما بعد عوض تسليمه ذلك المبلغ المالي، اقتناء سيارة لفائدته، وهو ما قام به المشتكي فعلا عبر شراء سيارة من نوع “فولسفاغن” لفائدة المشتكى به بقيمة 260 ألف درهم من أجل التدخل لصالح شقيقه المذكور.
نافذة
الأبحاث والتحريات التي قامت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، والخبرة الهاتفية والخطية أثبتت تحرير المتهم لرسائل تتضمن معلومات كيدية ضد قضاة وشخصيات أخرى





