حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

العودة إلى ورزازات..

يونس جنوحي

 

أخبار تصوير الأفلام العالمية في المغرب تبقى أهم من «الأفلام» نفسها.

في العام الماضي، اشتكى منتجون عالميون من تسريب بعض اللقطات من أفلام جرى تصويرها بالمغرب.. ورغم حرصهم على عدم تسجيل الخدع المعتمدة في بعض المشاهد، على الأقل قبل طرح الأفلام، إلا أن عدسات المتفرجين المغاربة في مواقع التصوير تكلفت بإبطال كل مجهودات هؤلاء المنتجين..

المغاربة في النهاية يحبون توثيق كل شيء. الهواتف أكثر من المواطنين.. نتحدث عن ملايير الدقائق سنويا، محققين الاكتفاء الذاتي في الثرثرة. بل إن عدد الأرقام الهاتفية التي «تتجول» في المغرب تفوق بكثير عدد المواطنين المغاربة والأجانب المقيمين في البلاد.

وهذا الارتباط بالهواتف، تتكسر عنده كل مساعي المنتجين العالميين في تحقيق الخصوصية، والحفاظ على سرية تصوير الأفلام، قبل عرضها..

حتى أن كبار الصحافيين المتخصصين في تغطية أخبار «هوليوود»، اعتمدوا سنة 2018 على ما نشره المغاربة من مقاطع سجلوها بهواتفهم، أثناء تصوير مشاهد تكلف الملايين، وظهر الممثلون في الكواليس، حتى قبل أن تعلن الشركة المُنتجة عن التسجيلات كما هو متعارف عليه عالميا.

قبل أربعين عاما، كنا نسمع عن منتجين عالميين تبرعوا للمغرب بكاميرات تساوي الملايين، وتزن مئات الكيلوغرامات، تركوها وراءهم في ورزازات، مثل ما حدث مع الحلقة التي صُورت من سلسلة «جيمس بوند» الشهيرة. فالمُخرج قرر أن يُهدي الكاميرا، التي صور بها الحلقة الشهيرة في المغرب، إلى المغاربة.. وهي اليوم «تنام» لتستريح في متحف السينما بورزازات، ولا أحد يستطيع تأكيد أو نفي استغلالها لتصوير أفلام سينمائية بالجودة، التي كانت تتيحها تلك الكاميرا في ذلك الوقت..

وهذا «الكرم» ليس مجانيا بطبيعة الحال، فلو أن المنتج الأجنبي قرر أن يصطحب «الكاميرا» معه إلى الولايات المتحدة، أو بريطانيا، فسوف يتعين عليه أداء مصاريف إضافية «ضخمة» مقابل نقلها..

مع مرور الوقت، تطورت إمكانيات التصوير في المغرب، وجل المنتجين العالميين اليوم يتعاملون مع شركات مغربية تؤمن لهم أحدث الكاميرات وأحدث معدات التصوير، ليستغنوا عن نقل المعدات الضخمة معهم من بلدانهم الأصلية..

لماذا لا تتوفر لدينا سينما بمعايير «العالمية»، ما دمنا نتوفر على أحدث المعدات؟ الجواب يكمن في الإنتاج المغربي، وطريقة فهم أغلب الذين «يُمارسون» الإنتاج ولا يفرقون بين طلبات العروض والدعم السينمائي وطلبات عروض تبليط الشوارع..

مهنيو السينما الأجانب استعانوا أكثر من مرة بالمواهب المغربية في المجال التقني، لكن معاناة هؤلاء مع البطالة ما زالت مستمرة للأسف، في ظل اعتماد بعض المنتجين الأجانب على فرق أجنبية.. من حق هؤلاء المنتجين بطبيعة الحال اعتماد الفرق التي يرونها أنسب لتنفيذ الإنتاج السينمائي، لكن من حق الخريجين المغاربة أيضا الاشتغال. وهنا تكمن مسؤولية الإنتاج المغربي.. لدينا في المغرب تقنيون متخصصون في التصوير تحت الماء، وأخصائيون في المؤثرات البصرية.. وذنبهم الوحيد أن المخرجين المغاربة لا يميلون إلى التصوير في المطر وفي عرض البحر، وأقصى ما وصل إليه الإنتاج المغربي من مؤثرات، اعتماد البرامج الرخيصة في نسخ سيارات الشرطة.. وهكذا يصورون سيارة واحدة، ويظهر في اللقطة أن هناك إنزالا أمنيا كبيرا لاعتقال متهم «مُفترض..».

لدينا أخصائيون في الطائرات المُسيرة.. لكن أقصى استعمال لهذه التقنية في المغرب، يكمن في اعتماد لقطات لأسطح المنازل ومناظر بانورامية لأغلب المدن السياحية المغربية.. المنتجون الأجانب يوظفون تقنيين مغاربة متخصصين في استعمال «الدرون» بأجور معقولة -الأداء بالساعة-، بعدما كانت العادة إحضار تقنيين متخصصين أجانب.. والكفاءات المغربية ترقى فعلا إلى العالمية، وأثبتت قدرتها على منافسة التقنيين الدوليين حتى في مجال المؤثرات البصرية..

لدينا نقص كبير في تقنية توظيف اللقطات ثلاثية الأبعاد.. إلى اليوم لا يوجد فيلم مغربي واحد اعتمد هذه التقنية.. في وقت توجد فيه أفلام – بينها أفلام عربية- لم تصور فيها الكاميرات لقطة واحدة، واعتُمدت التقنية في خلق كل مشاهدها وأحداثها.. وفي المقابل، لدينا تقنيون ومهندسون مغاربة متخصصون في هذا النوع من مؤثرات العرض. أينهم؟ إنهم يشتغلون في القنوات الأجنبية.. وشركات الإنتاج في دبي، ويتقاضون تعويضات بالدولار، في الساعة. هل سيعودون يوما إلى ورزازات؟ الله وحده يعلم.

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى