شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

الفرنسيون حفروا في وليلي وهذه قصة تمثال بقيمة نصف مليون فرنك

يونس جنوحي

 

مدينة وليلي أسست على يد القرطاجيين حوالي 200 سنة قبل الميلاد، ووسعها الرومانيون بشكل كبير. لكن عند رحيلهم عنها، انمحى ذكرها لمئات السنين ولم يُشر إليها في تسجيلات المؤرخين الحديثة.

حفر الفرنسيون الآن منطقة واسعة، وكشفوا أسس المدينة الدفينة.

تعجب محمد من حجم الأعمدة، ووجود نظام التدفئة في المنازل. ثم اتسعت عيناه عندما قلتُ له إن قيمة التمثال الشهير للكلب الذي جرى اكتشافه هنا، تبلغ حوالي نصف مليون فرنك فرنسي. اضطررت لمنعه من استعارة مجرفة أراد أن يبدأ بها الحفر بحثا عن تمثال آخر.

بالنسبة لي أكثر الآثار أهمية وإثارة للاهتمام هي النقوش على الحجارة.

هناك حجارة نُقش عليها أن فيلقا بريطانيا حصّن وليلي في القرن الثاني الميلادي! وفي الوقت نفسه تقريبا، قام فيلق أمازيغي بتحصين سور «هادريان» في شمال بريطانيا. بدا واضحا أن الرومان برعوا في استخدام الأجناس التي استعبدوها للضغط على الآخرين وإخضاعهم!

منذ أن عاد هذا الفيلق الأمازيغي إلى أرض الوطن، وعادة ما بقي في موقع رهن إشارة الخدمة العسكرية، فإنه ربما يكون الدم الأمازيغي يجري حاليا في العروق البريطانية، والدم البريطاني في العروق الأمازيغية.

مدينة سيدي سليمان، بالرغم من اسمها المغربي، إلا أنها كانت بلدة فرنسية بُنيت في المغرب. وكانت جارتها «Petit jean» فرنسية بالكامل، بما في ذلك اسمها أيضا. إلى حدود سنة 1925، كانت المنطقة، التي بُنيت فيها المدينة، قاحلة، ثم جاء الفرنسيون وأنشؤوا نظام الري وغرسوا الأشجار. والآن تُعتبر المنطقة مصدرا رئيسيا لإنتاج الحبوب المغربية. ينضاف إلى ثرواتها، أنه جرى اكتشاف حقل نفط بنى الأمريكيون بجواره قاعدة عسكرية جوية واسعة، وبالتالي ليس هناك ما يُشير إلى وجود البطالة في المنطقة!

هناك أعداد كبيرة من الفلاحين المغاربة المُزارعين، لكن أغلب الرجال يعملون في المستعمرات الفرنسية. تتراوح مساحة المزارع بين عشرين ومئة هكتار ممتدة حول مكناس، وهناك حقول كثيرة تفوقها مساحة.

تحتاج المزرعة المتوسطة، التي تتراوح مساحتها بين عشرين وخمسين هكتارا، إلى ثلاثين مساعدا محليا.

هنا يخيم الهدوء. المُزارعون والعمال يشتغلون وفق أكثر الشروط ودية، بعض العمال يعيشون في المزارع وآخرون في القرى المجاورة. رواتبهم جيدة، تتراوح، حسب المعايير المحلية، بين 150 و400 فرنك في اليوم، تنضاف إليها الامتيازات المتعارف عليها في الأرياف. وهكذا فإن أغلبهم تكون لديهم، في بعض الأحيان، حصص من الإنتاج تساوي قيمتها حجم إنتاج مزرعة أحد الفلاحين في مكان آخر.

يُمنح العمال مقدارا مجانيا من القمح وبعض المحاصيل الأخرى، ومن حقهم، أيضا، شراء المزيد بنصف سعر السوق، كما لديهم الحق في استعارة آلات المزرعة لزراعة أراضيهم الخاصة.

وكما هو شائع، فإن أكثر ما يُزعج، في هذا المشهد السلمي والأخوي، هو الغزو الصناعي للمنطقة.

بعض الرجال يتم استقطابهم من المزارع، بالأجور العليا التي يعرضها عليهم الأمريكيون أو أصحاب آلات التنقيب عن البترول، بينما الرجال الآخرون كانوا أكثر حذرا.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى