حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

الداخلية تحاصر ترشيح المفسدين والأحزاب تطالب برفع عدد المقاعد البرلمانية

مشاورات تعديل القوانين الانتخابية

على بعد سنة من حلول موعد إجراء الانتخابات التشريعية لمجلس النواب، شرعت وزارة الداخلية في تعديل الترسانة القانونية المؤثرة لهذه الاستحقاقات، وذلك تفعيلا للتوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش الأخير، فبعد الجولة الأولى من المشاورات التي عقدها وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، مع الأمناء العامين للأحزاب السياسية، شرع الوزير، خلال الأسبوع الماضي، في عقد الجولة الثانية من المشاورات، لمناقشة المقترحات التي توصلت بها الوزارة بخصوص تعديل المنظومة القانونية، وتباينت التعديلات المقترحة من طرف الأحزاب السياسية، بين مطالب تتعلق بالزيادة في عدد أعضاء مجلس النواب وبين مطالب بتخصيص مقاعد إضافية للنساء وإعادة لائحة الشباب بعد إلغائها في الانتخابات التشريعية السابقة، فيما هناك توجه لدى وزارة الداخلية لوضع إجراءات تروم محاصرة المفسدين من الترشح للانتخابات، وذلك بوضع ميثاق شرف بين الأحزاب لتقديم المرشحين.

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

الداخلية تقترح محاصرة المفسدين و«البام» والاستقلال يطالبان برفع عدد أعضاء مجلس النواب

 

 

شرع عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، خلال الأسبوع الماضي، في عقد الجولة الثانية من المشاورات مع قادة الأحزاب السياسية، لمناقشة المقترحات التي توصلت بها الوزارة بخصوص تعديل المنظومة القانونية التي ستؤطر الانتخابات التشريعية لمجلس النواب المزمع تنظيمها شهر شتنبر من السنة المقبلة.

وأضافت المصادر أن لفتيت سيعقد جولة ثالثة مع زعماء الأحزاب السياسية بداية أكتوبر المقبل، ستخصص لتقديم مسودات أولية حول مشاريع القوانين التي ستعدها وزارة الداخلية وإطلاعهم على التعديلات المقترحة، وذلك قبل بلورة الصيغة النهائية لمشاريع القوانين التي ستعرض على المجلس الحكومي للمصادقة، وإحالتها على مجلسي البرلمان مباشرة بعد جلسة افتتاح السنة التشريعية التي سيترأسها الملك محمد السادس يوم الجمعة 10 أكتوبر المقبل.

وأوضحت المصادر أن مديرية الشؤون الانتخابية التابعة للمديرية العامة للشؤون الداخلية بوزارة الداخلية، التي يوجد على رأسها الوالي مهندس الانتخابات، حسن أغماري، تشتغل على إعداد مسودات لمشاريع تعديل القوانين الانتخابية المرتبطة بالانتخابات التشريعية لمجلس النواب فقط، والتي من المزمع إجراؤها في شهر شتنبر من سنة 2026.

وحسب المصادر ذاتها، فإن هذه التعديلات لن تمس بجوهر القوانين المعمول بها حاليا، حيث سيتم الاحتفاظ باللوائح الجهوية التي تخصص مقاعد برلمانية للنساء بمجلس النواب. ونفت المصادر وجود أي مقترح حول وضع لائحة خاصة بالكفاءات، أو رفع عدد مقاعد أعضاء مجلس النواب إلى 500 مقعد، كما طالبت بذلك بعض الأحزاب السياسية، فيما ستتم مراجعة التقطيع الانتخابي ببعض الدوائر الانتخابية وكذلك المقاعد البرلمانية المخصصة لها، بناء على نتائج الإحصاء.

وتطالب أحزاب سياسية برفع عدد مقاعد المجلس، وبررت هذا المطلب بنتائج الإحصاء الوطني الأخير، الذي سيسفر عن إعادة النظر في الخريطة الانتخابية، من خلال إحداث دوائر جديدة والرفع من عدد المقاعد المخصصة لبعض الدوائر الأخرى. وأفادت المصادر بأن مقترح رفع عدد مقاعد مجلس النواب متاح من الناحية الدستورية، لأن عدد مقاعد المجلس غير منصوص عليه في الدستور، خلافا لعدد مقاعد مجلس المستشارين المحدد دستوريا بين 80 و120 عضوا، وتم تحديد عدد مقاعد مجلس النواب من خلال القانون التنظيمي المتعلق بهذا المجلس الصادر بعد دستور 2011، والتي حددها في 395 عضوا.

وتتدارس مديرية الشؤون الانتخابية إمكانية التنصيص على مقتضيات لتخليق العمل السياسي، من خلال تعديل قانون الأحزاب السياسية والقوانين المؤطرة للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وذلك بمحاصرة المنتخبين الفاسدين من إعادة الترشح للانتخابات، دون المس بمبدأ قرينة البراءة، مع احترام الحق الدستوري لكل المواطنين المغاربة في الترشح للانتخابات. وكشفت المصادر أن من بين الإجراءات المقترحة توقيع ميثاق شرف بين الأحزاب السياسية، سيتم بموجبه عدم منح التزكية للمنتخبين الذين تلاحقهم فضائح التلاعب بالمال العام، لكن أحزابا أخرى تعترض على هذا المقترح، خاصة أن زعماءها يراهنون على «أصحاب الشكارة» للحصول على مقاعد برلمانية، وقدموا وعودا بمنح تزكيات لبرلمانيين ومنتخبين متابعين أمام القضاء في ملفات الفساد المالي، من أجل الترشح للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

والخطير في الأمر أن بعض المنتخبين يطمحون في الحصول على العضوية بالمؤسسة التشريعية، رغم صدور أحكام قضائية في حقهم بالسجن من طرف محاكم جرائم الأموال، فيما هناك عشرات الملفات المفتوحة أمام محاكم جرائم الأموال والمحاكم العادية تخص برلمانيين ومنتخبين يواجهون اتهامات خطيرة تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية، وكذلك تزوير وثائق إدارية بغرض السطو على عقارات الغير، بالإضافة إلى ملفات أخرى قيد التحقيق من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.

وحسب مصادر حزبية، فإن حزب الأصالة والمعارضة يقترح إضافة 55 مقعدا برلمانيا بمجلس النواب ليصبح مجموع أعضاء المجلس 450 عضوا، مع رفع الدعم المخصص للأحزاب السياسية لتشجيع المشاركة السياسية للشباب والنساء. وأضافت المصادر أن مذكرة «البام» همت، أساسا، وضع ميثاق أخلاقي بين الأحزاب السياسية المشاركة في العملية الانتخابية لضمان تخليق الممارستين الانتخابية والسياسية. وطالب الحزب، كذلك، بدعم خاص للأحزاب التي تشجع مشاركة النساء والشباب، مع ضرورة تسقيف المصاريف الخاصة بالحملة الانتخابية، وتسقيف المصاريف المتعلقة بالإشهار والإعلام المنصوص عليها سلفا في القوانين الحالية.

وفي السياق ذاته اشترط حزب الأصالة والمعاصرة تشديد العقوبات في ما يتعلق بالتزوير والتدليس في العملية الانتخابية، ووضع الحزب مقتضيات أخرى تهم العملية الانتخابية.

وبدوره طالب حزب الاستقلال برفع عدد أعضاء مجلس النواب، بإضافة 30 مقعدا للوائح الجهوية للنساء، وتميزت مذكرة الحزب باقتراح دعم مشاركة الأشخاص في وضعية إعاقة في الانتخابات التشريعية المقبلة، ليس فقط كناخبين، ولكن كذلك دعم ترشيحهم في الانتخابات، حيث اقترح، في هذا الصدد، إحداث فرع جديد في القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، تحت عنوان: مشاركة الأشخاص في وضعية إعاقة في الانتخابات.

واقترح الاستقلال إضافة المادة 72 مكرر تجيز للناخبات والناخبين المقيدين في اللوائح الانتخابية العامة، الذين يوجدون في وضعية إعاقة تمنعهم من التصويت، أن يستعينوا بمرافق للتصويت في الاقتراع، شريطة ألا تحول الإعاقة دون الاختيار الحر.

ويسعى هذا الاقتراح إلى التأكيد على ضرورة اتخاذ كافة التدابير الكفيلة بتمتيع الأشخاص بوضعية إعاقة من ممارسة حقوقهم السياسية، وخاصة الحق في التصويت بعيدا عن أي تأثير من قبل أشخاص قد يكونون طرفا في العملية الانتخابية، سواء تعلق الأمر برؤساء مكاتب التصويت أو أعضاء هذه المكاتب، وحصر هذه المرافقة في أشخاص يختارهم الأشخاص في وضعية إعاقة حتي يتمكنوا من التصويت بكيفية حرة بعيدة عن أي تأثير.

وطالب الحزب بضرورة تجهيز مكاتب التصويت بالولوجيات الضرورية لتمكين الأشخاص في وضعية إعاقة وتسهيل ولوجهم إلى مكاتب التصويت، وذلك انسجاما مع مضامين القانون الإطار المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها ومع الاتفاقية الدولية المتعلقة بالنهوض بالأشخاص في وضعية إعاقة، وذلك من اجل تمكين هذه الفئة من المشاركة وممارسة حقها في التصويت.

وأكد الحزب في اقتراحاته على ضرورة تقديم دعم مالي إضافي للأحزاب التي ترشح الأشخاص في وضعية إعاقة كوكلاء لوائح، وذلك لتحفيز الأحزاب السياسية على ترشيح هذه الفئة في اللوائح المقدمة، عبر إضافة دعم مادي خاص بترشيح هؤلاء الأشخاص على رأس لوائح الترشيح ودعم إضافي للمقاعد التي يتم الحصول عليها.

عودة جدل «الريع» البرلماني بإحداث لوائح الشباب والكفاءات

 

بعد إلغاء اللائحة الوطنية للشباب في الانتخابات التشريعية التي جرت في سنة 2021، اقترحت بعض الأحزاب السياسية إعادة هذه اللائحة إلى جانب لائحة النساء في الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في السنة المقبلة، فيما طالبت أحزاب أخرى بإحداث لائحة ثالثة تسمى «لائحة الأُطر والكفاءات» مع تخصيص «كوطا» تضمن ولوج «شيوخ» الأحزاب إلى قبة البرلمان، بعد فشلهم في الحصول على مقاعد برلمانية بالدوائر المحلية التي تعرف منافسة قوية.

واعتبر المجلس الدستوري، في قرار سابق، أن اللائحة الوطنية للشباب والنساء مجرد تدبير مؤقت لتشجيع فئات معينة على ولوج العمل السياسي والبرلماني. وأثارت اللائحة الوطنية للشباب جدلا دستوريا وقانونيا، بين من اعتبرها ريعا سياسيا ومن اعتبرها ضرورة فتح المجال أمام الشباب للعمل السياسي، فيما يرى آخرون أن اللائحة الوطنية تعد خارج الثوابت الديمقراطية، لأنها لا تعكس الاختيارات الحقيقية للناخبين عبر صناديق الاقتراع باعتبارها التعبير الأسمى عن إرادتهم، إذ حملت لائحة الشباب الكثير من الانتقادات، خلافا للائحة النساء التي اعتبرها المتتبعون مقبولة من الناحيتين السياسية والاجتماعية، لأنها تقوم على التمييز الإيجابي لتمكين النساء من ولوج المؤسسة التشريعية، وتسهيل ولوجهن للعمل السياسي، إلا أنه مع إقرار اللائحة الوطنية طرحت انتقادات لكونها تقوم على التمييز الفئوي، وستفتح المجال أمام تشجيع الريع السياسي، وهو ما تجسد فعلا في الانتخابات التشريعية السابقة، حيث غابت المعايير السياسية في اختيار المرشحين، وتم، مقابل ذلك، تغليب منطق العلاقات العائلية والولاء الحزبي في اختيار النساء والشباب المرشحين.

وجرى اعتماد نظام اللائحة الوطنية للنساء، لأول مرة في تاريخ المغرب، سنة 2002، بموجب المادة الأولى من القانون التنظيمي رقم 31.97 المتعلق بمجلس النواب الذي حدد تأليف مجلس النواب من 325 عضوا ينتخبون بالاقتراع العام المباشر عن طريق الاقتراع باللائحة، منهم 295 عضوا ينتخبون على صعيد الدوائر الانتخابية المحدثة، و30 عضوا ينتخبون على الصعيد الوطني. وقبيل الانتخابات التشريعية لسنة 2002، حدث توافق بين مختلف الفرقاء والفاعلين الحزبيين، على تخصيص اللائحة الوطنية لفائدة النساء، وظل العمل بنظام اللائحة الوطنية للنساء إلى حدود الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 25 نونبر 2011، حيث، وتزامنا مع موجة ما يسمى «الربيع العربي» التي قادها الشباب، انطلق النقاش داخل الأحزاب السياسية حول تعميم «ريع» اللائحة الوطنية على الشباب، عن طريق اعتماد لائحة وطنية أخرى لتمثيل الشباب داخل البرلمان. وبرز خلاف بين المكونات الحزبية حول طبيعة هذه اللائحة، بين طرح دافع عن لائحة وطنية مشتركة بين النساء والشباب، وطرح دافع عن تخصيص لائحة مستقلة للشباب، ليحسم الأمر ضمن القانون التنظيمي لمجلس النواب، الذي تم بموجبه رفع عدد أعضاء المجلس من 325 إلى 395 عضوا، مع تخصيص لائحة وطنية للنساء تضم 60 مقعدا، ولائحة وطنية للشباب تضم 30 مقعدا، وفي انتخابات 2021 جرى إلغاء لائحة الشباب مع إحداث لوائح جهوية للنساء عوض اللائحة الوطنية، أسفرت عن انتخاب 90 نائبة برلمانية.

وأكد قرار المجلس الدستوري رقم 2011/817 بخصوص القانون التنظيمي رقم 11-27 المتعلق بمجلس النواب، بإشارته إلى أن مقتضيات المادة 23 من القانون التنظيمي لمجلس النواب، جاءت لإعمال أهداف مقررة في الدستور، فإنه يتعين في ذلك أيضا استحضار المبادئ الأساسية الثابتة التي يرتكز عليها الدستور في مجال ممارسة الحقوق السياسية، والمتمثلة بالخصوص في المواطنة وحرية الانتخاب والترشيح من خلال اقتراع عام قائم على أساس نفس القواعد والشروط، والمساواة وتكافؤ الفرص، وحظر ومكافحة كل أشكال التمييز، وهي مبادئ لا تسمح بإضفاء صبغة الديمومة على تدابير قانونية استثنائية تمليها دواع مرحلية ومؤقتة ترمي بالأساس إلى الارتقاء بتمثيلية فئات معينة، وتمكينها من التمرس بالحياة البرلمانية قصد إنماء قدراتها على الانخراط بنجاح في النظام الانتخابي العام.

وتأسيسا على ما سبق، اعتبر المجلس الدستوري أن تدابير التشجيع والتحفيز، سيما تلك المتعلقة بفئة عمرية معينة، بما تنطوي عليه من معاملة خاصة، ينبغي، في مجال ممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية، أن تكون تدابير استثنائية محدودة في الزمن يتوقف العمل بها بمجرد تحقق الأهداف التي بررت اللجوء إليها، وهو أمر يعود تقديره للمشرع الذي يسوغ له أيضا اعتماد تدابير قانونية أخرى، غير أسلوب الدائرة الانتخابية الوطنية، لمواصلة السعي إلى بلوغ تلك الأهداف، وخلافا لذلك، اعتبر المجلس الدستوري سن مقتضيات قانونية ترمي إلى تمتيع المترشحات الإناث بأحكام خاصة من شأنها تحقيق غاية دستورية تتمثل في إتاحة فرص حقيقية للنساء لتَولي الوظائف الانتخابية، تطبيقا لأحكام الفصل 19 من الدستور الذي ينص على أنه «تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء»، والفصل 30 الذي يقر بصراحة أنه «ينص القانون على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية»، وأشار إلى أن عدم إخضاع المترشحات الإناث لقيد السن، خلافا للمترشحين الذكور، يرمي إلى إفساح أوسع مجال ممكن للمترشحات للولوج إلى الوظائف الانتخابية رعيا لوضعهن الراهن في المجتمع المغربي.

التقدم والاشتراكية.. مطالب بالرفع من مقاعد النساء والشباب

 

قدم حزب التقدم والاشتراكية مذكرته حول إصلاح المنظومة الانتخابية، وذلك في إطار النقاشات الجارية التي أطلقتها وزارة الداخلية بتوجيهات ملكية من أجل الإعداد المبكر لانتخابات 2026، على أساس رؤية واضحة قبل نهاية السنة الجارية. ويؤكد الحزب في مذكرته أن لحظة إصلاح القوانين الانتخابية تمثل منعطفاً أساسياً لترسيخ الخيار الديمقراطي، الذي نص عليه الدستور كثابت من ثوابت الأمة، مبرزا أن الإعداد الجيد لهذه المحطة لا يقتصر على الإجراءات التقنية والإدارية، بل يشمل أيضاً وضع أسس سياسية وأخلاقية تعيد الثقة للمواطنين وتضمن انتخابات نزيهة وشفافة قادرة على إفراز مؤسسات قوية وذات مصداقية.

وفي هذا السياق، أشاد الحزب بالتوجيهات الملكية التي اعتبرها بمثابة إشارة سياسية قوية على أن الدولة تتطلع إلى استحقاقات ديمقراطية متقدمة، مشددا على أن دستور 2011 ألزم الأحزاب السياسية بمهمة تأطير المواطنين وتعزيز المشاركة السياسية وتكريس التعددية. ويرى الحزب أن الإصلاح الانتخابي ينبغي أن يستند إلى رؤية متكاملة تربط بين إعادة الاعتبار لدور المؤسسات المنتخبة وتطوير النموذج السياسي المغربي، بما يتيح للبرلمان أن يقوم بأدواره كاملة في التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، فضلا عن تعزيز الدبلوماسية البرلمانية.

وتقترح مذكرة الحزب إجراءات عديدة من أجل تخليق العملية الانتخابية، في مقدمتها تشديد العقوبات على استعمال المال لشراء الأصوات واستغلال المشاريع العمومية والموارد الجماعية لأغراض انتخابية، مع منع الأشخاص المتورطين في الفساد الانتخابي من الترشح، وإقرار آليات عملية للتبليغ عن الخروقات وضمان ملاحظة مستقلة وشفافة لمجريات العملية. كما يدعو الحزب إلى رقمنة مختلف مراحل الانتخابات، بدءا من التسجيل في اللوائح إلى إعلان النتائج، وهو ما من شأنه تعزيز الثقة والحد من التلاعبات.

وفي ما يتعلق بمستوى المشاركة، يشير الحزب إلى أن العزوف الانتخابي بات يشكل تهديدا حقيقيا للمسار الديمقراطي، لذلك يقترح إطلاق حملات واسعة للتحسيس بأهمية التصويت، وتسهيل مشاركة الشباب من خلال إعفائهم من رسوم الحصول على الوثائق الأساسية، بل ويطرح للنقاش خيار إلزامية التصويت باعتباره آلية يمكن أن ترفع من نسبة المشاركة وتعيد الاعتبار للعملية الانتخابية.

أما في ما يخص نمط الاقتراع، فيؤكد الحزب أن التجارب السابقة أبرزت محدودية النظام الحالي في فرز أغلبيات سياسية متجانسة، لذلك يدافع عن اعتماد الاقتراع اللائحي بالتمثيل النسبي على مستوى دائرة وطنية شاملة، أو على الأقل صيغة مختلطة تجمع بين الدوائر الوطنية والمحلية، مع مراجعة التقطيع الانتخابي ليعكس الوزن الديمغرافي للمناطق ويحد من التفاوتات في التمثيلية.

ويولي الحزب أهمية خاصة لتعزيز مشاركة النساء والشباب ومغاربة العالم في الحياة السياسية، حيث يقترح رفع نسبة المقاعد المخصصة للنساء إلى الثلث، وإلزام الأحزاب باعتماد نظام التناوب داخل اللوائح لضمان المناصفة، مع تشجيع ترشيح الشباب على رأس اللوائح المحلية والجهوية. كما يصر على تمكين مغاربة العالم من حقوقهم الدستورية في الترشح والتصويت، باعتبارهم جزءا من النسيج الوطني.

وتشدد المذكرة أيضا على ضرورة تحيين شامل للوائح الانتخابية وربطها بالمعطيات المدنية الرسمية لتفادي الاختلالات المتكررة، وعلى تعزيز حياد الإدارة وتوفير معايير شفافة في تعيين رؤساء مكاتب التصويت. وفي السياق ذاته، يرى الحزب أن إدخال الرقمنة والتصويت الإلكتروني بشكل تدريجي سيساهم في تعزيز النزاهة والسرعة في إعلان النتائج، كما أن تطوير آليات التمويل العمومي وربطه بالتمثيلية الحقيقية للأحزاب، مع تخصيص موارد إضافية لدعم ترشيحات النساء والشباب، يمثل مدخلا أساسيا لإرساء قواعد تنافس متكافئ.

ويعتبر حزب التقدم والاشتراكية أن تجربة انتخابات 2021 أبرزت بشكل واضح حجم الاختلالات التي تعانيها المنظومة الانتخابية، خاصة من حيث استعمال المال الواسع الذي أفرغ العملية من محتواها الديمقراطي وأدى إلى تكريس أزمة الثقة في المؤسسات المنتخبة. ومن هذا المنطلق، فإن إصلاح القوانين الانتخابية لا يمكن أن يكون جزئيا أو تقنيا، بل يتطلب معالجة جذرية للثغرات بما يضمن التنافس السياسي السليم ويضع حدا للممارسات المسيئة للمسار الديمقراطي.

 

الحركة الشعبية.. نحو مراجعة الدوائر الانتخابية

 

رفع حزب الحركة الشعبية مذكرته حول إصلاح المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات التشريعية المقبلة لسنة 2026، والتي حملت جملة من المقترحات المثيرة للنقاش داخل الساحة السياسية، أبرزها تشبث الحزب بالإبقاء على القاسم الانتخابي الحالي المحتسب على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية. ويرى حزب “السنبلة” أن الإبقاء على هذا القاسم يحقق التعددية السياسية ويضمن تمثيلية أوسع داخل مجلس النواب، كما يساهم في تعزيز التوازن السياسي بين مكوناته ويدعم أدواره التشريعية والرقابية، إلى جانب دوره في تقييم السياسات العمومية وممارسة الدبلوماسية الموازية.

إلى جانب ذلك، أوصت المذكرة بالحفاظ على نمط الاقتراع المعتمد حاليا دون إدخال تعديلات جذرية عليه، معتبرة أن الضوابط القانونية الجاري بها العمل تشكل أساسا لضمان استقرار العملية الانتخابية ووضوحها. وبخصوص التقطيع الانتخابي، دعا الحزب إلى اعتماد نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024 كمرجع أساسي لمراجعة الدوائر الانتخابية الخاصة بمجلس النواب، مع مراعاة البعد المجالي في التمثيلية، واقترح في السياق ذاته اعتماد الطابع الإقليمي للدائرة الانتخابية، من خلال الجمع بين بعض الدوائر المزدوجة داخل العمالات والأقاليم وتوحيد المقاعد المخصصة لها، في أفق ما وصفه بـ “تحصين التعددية السياسية وإضفاء المشروعية الديمقراطية على تمثيلية المجلس”.

كما تضمنت المذكرة مقترحات متعلقة بحالات التنافي، حيث طالب الحزب بمنع الجمع بين عضوية مجلس النواب ورئاسة الجماعات الترابية أو الغرف المهنية، وتوسيع هذا المنع ليشمل العضوية داخل المؤسسات الدستورية والمجالس والهيئات المنصوص عليها في الدستور، وذلك بهدف تكريس مبدأ التفرغ البرلماني وضمان استقلالية الممارسة النيابية ونجاعة العمل التمثيلي.

وفي ما يخص التسجيل في اللوائح الانتخابية، دعت الحركة الشعبية إلى التفكير في التسجيل التلقائي للبالغين سن 18 سنة الحاملين لبطاقة التعريف الوطنية، مع اعتماد هذه البطاقة كأساس وحيد للتسجيل، وفتح باب التسجيل بشكل دائم بدل الاكتفاء بالمراجعة الدورية، إلى جانب إطلاق حملات وطنية لتعميم البطاقة وتجديدها.

وشدد الحزب أيضا على ضرورة تعزيز الضمانات القانونية لتخليق العملية الانتخابية عبر تقوية المقتضيات المنظمة لها، بما يكفل الشفافية والنزاهة وحياد السلطات العمومية، مع اتخاذ تدابير لتقليص اللجوء إلى الانتخابات الجزئية إلا في الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها تعويض المرشح فاقد الأهلية بمن يليه في اللائحة، وذلك لتفادي الكلفة المالية والسياسية لهذه الاستحقاقات الجزئية. كما دعا إلى تشديد العقوبات على كافة أشكال الفساد الانتخابي، بما في ذلك استعمال المال والتأثير غير المشروع على الناخبين أو استغلال مواقع القرار العمومي في الحملات الانتخابية، مؤكدا أن ذلك يضمن تنافسا شريفا وتكافؤا حقيقيا للفرص بين الفاعلين السياسيين.

ومن بين النقاط التي أثارت الانتباه في المذكرة، دعوة الحزب إلى منح السلطة القضائية صلاحيات موسعة في تنظيم ومراقبة مختلف مراحل العملية الانتخابية، بدءا من التسجيل في اللوائح مرورا بالحملة وصولا إلى الإعلان عن النتائج والطعون، مع تقليص آجال البت في هذه الطعون لضمان الفعالية والسرعة. كما شددت المذكرة على ضرورة منع استعمال كل أشكال الإحسان العمومي أو الخاص باسم الأحزاب أو مرشحيها أو عبر جمعيات مدنية موالية لها خلال السنة التي تسبق موعد الانتخابات، على أن تبقى هذه المساعدات من اختصاص السلطات المحلية والإقليمية حصرا، ضمانا للحياد والمساواة بين جميع المتنافسين.

وبهذه المقترحات، يكون حزب الحركة الشعبية قد عبر بوضوح عن تمسكه بالصيغة الحالية للقاسم الانتخابي، التي تعتبر من أبرز نقط الخلاف بين الأحزاب السياسية، في الوقت الذي تتجه فيه وزارة الداخلية نحو تجميع مختلف المذكرات الحزبية قبل بلورة مشروع إصلاح شامل للمنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات، تنفيذا للتوجيهات الملكية التي دعت إلى الإعداد الجيد لاستحقاقات 2026 وإرساء قواعد الشفافية والنزاهة بما يكرس الخيار الديمقراطي كثابت دستوري لا رجعة فيه.

«القاسم الانتخابي».. هاجس العدالة والتنمية في انتخابات 2026

 

 

في خضم الاستعدادات المبكرة للاستحقاقات الانتخابية المنتظرة سنة 2026، دخل حزب العدالة والتنمية على خط النقاش العمومي الدائر بشأن القوانين الانتخابية، عبر مذكرة رسمية وجهها إلى وزارة الداخلية، تضمنت جملة من المقترحات الرامية إلى مراجعة مجموعة من المقتضيات التي يعتبر الحزب أنها أخلّت بمبدأ التمثيلية الديمقراطية وأثرت على نزاهة العملية الانتخابية. وتأتي هذه الخطوة في وقت تشهد الساحة السياسية نقاشا محتدما حول مراجعة المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات، بعدما برزت عدة اختلالات خلال استحقاقات شتنبر 2021، وهو ما جعل مختلف الأحزاب، الممثلة وغير الممثلة في البرلمان، تسعى إلى تقديم رؤاها واقتراحاتها بشأن التعديلات المنتظرة.

مذكرة حزب العدالة والتنمية ركزت على ما يعتبره الحزب «تصحيحا للاعوجاج الذي مس العملية الانتخابية في 2021»، مشددة على أن الهدف الأساسي يجب أن يظل تعزيز المصداقية والثقة في المؤسسات التمثيلية. وأشار الحزب إلى أن التجربة السابقة أفرزت عددا من الاختلالات أبرزها اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين بدل الأصوات الصحيحة، وهو ما اعتبره الحزب تشويها جوهريا للتمثيلية الديمقراطية، حيث أدى إلى إضعاف وزن الأحزاب السياسية التي تمتلك قاعدة انتخابية واسعة، في مقابل منح فرص متساوية تقريبا لأحزاب صغيرة لا تحظى بالدعم الشعبي  نفسه.

وطالب الحزب، في مذكرته، بالعودة إلى اعتماد القاسم الانتخابي على أساس الأصوات الصحيحة، معتبرا أن هذا المقتضى يمثل المدخل الأساسي لضمان عدالة العملية الانتخابية وربط التمثيلية بالفعل الانتخابي، أي بمشاركة المواطنين وليس بمجرد التسجيل في اللوائح الانتخابية. واقترح الحزب، كذلك، إعادة النظر في مسألة العتبة الانتخابية، التي يرى أن رفعها بشكل معقول كفيل بالحد من تشتت الخريطة الحزبية وضمان إفراز أغلبيات منسجمة، بدل مشهد سياسي مشتت يعرقل تشكيل التحالفات الحكومية والانسجام داخل المؤسسات المنتخبة.

إلى جانب هذه النقاط، شدد الحزب على ضرورة مراجعة النظام القانوني المرتبط بالتمويل الانتخابي، مقترحا وضع آليات أكثر صرامة للرقابة على مصادر التمويل وضبط النفقات الانتخابية، بهدف محاربة استعمال المال في استمالة الناخبين، وهو ما ظل موضوع انتقادات متكررة من قبل المراقبين والهيئات الوطنية والدولية.

وأكدت المذكرة على أن نزاهة الانتخابات لا تتحقق فقط عبر النصوص القانونية، بل أيضا من خلال آليات المراقبة والتنفيذ والصرامة في تطبيق القانون على المخالفين مهما كانت مواقعهم.

وأثارت المذكرة، أيضا، مسألة اللوائح الانتخابية، حيث دعا الحزب إلى إطلاق ورش وطني لإعادة بنائها على أسس حديثة، مع اعتماد الرقمنة وربطها بقواعد المعطيات الوطنية، بما يضمن شموليتها ودقتها ويقطع الطريق أمام التلاعبات المحتملة.

وشدد حزب العدالة والتنمية على أن وجود لوائح انتخابية دقيقة وشفافة شرط أساسي لأي عملية انتخابية نزيهة، خاصة وأن الانتخابات الماضية عرفت جدلا واسعا حول وجود مسجلين وهميين أو مكررين.

من جهة أخرى، لم تغفل المذكرة موضوع تمثيلية النساء والشباب، حيث أكد الحزب على ضرورة مراجعة آلية اللوائح الوطنية واعتماد نظام يدمج الكفاءات الشابة والنسائية بشكل متوازن في اللوائح المحلية، بدل الاقتصار على آلية «الكوطا» التي اعتبر أنها لم تحقق أهدافها بالشكل المطلوب، وأنها، في كثير من الأحيان، تحولت إلى وسيلة لتكريس الريع السياسي. وأكد الحزب أن إدماج هذه الفئات يجب أن يقوم على قاعدة الإنصاف والتكافؤ مع فتح المجال أمام التنافس الحقيقي داخل الدوائر المحلية.

أما بخصوص تدبير الحملات الانتخابية، فشددت المذكرة على ضرورة اعتماد قواعد دقيقة لضبط الفضاء الرقمي، خاصة بعد أن باتت وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورا محوريا في توجيه الرأي العام واستمالة الناخبين، معتبرة أن ترك المجال مفتوحا أمام الحملات الرقمية غير المنضبطة قد يفرغ العملية الانتخابية من مضمونها ويحولها إلى منافسة غير عادلة. وفي هذا السياق، دعا الحزب إلى وضع مدونة خاصة بالدعاية الرقمية الانتخابية، تحدد الضوابط والقيود والعقوبات في حالة خرقها.

ويرى متتبعون أن مذكرة حزب العدالة والتنمية تعكس سعيه إلى استعادة المبادرة السياسية، بعد الهزيمة القاسية التي مني بها في انتخابات 2021، والتي جعلته يتراجع من قيادة الحكومة إلى موقع المعارضة بكتلة برلمانية محدودة. ومن هذا المنطلق، يسعى الحزب إلى توجيه النقاش الوطني حول الإصلاحات الانتخابية بما يضمن شروطا أكثر عدالة وتكافؤا في التنافس السياسي، ويعيد الاعتبار لدوره كقوة سياسية كانت لسنوات المكون الرئيسي في المشهد الحزبي.

غير أن معركة القوانين الانتخابية ليست فقط تقنية أو قانونية، بل هي أيضا معركة سياسية مرتبطة بموازين القوى الراهنة، إذ من غير المستبعد أن تتحفظ أحزاب أخرى، خصوصا الممثلة في الحكومة، على مقترحات العدالة والتنمية، بحكم استفادتها من النظام الانتخابي الحالي. وهو ما يجعل النقاش المرتقب داخل وزارة الداخلية والبرلمان محكوما بميزان المصالح السياسية أكثر من أي اعتبارات أخرى.

محمد زين الدين

 

 لمحمد زين الدين*:

 

“التحدي الأساسي في الانتخابات المقبلة هو تعزيز ثقة الناخبين في العملية برمتها”

 

  • كيف تقرؤون ملامح التحضير للانتخابات التشريعية المقبلة؟

من المؤكد أن الانتخابات التشريعية المقبلة تحظى باهتمام خاص، لأنها تأتي في سياق دقيق يتسم بتغيرات داخلية وإقليمية ودولية متسارعة. فعلى المستوى الداخلي، هناك حالة من العزوف الانتخابي تتجلى في ضعف نسب المشاركة خلال المحطات السابقة، وهو ما يشكل تحدياً جدياً أمام الفاعلين السياسيين. المواطن المغربي، وخاصة فئة الشباب، أصبح يتساءل عن جدوى العملية الانتخابية في ظل ضعف أثرها المباشر على حياته اليومية، سواء من حيث تحسين ظروف العيش أو من حيث توفير فرص العمل وضمان العدالة الاجتماعية.

إلى جانب ذلك، يظل تحدي النزاهة والشفافية قائماً. فالمغرب راكم خبرة مهمة في تنظيم الانتخابات، لكن التحدي الأساسي يتمثل في تعزيز ثقة الناخبين في العملية برمتها، من التسجيل في اللوائح إلى فرز النتائج وإعلانها. وهنا يأتي الدور المحوري للمؤسسات المشرفة على الانتخابات، وكذا لدور الإعلام والمجتمع المدني في مواكبة العملية وضمان شفافيتها.

كما أن هناك تحديات أخرى مرتبطة بالعرض السياسي نفسه، إذ إن الكثير من الأحزاب لم تتمكن بعد من تجديد خطابها أو تحديث أدواتها التواصلية، ما يجعلها بعيدة نسبياً عن نبض المجتمع، وهو ما قد ينعكس سلباً على نسب المشاركة إذا لم تتمكن هذه الأحزاب من إعادة بناء جسور الثقة مع الناخبين.

 

  • ماذا بخصوص تقديم الأحزاب السياسية لمذكرات تتعلق بتعديل القوانين الانتخابية؟

يجب أولا التأكيد على أن هذه المبادرة مهمة جداً، لأنها تعكس وعياً متزايداً لدى الأحزاب بضرورة تطوير المنظومة الانتخابية بما يضمن تمثيلية أوسع وعدالة أكبر. لقد تقدمت معظم الأحزاب السياسية المغربية، سواء من الأغلبية أو المعارضة، بمذكرات إلى وزارة الداخلية، تضمنت مقترحات متنوعة تتعلق بالقوانين الانتخابية.

من بين أبرز المقترحات التي تكررت في مذكرات عدة أحزاب: مراجعة العتبة الانتخابية، حيث يرى البعض أن خفضها قد يتيح دخول فاعلين جدد إلى البرلمان ويعزز التعددية، فيما يعتبر آخرون أن رفعها قد يسهم في تقوية الأحزاب الكبرى ويضمن استقرار الأغلبية الحكومية. هناك أيضاً مقترحات تخص تمثيلية النساء والشباب، حيث ركزت بعض المذكرات على ضرورة توسيع اللائحة الوطنية أو إيجاد آليات بديلة تضمن حضوراً أوسع لهذه الفئات داخل البرلمان.

كما أن ملف تمويل الحملات الانتخابية كان حاضراً بقوة، إذ طالبت بعض الأحزاب بمراجعة قواعد الدعم المالي وضمان مراقبة أكثر صرامة لطرق صرفه، تفادياً لأي شبهة فساد أو استعمال للمال في التأثير على الناخبين. إلى جانب ذلك، هناك مقترحات تقنية تتعلق بطريقة الاقتراع وتوزيع المقاعد داخل الدوائر، فضلاً عن دعوات إلى تحديث السجل الانتخابي واستعمال الوسائل الرقمية لتسهيل مشاركة المواطنين وضمان دقة المعطيات.

لكن، ينبغي التأكيد على  أن تنزيل مقترحات الأحزاب مرهون بقدرة الأحزاب على تجاوز منطق الحسابات الضيقة. فالخطر يكمن في أن تتحول هذه المقترحات إلى مجرد أوراق ظرفية تستعملها الأحزاب لتعزيز موقعها التفاوضي أو لخدمة مصالحها الخاصة، بدل أن تكون تعبيراً عن رؤية وطنية مشتركة تهدف إلى تطوير التجربة الديمقراطية المغربية. المطلوب هو أن يتم التوصل إلى توافق وطني واسع يجعل من هذه التعديلات رافعة لتقوية الثقة في المؤسسات، وليس سبباً في مزيد من التشكيك أو الانقسام.

 

  • في ظل هذه المعطيات، ما المطلوب لضمان انتخابات ذات مصداقية قادرة على تعزيز المشاركة الشعبية وتجديد الثقة في المؤسسات؟

هناك ثلاثة مستويات يجب التركيز عليها لضمان مصداقية الانتخابات المقبلة. المستوى الأول يتعلق بالمناخ العام، إذ ينبغي توفير أجواء سياسية وإعلامية مطمئنة تشجع المواطن على الانخراط. هذا يعني فتح نقاش عمومي جاد حول القضايا التي تهم المواطنين بشكل مباشر، مثل التشغيل والتعليم والصحة والحماية الاجتماعية، بدل التركيز على صراعات هامشية بين النخب السياسية. المواطن يحتاج إلى أن يلمس أن صوته سيحدث فرقاً، وأن البرلمان والحكومة القادمين قادران على الاستجابة لتطلعاته.

المستوى الثاني يتعلق بدور الأحزاب السياسية. الأحزاب مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بتجديد خطابها وتقديم برامج انتخابية واقعية وقابلة للتنفيذ، بعيداً عن الوعود الفضفاضة أو الشعارات العامة. كما أن تأطير المواطنين يظل جزءاً أساسياً من وظيفتها الدستورية، إذ لا يمكن تصور انتخابات ناجحة في غياب أحزاب قوية وقادرة على التواصل مع قواعدها.

أما المستوى الثالث، فيتعلق بدور الدولة بمؤسساتها المختلفة. يجب أن تضمن هذه المؤسسات تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين، سواء من حيث الولوج إلى وسائل الإعلام العمومية أو من حيث استعمال الفضاء العمومي للحملات. كما أن مراقبة تمويل الحملات يجب أن تكون صارمة وشفافة، لأن المال يظل أحد العوامل التي تهدد نزاهة العملية الانتخابية، وهنا يجب الوقوف عند قرار إسناد مسؤولية الإعداد والاشراف على هذه الانتخابات لوزارة الداخلية، والتي أبانت التجارب أنها كانت أكثر نجاعة بالمقارنة مع إسنادها لمؤسسة رئاسة الحكومة، كما كان إبان الانتخابات السابقة.

في النهاية، أعتقد أن نجاح الانتخابات التشريعية المقبلة لن يُقاس فقط بنسبة المشاركة، بل أيضاً بمدى قدرتها على تجديد الثقة بين المواطن ومؤسساته، وعلى إفراز خريطة سياسية متوازنة وقادرة على مواجهة التحديات التنموية الكبرى التي تواجه المغرب في المرحلة المقبلة.

 

*أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بالمحمدية

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى