حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

احتقان غير مسبوق بوكالة المياه والغابات

اختلالات تفاقم أزمة تنزيل استراتيجية غابات المغرب

محمد اليوبي

 

تعيش الوكالة الوطنية للمياه والغابات على وقع احتقان غير مسبوق، بعد تمرير مرسوم بقانون تم نشره بالجريدة الرسمية، ينص على الإدماج الإجباري لمستخدمي الوكالة، قبل فاتح يناير 2026. ويأتي هذا الاحتقان عقب مجموعة من الاختلالات التي شابت تنزيل استراتيجية غابات المغرب 2020-2030، وهو ما سيزيد من تأزيم الوضع الراهن، وسيؤدي إلى الإجهاز على ما تبقى من الموارد الغابوية.

وأفادت مصادر من الوكالة بأن الهيكلة المركزية المعتمدة لتنزيل استراتيجية غابات المغرب تفتقر إلى التجانس والتكامل، المطلوبين لضمان الفعالية والسرعة المطلوبتين لبلوغ أهداف الاستراتيجية، مما يجعلها لا تترجم البعد الاستراتيجي لقطاع من حجم قطاع المياه والغابات الذي يدبر حوالي 9 ملايين هكتار من الملك الغابوي، وتعكس هذه الهيكلة عدم توفر مسؤولي الوكالة على رؤية استشرافية متكاملة لتنزيل محاورها.

وفي هذا الإطار، أوضحت المصادر أن المقاربة المعتمدة لهيكلة المصالح المركزية للوكالة لم تبن على فهم دقيق لخصوصيات تدبير الموارد الغابوية في السياق المغربي، وهو ما أفرز مديريات مركزية غير متجانسة في ما بينها، بل وغير متجانسة حتى على مستوى الشعب التي تكونها، واعتمادا على صلاحيات ومهمة كل شعبة وليس على التسمية المعتمدة لها.

وتساءلت المصادر عن الأسس التي اعتمدت من أجل دمج شعبة إعادة التشجير وشعبة تهيئة الغابات مع شعبة المخاطر المناخية والبيئية، التي تختص في تتبع ومكافحة الحرائق الغابوية، في مديرية مركزية واحدة (مديرية إعادة التشجير والمخاطر المناخية والبيئية)، ودمج شعبة التنشيط الترابي والشراكات مع شعبة الاقتصاد الغابوي في مديرية مركزية أخرى (مديرية الاقتصاد والتنشيط الترابي والشراكات)، ودمج شعبة النظم المعلوماتية والحلول الرقمية مع شعبة التدبير المالي والبرمجة في مديرية المالية والحلول الرقمية.

وأكدت المصادر أن الهيكلة المعتمدة لم تثمن تدخلات الوكالة في بعض المجالات الحيوية، إذ اقتصرت على منح البنيات الخاصة بها درجة مصلحة، في حين أنها بالغت في تضخيم التدخلات البسيطة للوكالة في بعض المجالات، بالرفع من بنياتها الإدارية إلى درجة شعبة، وهو ما يعطي الانطباع بوجود مقاربة لإرضاء بعض الأشخاص، عوض مقاربة تعتمد على أهمية الأدوار والتدخلات الوظيفية.

أما في ما يخص الوحدات الميدانية للوكالة، فقد اعتبرت المصادر ذاتها أن إعادة هيكلة بعض المديريات الإقليمية كمرحلة تجريبية، في إطار ما سمي بـ«فصل المهن»، تشكل دليلا واضحا على عدم فهم مسؤولي الوكالة للترابطات التقنية والقانونية بين مختلف أوجه التدخلات الميدانية للموظفين الغابويين، كما أنها تشكل كارثة بكل المقاييس على الموارد الغابوية الوطنية، مشيرة إلى أنه علاوة على أن إعادة هيكلة الوحدات الميدانية لا تسمح بتحديد المسؤولية الترابية بصفة دقيقة، وتشكل مجالا خصبا لتضارب المصالح، فإنها تفتقد لحدود الساعة إلى الشرعية القانونية، لعدم مصادقة المجلس الإداري عليها وعلى الصلاحيات الموكولة لها، طبقا لمقتضيات المادة 12 من القانون 52.20، المحدث للوكالة الوطنية للمياه والغابات. وهو ما يضع حاليا مجموعة من العناصر الغابوية الميدانية في وضعية غير سليمة قانونيا من حيث الصفة والمهام، وفي وضعية حرجة من حيث التأمين ضد حوادث الشغل. وأضافت المصادر أن هذه الهيكلة خلقت فراغا ميدانيا على مستوى تأطير ومراقبة المجالات الغابوية، ستؤدي الموارد الغابوية ثمنه باهظا على المدى المتوسط.

وتحدثت المصادر عن وجود فوضى غير مسبوقة في تدبير الموارد البشرية، الذي يتسم بالمحسوبية والمزاجية والانتقامية، موضحة أن تدبير العنصر البشري بالوكالة الوطنية للمياه والغابات عرف تراجعات خطيرة، مقارنة بما كان عليه الحال أيام المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر. وعلى مستوى التعيين في مناصب المسؤولية، يرى مسؤول مركزي تواصلت معه «الأخبار» أن بعض شروط التباري لبعض المناصب قد فصلت لاستهداف أشخاص معينين، كما هو الحال بإحدى المديريات المركزية، مشيرا إلى أن أسماء المحظوظين تكون معروفة، قبل ظهور نتائج التعيينات، كما أن التوقعات القبلية بخصوص نتائج المباريات المعلن عنها تتحقق في أغلب الحالات، إن لم نقل كلها، وهو ما خلق إحباطا كبيرا لدى جل الموظفين، بسبب غياب تكافؤ الفرص، واستفحال المحسوبية ومنطق الولاءات في التعيين في مناصب المسؤولية بالوكالة، عوض منطق الكفاءة المهنية.

وعلى المستوى التأديبي، كشفت المصادر نفسها أن المنطق المعتمد من طرف الوكالة غير مفهوم ويتميز بالمزاجية وازدواجية المعايير، وفي هذا الشأن تلقت الشغيلة الغابوية بكثير من الاستغراب، خبر إقدام الوكالة وبسرعة البرق على وضع شكاية لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالجديدة ضد فارس غابوي، بخصوص قطع 36 شجرة من الصنوبر الحلبي، لا تتعدى قيمته السوقية 10 آلاف درهم، في حين لا تحرك الوكالة ساكنا بخصوص ما يقع من نهب بغابات الأرز بإقليم ميدلت (تونفيت)، وخنيفرة (أجدير)، وإفران (بقريت)، رغم توصل المصالح المركزية للوكالة بتقارير ومحاضر حول الجرائم المرتكبة في حق الغابة.

وأضافت المصادر أن آخر هذه التجاوزات ما حدث أخيرا لتقنيَين غابويين بإقليم إفران، حيث وبالرغم من أنهما تدخلا لحماية الموارد الغابوية، بتنسيق مع النيابة العامة، تم تنقيلهما تعسفيا اعتمادا على إرسالية سرية، دون حتى أن توجه إليهما مؤاخذات، أو أن تمنح لهما فرصة للدفاع عن نفسيهما أو تبرير هذا التدخل، وأبرزت المصادر أن هذا التدبير المزاجي يشكل أحد الأسباب التي دفعت غالبية الموظفين إلى رفض الإدماج في الوكالة.

وأكدت المصادر أن المسؤولين بالوكالة أصبحوا منشغلين فقط بتمرير الصفقات التي تكلف الملايير من خزينة الدولة، ويتضح ذلك على سبيل المثال، من خلال إصرار إدارة الوكالة على تمرير صفقة الأفرنة المحسنة في صيغتها القديمة على مقاس شركة محظوظة، سبق لجريدة «الأخبار» أن كشفت تفاصيل هذه الصفقة بمبلغ يفوق ملياري سنتيم.

ولم يستبعد المصدر المسؤول بالوكالة أن تشارك هذه المرة مجموعة من الشركات كأرانب سباق للتغطية على الخروقات التي كانت سببا في إلغاء طلب عروض الصفقة سابقا، وتحدث المصدر عن وجود مؤشرات بإقصاء جميع الشركات المشاركة في مرحلة التقييم الإداري والتقني، ليبقى المجال مفتوحا للشركة المحظوظة كمتنافس وحيد في مرحلة تقييم العرض المالي.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى