
النعمان اليعلاوي
يعيش سكان حي أكدال بالعاصمة الرباط منذ أسابيع على وقع ارتباك كبير وتذمر متزايد، بسبب أشغال بناء مرأب تحت أرضي بشارع فال ولد عمير قرب ساحة أبو بكر الصديق. وهي الأشغال التي أطلقتها شركة “الرباط الجهة للتهيئة”، في إطار برنامج “الرباط مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية”، موضحة أن المشروع يروم التخفيف من الضغط الكبير على مواقف السيارات بحي أكدال وإعادة تهيئة الساحة المذكورة، غير أن آثاره الجانبية باتت تقض مضجع السكان والتجار على حد سواء.
وقد فازت بصفقة المشروع شركة “بدر بيتون”، ورُصدت له ميزانية ضخمة تناهز 67 مليون درهم، أي ما يفوق 6 ملايير ونصف مليار سنتيم. وانطلقت الأشغال فعلياً خلال شهر يونيو وسط إغلاق شبه تام لمحيط الورش، ما تسبب في اختناق مروري واضح بالمنطقة وصعوبات في الولوج إلى المباني والمحلات التجارية، خصوصاً بالنسبة للراجلين وكبار السن. كما عانى السكان من الضوضاء والغبار والانبعاثات المقلقة، وهو ما جعل الحياة اليومية بالحي أشبه بمعاناة متواصلة، زادتها حدة الأشغال الليلية التي تمتد في بعض الأحيان إلى ساعات متأخرة، الأمر الذي أثار غضب السكان ودفع عدداً منهم إلى التهديد بتقديم شكايات رسمية للسلطات المحلية ضد ما اعتبروه خرقاً للقانون وتجاهلاً لحقوقهم في الطمأنينة.
التجار وأصحاب المقاهي لم يسلموا بدورهم من آثار المشروع، حيث تراجعت الحركة التجارية بشكل لافت نتيجة صعوبة الولوج إلى المحلات بسبب الإغلاق شبه التام لمحيط الورش وانقطاع حركة السير في الشارع الحيوي، ما انعكس بشكل مباشر على المداخيل وأدى إلى خسائر وصفها بعض التجار بالمقلقة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها عدد كبير من التجار الصغار والمتوسطين.
وبينما حاول بعضهم الصبر على الوضع على أمل أن تكون له انعكاسات إيجابية لاحقاً، لم يتردد آخرون في التعبير عن استيائهم عبر منصات التواصل الاجتماعي حيث نُشرت مقاطع فيديو توثق للأشغال وتدين استمرارها ليلاً، معتبرين أن الجهات المسؤولة لم تحسن تدبير التواصل مع المتضررين ولم تضع خططاً بديلة للتخفيف من وقع المشروع على الحياة اليومية للسكان والأنشطة التجارية بالمنطقة.
وفي الوقت الذي حددت فيه الجهات المشرفة مدة الإنجاز في أربعة أشهر فقط، لا يبدو هذا الأجل مقنعاً بالنسبة لسكان أكدال التي ترى أن مشاريع مماثلة في المدينة استغرقت فترات أطول بكثير، وهو ما يجعل الموعد الزمني المعلن غير واقعي في نظر كثيرين بالنظر إلى حجم وتعقيد الأشغال المطلوبة، لاسيما أن الحفر في منطقة سكنية حيوية يطرح صعوبات إضافية تتعلق بالسلامة والتنظيم. هذا التشكيك يفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى قدرة الشركة المشرفة على احترام التزاماتها الزمنية وضمان تسليم المشروع في وقته المحدد، خصوصاً في ظل تجارب سابقة تركت وراءها مرارة لدى المواطنين الذين اعتادوا على طول آجال إنجاز المشاريع الكبرى.
غير أن الجهات المشرفة ترى أن المشروع يندرج في إطار سياسة حضرية متكاملة تهدف إلى تنظيم وقوف السيارات والحد من الفوضى التي يعرفها شارع فال ولد عمير، خاصة في أوقات الذروة، كما سيتيح إعادة تهيئة ساحة أبو بكر الصديق لتكون أكثر انفتاحاً وجاذبية للسكان والزوار.
وتؤكد “الرباط الجهة للتهيئة” أن هذه المشاريع، وإن تسببت في بعض الارتباك المؤقت، فإنها ستوفر على المدى المتوسط والبعيد إضافة نوعية للمدينة، معتبرة أن الاستثمار في البنية التحتية بحي أكدال الذي يُعتبر من الأحياء الحيوية بالعاصمة سيعزز جاذبيته ويواكب الدينامية التي تشهدها الرباط في إطار مخططاتها التنموية.





