حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

الدعم المباشر وأثره الاجتماعي… تحويل 44.6 مليار درهم لفائدة الأسر المستفيدة

أعلن عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، أثناء مثوله أمام مجلس المستشارين، خلال الأسبوع الماضي، عن الزيادة في تعويضات الأسر في إطار الدعم الاجتماعي المباشر، دون الزيادة في أسعار غاز البوتان «بوطاغاز»، كما وضعت الحكومة مواصلة تعزيز أسس الدولة الاجتماعية ضمن أولوياتها في قانون المالية للسنة المقبلة، والتي ستكون آخر سنة في عمر الولاية الحكومية الحالية. ويستهدف برنامج الدعم الاجتماعي، الذي تم إطلاقه في شهر دجنبر 2023، حوالي أربعة ملايين أسرة غير مشمولة بأحد أنظمة التعويضات العائلية الجاري بها العمل، وذلك من خلال تقديم إعانات مباشرة إلى هذه الأسر، من أجل الحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة والشيخوخة وتقلبات الوضعية الاقتصادية، ومنذ تاريخ إطلاق نظام الدعم المباشر وإلى غاية متم شهر شتنبر 2025، تم تحويل ما يناهز 44.6 مليار درهم لفائدة الأسر المستفيدة.

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

الزيادة في قيمة الدعم الاجتماعي المباشر دون رفع سعر غاز البوتان

 

أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، خلال الأسبوع الماضي أمام مجلس المستشارين، أن خيار الدولة الاجتماعية الذي تبنّاه المغرب هو ثمرة مسارٍ هيكلي، نابع من إرادةٍ ملكيةٍ سامية، تم ترسيخها بإطارٍ واضحٍ رؤية على امتداد الخمس والعشرين سنة الماضية.

 

ورش الحماية الاجتماعية

أوضح أخنوش أن هذا المسار قد توج بإطلاق ورش تعميم الحماية الاجتماعية منذ خمس سنوات، باعتباره امتداداً للمبادرات الملكية الهادفة إلى صون كرامة المواطنات والمواطنين، وتوسيع حقوق العدالة الاجتماعية، في إطار مؤسساتي واضح.

وأضاف أن ورش الحماية الاجتماعية انطلق بتعميم التغطية الصحية الإجبارية، ولوجٍ مُنصف وعادل للخدمات الصحية الأساسية، ثم تلاه تنزيل برنامجٍ طموحٍ لنظامٍ متكاملٍ للدعم الاجتماعي المباشر، منذ نهاية سنة 2023، مَكّنَت من توجيه الاستهداف نحو الفئات الأكثر هشاشة، لِمواكبة المخاطر المرتبطة بالطفولة وبمرحلة الشيخوخة.

وبفضل التعبئة الشاملة لمؤسسات الدولة ومختلف الفاعلين، يضيف أخنوش، تمكنت بلادنا في وقتٍ وَجيز من تنفيذ برنامجِ الدعمِ الاجتماعي، حيث تشمل منظومة الدعم الاجتماعي المباشر حالياً أكثر من أربعة ملايين أسرة تضم ما يزيد عن إثني عشر مليون مستفيد، من بينهم ما يفوق خمسة ملايين طفلٍ مستفيدين بالحماية ضد مخاطر الطفولة، فضلاً على قُرابة ثمانية ملايين ونصف مستفيد يتجاوز سنهم الستين سنة.

وأكد أخنوش أنه في سياق المجهودات الحكومية الرامية إلى التنزيل التدريجي للورش الملكي المتعلق بنظام الدعم الاجتماعي المباشر، وتعزيز الأثر الإيجابي على المستوى المعيشي للأسر المستحقة، وعملاً بمقتضيات المرسوم المحدد لقيمة الدعم، ستشرع الحكومةُ، ابتداءً من نهاية هذا الشهر، في الزيادة الأولى في مبلغ الدعم حيز التنفيذ، وذلك من دون أي تغييرٍ في سعر غاز البوتان.

وبموجب هذه الزيادة، ستبلغ قيمة الدعم 250 درهماً عن كل طفل من الأطفال الثلاثة الأوائل المتمدرسين أو دون سن السادسة، و175 درهماً عن كل طفل غير متمدرس، أما بالنسبة للأطفال اليتامى من جهة الأب، الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات أو الذين ما زالوا يتابعون دراستهم، فسيبلغ مبلغ الدعم 375 درهماً عن كل طفل من الأطفال الثلاثة الأوائل، علماً أن الحد الأدنى للدعم المباشر لكل أسرة عن 500 درهم، كيفما كانت تركيبتها، وعلى وجه التحديد الأسر التي ليس لها أطفال أو لها طفل واحد.

كما ستعمل الحكومة على تنزيل الدعم الموجه للأطفال اليتامى والمتخلى عنهم، الموجودين تحت كفالة المؤسسات الاجتماعية، لتشجيعهم كذلك من الاستفادة من خدمات الدولة الاجتماعية والتضامن المؤسساتي، وتعزيز فرص إدماجهم اقتصادياً واجتماعياً حتى بلوغهم سن الرشد.

وأفاد رئيس الحكومة في جلسة برلمانية سابقة، أنه من المتوقع أن تبلغ نفقات ورش الحماية الاجتماعية 39 مليار درهم سنة 2025، وأزيد من 41 مليار درهم سنة 2026، مشيرا إلى أن مجموع هذه النفقات بلغ سنة 2024 ما يناهز 32 مليار درهم، وأوضح أخنوش أن الحكومة “عملت على تعميم الحماية الاجتماعية وفق الأجندة والأهداف المحددة لها عبر تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض وبرنامج الدعم الاجتماعي المباشر”.

وأضاف أنه تم “توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد، بما يضمن تأمين مستقبل مهني واجتماعي للفئات النشيطة، وتعميم التعويض عن فقدان الشغل لفائدة العاملين الذين يتوفرون على شغل قار، لضمان استقرارهم الاجتماعي والاقتصادي، وذلك قبل متم سنة 2025″، وسجل أخنوش أن تكريس أسس الدولة الاجتماعية شكل “خيارا سياسيا واستراتيجيا، راهنت عليه الحكومة ووضعته على رأس أولوياتها منذ بداية هذه الولاية الحكومية”، مبرزا أن ذلك ليس “لمواجهة الإكراهات المرتبطة بالظرفية الدولية والوطنية فحسب، بل لكون التحول النوعي في النموذج الاجتماعي يشكل تجسيدا فعليا للمشروع المجتمعي الطموح الذي يقوده الملك محمد السادس”، وتابع أن هذا المشروع يحمل في عمقه نواة دولة اجتماعية حديثة تضمن حق كل المغاربة في العيش الكريم، وتمكن المغرب من مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية بثقة وفعالية أكبر.

 

تعزيز فعالية القطاع الصحي

أشار  أخنوش إلى “تنزيل الإصلاح الشامل للمنظومة الصحية الوطنية، وفق رؤية مندمجة تهدف إلى تعزيز فعالية القطاع الصحي والارتقاء بمستوى الرعاية الطبية على الصعيد الوطني، بما يضمن تغطية صحية أكثر شمولا ونجاعة، وبما يعكس إرادة الحكومة بالرفع من كفاءة هذا القطاع الذي ارتفعت ميزانيته من 19,7 مليار درهم سنة 2021 إلى 32,6 مليار درهم سنة 2025، أي بزيادة 65 في المائة”.

وكان أخنوش قد ترأس اجتماع اللجنة الوزارية لقيادة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، تم خلاله الوقوف على حصيلة مختلف البرامج المندرجة في إطار ورش الحماية الاجتماعية، تجسيدا للإرادة الملكية السامية، وتتبع سير التسجيل في السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، وكذا التسجيل في نظام “أمو-تضامن”، وتتبع استفادة الأسر المعنية من برنامج الدعم الاجتماعي المباشر.

وجدد أخنوش التأكيد على حرص الحكومة على التنزيل الأمثل للورش الوطني التضامني لتعميم الحماية الاجتماعية، وفق تصور واضح ومتكامل، وفي احترام تام للأجندة الملكية، مبرزا أن الحكومة تواصل جهودها الرامية لإرساء دعائم سياسة اجتماعية وطنية أكثر إنصافا واستدامة، كما يريدها الملك محمد السادس.

وتتبعت اللجنة، خلال هذا الاجتماع، سير عملية التسجيل في السجل الوطني للسكان، والسجل الاجتماعي الموحد التي تتواصل بوتيرة مستقرة، لافتا إلى أن عدد المسجلين في السجل الوطني للسكان بلغ حوالي 22,5 مليون شخص، في حين بلغ عدد الأسر المسجلة في السجل الاجتماعي الموحد 5,3 ملايين أسرة.

كما تم الوقوف على ارتفاع عدد المستفيدين من أنظمة التغطية الصحية (أمو تضامن، وأمو الأجراء، وأمو غير الأجراء، وأمو الشامل) من 8,6 ملايين إلى 24,3 مليون مستفيد من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وذلك في الفترة الممتدة بين سنة 2021 ومتم سنة 2024، وفي هذا السياق، أبرزت اللجنة أن ورش تعميم التغطية الصحية يتطور بشكل ملحوظ، مؤكدة أهمية رفع مختلف التحديات التي تواجه استدامة هذا الورش، على غرار استخلاص واجبات الاشتراكات.

وفي ما يتعلق بالشق المتعلق بنظام “أمو-تضامن”، أشارت اللجنة إلى استفادة حوالي 4 ملايين أسرة (أي ما يقارب 11 مليون شخص)، موضحة أن عدد ملفات “أمو-تضامن” المودعة يوميا لدى الصندوق بلغ أكثر من 102.000 ملف إلى حدود يوليوز 2025، مقابل 93.000 ملف خلال يوليوز 2024.

كما أكدت اللجنة،  أن قيام الحكومة بإحداث نظام المعاشات لفائدة المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا “AMO-TNS”، ساهم في ضمان مظاهر الاستقرار الاجتماعي لهذه الطبقة النشيطة داخل المجتمع، مضيفة أن هذا النظام مكن من فتح باب الولوج في وجه 4,28 مليون مستفيد من التغطية الصحية، يتوزعون بين المؤمنين الرئيسيين وذوي حقوقهم.

وعلى صعيد برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، أفادت اللجنة بأن عدد المستفيدين من البرنامج بلغ في متم شهر غشت 2025، حوالي 4 ملايين أسرة، من بينهم 5,5 مليون طفل، وأكثر من 1,3 مليون شخص تفوق أعمارهم 60 عاما.

وكشفت اللجنة، خلال هذا الاجتماع، أنه تم صرف 40,5 مليار درهم، على شكل إعانات مباشرة منذ انطلاق برنامج الدعم الاجتماعي المباشر في دجنبر 2023، لافتة إلى أن 60 في المائة من الأسر المستفيدة تنتمي إلى العالم القروي.

وتم بالمناسبة، التذكير بإيجابيات “الدعم الإضافي الاستثنائي” الذي أطلقته الحكومة، لتعزيز فرص التمدرس في صفوف التلاميذ، ومساعدة أكثر من 1,8 مليون أسرة مسجلة في السجل الاجتماعي الموحد على تحمل أعباء التكاليف واللوازم المدرسية، لاسيما وأن الطاقة الاستهدافية لهذا الدعم بلغت خلال الدخول المدرسي الحالي 3,2 ملايين تلميذ.

 

تحويل 44,6 مليار درهم للأسر المستفيدة من الدعم الاجتماعي المباشر

 

تواصل الحكومة العمل على تنزيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، الذي يستهدف حوالي أربعة ملايين أسرة غير مشمولة بأحد أنظمة التعويضات العائلية الجاري بها العمل، وذلك من خلال تقديم إعانات مباشرة لهذه الأسر من أجل الحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة والشيخوخة وتقلبات الوضعية الاقتصادية.

ويستهدف نظام الدعم الاجتماعي، الذي تم إطلاقه في دجنبر 2023، الأسر غير المشمولة بأحد أنظمة التعويضات العائلية الجاري بها العمل، حيث يقوم، حسب الحالات، بتقديم إعانات الحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة، موجهة للأسر التي لديها أولاد أقل من 21 سنة في حدود ستة أبناء، وتشمل إعانة شهرية يحدد مبلغها حسب سن الولد ومتابعته للدراسة، ودعم تكميلي في حالة وجود وضعية إعاقة أو حالة اليتم من جهة الأب، ومنحة الولادة عن الولادتين الأولى والثانية.

بالإضافة إلى ذلك، تصرف إعانة الدخول المدرسي للأسر التي لديها أولاد متمدرسون في مؤسسات التعليم العمومي الابتدائي والثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي، وذلك مرة واحدة في السنة خلال شهر شتنبر، بمناسبة الدخول المدرسي، بالإضافة إلى إعانة جزافية تمنح للأسر التي ليس لديها أبناء دون السن 21 سنة، حيث تهدف هذه الإعانة إلى دعم القدرة الشرائية لهاته الأسر والحد من الهشاشة والحماية من المخاطر المرتبطة بالشيخوخة، وتم، كذلك، تخصيص إعانة خاصة تمنح للأطفال اليتامى والأطفال المهملين نزلاء مؤسسات الرعاية الاجتماعية.

 

تدبير نظام الدعم الاجتماعي

ستتولى الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي التدبير الفعلي لنظام الدعم الاجتماعي المباشر، خلال سنة 2026، على إثر ترحيل واعتماد النظام المعلوماتي الخاص به، الذي كانت تدبره، منذ دجنبر 2023، هيئات عمومية أخرى، وتعتزم الوكالة إحداث تمثيليات على المستوى الترابي، بهدف تعزيز أثر نظام الدعم الاجتماعي المباشر وتعزيز الإدماج الاقتصادي للمستفيدين.

وأفاد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، في جواب عن سؤال كتابي وضعته النائبة البرلمانية، سكينة لحموش، عن الفريق الحركي، بأن الحكومة تحرص،  من خلال الوكالة، كل الحرص على تفعيل التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بورش الدعم الاجتماعي المباشر، والتي تنص على ضرورة تحقيق أثر اجتماعي ملموس ومستدام في صفوف المستفيدين. ولهذه الغاية، يضيف الوزير المنتدب، تولي الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي أهمية كبرى لتبني سياسة القرب في بعديها الإنساني والمجالي بهدف الارتقاء بهذا النظام من آلية للدعم المالي إلى رافعة تساهم في تحقيق التنمية المجالية المندمجة كما دعا إلى ذلك الملك محمد السادس.

ولتحقيق هذه الأهداف، أوضح لقجع أن مقاربة التفعيل ترتكز على إحداث تمثيليات ترابية يشتغل بها مواكبون اجتماعیون مهمتهم التعرف عن قرب على وضعية الأسر المستفيدة ومواكبتها لتخفيف مظاهر هشاشتها ولتيسير خروجها من حلقة الفقر والهشاشة بصفة مستدامة، وصولا إلى تثبيت اندماجها الاقتصادي والاجتماعي. وستناط بالتمثيليات الترابية للوكالة، بشراكة مع مختلف الفاعلين محليا في مجالات الإدماج الاجتماعي والاقتصادي، مهمة مواكبة المستفيدين من برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، وتفعيل الالتزامات الاجتماعية للأسر من خلال مواكبة تمدرس أطفالها، والتتبع المنتظم لصحة الأم والطفل، وغيرها من الالتزامات التي ستتم ملاءمتها تبعا لخصوصيات المجالات الترابية والوضعية الخاصة بكل أسرة.

وستساهم تمثيليات الوكالة، كذلك، في وضع مسارات للإدماج الاقتصادي للأسر، تمكن من تعزيز قدرات ومهارات أفرادها، وتقليص العوائق التي تحول دون إدماجهم المهني، وتعزيز انخراطهم المسؤول في هذه المسارات. وتم الشروع في إحداث أولى هذه التمثيليات الترابية في تجربة نموذجية ستخضع للتقييم الدقيق في أفق التعميم.

 

تتبع نجاعة الدعم

بالموازاة مع هذه المنظومة المتكاملة، تشتغل الوكالة على إرساء منظومة لتتبع نجاعة الدعم الاجتماعي المباشر وتقييم أثره على المستفيدين، قصد استخلاص انعكاساته على تطور مؤثرات التنمية البشرية مجاليا، وتطوير آليات المواكبة حسب المؤهلات والحاجيات الترابية، وبالتالي تعزيز الأثر التنموي لهذا الورش الملكي.

وفي ما يتعلق بضمان الاستدامة المالية لبرنامج الدعم الاجتماعي المباشر، أفاد الوزير المنتدب بأن الحكومة عملت، منذ إطلاق هذا الورش، على تعبئة كافة الموارد الضرورية لتمويله، حيث جرى، منذ إطلاق نظام الدعم الاجتماعي المباشر في دجنبر 2023 وإلى غاية متم شهر شتنبر 2025، تحويل ما يناهز 44.6 مليار درهم لفائدة الأسر المستفيدة.

ولتمويل هذه النفقات، كشف لقجع أنه جرى تعزيز موارد صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي، باعتباره الحساب الخصوصي الذي تضبط فيه العمليات الحسابية المتعلقة بدعم الحماية الاجتماعية، سيما في شقها القائم على آلية التضامن، حيث خصصت له حصيلة المساهمة الاجتماعية للتضامن على أرباح منشآت ألعاب الحظ، التي تم إحداثها برسم قانون المالية لسنة 2025 وحصيلة المساهمة الإبرائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج التي جرى إحداثها برسم قانون المالية لسنة 2024، إضافة إلى المساهمة الاجتماعية التضامنية على الأرباح والدخول الخاصة بالمقاولات.

 

وأضاف الوزير المنتدب أنه، تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية وكذا مقتضيات القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، تم العمل على إعادة هيكلة برامج الدعم الاجتماعي القائمة من خلال عقلنتها وتجميعها مع وضع معايير شفافة ودقيقة لاستفادة المواطنين منها، ومكنت هذه العملية من إعادة توجيه ما يقارب 15 مليار درهم من الموارد المالية المخصصة لهذه البرامج بهدف تمويل ورش الحماية الاجتماعية عموما وبرنامج الدعم الاجتماعي المباشر على الخصوص.

 

وأكد لقجع على أن الحكومة ملتزمة بتوفير جميع الموارد اللازمة لتمويل ورش الحماية الاجتماعية، سيما برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، حيث تواصل العمل باستمرار على توسيع مصادر التمويل وتنويعها، بما يتماشى مع التوجهات الحالية في اللجوء إلى مصادر تمويل مبتكرة ومستدامة، بالإضافة إلى إصلاح البرامج الاجتماعية الحالية وعقلنتها بهدف ضمان التقائيتها والرفع من أثرها، وكذا ترسيخ مبادئ الفعالية وترشيد النفقات.

 

تعزيز أسس الدولة الاجتماعية ضمن أولويات الحكومة في سنتها الأخيرة

 

 

أفادت المذكرة التوجيهية لمشروع قانون المالية برسم سنة 2026، بأن مواصلة تعزيز أسس الدولة الاجتماعية تقع ضمن أولويات الحكومة للسنة المقبلة.

وأوردت المذكرة التي وجهها رئيس الحكومة إلى القطاعات الوزارية أن «مشروع قانون المالية لسنة 2026 يترجم الرؤية الملكية السامية بتوجيه العمل الاجتماعي للدولة نحو مزيد من الاستهداف والنجاعة، من خلال تعميم الدعم المباشر، وتوسيع التغطية الاجتماعية، والولوج إلى السكن، وتعزيز القدرة الشرائية للأسر». وأضاف المصدر ذاته أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 يرسم توجها واضحا نحو تحقيق أثر اجتماعي موجه وفعال في تنفيذ السياسات العمومية، مشيرا إلى أن المملكة تشهد انتقالا تدريجيا نحو استهداف أكثر نجاعة، يقوم على أدوات تدبير حديثة، تروم إحداث أثر ملموس وقابل للقياس على التنمية البشرية.

ويتجسد هذا التحول بشكل خاص في اعتماد منطق المساعدة المباشرة، المشروطة والموجهة بدقة نحو الأسر الأكثر هشاشة، وفي هذا الإطار، أكدت المذكرة أن تفعيل السجل الاجتماعي الموحد والسجل الوطني للسكان يعتبر ركيزة أساسية لنظام الحماية الاجتماعية الجديد، من خلال ضمان استهداف أكثر عدالة وشفافية للفئات المستحقة، مع تعزيز قدرة الدولة على قيادة العمل الاجتماعي بشكل أكثر دقة ونجاعة.

وذكرت باستفادة حوالي 4 ملايين أسرة حاليا من برامج الدعم الاجتماعي المباشر، مؤطرا بالسجل الاجتماعي الموحد، ويتم تنزيله من طرف الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، بما يضمن استهدافا أكثر دقة مع شفافية أكبر.

ومن جهته، يعكس تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض تقدما كبيرا في مجال الحماية الاجتماعية، وفق منطق نظام صحي شامل، حيث بلغ معدل التغطية الصحية 88 في المائة من مجموع السكان، مع استمرار هذه الدينامية الإيجابية خلال سنة 2026.

ويعتبر الولوج إلى السكن ركنا أساسيا من هذه الاستراتيجية، حيث استفادت إلى غاية متم يوليوز 2025 أزيد من 57 ألف أسرة من هذا الدعم، وتشكل النساء ما يقارب نصف عدد المستفيدين.

المرصد الوطني للتنمية البشرية يضع برنامج الدعم الاجتماعي المباشر تحت المجهر

 

 

كشف تقرير حديث للمرصد الوطني للتنمية البشرية عن معطيات دقيقة بخصوص مستوى رضا المستفيدين من برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، الذي أطلقته الحكومة تنفيذاً للتوجيهات الملكية الرامية إلى تعميم الحماية الاجتماعية وتعزيز استهداف الفئات الأكثر هشاشة. ويأتي هذا التقييم في سياق تتبع تنزيل هذا الورش الوطني الكبير، الذي يمثل إحدى اللبنات الأساسية في بناء منظومة اجتماعية أكثر عدلاً وفعالية.

 

مؤشرات إيجابية

أظهر التقرير، الذي يُعد أول تقييم شامل من نوعه للبرنامج منذ انطلاقه، مؤشرات إيجابية وملموسة من حيث الأثر الاجتماعي والاقتصادي، مقابل بروز تحديات حقيقية تتعلق بسلاسة الولوج إلى المنصة الرقمية الخاصة بتدبير الاستفادة وآليات التواصل مع المواطنين.

وأشار المرصد في تقريره إلى أن نسبة الرضا العام لدى المستفيدين بلغت حوالي 87,46 في المئة، وهي نسبة تعكس قبولاً واسعاً للبرنامج داخل الفئات المستفيدة، خاصة فيما يتعلق بتحسين شروط العيش وتخفيف الأعباء اليومية على الأسر ذات الدخل المحدود. كما أكد 95 في المئة من المشاركين في الدراسة أن عملية التسجيل وتدبير الطلبات اتسمت بالشفافية، وهو ما يعكس الثقة المتزايدة في مساطر الاستفادة وشروطها، فضلاً عن وضوح المعلومات المقدمة للمستفيدين خلال مختلف مراحل المسطرة.

ووفق التقرير، فقد ساهم البرنامج بشكل مباشر في تعزيز الأمن الغذائي داخل عدد كبير من الأسر، ودعم استقرارها المالي، وتحسين ظروف تمدرس الأطفال، خاصة في المناطق البعيدة التي سجلت مستويات استجابة أعلى لمردودية الدعم. واعتبر المستفيدون أن المساعدات المالية الشهرية توفر لهم هامشاً من الأمان الاجتماعي يمكّنهم من مواجهة مصاريف المعيشة الأساسية، في ظل الضغوط الناتجة عن ارتفاع الأسعار الذي يشهده السوق الوطنية.

ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، فقد وقف التقرير عند مجموعة من الصعوبات التي ما تزال تعترض عملية الولوج، خاصة تلك المتعلقة بالتسجيل الرقمي. إذ أشار إلى أن فئة واسعة من المستفيدين أكدت أن استعمال المنصة الرقمية يتطلب مساعدة خارجية من الأقارب أو من فاعلين جمعويين، بسبب محدودية المهارات الرقمية لدى العديد من الأسر، خصوصاً في المناطق القروية والمناطق شبه الحضرية المهمشة. وهو ما يعكس – حسب التقرير – فجوة رقمية قائمة بين أهداف البرنامج ورهانات تنزيله العملي على الأرض.

وحسب معطيات البحث، فإن نسبة الذين اعتبروا مسطرة التسجيل سهلة لم تتجاوز 5 في المئة فقط، بينما رأى أكثر من ثلثي المستجوبين أن المعلومات المتعلقة بالشروط كانت واضحة، رغم الصعوبات التقنية المرتبطة باستخدام المنصة الإلكترونية. ويعكس هذا وجود إشكال عملي وتقني يتطلب معالجة عاجلة لضمان تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المستفيدين المحتملين.

وفي إطار تقييم الأداء الشامل للبرنامج، قدم المرصد مؤشراً وطنياً جديداً للرضا الاجتماعي مخصصاً لتقييم خدمات الدعم العمومي. وقد حصل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر على 71 نقطة من أصل 100، بناءً على خمسة أبعاد أساسية: سهولة الولوج، الأثر، الجدوى، الملاءمة، والشفافية. وبينما سجل البرنامج أداءً جيداً في الأثر والملاءمة، فإن بُعد سهولة الولوج ظل الحلقة الأضعف، وهو ما يطرح ضرورة تسريع الجهود الرامية إلى تبسيط المساطر الرقمية وتطوير أدوات الدعم التقني للمستفيدين.

 

أثر اجتماعي للبرنامج

اعتبر تقرير المرصد أن نجاح البرنامج في الوصول إلى شريحة واسعة من المواطنين المستحقين لا يلغي الحاجة إلى معالجة الإشكالات التنظيمية والتقنية التي رصدها المرصد، حتى يتم ضمان عدالة الاستفادة واستدامة أثرها. وفي هذا السياق، دعا التقرير إلى تحسين جودة التواصل المؤسساتي مع المرتفقين، من خلال تبسيط لغة الشروحات، وتوفير مواكبة تقنية دائمة، وفتح قنوات إضافية للتواصل، خصوصاً في المناطق التي تُظهر مؤشرات ضعف في استعمال الوسائط الرقمية.

وأكد المرصد أن الأثر الاجتماعي للبرنامج كان واضحاً، سواء من خلال تحسين القدرة الشرائية للأسر، أو تمكينها من مواجهة الأزمات المالية الطارئة، أو دعم تمدرس الأطفال، أو توفير قدر مهم من الاستقرار الاجتماعي داخل الفئات الهشة. لكنه شدد، بالمقابل، على أن استدامة هذا الأثر تتطلب تعزيز حكامة البرنامج، وتطوير آليات التتبع والتقييم المستمر، بما يسمح بتجويده وضمان نجاعة أكبر في الاستهداف.

وتضمن التقرير مجموعة من التوصيات، أبرزها ضرورة تبسيط المساطر الرقمية، وتوفير بدائل إدارية لفائدة من يعجزون عن استعمال الوسائل الإلكترونية، وإطلاق حملات تواصلية موسعة لتعريف المواطنين بحقوقهم وكيفية التسجيل والاستفادة. كما أوصى بضرورة تعزيز التقائية البرامج الاجتماعية، وتفادي تشتت التدخلات، حتى يتم تحقيق تناغم أكبر بين المعايير النظرية للتأهيل والحاجيات الفعلية للأسر على أرض الواقع.

ويخلص المرصد الوطني للتنمية البشرية إلى أن برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، رغم حداثة إطلاقه، تمكن من إحداث تحول ملموس في حياة آلاف الأسر، وأنه يسير في الاتجاه الصحيح ليصبح أحد أهم أدوات الإدماج الاجتماعي بالمغرب. لكنه في المقابل يحتاج إلى تطوير دائم لتجاوز التحديات المرتبطة بالولوج والتواصل، بما ينسجم مع رؤية النموذج التنموي الجديد الذي يضع المواطن في صلب السياسات العمومية.

الدعم الاجتماعي في مشروع قانون المالية 2026

يشكل مشروع قانون المالية لسنة 2026 محطة حاسمة في مسار تثبيت أسس الدولة الاجتماعية، التي رفعتها الحكومة إلى مرتبة أولوية خلال ولايتها الحالية. فبعد سنوات من الإصلاحات المتدرجة، يأتي هذا المشروع ليعكس توجها أكثر نضجا في السياسة الاجتماعية، من خلال ربط الدعم المباشر بالعدالة المجالية، وتحسين جودة الخدمات العمومية، وتوسيع شبكات الحماية الاجتماعية لتشمل فئات أوسع من المواطنين.

 

تحسين دخل الأسر

يبدو أن الحكومة، وهي تدخل سنتها الأخيرة من الولاية، تتجه إلى ترجمة التزاماتها الاجتماعية عبر سلسلة إجراءات مالية ومؤسساتية تستهدف الأسر ذات الدخل المحدود، والعمال غير الأجراء، والفئات الهشة، إلى جانب تعزيز الاستثمار في رأس المال البشري عبر الصحة والتعليم.

ويتصدر برنامج الدعم الاجتماعي المباشر أهم محاور مشروع قانون المالية 2026، إذ تعتزم الحكومة الانتقال إلى مرحلة ثانية من هذا البرنامج تقوم على الرفع من قيمة الإعانات الموجهة إلى الأسر، خاصة تلك التي تضم أطفالا متمدرسين، أو أفرادا في وضعية إعاقة. ويهدف البرنامج إلى تحسين الدخل المتاح للأسر وتمكينها من مواجهة تقلبات الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة، من خلال تحويلات مالية شهرية منتظمة تضمن قدرا من الاستقرار الاجتماعي.

وتكشف المعطيات الأولية أن هذه المرحلة ستعتمد على نظام معلوماتي موحد يضمن توجيه الدعم بدقة وشفافية، في إطار مقاربة تركز على النجاعة وضبط المساطر. كما تراهن الحكومة على دمج برامج الدعم القطاعية السابقة- مثل «تيسير» و«راميد»- ضمن منظومة موحدة، بما يضمن التقائية السياسات الاجتماعية وتفادي تشتت الموارد وضعف الأثر الاجتماعي. ويرى خبراء الاقتصاد أن هذا الدمج سيعزز كفاءة الإنفاق العمومي ويوجه الدعم بشكل أدق إلى الفئات المستحقة.

وإلى جانب الدعم المباشر، يتضمن مشروع قانون المالية دفعة قوية لاستكمال ورش الحماية الاجتماعية، باعتباره أحد أكبر أوراش الإصلاح في تاريخ المغرب المعاصر. وتشمل هذه المرحلة تعميم التغطية الصحية والتقاعد والتعويض عن فقدان الشغل لفائدة المهنيين المستقلين والعمال غير الأجراء، الذين افتقروا لعقود لأي حماية ضد المخاطر الاجتماعية.

ويتوقع أن يستفيد مئات الآلاف من المهنيين والتجار والحرفيين من هذا التعميم، مما يشكل منعطفا في هيكلة الاقتصاد غير المهيكل ويعزز الاندماج الاجتماعي والمالي. كما سيمكن هذه الفئات من الولوج إلى خدمات التأمين الصحي والمعاش التقاعدي، في خطوة من شأنها تقليص مؤشرات الفقر والهشاشة، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي على المدى المتوسط.

ولمواكبة هذا الورش، يخصص المشروع اعتمادات مالية مهمة لتقوية البنيات الإدارية والتقنية، خصوصا عبر رقمنة المساطر وتبسيط الولوج إلى الخدمات الاجتماعية، بما يضمن عدالة التوزيع وسرعة التنفيذ. ويعكس هذا التوجه إدراكا حكوميا متزايدا بأهمية الرقمنة في تعزيز الشفافية ومحاربة الاختلالات.

 

140 مليارا للصحة والتعليم

يراهن مشروع قانون المالية على تعزيز الخدمات الاجتماعية الأساسية، إذ خصص غلافا يفوق140  مليار درهم لقطاعي التعليم والصحة، في استثمار اجتماعي هو الأكبر من نوعه في السنوات الأخيرة. ففي قطاع التعليم، يركز المشروع على تحسين جودة التعلمات، وتأهيل المؤسسات التعليمية، وتوسيع العرض التربوي بالمناطق القروية، بالإضافة إلى دعم إصلاح شامل يشمل تعميم التعليم الأولي وتكوين الأطر وتجديد المناهج.

أما في قطاع الصحة، فيتجه المشروع إلى تقوية الموارد البشرية عبر إحداث أكثر من27  ألف منصب مالي جديد سنة 2026، مع إطلاق مشاريع كبرى للبنية الصحية، من بينها افتتاح المركزين الاستشفائيين الجامعيين بأكادير والعيون، واستكمال مراكز بجهات بني ملال وكلميم والرشيدية، إلى جانب إعادة افتتاح المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط.

وترى الحكومة أن هذه الاستثمارات لن تحسن جودة الخدمات الحيوية فحسب، بل ستخلق أيضا فرص شغل جديدة في قطاعات البناء والخدمات الصحية والتربوية، مما يعزز التكامل بين الإصلاح الاجتماعي والتنمية الاقتصادية.

ورغم الطموح الكبير لهذه الإجراءات، يؤكد المشروع التزام الحكومة بالحفاظ على التوازنات المالية الكبرى، عبر حصر العجز في حدود 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام وضبط مستوى المديونية، بما يضمن استدامة تمويل البرامج الاجتماعية دون الاعتماد المفرط على الاقتراض. ويرى خبراء الاقتصاد أن هذا التوازن يعكس وعيا بأهمية الاستقرار المالي لإنجاح الإصلاحات الاجتماعية.

ويمتاز مشروع قانون المالية 2026 بتعامل جديد مع الدعم الاجتماعي، يقوم على اعتباره خيارا استراتيجيا لبناء دولة اجتماعية عادلة ومُنصفة، وليس مجرد سياسة ظرفية أو إحسانية. فالمشروع يسعى إلى ضمان توزيع أفضل للموارد، وتحقيق تكافؤ في الولوج إلى الخدمات الأساسية، وتحفيز الفئات النشيطة على المشاركة الاقتصادية.

ويبدو واضحا أن الحكومة تراهن من خلال مشروع قانون المالية 2026 على ترسيخ التحول الاجتماعي الذي بدأ منذ 2021، وتحويله إلى مسار مؤسساتي دائم يربط العدالة الاجتماعية بالنجاعة الاقتصادية، في أفق تحقيق تنمية أكثر شمولا وتوازنا، وتعزيز الاستقرار المجتمعي على المدى الطويل.

ثلاثة أسئلة لمحمد جذري*:

 

«الدعم المباشر جزء من استراتيجية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق»

 

 

– ما أهمية الرفع من الدعم الاجتماعي المباشر بالنسبة للأسر وللاقتصاد الوطني؟

الرفع من قيمة الدعم الاجتماعي المباشر خطوة استراتيجية أساسية لتعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. الدعم المباشر يمنح الأسر ذات الدخل المحدود قدرة أكبر على مواجهة تكاليف المعيشة اليومية ويحد من هشاشة الفئات الأكثر ضعفاً ويتيح لها تغطية المصاريف الأساسية، مثل الغذاء والتعليم والخدمات الصحية والنقل.

أثر هذا الدعم يظهر أولاً على مستوى الأسرة من خلال تعزيز الأمن الغذائي واستقرار الأسرة، ومن ثم على مستوى المجتمع من خلال تحسين نوعية الحياة للفئات الهشة.

الدعم المباشر أثبت فعاليته مقارنة بالبرامج السابقة التي كانت تعتمد على دعم المواد أو القطاعات، حيث كان هناك تشتت في الموارد واستفادة غير عادلة. التوجيه أصبح أكثر دقة وموضوعية بفضل السجل الاجتماعي الموحد والآليات الرقمية التي تتيح متابعة مستمرة للبيانات ومعالجة أي أخطاء أو ازدواجية في الاستفادة. الاستهداف الدقيق يضمن وصول الدعم إلى المستحقين بالفعل ويزيد من العدالة الاجتماعية.

الرفع من الدعم الاجتماعي المباشر له أثر اقتصادي غير مباشر أيضاً، لأنه يؤدي إلى تحريك الطلب المحلي من خلال زيادة القدرة الشرائية للأسر، ما ينعكس على الأنشطة التجارية والخدماتية والصناعات المرتبطة بالاقتصاد اليومي. هذا التأثير الاقتصادي يعزز التنمية المحلية ويخلق فرص شغل جديدة ويحد من التفاوتات المجالية بين المدن والمناطق الريفية والنائية، ما يجعل البرنامج أداة مزدوجة الأثر: اجتماعي واقتصادي في الوقت ذاته.

الرفع من الدعم المباشر يمكّن الدولة من وضع حد لمظاهر الفقر المدقع والهشاشة، ويساعد على الحفاظ على الاستقرار المجتمعي ويعزز الإدماج الاجتماعي. هذا التوجه لا يقتصر على المنفعة الآنية للأسر، بل يشكل جزءاً من استراتيجية طويلة المدى لتحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق بين مختلف المناطق والفئات الاجتماعية.

 

  • ما الموارد التي تعتمد عليها الحكومة لضمان استدامة الدعم الاجتماعي؟

استدامة الدعم الاجتماعي المباشر تعتمد على مقاربة مالية متوازنة تجمع بين الموارد الضريبية وتحسين كفاءة الإنفاق العام وإعادة توجيه الموارد من برامج الدعم التقليدية. الحكومة تعتمد على الموارد الضريبية الجديدة الناتجة عن توسيع الوعاء الجبائي وتحسين الامتثال الضريبي، خصوصاً بعد إدماج فئات من المهنيين والحرفيين في أنظمة المساهمة الموحدة، ما يتيح تعبئة موارد إضافية لصندوق الدعم الاجتماعي.

جزء من التمويل يأتي من إعادة توجيه الموارد التي كانت مخصصة لدعم المواد والخدمات بشكل عام نحو دعم مباشر للأسر. هذا التحول يضمن أن كل درهم يذهب فعلياً لمن يستحقه ويقلل الهدر المالي ويجعل الإنفاق العام أكثر نجاعة، وهو تحول بنيوي في السياسة الاجتماعية والمالية للدولة.

الحكومة تراهن، أيضاً، على رقمنة العمليات الإدارية وتقليل الكلفة المرتبطة بتدبير البرامج الاجتماعية، ما يسمح بتحرير موارد إضافية لصالح المستفيدين. اعتماد هذه الآليات الرقمية يوفر الوقت والجهد ويعزز شفافية الأداء ويحد من أي تدخل بشري قد يؤدي إلى الأخطاء أو المحاباة.

الحفاظ على عجز الميزانية في حدود آمنة وربط الإنفاق الاجتماعي بالنمو الاقتصادي وموارد الدولة الفعلية يمثل شرطاً أساسياً لضمان استمرار التمويل دون اللجوء إلى الاقتراض المفرط. فالتوازن بين توسيع الدعم المالي والاستدامة المالية للدولة عنصر محوري في نجاح أي سياسة اجتماعية طويلة الأمد.

 

  • ماذا عن آليات الحكامة في توزيع ومراقبة صرف الدعم بالارتباط مع الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي؟

إحداث الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي شكل خطوة مؤسسية حاسمة لتقوية آليات الحكامة والشفافية في توزيع الدعم. الوكالة تعتمد على السجل الاجتماعي الموحد لتحديد المستفيدين بناءً على معايير موضوعية قابلة للتحيين المستمر، ما يمنع أي ازدواجية في الاستفادة ويضمن وصول الدعم إلى الأسر المستحقة فعلياً.

آليات الحكامة ترتكز على الرقمنة أولاً، فالاعتماد على قواعد بيانات رقمية مشتركة بين المؤسسات يقلل من التدخل البشري ويحد من الأخطاء. الوكالة تعتمد نظاماً معلوماتياً يسمح بتتبع جميع مراحل الاستفادة، من التسجيل إلى صرف الدعم، عبر منصة آمنة وشفافة. كل عملية تحويل تتم وفق معايير مضبوطة وتخضع للمراقبة في الزمن الحقيقي، ما يعزز الثقة في البرنامج ويضمن العدالة في التوزيع.

هناك، أيضاً، آليات للتتبع والتقييم تقوم بها الوكالة بشكل دوري، وتحلل الأثر الاجتماعي والمالي للبرنامج، وتقدم تقارير للحكومة وللمؤسسات الرقابية مثل المجلس الأعلى للحسابات. هذا النوع من التقييم المستمر يضمن أن البرنامج لا يتحول إلى عبء مالي غير مبرر، بل يظل أداة فعالة للإدماج الاجتماعي ودعم الفئات الهشة.

الحكامة تشمل، أيضاً، تحسين التواصل مع المستفيدين، لأن جزءاً من الإشكالات في المرحلة الأولى كان مرتبطاً بصعوبات الولوج الرقمي. تعزيز مراكز المواكبة الاجتماعية وضمان المساعدة التقنية للأسر التي تواجه صعوبات في استعمال المنصات الرقمية يضمنان ألا يصبح الاعتماد على الوسائط الرقمية حاجزاً أمام الاستفادة.

نجاح الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي يكمن في قدرتها على توحيد البرامج الاجتماعية المختلفة وإزالة التداخل بينها، وتوجيه الموارد نحو المستفيدين الحقيقيين، وضمان الانتقال التدريجي إلى منظومة حماية اجتماعية أكثر عدلاً وشفافية واستدامة. الربط بين الدعم الاجتماعي الرقمي والحكامة الجيدة يضمن تحقيق أهداف البرنامج على أرض الواقع، ويحمي الموارد العامة ويعزز الثقة بين الدولة والمواطن.

 

 

*محلل اقتصادي– رئيس مرصد تقييم السياسات الحكومية

 

 

 

 

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى