حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

اقتصادالرئيسيةخاصسياسية

القطاع غير المهيكل يبطئ مؤشرات تقدم الإنتاجية

البنك الدولي يكشف عجز الشركات الأكثر كفاءة عن التوسع على مستوى الاقتصاد

لمياء جباري

في تحديثها الاقتصادي لشهر أبريل 2025 لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ترسم مجموعة البنك الدولي صورة نقدية لوضع القطاع الخاص المغربي. فعلى الرغم من مؤشرات التقدم في الإنتاجية الداخلية، إلا أن الشركات الأكثر كفاءة لا تزداد تأثيرا، ويظل الطابع غير الرسمي سائدا، وتبقى مشاركة النساء في سوق العمل هامشية.

 

الفشل في توسيع الحصة السوقية للشركات

يُعد المغرب من البلدان القليلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تتوفر على بيانات إنتاجية طولية تتيح تحليلا دقيقا للديناميكيات الداخلية للقطاع الخاص. وفي هذا السياق، تلاحظ مجموعة البنك الدولي مفارقة في تحديثها الاقتصادي لشهر أبريل 2025 لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: الشركات المغربية الأكثر إنتاجية لا تنجح في توسيع حصتها السوقية. بمعنى آخر، كفاءتها التقنية تتحسن، لكن دون أن يترجم ذلك إلى هيمنة متزايدة على النسيج الاقتصادي. هذه الظاهرة تشير إلى وجود حواجز أمام نمو الشركات الأكثر أداء، سواء كانت تنظيمية أو مالية أو مرتبطة بتشوهات في المنافسة. كشف تحليل الإنتاجية في المغرب عن تحسن داخلي («within effect») داخل الشركات: بين عامي 2016 و2019، تحسنت إنتاجية العمل، المقاسة برقم الأعمال لكل عامل، بنسبة 2 في المائة، ويعود هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى قطاع الخدمات (+8 في المائة). في المقابل، تضعف هذه الديناميكية بسبب تأثير «between effect» سلبي: الشركات الأكثر إنتاجية لا تكسب حصصا سوقية، في حين تتوسع الشركات الأقل إنتاجية. ولو لم تتغير بنية السوق، لكانت إنتاجية العمل قد نمت بنسبة 5 في المائة، أي أكثر من ضعف المعدل المحقق فعليا. هذا التفاوت يسلط الضوء على واقع مستمر: الشركات الأكثر كفاءة تبقى محصورة، بدون قدرة على التوسع على مستوى الاقتصاد. ويضاف إلى ذلك مؤشر آخر مقلق: معدلات دخول وخروج الشركات المغربية أقل بحوالي النصف مقارنة بما هو مسجل في كولومبيا (11 في المائة و12 في المائة على التوالي)، مما يدل على ضعف الدينامية الريادية. ووفقا للتقرير، انخفض نمو المبيعات لكل عامل بمتوسط 8 في المائة، وهو رقم أقل بكثير من نظيره في البلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى (0.4 في المائة)، والدخل المتوسط الأعلى (0.4 في المائة)، والبلدان ذات الدخل المرتفع  2.4) في المائة).

الطابع غير الرسمي.. عبء ثقيل على الاقتصاد المغربي

يشكل الاقتصاد غير الرسمي جزءا كبيرا من النشاط في المغرب. وتقدر مجموعة البنك الدولي أن 83 في المائة من الشركات في البلاد تعمل خارج الإطار القانوني، وهي نسبة تفوق بكثير المتوسطات الإقليمية، مثل الأردن (50 في المائة) أو لبنان (40 في المائة). وهذه الكيانات، وغالبا ما تكون منخفضة الإنتاجية، تتفادى النظام الضريبي، وتنظيمات العمل، وآليات الدعم العام. ويجعل غياب بيانات دقيقة حول طريقة عملها من الصعب وضع سياسات فعالة، في الوقت الذي تستوعب فيه هذه الكيانات حصة كبيرة من التشغيل الوطني. ويفسر هذا الطابع غير الرسمي واسع النطاق بالقيود الإدارية، كذلك يفسر بضعف الحوافز نحو التقنين. هذه الوضعية ناتجة عن بيئة تنظيمية معقدة، وممارسات ضريبية محبطة، وصعوبات في الوصول إلى التمويل، إضافة إلى مناخ من انعدام الثقة في المؤسسات. بالنسبة إلى العديد من المشاريع الصغيرة جدا، لا يعد الطابع غير الرسمي خيارا استراتيجيا، بل هو شرط للبقاء في بيئة تعتبر عدائية. ويقترح التقرير إدماج تنوع ملفات الفاعلين غير الرسميين في تصميم السياسات العامة، حيث إن بعض هذه الشركات قابلة للحياة وتتمتع بالقدرة التنافسية، في حين أن البعض الآخر ليس كذلك. ويبدو أن اتباع نهج تفاضلي ضروري.

 

مشاركة منخفضة للنساء في سوق العمل
مع معدل نشاط لا يتعدى 18 في المائة، وهو من أدنى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يُصنف المغرب من بين أكثر البلدان لا مساواة في العالم في هذا المجال. ويمثل هذا النقص الكبير في استغلال اليد العاملة النسائية خسارة كبيرة للاقتصاد الوطني. ومع ذلك، فإن سد هذه الفجوة يمكن أن يؤدي، حسب الاقتصاديين في مجموعة البنك الدولي، إلى زيادة بنسبة 50 في المائة في دخل الفرد في اقتصاد نموذجي بالمنطقة.

ويبرز التقرير رافعة غير مُقدَّرة حق قدرها: النساء في مناصب القيادة. فالشركات التي تديرها نساء توظف في المتوسط ضعف عدد النساء، مقارنة بالشركات التي يديرها رجال. ومع أن نسبة الشركات المغربية التي تديرها نساء لا تتعدى 5.4 في المائة، مقارنة بأكثر من 20 في المائة في بعض الاقتصادات ذات الدخل المتوسط، فإن هذه النسبة المنخفضة تعكس وجود حواجز مستمرة أمام ريادة الأعمال النسائية. وتشير البيانات إلى أن الشركات التي تديرها نساء توظف في المتوسط ضعف عدد النساء، ما يكشف عن رافعة هيكلية قوية، لكنها ما زالت مهمشة.

 

قطاع خاص مرن لكن هش

يعاني المغرب، كجيرانه، من تداعيات الصدمات الخارجية- جفاف متكرر، تقلبات في الأسعار العالمية، توترات جيوسياسية. وأمام هذه الصدمات المتكررة، يُظهر القطاع الخاص المغربي قدرا معينا من المرونة، لكنه يظل هشا. فالسنة السادسة على التوالي من الجفاف في عام 2024 أثرت على النمو الزراعي، وامتد تأثيرها إلى كامل سلاسل التوريد. وتُعد الشركات الصغيرة والمتوسطة، ذات الرسملة المنخفضة، الأكثر عرضة لهذه الصدمات الخارجية. مع ذلك، تظهر بوادر من المرونة: بعض الشركات تتأقلم مع الصعوبات من خلال تنويع أنشطتها، أو تحديث طرق إدارتها. إلا أن هذه المرونة ما زالت بحاجة إلى تعزيز. وتوصي مجموعة البنك الدولي بزيادة الاحترافية في الممارسات الإدارية، باعتبارها عنصرا أساسيا في الإنتاجية، وتشجيع ريادة الأعمال. وتُعد جودة الإدارة أحد العوامل الأساسية التي حددها التقرير لتعزيز هذه المرونة. كما أن تبني الممارسات الإدارية الجيدة، إلى جانب دعم ريادة الأعمال النسائية ورقمنة الشركات، من شأنه أن يخفف من حدة الأزمات المستقبلية، مع تحسين القدرة التنافسية في الوقت ذاته.

 

إصلاح العقد الاقتصادي
أخيرا، ومن أجل إطلاق العنان لإمكانات القطاع الخاص، تشدد مجموعة البنك الدولي على الحاجة الملحة إلى إعادة التفكير في دور الدولة في الاقتصاد المغربي، خاصة من خلال مراجعة عميقة لأسلوب تدخلها. ويتطلب ذلك تطهير بيئة الأعمال، والحد من التشوهات التنافسية بين الشركات العمومية والخاصة، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وزيادة الشفافية في تطبيق السياسات الصناعية، وتحسين الوصول إلى البيانات. كما تشدد المؤسسة على الأهمية الحيوية لتحسين جمع البيانات حول الشركات – بما في ذلك غير الرسمية-  من أجل توجيه السياسات استنادا إلى وقائع ملموسة. وبحسب المجموعة، فإن الحوكمة الاقتصادية المبنية على الأدلة هي المفتاح لتحول مستدام. وفي هذا الإطار، يُعد المغرب كواحد من بلدين فقط في المنطقة يتوفران على بيانات ميكرو-اقتصادية عالية الجودة (إلى جانب تونس)، مؤهلا لتنفيذ سياسات مبنية على الأدلة. شريطة، بطبيعة الحال، أن تُستغل هذه الموارد لبناء إطار تنموي للقطاع الخاص يكون أكثر عدلا، وأكثر تنافسية، وأكثر شمولا. أمام الضغط الديموغرافي، والتغيرات المناخية، والتحولات الاقتصادية العالمية، على القطاع الخاص المغربي أن يعيد اختراع نفسه، حسب مجموعة البنك الدولي. فالرهان لم يعد مجرد تشجيع الاستثمار، بل تمكين الشركات الأكثر إنتاجية من أخذ المكانة التي تستحقها، والإدماج الكامل للنساء في الاقتصاد، وتحويل الاقتصاد غير الرسمي إلى محرك للنمو، حسب المصدر نفسه.

 

«الباطرونا» تدعو لإدماج القطاع غير المهيكل

دعا فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM) بمجلس المستشارين الحكومة إلى مواصلة تنفيذ الإصلاحات التي تم إطلاقها لدعم الاستثمار الخاص، مع إيلاء اهتمام خاص بالمقاولات الصغيرة والمتوسطة، سيما من خلال تعميم آلية دعم المشاريع، التي يقل حجم استثمارها عن 50 مليون درهم. ولهذا الغرض، اقترح الفريق وضع ميثاق خاص بالمقاولات الصغيرة والمتوسطة. اقترح الفريق أيضا تحسين مناخ الأعمال، من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية لتيسير مسار المستثمرين، وجذب المزيد من رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية.

وفي مداخلته، دافع المستشار محمد رضا حماني، ممثل «الباطرونا»، عن تعزيز الاستثمار في القطاعات المنتجة مثل الصناعات التحويلية، والطاقات المتجددة، والصناعات الاستخراجية، والسياحة، وترحيل الخدمات، نظرا إلى أثرها المباشر على النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل. كما شدد على «ضرورة مواصلة تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لتوجيه جزء من الاستثمارات العمومية نحو مشاريع خاصة، وكذا تشجيع الإنتاج المحلي كبديل للواردات، من أجل دعم الصناعة الوطنية وتقليص العجز التجاري». من جهة أخرى، ركز حماني على «ضرورة مواصلة الإصلاح الجبائي وتحديث المالية المحلية، إضافة إلى مراجعة نظام التكوين المهني، لضمان ملاءمة أفضل بين كفاءات الشباب وحاجيات سوق الشغل». وأكد كذلك على أهمية إدماج القطاع غير المهيكل، لما يسببه من أضرار جسيمة للاقتصاد الوطني وللمقاولات المُنظمة، مع تعزيز تنافسية عوامل الإنتاج من خلال تحسين الولوج إلى العقار الصناعي بأسعار تنافسية وبنماذج مبتكرة. كما شدد الاتحاد العام لمقاولات المغرب على ضرورة إنجاح الحوار الاجتماعي، خاصة في ما يتعلق بمراجعة مدونة الشغل وأنظمة التقاعد، بالإضافة إلى اعتماد النصوص التنظيمية المتعلقة بتبسيط المساطر الإدارية. واقترح كذلك إحداث لجنة رقمية تتولى إعداد خارطة طريق مشتركة لتنسيق جهود الرقمنة بين مختلف القطاعات، مع ضمان أمن وموثوقية المعطيات. وبالإضافة إلى ذلك، دعا الفريق إلى إصدار المراسيم التطبيقية للقانون رقم 43.20 المتعلق بالخدمات الموثوقة في المعاملات الإلكترونية، ومواصلة تحديث ورقمنة المحاكم لتسريع الإجراءات القضائية، وحماية مصالح المستثمرين والمقاولات. ويرى أن «التحول الرقمي سيساهم في تحسين مناخ الأعمال، وتعزيز إدارة عمومية شفافة وفعالة، وسيمكن المقاولات من الاضطلاع الكامل بدورها في خلق فرص الشغل وتقوية الاقتصاد الوطني». وعليه، يعتبر فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين أن «الإدارة العمومية تُعد رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية وإنجاح النموذج التنموي الجديد». وقد أشار إلى أن «المغرب حقق تقدما ملحوظا في تبسيط ورقمنة العديد من الخدمات الإدارية، غير أن هذه الجهود ما زالت غير كافية لتحقيق التحول الرقمي المنشود». كما سجل أنه بالرغم من نجاح بعض القطاعات، مثل وزارة المالية، والإدارة الجبائية، والجمارك، والخزينة العامة للمملكة، والمحافظة العقارية، فإن العديد من الإدارات الأخرى ما زالت تعاني من صعوبات في بلوغ النتائج المرجوة، مما يؤثر سلبا على كل من المستثمرين والمواطنين.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى