الرئيسيةسياسية

وزارة لحسن الداودي تفشل في ضمان نزاهة مباريات ولوج الجامعات

المصطفى مورادي

مقالات ذات صلة

أقدمت وزارة التعليم العالي هذه السنة، بشكل استثنائي، على فتح مباراة الالتحاق بالجامعة كأساتذة للتعليم العالي المساعدين لما يفوق 1300 منصب. وذلك لأول مرة في تاريخ الجامعة المغربية، حيث خصص قانون المالية لهذه السنة 500 منصب جديد، في حين تم تخصيص 530 منصبا جديدا لحاملي الدكتوراه من الموظفين، وذلك بناء على منشور لرئيس الحكومة «يتعلق بإعادة الانتشار للموظفين الحاملين لشهادة الدكتوراه والمشتغلين بعدد من القطاعات العمومية». وزير التعليم العالي، في تعليقه على هذه العملية، أكد أنه «لا علاقة له بالمناصب المالية المحدثة برسم قانون مالية 2016، حيث يتوجب على الراغبين في الالتحاق بالتعليم العالي الجامعي اجتياز مباراة، بخلاف ما هو معمول به بقطاعات عمومية أخرى»، مضيفا أن لجنة علمية خاصة «مؤلفة من أساتذة وخبراء جامعيين، ستعمل على انتقاء الموظفين الحاملين لشهادة الدكتوراه، بناء على المعايير العلمية الجاري بها العمل في اختيار أساتذة التعليم العالي، وبناء على الكفاءات العلمية والمعرفية التي يمتلكها كل موظف بحسب التخصص الذي سيجتاز فيه الاختبار».
تصريحات وتطمينات الوزير لم تمر دون تسجيل خروقات كثيرة شابت عملية استقبال الملفات، وكذا عمليات الانتقاء الأولية التي خضعت لها ملفات المترشحين، فضلا عن خروقات وصفتها مصادر الجريدة بـ«الفظيعة» شهدتها المقابلات الشفوية التي تم إجراؤها في مختلف كليات المملكة.

الأسبقية لموظفي الكليات
مجموعة من الموظفين المترشحين للمناصب المخصصة في كليات العلوم والآداب والحقوق، أكدوا للجريدة في اتصالات مختلفة، أن بعضهم فوجئ يوم وضع الملفات بكون موظفي بعض مكاتب استقبال يخبرونهم حرفيا بعدم التعويل كثيرا على المباراة لكون المناصب محجوزة وأن المباراة شكلية، ومن هذه الحالات، حالة منصب أستاذ للتعليم العالي في شعبة البيولوجيا بكلية العلوم، حيث حرصت موظفة في مكتب الاستقبال، بحسب رسالة موقعة من أحد المترشحين لهذا المنصب، تملك الجريدة نسخة منها، بتبليغ كل المترشحين بكونهم لا أمل لهم في المنصب، وأن المنصب محسوم قبليا، الأمر الذي دفعه إلى تغيير وجهته، تقول الرسالة، إلى تقديم الترشح في منصب آخر يوجد في كلية الراشيدية. هذا بالرغم من كون بحث الدكتوراه الذي أنجزه هو الأقرب للتوصيف المرفق للمنصب الشاغر.
موظف آخر أكد في صفحته الخاصة على الفايسبوك، أن مباريات التعليم العالي شابها فساد كبير، وتتعلق بكلية الحقوق. فالدكتور الموظف «خ. يايموت» أكد في تدوينة له، عاينتها جريدة “الأخبار”، أنه تلقى اتصالا من أستاذ جامعي اكتفى بذكر الحروف الأولى لاسمه، خاطبه فيها بالقول: «اتصلت بك لتبليغك رسالة.. هناك مباراة في الكلية، وأنا اتصلت لأطلب منك أن لا تتقدم للامتحان». وحسب نفس الحوار الذي دار بينهما في المكالمة ذاتها والمنشور على صفحته، فلما سأل يايموت عن السبب، أجابه المتصل: «في الواقع، وكما قلت لك أبلغك رسالة فقط.. وأقول لك أنت لن تنجح، لن يتم اختيارك في عملية الانتقاء»، وأردف: «الأستاذ (فلان) أقنع بعض الزملاء بأنك قريب من اتجاه سياسي معين، وعندك في لجنة مناقشتك للدكتوراه الأستاذ (فلان)»، واحتج يايموت بقوله: «فهمت الرسالة.. القناعات السياسية مفهومة؛ لكن عضوية الأستاذ (فلان) ما علاقتها بطلب عدم وضع ملف ترشيحي للمباراة بالكلية»، ليبادره الأستاذ المتصل بأنه شرح له ملابسات الموضوع، وطلب منه ألا يواجه الأساتذة، «لأن الشبكة وطنية ولا تخص الكلية فقط». وبحسب رواية الباحث الجامعي ذاته، فإنه أجاب المتصل على الطرف الثاني من الخط الهاتفي: «أعدك أنني لن أتقدم للمباراة»، قبل أن يورد بأن «هذه خلاصة الشفافية والنزاهة التي يروج لها في عهد وزير التعليم العالي، وهاهم الخبراء يشرفون على الامتحان يا معالي الوزير لحسن الداودي».
أستاذ آخر، أكد من جهته أن المشكلة نفسها وقع فيها، في مباراة أستاذ التعليم العالي مساعد بكلية الحقوق بفاس، حيث «كنا نحن ثلاثة مترشحين للاختبار الثاني (عرض ومناقشة)، وقبل دخولي قال لي أحدهم بأن الأمر محسوم مسبقا، هذا المنصب لفلان أي ثالثنا، اللجنة كاملها معه لأنه مسنود من لدن الأستاذ الذي أشرف على بحثه». أما المناقشة «فكان إحساسنا بأن اللجنة قد حسمت الأمر ما عدا أستاذة حاولت التقليل من أهمية المقالات التي كتبتها بطريقة ساخرة، والنتيجة كانت كما كان متوقعا». موظف آخر، أقسم بالله أنه حدث معه نفس الأمر حيث اتصل بأستاذة ونائبة عميد بابن مسيك بالبيضاء، فنصحته بكل برودة أن المنصب معد لدكتورة تشتغل معهم مساعدة. والأمر ذاته عندما قرر وضع ملفه بالكلية متعددة التخصصات بخريبكة، ولمساوئ الصدف، يقول هذا الموظف الذي اكتفى بتسمية نفسه بـ«خالد» أنه وجد العميد في نقاش مع الكاتبة التي أخبرته عن ملف أحد الأشخاص المقربين حسب سياق النقاش فطلب منها أن تضعه فوق مكتبها واضعة فوقه علامة بخط عريض لا أفهم دلالتها في ما باقي الملفات مرمية على الأرض هنا وهناك. وموظف آخر أكد وقوع خروقات في كلية العلوم الشرعية بالسمارة، وآخرون أيضا سجلوا ملاحظات عن المباريات التي جرت بكليات تازة والناظور وبني ملال والراشيدية.

النقابة تعترف بوجود المشكلة وطنيا
في اتصال للجريدة بالأستاذ عبد الكريم مدون الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي، بخصوص الشكايات التي تم تسجيلها في مختلف كليات الرباط، سواء الشكايات التي وردت للجريدة من مترشحين، أو من أساتذة رسميين عاملين بمختلف الشعب، وتحديدا حالة موظفة في أحد مكاتب كلية الآداب بالرباط، والتي تم تسجيل وجود ضغوطات نقابية وإدارية لتحصل على منصب لتدريس الفلسفة، علما أن ملفها يخلو من دراسات متخصصة، لكونها حاصلة على شهادة دكتوراه في الزاوية الدرقاوية، أكد الكاتب الوطني أن المشكل وطني، نافيا في نفس الوقت أن تكون النقابة طرفا في المشكل المطروح، لأنها محايدة، حسب تعبيره، مؤكدا أنها ستتعامل بحزم مع أي ملف توصلت به.
في السياق ذاته، أكد مصدر نقابي، بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، وقوع تجاوزات على الصعيد الوطني، مرجعا ذلك لوجود خلل في مسطرة المباريات، ذلك أن المسطرة المتبعة تلح على أن تكون لجان المقابلات مكونة من أساتذة لم يشرفوا ولم يكونوا حاضرين في لجنة مناقشة أطروحة الدكتوراه، فضلا عن عضو واحد لا ينتمي للكلية، لكن المسطرة ذاتها لم تشترط ألا يتقدم الموظفون المنتمون لإدارات الكليات للمناصب الموجودة فيها، الأمر الذي فتح الطريق أمام بعض هؤلاء للحصول على امتيازات قبلية أتاحت لهم الحصول على المناصب المخصصة لبعض الشعب، لتكون هذه المقابلات شكلية تماما. داعيا إلى فتح باب الطعون في النتائج، في الحالات التي تكون فيها التلاعبات واضحة، وإعادة المقابلات بلجان أخرى أكثر حيادية. المسؤول النقابي ذاته أكد، في اتصال مع الجريدة، أن تعديل مسطرة الترشحات ينبغي أن يشمل أيضا تحديد سن المترشحين، متسائلا كيف يدعي وزير التعليم العالي كون هدف فتح هذه المباريات هو تعويض الخصاص الكبير الناجم عن موجة التقاعد ولا يتم تحديد سن الترشح؟ مشيرا في ذات السياق لوجود حالات يبلغ فيها المترشحون أواخر الخمسينات، أي على بعد سنوات قليلة من حصول هؤلاء على التقاعد. مما يفرغ العملية من هدفها، وبدل أن يكون هؤلاء المترشحين جيلا جديدا من أساتذة الجامعات، لحمل لواء البحث العلمي والتأطير الأكاديمي، فإنهم لن يصلوا إلى الدرجة الإدارية التي تسمح لهم بتأطير الأطروحات حتى ستتم إحالتهم للتقاعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى