
طنجة: محمد أبطاش
قال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، أن التاريخ والمستقبل هما من سينصفان الأداء الحكومي، وذلك خلال كلمته ضمن المحطة الختامية من الجولة التواصلية «مسار الإنجازات»، والذي احتضنته مدينة طنجة أول أمس السبت. وقال أخنوش أن طنجة ليست مجرد محطة جغرافية، بل فضاء دال على انطلاقة مسار التنمية، لتكون اليوم نقطة ختام وتتويج لمسار تواصلي امتد على الصعيد الوطني، وشمل مختلف الجهات والأقاليم.
وأوضح أخنوش أن هذه الجولة جاءت بعد ثمانية أشهر من العمل الميداني المتواصل، حيث تنقل الحزب بين مختلف ربوع المملكة، بمشاركة المنتخبين والبرلمانيين والوزراء وأعضاء المكتب السياسي، بهدف الإنصات المباشر للمواطنين، عرض المنجزات المحققة، ومناقشة التحديات التي لا تزال مطروحة. وشدد على أن اختيار تسمية «مسار الإنجازات» لم يكن اعتباطيا، بل يعكس فلسفة الحزب القائمة على الربط بين السياسة والفعل، وبين الرؤية والتنفيذ، مع إعطاء المواطنين موقعاً مركزياً في التقييم والمساءلة.
من مسار الثقة إلى مسار الإنجازات
واستعرض أخنوش المسار الذي قطعه الحزب منذ سنة 2018، عندما أطلق نقاشا وطنيا غير مسبوق استمع خلاله إلى أزيد من 100 ألف مواطنة ومواطن من مختلف الأعمار والمناطق. هذا التفاعل الواسع أفضى إلى بلورة رؤية مجتمعية متكاملة حملت اسم «مسار الثقة». ولم يتوقف الحزب عند هذا الحد، بل انتقل إلى 100 مدينة، وفتح نقاشا مباشراً مع 35 ألف مواطن، شكلت اقتراحاتهم وتصوراتهم قاعدة البرنامج الانتخابي، باعتباره برنامجاً منبثقاً من الواقع اليومي للمغاربة. بعد تولي مسؤولية تدبير الشأن العام حسب أخنوش، وفي أقل من خمسة أشهر، أطلق الحزب «مسار التنمية»، كجولة موجهة للمنتخبين من أجل ضمان الانخراط الجماعي في تنزيل الالتزامات الحكومية.
التوجيهات الملكية كمرجعية للعمل الحكومي
ضمن كلمته أكد رئيس الحكومة أن التوجيهات الملكية السامية شكلت دائما خارطة الطريق لعمل الحكومة، خاصة في سياق دولي ووطني صعب تميز بالأزمات العالمية، التضخم، الجفاف، وزلزال الحوز. ورغم هذه الظروف، شدد أخنوش على أن الحكومة اتخذت قرارات شجاعة، بعضها كان صعبا، لكنها حافظت على صمودها واستمراريتها في تنزيل الإصلاحات.
الاقتصاد كرافعة للدولة الاجتماعية
لم يغفل أخنوش الاقتصاد ضمن كلمته، حيث قال على أن الحفاظ على مناعة الاقتصاد الوطني كان شرطا أساسيا لتمويل البرامج الاجتماعية. وأبرز أخنوش أن الحكومة، رغم الإكراهات، نجحت في رفع الاستثمارات وتحقيق توازنات مالية مهمة. وأشار إلى أن المؤشرات الاقتصادية المسجلة مع نهاية سنة 2025 تعكس هذا التوجه، حيث بلغ معدل النمو 5%، وانخفض العجز من 7.5% إلى 3%، وتراجع التضخم من 6% إلى أقل من 1%، كما انخفضت المديونية من 71.4% سنة 2022 إلى 67.4%.
وأوضح أن هذه الأرقام ليست للعرض، بل مكنت من تمويل برامج مباشرة لفائدة المواطنين، من بينها الدعم المباشر لأربعة ملايين أسرة، بمبالغ شهرية تتراوح بين 500 و1200 درهم، إضافة إلى استفادة أربعة ملايين أسرة من نظام «أمو تضامن»، حيث تتحمل الدولة واجبات انخراطهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، واعتبر أن النمو الاقتصادي ليس غاية في حد ذاته، بل وسيلة لتحسين حياة المواطنين وتعزيز كرامتهم.
الالتزامات السياسية كتعاقد أخلاقي
شدد أخنوش على أن البرنامج الحكومي ليس مجموعة وعود ظرفية، بل تعاقد أخلاقي وسياسي مع المغاربة، وأكد أن الحكومة تشتغل بمنطق المحاسبة، وتقدم بالأرقام ما تحقق وما لم يتحقق، معتبراً أن التاريخ والمستقبل هما الحكم الحقيقي على أداء الحكومة، رغم ما يرافق ذلك من انتقادات.
كما نوه بشركاء الأغلبية الحكومية، مشيرا إلى أن العمل المشترك أعاد الاعتبار لمؤسسة رئاسة الحكومة، ورسخ مفهوم الأغلبية المنسجمة، القائمة على التنسيق، تدبير الاختلاف بروح مسؤولة، وتقديم المصلحة العامة.
التواصل مع المواطنين لا يخضع للموسمية
أكد رئيس الحكومة أن العلاقة والتواصل مع المواطنين ليست موسمية، بل مبنية على الثقة والمحاسبة المستمرة. واعتبر أن التوجيهات الملكية الداعية إلى التواصل والإنصات تفرض على المسؤولين التواجد الدائم في الميدان، وشرح السياسات العمومية، والإجابة عن انشغالات المواطنين. وأشار إلى أن «مسار الإنجازات» شكل آلية لتقييم العمل الحكومي، والاستفادة من النقد، والاستماع لما تحقق وما لم يتحقق، بكل جرأة ووضوح.
وكشف أخنوش عن بعض الأرقام، حيث قال أن أكثر من 15 ألف مواطن شاركوا في تحديد الأولويات عبر منصة «إنصات»، إلى جانب تنظيم أزيد من 80 لقاءً في الجهات الـ12، ومشاورات مصغرة مع أكثر من 800 مواطن. كما نُظمت 44 اجتماعاً ضمن «نقاش الأحرار» شملت 77 جماعة حضرية وقروية، بحضور يفوق 3700 مشارك. وبلغ مجموع ساعات الإنصات والنقاش أكثر من 1000 ساعة.
وأكد أن هذه اللقاءات أبرزت تحسناً ملموساً في الحياة اليومية للمواطنين، مع تسجيل تحديات واضحة تتعلق بجودة الخدمات العمومية، خاصة الصحة والتعليم، وخلق فرص الشغل، وحماية القدرة الشرائية.
تقييم العمل الحزبي وإصدار كتاب «مسار الإنجازات»
اعتبر أخنوش أن «مسار الإنجازات» كان فرصة لتقييم العمل المحلي والجهوي، مشيرا إلى الحضور الواسع الذي فاق 38 ألف مشارك في المحطات الجهوية. ونوه بدور المنسقين الجهويين والإقليميين، والمنتخبين، والهياكل الموازية، معتبراً أن هذه الدينامية تؤكد وحدة الحزب وتماسكه.
وفي السياق نفسه، أعلن عن إصدار كتاب جديد بعنوان «مسار الإنجازات»، يوثق لهذا المسار التواصلي ويجمع خلاصاته، ليس كعرض تقليدي للمنجزات، بل كدعوة مفتوحة للمشاركة في مشروع وطني يهدف إلى مواصلة بناء المغرب الصاعد.
الطالبي العلمي: دلالات حول وحدة التراب الوطني
قال رشيد الطالبي العلمي إن ختم حزب التجمع الوطني للأحرار جولته التواصلية «مسار الإنجازات» بجهة طنجة تطوان الحسيمة، هي بمثابة محطة حملت دلالات رمزية عميقة، الذي ربط بين انطلاق الجولة من مدينة الداخلة، بوابة إفريقيا نحو المغرب وأوروبا، واختتامها بطنجة، بوابة المغرب نحو أوروبا وإفريقيا، في تعبير واضح عن وحدة التراب الوطني والامتداد الجغرافي والسياسي للمشروع الحزبي، مؤكدا أن هذه الجولة تندرج ضمن مسار تواصلي متكامل أطلقه الحزب منذ سنوات، أسست لما سماه «الفكر التنموي» كأحد أهم الإسهامات السياسية لحزب التجمع الوطني للأحرار.
وأوضح منسق الجهة أن نجاح هذا النموذج القائم على النزول إلى الميدان، والالتقاء بالمواطن البسيط في فضائه اليومي، هو ما يفسر ردود الفعل المتشنجة والمرتبكة لبعض المنافسين السياسيين. واعتبر أن هذه الانتقادات ليست سوى دليل على نجاعة الأسلوب المعتمد، والذي لا يخرج في جوهره عن الأدوار الدستورية المنوطة بالأحزاب السياسية، والمتمثلة في التأطير، والتكوين، وتعزيز المشاركة السياسية.
واستحضر الطالبي العلمي السياق التاريخي لتأسيس حزب التجمع الوطني للأحرار قبل 46 سنة، عقب المسيرة الخضراء، في مرحلة مفصلية من تاريخ المغرب، تطلبت بروز قوى سياسية جديدة تواكب التحولات الاجتماعية والوطنية. واعتبر أن الحزب كان منذ نشأته جزءاً من دينامية وطنية كبرى، وليس نتاج ظرف سياسي عابر.
كما توقف عند ما سماه «الميلاد الثاني» للحزب، المرتبط بانتخاب عزيز أخنوش رئيسا له، والذي شكل نقطة تحول حاسمة من خلال إعادة هيكلة التنظيم الحزبي، وتجديد أدوات الاشتغال، ومواكبة التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، انسجاماً مع التوجيهات الملكية وانتظارات المواطنين.
وانتقد الطالبي العلمي الخطابات الشعبوية التي تزعجها الإنجازات، معتبراً أن بعض الفاعلين السياسيين يفضلون استمرار الهشاشة لأنها تشكل مجالهم الحيوي. وفي المقابل، شدد على أن الحزب منفتح على النقد البناء والمعارضة المسؤولة. ودعا إلى التواضع في العمل السياسي، وعدم المنّ على الوطن، والاعتراف بدور المؤسسة الملكية باعتبارها ضامنة للاستقرار بشرعياتها الروحية والتاريخية والديمقراطية.
بايتاس: الأحرار له نفس طويل
قال مصطفى بايتاس، عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار، أن الحزب عمل طيلة المراحل السابقة على نفس طويل مقارنة بمنافسيه وأعدائه، والذي اتضح أن هؤلاء العدائين هم للمسافات القصيرة فقط، مقارنة بحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يملك نفسا طويلا، مشددا على أن الحزب يعمل كثيرا ولا يتكلم كثيرا، مشيرا إلى أن الحكومة تترفع عن الحديث عن إنجازاتنا وإنما نواكب التحولات الاجتماعية والاقتصادية بعمق.
وشدد بايتاس أن «الحكومة تدبر الشأن العام بمنطق استراتيجي من خلال تعبئة أموال كبيرة جداً تستوعب حاجات المقاولة وسوق الشغل وإنتاج الثروة في بلادنا»، مضيفا أن «الدعوة الملكية الصريحة، من خلال خطابات العرش، للفاعلين الحكوميين من أجل الانخراط في ورش الدولة الاجتماعية». وسجل بايتاس أن «حزب التجمع الوطني للأحرار انخرط في تنزيل تصور الإصلاح الذي نحمله ويتصوره الملك، محمد السادس»، مبرزا أن «التجمع الوطني للأحرار انخرط منذ البداية في الانتقال الحقوقي الذي عرفته بلادنا بمشاركة وازنة في وزارة حقوق الإنسان بقيادة الوزير الأسبق محمد أوجار».
واستحضر بايتاس، «المصادقة على قانون العقوبات البديلة وقانون (الشيك) وقانون المسطرة الجنائية والإمكانيات الكبيرة التي منحت للمتقاضين والمعتقلين بالإضافة إلى القانون المتعلق بالتعويضات المتعلقة بالتعويض عن حوادث السير».
مورو: «مسار الإنجازات» تجربة مبتكرة
اعتبر عمر مورو، رئيس جهة طنجة–تطوان–الحسيمة وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، مبادرة «مسار الإنجازات»، تجربة مبتكرة في العمل الحزبي، والتي أشرف عليها رئيس الحزب بشكل مباشر في مختلف جهات المملكة.
ونوه مورو بالدور المحوري لرؤساء الجماعات وأعضائها من الحزب، الذين شكلوا حلقة الوصل الأساسية مع الساكنة، وترافعوا من أجل مشاريع القرب في المجالين القروي والحضري.
كما أشاد بالدينامية التنظيمية التي يعرفها الحزب على مستوى الجهة، وبالكفاءة التي يدبر بها المنسق الجهوي رشيد الطالبي العلمي شؤون الحزب، ما مكّن من تحقيق إشعاع تنظيمي وحضور ميداني متميز، وضمان تنسيق دائم بين الهياكل الحزبية والهيئات المنتخبة والمواطنين.
وأكد رئيس الجهة أن الحصيلة الجهوية ليست مجرد أرقام تقنية، بل تعبير عملي عن صدقية المشروع السياسي للحزب، موضحاً أن التجمع الوطني للأحرار حين يَعِد يَفِي، وحين يخطط يُنجز. ورغم السياق الصعب الذي طبع الولاية الحالية، من تداعيات جائحة كورونا، وأزمات دولية، وضغوط مناخية، فإن الجهة اختارت تحويل الإكراهات إلى فرص، مستندة إلى التوجيهات الملكية وروح البرنامج الحكومي.
وأكد رئيس الجهة أن مشاريع البنية التحتية شكلت أولوية مركزية، حيث تم تخصيص أكثر من ملياري درهم للطرق المصنفة وغير المصنفة، وأزيد من مليار درهم لتأهيل المدن، والأحياء الناقصة التجهيز، والمراكز القروية.
وفي ما يخص التزود بالماء الصالح للشرب، باعتباره ضرورة حيوية، رُصد غلاف مالي يناهز 470 مليون درهم، خُصص أغلبه لتزويد العالم القروي. أما في المجال البيئي، فقد تم تخصيص أكثر من 600 مليون درهم لمعالجة النفايات، والحماية من الفيضانات وحرائق الغابات، وإعادة استعمال المياه العادمة، وحماية التنوع البيولوجي.
وشدد مورو على أن مجلس الجهة أطلق سنة 2022 صندوق دعم الاستثمار الجهوي “NORDEV”، بغلاف مالي قدره مليار درهم على خمس سنوات. ويهدف هذا الصندوق إلى تأهيل المناطق الصناعية والاقتصادية، من بينها القطب الفلاحي بالعرائش، والمناطق الاقتصادية بكل من المضيق–الفنيدق، وزان، فحص أنجرة، تطوان وطنجة، إضافة إلى دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، ومواكبة حاملي المشاريع الشباب، ودعم التعاونيات والاقتصاد الاجتماعي والتضامني بمختلف أقاليم الجهة. وبفضل دعم الحكومة والتنسيق مع الشركاء الترابيين، وعلى رأسهم ولاية الجهة، بلغ مجموع استثمارات مجلس الجهة خلال الولاية الحالية أكثر من 3 مليارات و600 مليون درهم، دون احتساب مساهمات القطاعات الوزارية وباقي الشركاء.








