حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

أزمة أخلاق سياسية

عوض دعم الأحزاب السياسية لاعتماد مدونة أخلاق داخل المجالس الجماعية، وضبط مجموعة من التصرفات المشينة التي تسيء إلى العمل السياسي، نجدها تعمل على تبييض جرائم أعضاء ينتمون إليها، رغم إدانتهم من قبل القضاء بتهم خطيرة، حيث يتم التحرك على أكثر من مستوى لضمان عودتهم إلى تحمل مسؤولية تسيير الشأن المحلي وصرف المال العام، بعد الخروج من السجن، فضلا عن احتضان من يتورطون في ارتكاب جرائم السب والشتم داخل الدورات الرسمية والاتهامات بالرشوة والفساد، دون تحريك المسطرة القانونية في حقهم، أو تجميد عضويتهم الحزبية على الأقل.

ليس هناك عاقل في مجال السياسة يمكنه التغاضي عن التبعات الكارثية للعودة الرسمية لأعضاء إلى مزاولة مهامهم بالجماعات الترابية، وحضور الدورات والمناقشة والتصويت والمصادقة على المقررات ورئاسة اللقاءات الرسمية، رغم إدانتهم من قبل القضاء بتهم ترتبط بالاتجار في المخدرات والنصب والاحتيال والتزوير في محررات رسمية، لأن الأمر ببساطة شديدة يعني التسبب في تنفير الشباب من الممارسة السياسية، وتمييع دور المجالس الجماعية، وإعدام نسبة الثقة المتبقية بين المواطن ومؤسسة الجماعة.

وسجل تهرب العديد من رؤساء الجماعات الترابية من مطالب بإحداث والمصادقة على مدونة الأخلاق، ودعم بعض القيادات الحزبية عودة نواب ومستشارين إلى مزاولة مهامهم بشكل عادي بعد خروجهم من السجن، وذلك لأسباب انتخابية، وضمان استمرار الأغلبيات الهشة، والحفاظ على توازنات تتعلق بالانتخابات التشريعية لسنة 2026.

يجب الحسم في الجدل القانوني، ومحاولة البعض التغطية على جرائم المنتخبين، كون الأمر لا يتعلق بجرائم اختلاس المال العام وقضايا التسيير، والاختباء خلف غياب قوانين واضحة تمنع عودة الأعضاء الذين يغادرون السجن إلى مناصبهم بالمجالس الجماعية، علما أن الأمر يطرح أزمة أخلاق سياسية، قبل الحديث عن النص القانوني.

هناك العديد من المطالب التي تم توجيهها إلى كافة السلطات الإقليمية المعنية، بالتفاعل مع استبعاد ذوي السوابق القضائية عن ملفات التسيير وصرف المال العام، ووقف استفادتهم من سيارات الدولة والمحروقات، وعدم تمثيل مؤسسة الجماعة في المناسبات واللقاءات الوطنية والدولية، لكن الحسابات السياسية والتوازنات تميل لجهة رؤساء الجماعات والقيادات الحزبية التي ترى في البعض آلة انتخابية يصعب تعويضها، وتبحث عن مخارج قانونية هشة لاستمرار ذوي السوابق القضائية في مناصبهم.

وطبعا فنحن لا نحكم على من يتورطون في جرائم النصب والاحتيال والاتجار في المخدرات والتزوير في محررات رسمية، بالتهميش من المجتمع وعرقلة الإدماج، ولكن الوضع السياسي البئيس داخل جل المجالس الجماعية، يتطلب وضع مدونة أخلاق تنص على الحد الأدنى من المعايير المطلوبة في العضو داخل الجماعة، لأن ما شاهدناه من اعترافات بالرشوة أمام السلطات، والاتهامات الخطيرة والسب والشتم وتقليد أصوات الحيوانات، والتصرفات الغريبة داخل دورات رسمية، يوحي بانحدار غير مسبوق في الممارسة السياسية، وتدمير وجه المؤسسات العمومية. لذلك فلا مناص من تخليق الحياة العامة وتنزيل التعليمات الملكية السامية في الموضوع، وأشعة شمس الإصلاح التي أشرقت لن يغطيها غربال لوبي الفساد الذي يختبئ في التفاصيل ووسط ظلام العبث السياسي.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى