حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

نصف قرن من النصب

 

 

يونس جنوحي

 

تحت حرارة تتجاوز خمسا وأربعين درجة، جرى اجتماع بين مكونات ما يُسمى “الشباب الصحراوي”، ولم يكن فوق الطاولة حتى ما “يبلّ” به المجتمعون ريقهم.

كان بين الحاضرين أربعة جزائريين، وممثلان اثنان عن شباب من المخيمات في تندوف، فيما تخلف جزائريون آخرون عن الحضور. ولم يُناقش المجتمعون، كما كان مخططا، مسألة تمتيع بعض الشباب بحق الدراسة في الجامعات الإسبانية للموسم المقبل.

المُضحك أن الذين تخلفوا عن الحضور أوضحوا، صراحة، أن الحرارة المفرطة، في الجنوب الجزائري، هي السبب الرئيس لغيابهم. الانفصال “زين”، لكن حرارته غير مرغوب فيها.

الفضيحة أن أغلب الذين يسجلون أسماءهم، في لوائح الشباب الصحراوي، ليسوا صحراويين، ولا علاقة لهم بالصحراء سوى ما شاهدوه عنها في الأفلام الوثائقية المدبلجة.

وكما تتفجر أحيانا فضائح منتخبات وهمية في بعض الدول، يفر لاعبوها المشاركون في الملتقيات الدولية، خصوصا المنظمة في دول الاتحاد الأوروبي، فإن هؤلاء الشباب أيضا منهم من يختفي بشكل مفاجئ، فور الوصول إلى الدول -عددها آخذ في الانكماش عاما بعد آخر- التي تستقبل مؤتمرات يندس إليها مناصرون للبوليساريو.

الغريب أن لا أحد يثير هذا الموضوع.. هناك دائما تجار للأزمات مصلحتهم تقتضي أن تستمر الأزمة أطول وقت ممكن.

ألم تكشف الحكومة الإسبانية قبل سنوات وجود جامعة وهمية ينخرط فيها شباب المخيمات، وبعضهم انخرط فيها دون علمه؟ ولم ينكشف أمر الجامعة المزعومة إلا عندما طلب هؤلاء الشباب دعما من المجتمع المدني في الاتحاد الأوروبي.. وطبعا لأن الأوروبيين ليسوا جمعية إحسان عمومية فقد قرروا دراسة الملف واكتشفوا أن الجامعة إياها لا وجود لها على أرض الواقع.

حدث هذا في وقت كان بعض الشباب يملؤون الاستمارات في السفارات للحصول على تأشيرة الدراسة في إطار الزمالة!

مشكلة المسؤولين في الجزائر أنهم صاروا طرفا في الأزمة، وقدموا ملفات لانفصاليين من سفارات الجزائر حول العالم.. وهذا الأمر استمر لخمسين سنة وكشفته الوثائق التي رفعت عنها السرية منذ 2012.

وفي الوقت الذي تجب فيه محاسبة الخارجية الجزائرية على المشاركة في النصب على حكومات أجنبية، وهي تعلم جيدا ألا وجود للجهات التي كانت تدافع عنها، لا يزال المسلسل مستمرا. الكثيرون استفادوا من جوازات جزائرية عندما كان بوتفليقة وزيراً للخارجية في ستينيات القرن الماضي، فقط لكي يتمكنوا من التنقل بحرية عبر العالم، موهمين أمن دول كبرى بأنهم جزائريون وهم ليسوا كذلك.

بعض القصص تصلح للأفلام البوليسية، التي تختلط فيها مغامرات المخابرات ويرتفع فيها الأدرينالين إلى أعلى مستوياته. المشكلة أن الحكومة الجزائرية، بحسب شهادة متقاعدين من CIA الأمريكية، أتلفت آلاف الوثائق السرية بعد وفاة الهواري بومدين في دجنبر 1978. وهذه الوثائق لو صنفت سرية في ذلك الوقت ورفعت عنها السرية الآن لاتضح جليا كيف أن العسكريين كانوا يشتغلون بنفس طرق العصابات، بداية من التهريب مرورا بالاتجار في البشر، ثم التزوير والنصب على المنظمات الإنسانية والهيئات.

نعود إلى الخيمة إياها.. لا الشاي ولا المشروبات الباردة تنفع مع القيظ.. لأن مصدر الحرارة دائما لم يكن مرتبطا بالطقس، ولكن بمن يزحفون سرا فوق مساحة الرمال الشاسعة.

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى