
النعمان اليعلاوي
شهد حي “البيتات” بمنطقة يعقوب المنصور في العاصمة الرباط، خلال الأسبوع الجاري، اشتباكات عنيفة استخدمت فيها أسلحة بيضاء، بين مجموعات من المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء وأفراد من السكان المحليين، مما خلف حالة من الهلع في الحي وأثار جدلاً واسعاً حول واقع أوضاع هذه الفئة داخل المدن المغربية.
ووفق مصادر محلية، فإن هذه الاشتباكات التي تكررت بشكل متقطع خلال الأيام الماضية أدت إلى إصابة عدد من الأشخاص بجروح متفاوتة الخطورة، فيما تدخلت المصالح الأمنية على الفور لفرض النظام وفتح تحقيق قضائي للكشف عن ملابسات الحادث.
ويُذكر أن حي “البيتات” هو أحد الأحياء التي تعرف تركزاً لمهاجرين من جنوب الصحراء، الذين غالباً ما يعيشون في ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة، مع محدودية الولوج إلى الموارد والخدمات، مما يفاقم من حدة التوترات الاجتماعية بين السكان الأصليين والمهاجرين.
وحسب المصادر نفسها، فإن الاشتباكات اندلعت إثر خلافات بين مجموعات من المهاجرين أنفسهم، توسعت لتشمل احتكاكات مع سكان الحي المحليين، ما أدى إلى تفاقم الوضع وخلق حالة من الهلع بين سكان الحي، ورغم أن تفاصيل الأسباب الدقيقة للنزاع لا تزال قيد البحث من طرف السلطات، فقد أدت المواجهات إلى تدخل أمني مكثف لتفريق المتشاجرين وفرض النظام في الحي.
وقد هرعت عناصر من الشرطة والدرك الملكي إلى عين المكان فور تلقيها بلاغات عن الحادث، حيث قامت بتطويق منطقة الاشتباكات، وأطلقت عمليات تمشيط لضبط كافة المتورطين في النزاع، كما تم نقل المصابين إلى مستشفيات المدينة لتلقي العلاجات الضرورية، فيما فتحت النيابة العامة المختصة تحقيقا في الموضوع لمعرفة ملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات، وأكدت مصادر أمنية أن الأجهزة المختصة تباشر إجراءاتها القانونية بتنسيق مع السلطات المحلية، من أجل استعادة الأمن والاستقرار بالحي، ومتابعة كل من له علاقة بالحادث أمام القضاء.
وتأتي هذه الاشتباكات في وقت تشهد فيه عدة مدن مغربية مواجهات متفرقة بين مجموعات من المهاجرين وأحيانا مع السكان المحليين، ما دفع الجهات الأمنية إلى تعزيز مراقبتها لهذه الأحياء، فضلاً عن متابعة حالات التوتر الاجتماعي ذات الصلة بقضايا الهجرة والاندماج.
تجدر الإشارة إلى أن ملف أوضاع مهاجري جنوب الصحراء في المغرب يظل موضوع متابعة من قبل السلطات الأمنية والاجتماعية، التي تسعى إلى التوفيق بين احترام حقوق الإنسان وضمان الأمن والاستقرار داخل الأحياء التي تعرف تواجد هذه الفئة.
ويرى خبراء أن الأزمة المتجددة في هذا الحي ليست منعزلة، بل تعكس اختلالات هيكلية في التعامل مع ملف الهجرة غير النظامية في المغرب، الذي يشكل تحدياً كبيراً للدولة والمجتمع على حد سواء، وأشارت المصادر أن “رفض الغريب وعدم تقبله موجود في أغلب المجتمعات، لكن في المغرب يتفاقم هذا الرفض بسبب الوضع الاقتصادي الصعب، وارتفاع نسب البطالة، وغلاء المعيشة، حيث يُنظر إلى المهاجر كمنافس على فرص العمل والخدمات الاجتماعية”.





