حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةشوف تشوف

الخوف من الله

من حساب بالأنستغرام يقارب المليون متابع إلى حساب بنصف المتابعين بعدما سحب الآلاف إعجابهم بالصفحة، ومن لايف يتتبعه ستون ألفا إلى نفور شبه كامل من المتابعة، والسبب تحريف صاحب الحساب آيات من كتاب الله واستخدام عبارات سافلة مكانها لاستدرار ضحك متابعيه، فصدم عندما رأى أن الجميع انقلب عليه.

هذه الواقعة تكشف شيئا مهما وعميقا وهو أن المغاربة يتساهلون مع خرق القانون، وقد يذهبون إلى حد إيجاد تبريرات لهذا الخرق، لكنهم لا يتساهلون مع العبث في الأمور الدينية. مما يعني أن الوازع الديني عند المغاربة أهم من الوازع القانوني أو الاجتماعي المواضعاتي.

في دراسة حديثة صدرت مؤخرا ظهر أن أكثر من نصف المغاربة مع تجريم الإفطار العلني في رمضان والعلاقات الجنسية الرضائية، وأن أغلبهم لازال يعتقد أن عذرية المرأة دليل عفتها وطهارتها.

وبغض النظر عن النظرة الخاطئة للإسلام الذي لم يكن يوما مع الإكراه في الأمور الدينية، فإنه يمكن القول إن حضور الدين في قرارات وقناعات المغربي حاسم وجوهري.

فالصوم وعدمه أو العذرية من عدمها أو العلاقات الجنسية الرضائية يجب أن تظل أموراً شخصية حسابها بين العبد وربه ولا علاقة للدولة بها، لأنه إذا كانت رؤية مسلم لشخص يفطر في رمضان، ويعلم الله ما هي مبرراته، ستزعزع عقيدته فعليه أن يعيد النظر في هذه العقيدة.

فضلا عن أن القوانين المرتبطة بتجريم الإفطار في رمضان هي قوانين سنها المستعمر لحماية المعمرين وورثناها نحن عنهم.

مما لا شك فيه أن المغاربة شعب متدين رغم ما يبدون عليه من انفتاح على مظاهر الحداثة الغربية، والوازع الديني هو المحدد عند المغربي عند اتخاذ مجموعة من القرارات أكثر من الوازع الاجتماعي أو القانوني. وسيكون من المفيد للدولة والحكومة وصانعي السياسات العمومية أن يستفيدوا من القدرة الكبيرة للدين في تغيير سلوك المغاربة ودفعهم لاحترام القانون وتجنب الفساد، لأن المقاربة الزجرية القانونية والدروس الأخلاقية وحدها لا تكفي.

فهناك أشياء كثيرة يمتنع المغربي عن اقترافها ليس خوفا من القوانين بل خوفا من الوقوع في المعصية. وحتى التصويت في الانتخابات يحكمه الوازع الديني، فالمغربي يصوت للمرشح الذي تظهر عليه مظاهر التدين حتى ولو كان المرشح فاشلا، ويحرم المرشح غير المتدين من صوته حتى ولو كان قادرا على تحقيق منجزات.

لذلك فالاهتمام بتقوية الوازع الديني للمغاربة يمكن أن يفيد في التقليل من المخالفات والجرائم، كما يمكن من المحافظة على علاقة مغاربة العالم ببلدهم ماديا ومعنويا. فملايين المغاربة المقيمين في الخارج لديهم ارتباط قوي بوالديهم وإخوانهم بفضل الوازع الديني الذي يحض على طلب رضى الوالدين والتضحية من أجل الأخوة وأفراد العائلة. وقد رأينا أمثلة باهرة على ذلك خلال مونديال قطر.

عندما نتحدث عن تقوية الوازع الديني للمغاربة فإن الأمر ينبغي أن يتجاوز البعد الطقوسي الذي يرافقنا كمغاربة طيلة الشهر الفضيل. فرمضان كان دوما مناسبة لتجديد الروابط الروحية والإيمانية عبر الصيام وصلاة التراويح، والاهتمام بالجانب النفسي والروحي في هذه الظرفية تحديدا لم يعد أمرا ثانويا.

والعناية بالوازع الديني للمغاربة هي خريطة طريق حقيقية للتخفيف من تأثيرات الفساد على البلاد والعباد.

ففي هذا الوقت العصيب بالتحديد يحتاج المغاربة دعما من نوع آخر، قد لا يتمكن السياسيون والأطباء والاقتصاديون وغيرهم من الوفاء به.

وتاريخ المغرب يثبت أنه عندما يعم الفساد وينتشر الوباء، ويسيطر اليأس على النفوس، يكون الناس أحوج ما يكونون إلى من يوقد فتيل الإيمان في أفئدتهم، ويحيي الأمل في حياتهم. بل لعلهم يكونون في أمس الحاجة إلى من يوقد جذوة الوازع الديني والجانب الروحي في أنفسهم بقصد الرفع من معنوياتهم وشحذ هممهم لتجاوز هذه الظرفية الصعبة بأقل الأضرار.

ولعل ما يحتاجه المغاربة في هذه الظرفية هو أن يلتمسوا الشعور بالأمان واسترجاع الهدوء والحكمة عبر الإيمان. وأمامنا شهر رمضان لتحقيق ذلك، فبدل أن يصبح شهر رمضان مناسبة للتنافس في الاستهلاك و”اللهطة” يمكن أن يتحول إلى شهر لتخفيف الاستهلاك مما سينتج عنه خفض الأسعار، وأيضا خفض الأوزان وكل المواد الضارة للجسم من ملح وسكر وكوليسترول.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى