حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

احتراف وسط رائحة البارود

 

حسن البصري

ينطبق على اللاعبين والمدربين المغاربة المحترفين في ليبيا، رائعة عبد الحليم حافظ التي يقول مطلعها: الرفاق حائرون، يفكرون، يتساءلون في جنون.. مع تعديل يتماشى وقلق الحيرة وطبيعة التساؤل.

أمام حجم التوترات القائمة بين حكومتي الشرق والغرب في ليبيا، أضحى استكمال المنافسات الرياضية محفوفا بالمخاطر ومجازفة بسلامة اللاعبين والمدربين والجماهير. لهذا يعيش محترفونا في أرض عمر المختار على غرار باقي المحترفين في حيرة من أمرهم، بين البقاء للإنصات لتطورات الوضع الأمني وتتبع البلاغات الصادرة من هنا وهناك، وبين الإفلات من مأزق منافسات تنبعث منها رائحة البارود، وملاعب يسكنها الخوف والغضب.

الاتحاد الليبي لكرة القدم في ورطة حقيقية، وقد حالت الأوضاع الأمنية المتردية دون استكمال ما تبقى من مباريات البطولة، وحسم لقب الدوري بين ست فرق.

ولأن الجزائر تريد أن تحاكي المغرب حين فتح ملاعبه في وجه المنتخبات الإفريقية التي تعاني من أزمات سياسية أو من ضعف مزمن في بنياتها الرياضية، فقد أعلن الاتحاد الجزائري استعداده لاستقبال ما تبقى من منافسات البطولة الليبية.

القضية ليست بهذه البساطة، لأن نقل ستة فرق مع الحكام ومسؤولي الاتحاد الليبي والمراقبين، يعني تنقل أزيد من أربع مائة وعشرين فردا، مع ما يتطلبه هذا الترحيل من لوجستيك.

قال موفد الجزائر إن بلاده مستعدة لاحتضان ما تبقى من مباريات الدوري الليبي ومباريات منتخبه إلى أن يغني الليبيون “المنفرجة”. لكن رئيس اتحاد الكرة الليبي يرفض الطرح الجزائري ويفضل استكمال البطولة في إيطاليا، حيث تتواجد جالية ليبية كثيرة العدد تعشق “الكالشيو” و”البيتزا”.

يتابع محترفونا في الدوري الليبي الوضع السياسي بقلق شديد، يفقدون مع مطلع كل صباح مسيرا أو زميلا تقاسم معهم العرق والشغف.

قتل الرئيس الفخري لنادي الأهلي الطرابلسي، عبد الغني غنيوة، برصاص قناص، وصدر بيان عن النادي وصف التصفية الجسدية بـ”المؤامرة التي ترعاها الحكومة وأذرعها الآثمة”، وبعد ساعات حذف البيان واكتفى النادي بتعزية خالية من التهم.

لم يكتب للرئيس المقتول أن يحظى بدقيقة صمت ترحما على الفقد والفقيد، ولم يقرأ جمهور الأهلي الفاتحة كما تنص طقوس الرياضة في الأحزان، لأن طرابلس لم تتخلص بعد من حالة التوتر الشديد ومن الاشتباكات العنيفة بين مجموعات مسلحة، أعادت مشهد الذعر إلى البلاد.

فضلت بعض الفرق المغادرة الفورية صوب تونس لاستكمال التحضيرات بعيدا عن بيانات الفصائل، لكن نادي الأهلي الطرابلسي، سيعلن عن توقيف مديره العام محمد نور، من قبل إحدى الجهات الأمنية في معبر رأس اجدير على الحدود الليبية – التونسية، في تطور خطير.

أمام حالة الاحتقان عاد سفراء الكرة المغربية في ليبيا إلى عقودهم، فأمعنوا النظر في بنودها وبحثوا بين سطورها عن مخرج يصنف الوضع الحالي في خانة “القوة القاهرة”، ويبيح للأقدام المغتربة العودة إلى بلدانها آمنة مطمئنة.

سيذكر التاريخ أن معمر القذافي كان يعتبر اتحاد الكرة مصلحة تابعة للأمانة العامة للخارجية، وأنه كان يفضل هزيمة فريق أو منتخب بلاده على مواجهة بلد انقطعت معه خيوط العلاقات الدبلوماسية، متحملا غرامات “الفيفا” و”الكاف” والغضب الصامت للجمهور الليبي.

يذكر التاريخ أن الكتاب الأخضر قد حول الملاعب إلى فضاء لتجمعات دراسة الفكر الجماهيري، بكل تناقضاته العجيبة، فـ”الرياضة نشاط عام ينبغي أن يمارس لا أن يتفرج عليه”، لكن المدرجات مختنقة بالجمهور.

في الكتاب الأخضر كما في حيطان طرابلس، تترسخ لازمة “شركاء لا أجراء”، لكن اللاعبين والمدربين المحترفين يتقاضون أجورا من الدولة.

بشرنا العقيد الراحل بأن مدرجات الملاعب ستختفي عندما لا يوجد من يجلس عليها، وكأنه تنبأ بزمن “الوي كلو”.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى