حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

إما ابن زهر.. أو مطار المسيرة

 

 

يونس جنوحي

 

رحم الله العالم المسكين محمد ابن زهر الذي توفي في إشبيلية، قبل ثمانية قرون.. علاّمة زمانه وإحدى أساطير الطب البشري عبر التاريخ، ومفخرة النبوغ المغربي في الأندلس، أيام كانت «غرناطة» العِلمية تسبق بقية مدن أوروبا بقرون ضوئية.

شاء القدر أن تحمل جامعة مغربية اسم هذا العالم الجليل، وتتخرج منها أفواج منذ تأسيسها، قبل 36 سنة.

غير أن فضيحة الماستر التي تفجرت على خلفية اعتقال أستاذ جامعي، كانت سيرته تلوكها الألسن، في الردهات والكواليس، سلطت الضوء على الشكايات السابقة التي جهر بها أساتذة بالجامعة وطلبة عانوا من الحيف والتلاعب بالنقط، وكانت صرخاتهم «صيحات» في واد.

طوال السنوات الماضية، كان الاكتظاظ والارتجال، ومشاكل الإعلان عن النقط، ولوائح الناجحين في الامتحانات الجامعية، والانتقاء النهائي في سلك الماستر والإجازات المهنية، تعكر صفو سماء أكادير بمختلف الكليات التي تنتمي إلى الجامعة.

سرق «قيلش» الأضواء من جامعات أخرى تربعت على عرش أخبار الفضائح الجامعية، بدءا من الجنس مقابل النقط، وصولا إلى «آفة» شراء البحوث الجاهزة، بما فيها بحث التخرج في سلك الماستر. فرّقتهم الجغرافيا ووحدهم تحويل الجامعة ومرافقها إلى ملحقات لمنازلهم. آلاف الطلبة عانوا من الظلم، وتبددت أمام أعينهم فرص إنهاء مسارهم الجامعي.

أساتذة فرضوا ما يشبه إتاوات على الطلبة، تتمثل في إجبار آلاف الخريجين من جميع الأفواج على اقتناء مؤلفات الأستاذ، مستغلا سلطته في المُدرج. طبعات رديئة تُباع بمائتي درهم لطلبة جامعيين لا تُصرف لهم المنح الجامعية إلا بعد أن يقتربوا من مرحلة أكل عشب حديقة الكُلية، ويفرض على هؤلاء الطلبة أن يُدلوا بالنسخ للأستاذ المحترم لكي يتفقد أن النسخة خاصة فعلا بصاحبها، ويغلق عليهم باب مشاركة عدد من الطلبة لنسخة واحدة.

هذا دون الحديث عن الأساتذة الذين يوزعون مواضيع البحوث، ثم يغلقون هواتفهم ويختفون إلى أن يظهروا فجأة ويمارسوا الضغط على الطلبة لتسليم البحوث في آجال محددة، ويخيرونهم بين «التسليم» أو إلغاء المسار، كما لو أنهم يُسيرون شركات توزيع الكهرباء، وليس مؤسسات جامعية.

أكثر ما كان يعاني منه طلبة جامعة ابن زهر، في مختلف الكليات، مسألة التلاعب بالنقط. أخطاء بالجملة تُرتكب أثناء الإعلان عن نقط الامتحانات النهائية. غائبون عن الامتحان يجدون أنفسهم ناجحين، وبامتياز، وطلبة متفائلون يجدون أنفسهم غائبين عن الامتحان، ويدخلون مرحلة ملاحقة الأستاذ، ويتربصون به عندما يزور إدارة الكلية لكي يصحح الخطأ الجسيم. حتى أن نكتة يعرفها أغلب طلبة كلية الآداب في أكادير، ومفادها بعجالة أن أحد الطلبة الغاضبين، قبل سنين على اختراع الإنترنت، قال لأحد الأساتذة الجامعيين بعدما سُجل غائبا في أغلب المواد التي اجتاز فيها الامتحان النهائي: «الحمد لله أن مهمتك تنتهي عند وضع النقط في الجدول، لو كنت طبيبا لأرسلتنا جميعا إلى المقبرة!».

أين كان الفاعلون في الجامعة المغربية إلى أن جمع المتهم الأشهر في المغرب كل تلك الأموال، من جراء بيع مقاعد الدراسة في الماستر وتأطير طلبة الدكتوراه؟

لماذا لم يستمع أحد إلى المشتكين ممن طالهم التهميش، بسبب هذه السياسة في الكليات التابعة للجامعة؟

هناك أساتذة جامعيون عانوا من التهميش، ولم يُنظر في ملفات الماستر التي اقترحوها، ويشهد لهم طلبتهم بالكفاءة وحس المسؤولية، لكنهم لم يحصلوا نهائيا على أي دور فعال في البحث العلمي في جامعة ابن زهر.

الكثيرون، طلبة وأساتذة، توقف مسارهم الدراسي، وفضلوا الهجرة نحو فضاء أرحب، وأزالوا فكرة مواصلة التعليم العالي من رؤوسهم. وبدل أن يتوجهوا إلى «ابن زهر»، أكملوا الطريق نحو «مطار المسيرة».

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى