شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقاريرمجتمع

الجامعات ليست برك دماء

بتنسيق محكم بين عناصر فرقة مكافحة العصابات التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة أكادير ومصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تم بداية الأسبوع إيقاف ثلاثة أشخاص، (سائق سيارة أجرة وطالبان بجامعة ابن زهر)، بسبب تورطهم في حيازة العشرات من الأسلحة البيضاء المصنوعة بشكل تقليدي بغرض استخدامها في ارتكاب جنايات وجنح ضد الأشخاص. من رفق الله أن هاته العملية الأمنية جنبتنا وقوع مجزرة دموية بين بعض الفصائل الطلابية، لكن هذا الحادث يطرح أكثر من علامة استفهام حول أمن الحرم الجامعي، خصوصا أن هذا الحادث يأتي بعد أيام على مواجهة دامية بكلية الحقوق بتطوان أفضت إلى تبادل الضرب والجرح باستعمال مختلف الأسلحة البيضاء بين الفصيلين المتناحرين على هامش انطلاق انتخابات طلابية بالكلية المعنية.

نعلم أن جامعاتنا عاجزة عن ملء أوقات فراغ الطلبة بما يزيد من معرفتهم وتحصيلهم العلمي وصقل شخصياتهم وتقويم سلوكهم وصهرهم في بوتقة واحدة، لكن هذا ليس مبررا لكي تتحول ساحات الجامعات إلى ساحات للوغى وبرك من الدماء، تتسبب في الإصابات بين شباب الوطن وتكسير الممتلكات العامة وكأننا في العصور الوسطى.

إن ما يحصل من مشاهد عنيفة يجب أن يدق ناقوس خطر حقيقي، لأن مشاهد إدخال العشرات من السيوف والسواطير لا تسر الخاطر ولا تنسجم مع مقاصد الجامعة ولا تتطابق مع الأخلاق العلمية، والسكوت عن ذلك يعني أن مهمة الجامعة انتقلت من عالم البحث العلمي والمحاضرات والبحوث إلى عالم الجريمة والعصابات المنظمة والاتجار في الأسلحة.

فلا يمكن أن نستمر في نوع من التضليل الذي يعتبر المواجهات الطلابية شيئا عاديا ويبحث له عن شرعية في الجذور التاريخية بين الفصائل الطلابية فهذا مجرد شرعنة للعنف وضمان ديمومته، لا شيء يبرر أن يتسبب طالب في قتل زميله أو التسبب له في عاهة مستديمة أو إرساله إلى قسم الإنعاش بحجة انتخابات فصائلية لا تقدم ولا تؤخر. فبعدما أصبحت الأعمال العنيفة بالجامعات تتضمن القتل والاستخدام الدائم للأسلحة الحادة، لا بد للقانون أن يتدخل وبكل الصرامة الممكنة، فالجامعات ليست دولا داخل الدولة وليست أرضا للسيبة وإعمال شرع اليد.

وعندما يصل الطالب إلى مرحلة يعرف فيها أنه في اللحظة التي يرفع فيها سلاحا حادا أو حجرة ثقيلة للضرب والتكسير وتهديد السلامة الجسدية لزميله، سيكون قد قضى على مستقبله الدراسي وكل مستقبله، سوف يفكر ألف مرة قبل أن يتصرف بهاته الطريقة البربرية، لكنه عندما يدرك أنه سيكون بمنأى عن المساءلة والعقاب تحت مبررات سياسوية أو تحت حصانة شيخ جماعة خارجة عن المؤسسات أو أمين عام حزب معارض أو منظمة حقوقية تدعم فصائل الانفصال، فلا يوجد أي سبب يمنعه من تجاوز القانون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى