الرئيسيةصحة

هكذا تحمي صحتك النفسية من تفشي كورونا

إعداد: مونية الدلحي
العالم بأسره يعيش اليوم حالة من الاضطراب غير المسبوقة، والأخطر من هذا كله أن ما يعيشه العالم، اليوم، ليس بسبب حروب عالمية أو بسبب صراعات سياسية، وإنما بسبب انتشار كائن صغير جدا لا يرى بالعين المجردة، قلب الموازين في أكبر دول العالم وأطاح باقتصاداتها الكبرى، لتصل تأثيراته إلى الصغير والكبير وجميع المجالات المختلفة.

منذ ظهور فيروس كورونا المستجد، الذي أطلق عليه العلماء اسم “كوفيد19” في الصين وبالضبط في السوق الشعبي بووهان المختص ببيع الحيوانات الحية أو النافقة الجاهزة للاستهلاك «باعتبار أن الشعب الصيني يستهلك حيوانات من قبيل الخفافيش والفئران والحشرات والديدان».. استطاع هذا الوباء أن ينتشر انتشار النار في الهشيم في جل بقاع العالم، وكانت أكثر الدول تضررا من هذا الوباء إيطاليا إسبانيا وأمريكا. وبالرغم من إجراءات الحجر الصحي وإجراءات العزل وسد الحدود ومنع الناس من الخروج أو ممارسة حياتهم الطبيعية وإقفال المقاهي والشوارع، إلا أن الوباء استمر في التفشي حتى بين الأسر، وهو ما أدى إلى حالة من الرعب، خصوصا في صفوف الأشخاص الأكثر عرضة للخطر. إذ إن الوباء المرعب الذي يعيشه العالم كله، اليوم، ليس مجرد تهديد للصحة الجسدية، حيث إن الخوف الذي خلقه في النفوس وقدرته على قلب الحياة وتغييرها، أثر حتى على الصحة النفسية للأشخاص في العديد من دول العالم.
في البداية، قررت بعض الدول، للحد من انتشار هذا الوباء، وقف الدراسة إلى أجل غير مسمى، وبعدها منعت السلطات فتح المقاهي والمحلات التجارية والعديد من المحلات التي يكتظ فيها الأشخاص ولم تترك سوى المحلات الخاصة ببيع المواد الاستهلاكية، وبعدها صدم الكثيرون بقرار فرض الحجر الصحي ومنع الدخول والخروج إلا للضرورة القصوى من أجل التبضع وقضاء المستلزمات الضرورية ويقوم بهذه العلمية شخص واحد من الأسرة فقط.

تأثر الحالة النفسية
إجراء الحجر الصحي هو قرار سليم وكان من الضروري العمل به من أجل منع والحد من تفشي الوباء، وهو شيء جيد من منطق الصحة العامة. لكن يمكننا أن نرى أنه تسبب في ضرر بالغ بنفسية العديد من الأشخاص، لأن الناس يشعرون بأنهم ملزمون بالبقاء في المنزل ويعتقدون أن هذا الحجر لن ينتهي، بالإضافة إلى أن المكوث في المنزل سبب لهم نوعا من الضيق والاكتئاب، وأخيرا فكل الأخبار لا تتحدث سوى عن عدد الوفيات وعدد الإصابات الجديدة بفيروس كورونا المستجد، وهذه الأخبار السلبية تزيد من تطور القلق والرعب في نفسية الأشخاص.
ما يزيد تأزيم الوضع النفسي للكثيرين هو عدم وجود دواء لحد الآن للمرض، أو لقاح يساعد على عدم الإصابة بالحالات الخطرة من الفيروس، فعدم وجود دواء للمرض لحد الآن هو ما جعل الحكومات أكثر حزما مع المواطنين بعدم السماح لهم بالخروج، والأكثر من هذا أن بعض الباحثين يرجحون بقوة فرضية تفشي الوباء عبر الهواء وانتقاله عبره ما ألزم العديد من الدول بفرض ارتداء الكمامات على كل من يضطر للخروج من منزله.

توتر واكتئاب
منذ تفشي الوباء وجد العديد من الأشخاص أنفسهم عرضة للإصابة بالقلق وحالات الاضطرابات النفسية، على غرار التوتر والاكتئاب والخوف وحالات الرعب المستمرة. وبدأ ظهور هذه الأعراض نتيجة لتفشي فيروس كورونا بصورة مرعبة دون وجود أي علاج له، وثانيا بسبب حالات الوفيات في صفوف كبار السن والأشخاص المسنين، ما تسبب في حالة من الخوف والذعر على أفراد الأسر والعائلات، وبعدها تسببت حالات الحجر الصحي في زيادة حالات الخوف والقلق لأن الأشخاص بدؤوا يشعرون بأن الأمر أكثر جدية مما كانوا يتوقعون وأنهم اليوم يمرون من أيام عصيبة جدا، وأن الخروج من المنزل يعني الهلاك، بالإضافة إلى أن المكوث في المنزل يزيد من حالات الإصابة بالاكتئاب بسبب قلة الأنشطة وكثرة المكوث في المنزل التي تسبب الضيق.
وبالفعل، فالمكوث في المنزل يسبب حالة من الاضطراب النفسي وحالات من الشعور بالقلق والتوتر، لكن يجب أن ندرك أن حالة الحجر الصحي هي إجراء مفيد للغاية ويساعد على وقف حالات انتشار المرض، وفي حصر الحالات المتضررة من الفيروس، وكلما طالت مدة الحجر الصحي تمكنت السلطات من الحد من انتشار الوباء. ومن أجل التخلص من حالة الاكتئاب بسبب المكوث في المنزل، فمن الضروري جعل هذا المكوث فرصة للآباء والشباب والأطفال لتعلم أشياء جديدة والقيام بأشياء جيدة عوض جعل فترة البقاء في المنزل مملة وقضائها في النظر إلى شاشة الهاتف والدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي المحملة بالأخبار السلبية أو تتبع حالات انتشار الوباء من المنزل.
من المهم في هذه الفترة التمتع بالجلوس في المنزل عبر تعلم أشياء جديدة والقيام بأشياء جديدة لم يكن يسعفنا الوقت في ما مضى للقيام بها، مثلا تعلم الأعمال اليدوية والاستمتاع بها، أو التدرب على بعض الهوايات مثل الرسم أو التطريز، أو تعلم وصفات وأكلات جديدة وإعدادها، ولم لا محاولة الكتابة، كتابة قصة أو خاطرة، أو حتى استغلال هذه الفرصة لقراءة كتب مفيدة للتنمية الذاتية وتؤثر بشكل إيجابي على الحالة النفسية، مع استغلال الوقت من أجل قضائه رفقة الأطفال، وتعليمهم أشياء مفيدة يستفيدون منها، والجلوس معهم والإنصات إليهم والتقرب منهم ومعرفتهم أكثر، ناهيك عن الجلوس مع شريك الحياة والتعرف عليه والإنصات إليه. ولا يجب النظر إلى الجلوس في المنزل أو المكوث فيه بوصفه خطوة سيئة بل قد يكون فرصة جيدة لتغيير العادات السيئة، من قبيل الجلوس في المقاهي وقضاء أوقات طويلة خارج المنزل بدون سبب.

التفكير بإيجابية
قد يكون الخوف من الفيروس والرعب الذي سببه الفيروس في نفوس الكثيرين أكبر من الفيروس نفسه، فبالرغم من أن الفيروس يتفشى بطريقة مرعبة، ويصيب الصغار والكبار، ويتسبب في مرض الآلاف من سكان العالم، لكنه في النهاية يبقى فيروسا قابلا للشفاء منه، حتى بالرغم من عدم توفر دواء فعال له، لكن الأدوية المستعملة اليوم ذات إيجابية في علاجه نسبيا، وتساعد على إيقاف تطور المرض وحتى مساعدة المرضى على التخلص من الفيروس، حتى أن الفيروس لا يعد فيروسا مميتا، وإن ظهر أن حالات الوفاة قد تبدو مرتفعة شيئا ما، لكن يجب أن ندرك أن حتى حالات الأنفلونزا تسبب وفيات في صفوف الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة أو الأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة، أو كبار السن، لكن، في الوقت نفسه، فإن ثمة حالات كثيرة لأشخاص كانوا مصابين بأمراض مزمنة استطاعوا أن يشفوا ويتعافوا من المرض.
وربما ما جعل الوباء يبدو أكثر خطورة هو قدرته العجيبة على الانتشار وفترة بقائه الطويلة على قيد الحياة على الأسطح، لكن في النهاية ففيروس كورونا المستجد يبقى فيروسا يحتاج إلى مضيف ليبقى على قيد الحياة ويتكاثر، وبالتالي فإنه ليستطيع العيش والتكاثر يحتاج إلى إنسان أو حيوان، لهذا يبقى العزل الطبي والحجر الصحي أهم وسيلة للحد من انتشار الفيروس وبقائه على قيد الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى