
النعمان اليعلاوي
تشهد مدينة سلا حالة استنفار أمني متواصل، منذ أيام، على خلفية أعمال الشغب والتخريب التي اندلعت في عدد من أحيائها، خصوصاً مقاطعة العيايدة. وأسفرت التدخلات الأمنية الأخيرة عن اعتقال العشرات من الشباب المتورطين في هذه الأحداث، التي طالت مؤسسات حيوية وممتلكات خاصة وأثارت حالة من القلق وسط الساكنة.
وحسب مصادر مطلعة، شملت الاعتداءات تخريب وكالة بنكية ووكالة لبريد المغرب، إضافة إلى محل تجاري تابع لسلسلة «بيم» بشارع ابن الهيثم، وهو ما خلف استياءً واسعاً لدى الساكنة التي اعتبرت هذه الأفعال «تصرفات معزولة» تهدد أمن المدينة وتسيء لسمعتها. وكانت التحريات، التي باشرتها السلطات الأمنية بتنسيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، قادت إلى إيقاف المتزعم الرئيسي لهذه الأعمال التخريبية، وهو شاب من مواليد 1994، جرى اعتقاله داخل مقهى بطريق القنيطرة. وتمت عملية الإيقاف بدقة عالية، بناءً على معطيات دقيقة وفرتها الأجهزة الاستخباراتية، ليتم تسليم الموقوف إلى الأمن الإقليمي بحي السلام لمباشرة التحقيقات تحت إشراف النيابة العامة المختصة.
وأكدت مصادر أمنية أن المعتقل الرئيسي لعب دوراً محورياً في التحريض والتنسيق لهذه الأعمال، من خلال استغلال بعض وسائل التواصل الاجتماعي لتعبئة الشباب ودفعهم إلى المشاركة في أعمال العنف والتخريب. وتواصل المصالح الأمنية تعقب جميع المشتبه فيهم الذين ظهروا في تسجيلات وصور متداولة خلال الأحداث، وهذه الاعتقالات تأتي في سياق حملة واسعة تباشرها السلطات الأمنية على الصعيد الوطني، تهدف إلى تفكيك بؤر الشغب وتقديم كل من ثبت تورطه أمام العدالة. وتشدد السلطات على أن حماية الممتلكات العامة والخاصة تعتبر خطاً أحمر، وأنها لن تتساهل مع أي محاولة للمساس بأمن واستقرار المواطنين.
وأوضحت مصادر من داخل مدينة سلا أن هذه الأحداث خلّفت حالة من الاستياء لدى الساكنة، خصوصاً أن بعض المحلات التجارية والوكالات المتضررة تقدم خدمات أساسية للساكنة، ما أدى إلى تعطيل مؤقت لمصالح المواطنين. وعبّر عدد من الفاعلين الجمعويين والرياضيين عن إدانتهم لهذه الأعمال، داعين إلى ضرورة تحكيم العقل والابتعاد عن العنف باعتباره سلوكاً غير حضاري لا يخدم مصلحة أي طرف.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن استمرار التحقيقات قد يكشف عن شبكات محرضة تستغل هشاشة بعض الشباب لدفعهم إلى تبني سلوكيات عنيفة، في وقت تسعى السلطات لتطويق الأزمة وضمان عودة الهدوء إلى مختلف أحياء المدينة. وشدد عدد من المتتبعين على ضرورة الموازنة بين الحزم في تطبيق القانون والانفتاح على مقاربات اجتماعية وتربوية تعالج الأسباب العميقة التي تجعل بعض الشباب عرضة لمثل هذه الانزلاقات.
من جهتها، تترقب الساكنة المحلية نتائج هذه التحركات الأمنية والقضائية، معبرة عن أملها في أن تضع حداً لكل أشكال الفوضى والتخريب.





