شوف تشوف

الرئيسيةملف الأسبوع

الوجه الآخر للوعاظ مطربون ولاعبون وتجار تحولوا إلى خطباء

كلما حل شهر رمضان الكريم ينفض كثير من الأئمة غبار النسيان عن سحناتهم، ويصبحون أشهر من نار على علم، يطاردهم الصحافيون ويركض خلفهم المصلون ابتغاء «سيلفي» يؤرخ لدخولهم دائرة المشاهير.

مقالات ذات صلة

تحتضن مساجد المملكة كل رمضان نجوم الوعظ والإمامة، وتستقطب آلاف المصلين وهو الرقم الذي يتضاعف في الأيام العشر الأواخر من هذا الشهر الفضيل، ويصبح لكل مصل واعظ مفضل قد يقطع المسافات من أجل الصلاة في حضرته.

يحرص أحمد التوفيق وزير الأوقاف على أن تظل صورة الواعظ نمطية، ويوصي العلماء والخطباء التابعين له، بأن يبتعدوا عن الشعبوية، و«تجنب الخطاب الذي يسعى به صاحبه إلى اكتساب النجومية واستمالة النفوس».

لكن خارج محيط ودائرة الوعظ، يمكن للعالم والإمام والفقيه ممارسة هواياته بكل حرية، بعيدا عن الرقابة البعدية شريطة وضع مسافة بينه وبين ما قد يخدش صورته كواعظ مؤثر، خاصة في ظل استقطاب يومي لآلاف المصلين يوميا، وهو العدد الذي يتضاعف في ليلة القدر.

علما أنه لكل مدينة قراؤها المميزون الذين يجلبون آلاف المصلين، ولكل مسجد قارئ قادر على تحويله إلى قبلة يومية للمصلين خاصة أثناء صلاة التراويح… لكن كيف يعيش هؤلاء نجوميتهم الرمضانية؟ وهل هي مرتبطة بالشهر الفضيل دون سواه؟ وما هي اهتماماتهم خارج محيط الوعظ؟

 

حسن البصري

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2016-06-14 21:11:06Z | |

 لقزابري.. مقرئ «كوايري» ينافس نجوم الكرة بالمستطيل الأخضر

عرفت ولادة عمر لقزابري في الرابع من غشت 1974 صعوبات في الوضع، إذ استعصى على والدته خديجة إنجابه بشكل طبيعي فقرر الوالد أحمد نقلها على وجه السرعة إلى مستشفى ابن طفيل في مراكش، حيث تقرر إجراء عملية قيصرية بعد أن استنفذ الأطباء جميع المحاولات. وبعد عملية مضنية رزقت أسرة لقزابري بفتى قيل إنه نسخة طبق الأصل لوالده.

ولأن الأسرة كانت لا تزال تعيش على وقع صدمة فراق الجد عمر لقزابري، فإن الوالد أصر على تأريخ الحدث وبادر إلى إطلاق اسم عمر على الوليد. كانت ظروف الولادة صعبة ومكلفة بل وتمت في عز الصيف لذا أصدر الأب قرارا بإلغاء كل مظاهر الاصطياف بعد أن اعتادت الأسرة قضاء عطلتها في مدينة الصويرة.

من المفارقات العجيبة في حياة المقرئ والخطيب عمر لقزابري، تلقيه مئات «عروض الزواج» من نساء ترددن على مسجد الريان بحي الألفة، أعجبن بصوت وصورة عمر، وأرسلن عبارة «زوجتك نفسي» في رسائل نصية داهمت محمول الرجل.

ولأن الزواج قسمة ونصيب فقد تزوج الخطيب من فتاة لا تخلف الوعد مع خطبه وتراتيله، وأصرت على الارتباط به حتى وهو عاطل عن العمل بعد صدور قرار ينهي خطبه ويعفيه من إمامة الناس في حي الألفة سنة 2003 مباشرة بعد أحداث 16 ماي الدامية. لكن بعد زواجه بحوالي ثلاثة أشهر تلقى عمر قرار تنصيبه إماما لمسجد الحسن الثاني بظهير ملكي، وهو حينها في الديار المقدسة حيث قرر الاستقرار هناك وإمامة الناس في مسجد بمكة المكرمة.

يقبل عمر لقزابري على ممارسة كرة القدم ويرتبط بعلاقات وطيدة مع عدد من نجوم الوداد والرجاء، رغم أنه يحب الكوكب المراكشي، غالبا ما يخوض الخطيب مباريات ودية بملاعب الدار البيضاء رفقة لاعبين دوليين سابقين، جمعته بهم مساجد الألفة والنسيم والحسن الثاني، أمثال محمد بنشريفة ورضوان الحيمر وصلاح الدين بصير ورشيد الداودي وعبد اللطيف جريندو وهشام مصباح وأمين الرباطي وعزيز بودربالة وطارق الجرموني وهشام اللويسي، وغيرهم من الوجوه الرياضية.

الكرعاني.. من مطرب بالفنادق إلى مقرئ في بيوت الله

ظل المقرئ عبد العزيز الكرعاني، الإمام الذي اقترن اسمه بمسجد القاضي عياض بحي سيدي معروف بالدار البيضاء، حريصا على اقتسام تجاربه الحياتية مع أصدقائه، والكشف عن علاقته بالميكروفون مطربا قبل أن يصبح واعظا.

يقول أحد المصلين إنه كان يتقاسم الفصل الدراسي مع الإمام، حين كان الكرعاني طالبا جامعيا في شعبة الأدب الإسباني، كما كان المقرئ في السهرات التي كان يحييها بفنادق الدار البيضاء المصنفة وغير المصنفة، حيث كان يغني كل الألوان الغنائية من الشعبي إلى الراي ومن الشرقي إلى الغربي، وحين علم بتوبته أصبح مدمنا على متابعته في المساجد، وعند نهاية كل صلاة يتحول إلى حارس يمنع عنه جحافل المصلين الراغبين في التقاط صور للذكرى عبر تقنية «السيلفي».

كشف الكرعاني في حوار مع «التجديد» عن هذا التحول من عالم الطرب إلى الإمامة، وقال: «سلكت طريقا آخر هو طريق الغناء، فقد كان لي صوت جميل، ولو لم يتداركني الله سبحانه وتعالى برحمته لكنت أصبحت من المغنين الكبار، وفعلا كنت أغني في الفنادق الكبيرة وقاعات الأفراح، ولكن سنة 1998 حين كنت في السنة الثانية من الجامعة من الله علي بالهداية، واشتغلت في حفظ القرآن الكريم، وكنت أحفظ السور التي تطيب لنفسي بحفظها».

درس الكرعاني الأدب الإسباني لكن مساره توقف في السنة الثانية جامعي، «أخذت أوراقي من الجامعة وانصرفت للبحث عن عمل، فاشتغلت أول مرة في أحد مختبرات الدواء حيث كنت أترجم الورقة الداخلية لعلب الدواء من الإسبانية إلى الفرنسية، ثم اشتغلت في التجارة الحرة لمدة ست سنوات حتى التحقت بقطاع التعليم سنة 1999 وإلى الآن أعمل مكلفا بالأنشطة المدرسية بإحدى المؤسسات الحرة».

يعترف بأن توجهه الفني قد اتسم بالإبداع حيث كان ينصت لقصائد ملحنة فيؤديها، «لكني أرى الآن أن الغناء يمكن أن يستبدل بالاستماع إلى قراءة القرآن الكريم، خاصة إذا كان بصوت قارئ جيد يقرأ بالمقامات ويحاول أن يبدع ويصور المشاهد التي في القرآن الكريم».

الشيخ الكملي.. نال شهادة «ماستر» في السياحة فأصبح خطيبا 

يعد الشيخ سعيد الكملي، الذي تجاوز بقليل الأربعين عاما، من أصحاب المسارات العجيبة، فقد اتبع في البداية تكوينا دراسيا مغايرا تماما للعلوم الشرعية، إذ درس العلوم الاقتصادية في ثانوية دار السلام بالرباط، قبل أن يحصل على شهادة الماستر في تسيير وإدارة المقاولات السياحية من المعهد العالي الدولي للسياحة بطنجة الذي قضى فيه سنوات من التحصيل والتكوين والتمرين في أكبر الشركات السياحية وكل أمله أن يصبح يوما مسؤولا عن مقاولة سياحية.

وقرر الكملي الاستغناء عن وظيفة ذات مدخول جيد ليتفرغ لحفظ كتاب الله تعالى، وكان حريصا على الذهاب كل أسبوع إلى مدينة مراكش عند الشيخ القارئ عبد الرحيم نبولسي إمام مسجد الكتبية، طيلة ست سنوات متوالية حتى أجازه في القراءات العشر. ويحفظ الكملي كذلك العديد من المتون في النحو والصرف والبلاغة والفقه والحديث والقراءات والمنطق والأدب.

التحق بجامعة محمد الخامس بالرباط، فحصل على شهادة العالمية ثم شهادة الماستر، قبل أن يحصل على الدكتوراه، فنال صفة «الشيخ» وأصبح مدرسا في جامعة محمد الخامس بالرباط، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية شعبة الدراسات الإسلامية، وكانت دروسه في الفقه والحديث والمواريث والنحو والأصول والأدب، بعيدا عن تخصصه الأول في مجال السياحة.

وبالرغم من المسار العلمي المتباين، فقد أصر على استكمال زاده من العلوم الشرعية، حتى أصبح له سند جماهيري وإعلامي يتيح له تبليغ علمه بما يليق بالعصر الحالي.

وقال الباحث المتخصص في الشأن الديني منتصر حمادة في حديث لموقع إلكتروني مغربي «قد نجد عالما يزهد في الظهور، ويفضل الركون خلف الأضواء الإعلامية، هذا خيار يفتح الطريق أمام علماء أو فقهاء من مرتبة علمية أدنى، ولكن بحكم أن الطبيعة لا تقبل الفراغ، فسوف يتم ملء هذا «الفراغ الديني» بنماذج أخرى، وهذا ما نعاينه بشكل كبير في العديد من الحالات في المجال التداولي المغربي».

غربي.. المقرئ الذي بدأ مساره من برنامج مواهب

ارتبط اسم مصطفى غربي، عميد المقرئين، بمسجد الشهداء بالدار البيضاء، المتاخم للمقبرة. لم تكن الإعاقة يوما حاجزا أمام النجاح إذا ما توفرت الإرادة القوية لذلك، تلك هي خلاصة قصة المقرئ مصطفى غربي، الذي عانى من ضعف البصر غير أن بصيرته كانت كافية لتجعل منه شيخ القراء المغاربة، فهو الذي استطاع بصوته الخاشع أن يصنع لنفسه مكانا في قلوب آلاف المصلين الذي كانوا يحجون إلى مسجد الشهداء بمدينة الدار البيضاء.

ولد الشيخ مصطفى غربي سنة 1964 بقبيلة الشراكي إقليم سطات، حرم من نعمة البصر منذ ولادته، حرمانه من هذه النعمة لم يشكل له يوما عائقا أمام نجاحه في الحياة اليومية، حيث تمكن من حفظ القرآن عن طريق السمع في ظرف أربع سنوات أي في سن 12 من عمره، حسب ما أورده موقع «السبيل».

تمكن الشيخ غربي من حفظ القرآن وكان بمثابة مفاجأة لأفراد عائلته، إذ اعتبروه كفيفا غير قادر على فعل شيء، غير أنه بفضل إصراره الشديد وملكة الحفظ السريع التي عوضه الله بها، استطاع مصطفى أن يتفوق على زملائه في كتاب القرآن وأن يحقق حلم والده في أن يكون أحد أبنائه حافظا لكتاب الله «كانت فرحة والدي لا توصف، عندما تمكنت من حفظ كتاب الله، إذ أقاموا على عادة قبيلتي ما يسمى بعرس القرآن، احتفاء بي».

مسار الشيخ غربي لم يكن واضح المعالم في البداية، فعند بلوغه سن الشباب واكتشافه لموهبة الصوت المتميز التي حباه الله بها، قرر المشاركة في برنامج مواهب، الذي كان يعده عبد النبي الجيراري، وتذيعه الإذاعة الوطنية، قبل أن يتراجع عن المشاركة في آخر لحظة.

عزوف الشيخ غربي عن المشاركة في برنامج مواهب كان نقطة التحول في مساره، حيث بدأ يتلمس طريقه إلى الالتزام بتعاليم القرآن، والاطلاع على علوم التجويد، وفي هذا الإطار أخذ يقلد تلاوات مشاهير القراء كعبد الباسط عبد الصمد.

كان غربي أول من حطم الرقم القياسي للمصلين في صلاة التراويح، انطلاقا من بداية الثمانيات في مسجد طريق بورنازيل، كما كان يؤم الناس بمسجد الحسن الثاني لمدة سبع سنوات.

الزياني.. مطرب وممثل ومقدم نشرات وواعظ 

شاءت الصدف أن يقضي سعيد الزياني طفولته بالقرب من مقر الإذاعة والتلفزيون، حيث كانت تقطن أسرته، هناك كان يلتقي بالمشاهير، قبل أن يتلقى دعوات المشاركة في برامج الأطفال التي برزت فيها مواهبه من خلال مشاركاته في التمثيليات وأناشيد الأطفال التي كانت تتسم بالبراءة وتجسد القيم والمواعظ.

في بداية الستينيات نسج الزياني أولى علاقاته مع التلفزيون، وتحول مع مرور الأيام إلى عنصر أساسي في كورال الأغاني الوطنية التي كانت تميز تلك الفترة من تاريخ المغرب. شارك في مسابقة تلفزيونية للأصوات الناشئة في برنامج كان يذاع على الهواء مباشرة اسمه «خميس الحظ»، حينها بدأت ملامح التألق تظهر في مجال الغناء، وعمره حينها لا يتجاوز الخامسة عشر ربيعا، ثم كانت له مشاركات في  برامج تلفزيونية أخرى، وهو طالب يتابع دراسته في الثانوية، إلى أن التحق كمحترف بالفرقة الوطنية للموسيقى، وأصبح يشارك أشهر المغنيين مثل عبد الوهاب الدكالي وعبد الحليم حافظ اللذين أصبحا في ما بعد من أعز أصدقائه، وفي الوقت نفسه كان يشارك فرقة التمثيل الوطنية بالإذاعة وأصبح يتقمص أدوارا رئيسية، لكنه كان يفضل إعداد وتقديم برامج إذاعية وتلفزيونية نالت نصيبا كبيرا من الشهرة، بالإضافة إلى تقديم النشرات الإخبارية في الإذاعة والتلفزيون مع أنشطة أخرى في ميدان الإعلام كالكتابة والتلحين والإخراج الإذاعي وغيرها.

قال سعيد الزياني، في أحد حواراته الإعلامية، إن سؤالا من الصحافي المغربي بوشعيب الضبار قد جعله يعيد ترتيب أوراق حياته، «طُرح علي سؤالا ذات يوم في صحيفة الميثاق الوطني، وكان السؤال هو هل أنا اسم على مسمى، أي هل أعيش السعادة في حياتي؟ كان جوابي: أنا سعيـ.. دون دال، أي ينقصني حرف على استكمال السعادة، كان ذلك في سنة 1974، فقررت أن أستغل برامجي الإذاعية للبحث عن السعادة المفقودة وخصصت لذلك حلقات جمعت فيها نظريات وآراء الكثير من المفكرين والأدباء والفلاسفة حول مفهوم السعادة»

في سنة 1981 التحق سعيد بإذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية (ميدي 1)، وأصبح نجمها المطلق، لكنه سرعان ما استقال وهاجر إلى هولندا، قبل أن يصبح داعية حيث استقر في قطر وحمل جنسيتها.

في الثامن من أكتوبر 2009، توفي الداعية الإسلامي سعيد الزياني، بعد ربع قرن من الدعوة، وذلك إثر تعرضه لحادث أليم على مشارف مدينة أبو ظبي، حيث كان عائدا من السعودية، وفي يوم الجمعة أقيمت صلاة الجنازة على جثمانه في مسجد الصحابة بالشارقة غير بعيد عن منزله في منطقة الرمثاء.

بن الصديق يدخل عالم الإفتاء من الإذاعة الوطنية

ولد الحسن بن الصديق بمدينة طنجة سنة 1929، وهي حينها تعيش تحت حماية القوى الاستعمارية الدولية، كانت لوالده زاوية دينية تعلم فيها المبادئ الأولية للقراءة والكتابة، وعمره لا يتجاوز العاشرة، وحين اشتد عوده أرسله والده إلى جامعة القرويين بفاس حيث جلس إلى كبار علمائها.

عين الحسن معلما وأستاذا ثم موجها تربويا إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1989، وخلال فترة اشتغاله في قطاع التربية والتعليم، عمل بموازاة مع ذلك كمفتي في إذاعة طنجة لمدة عشر سنوات، وانتخب عضوا بالمجلس العلمي لطنجة لعدة سنوات، ومدرسا للعلوم الشرعية في زاوية والده، وفي معهد الجامع الأعظم.

وأما الوعظ والإرشاد فقد خطب في الجمعة من عام 1955 إلى عام 1989م مع توقف طفيف، وألقى دروسا في السيرة النبوية لعدة سنوات بزاوية والده، وفي مساجد مختلفة. شارك في برنامج «ركن المفتي» الذي كانت تبثه التلفزة المغربية لعدة سنوات، ولما تأسس المجلس العلمي الأول بطنجة تحت رئاسة العلامة المرحوم سيدي عبد الله كنون عين عضوا فيه، واستمر فيه لعدة سنوات، قبل أن ينال رئاسته، كما حظي بالمشاركة في الدروس الحسنية، حيث ألقى بين يدي الملكين الحسن الثاني ومحمد السادس دروسا كان لها الصيت الذائع.

بعد تقاعده ظلت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ترسله على رأس بعثات الوعظ، وحين استشعرت بالخطر القادم من بلجيكا خاصة من حي مولمبيك، أرسلته في رحلة للدعوة والإرشاد بطلب من المغاربة المقيمين بها، واشتغل أستاذا في الفقه وأصوله والسيرة النبوية بالمعهد الإسلامي بالمركز.

توفي الحسن بالرباط يوم سادس يونيو 2010، ونعاه أمير المؤمنين، الملك محمد السادس.

رجاء.. ابنة المحتسب التي عشقت الرياضة وأصبحت واعظة وسفيرة

هي أول سيدة مغربية تلقي درسا من الدروس الحسنية أمام الملك محمد السادس في السابع نونبر 2003، وبحضور نخبة من رجال العلم والسياسة، كما أنها كذلك أول مغربية تحصل على دكتوراه الدولة في القانون من جامعة محمد الخامس عام 1997.

خلف مرور رجاء ناجي مكاوي جدلا فقهيا واسعا، وتساءل البعض عما إذا كان إسناد حقيبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى الدكتورة رجاء ناجي مكاوي، ممكنا على اعتبار انتسابها لمجال القانون، وعلى اعتبار أنها كانت السيدة الأولى التي اعتلت منبر الدرس الحسني الرمضاني في حضرة ملك البلاد وبحضور العلماء والسياسيين والدبلوماسيين وكان درسها ناجحا موفقا، تحت عنوان: «كونية نظام الأسرة في عالم متعدد الخصوصيات»، لكن القدر حولها إلى عالم الديبلوماسية فأصبحت سفيرة للمغرب في الفاتيكان.

ولدت رجاء ناجي مكاوي سنة 1959، في مدينة وزان، وسط أسرة محافظة، فوالدها محمد ناجي كان محتسبا للمدينة وأحد أعيانها ومثقفيها، أما والدتها السعدية سلام كانت ربة بيت تشرف على رعاية وتربية أبنائها الخمسة، لكن نقطة التحول في حياة هذه الفتاة اليافعة بدأ حين فقدت والدتها في حادثة، مما جعلها تتحمل مبكرا مسؤولية الإشراف على الأسرة. مارست وهي تلميذة في مدرسة الفقيه الرهوني بوزان شغبها الطفولي وعرف عنها ولعها بممارسة كرة القدم إلى جانب الذكور، قبل أن تغير حادثة وفاة والدتها مجرى الحياة، حيث أصبحت الساهرة على شؤون البيت إلى جانب شقيقتها الكبرى، لكن هذه الأخيرة تزوجت وعمرها 15 سنة مما ترك رجاء في قلب المسؤولية.

حصلت على الإجازة في القانون المدني وقانون الأعمال، ثم الماجستير من جامعة محمد الخامس بعد عشر سنوات، فكانت أول امرأة مغربية تحصل على دكتوراه دولة في القانون من جامعة محمد الخامس عام 1997 عن موضوع «نقل وزرع الأعضاء».

الفزازي.. الشاعر وحارس المرمى الذي غير «التيفويد» مساره

ولد محمد الفزازي (بفتح الفاء) سنة 1950 في قبيلة فزاز بمنطقة مرنيسة بين تاونات وفاس وتازة، من والده محمد الفزازي الفقيه ووالدته ميمونة، التي توفيت وهو في السجن. درس في المدرسة القرآنية وانتقل إلى الحاجب ثم الرباط، لكنه ظل بعيدا عن أمور الدين يعيش شبابه كفتى بوهيمي، لا يتردد في التدخين والسهر وعشق الموسيقى العربية، حيث كان يحفظ عن ظهر قلب أغاني أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وفيروز واسمهان ومحمد عبد الوهاب، إضافة إلى أغاني جيل السبعينات خاصة عبد الوهاب الدكالي ومحمد الحياني وعبد العادي بلخياط، وعرف عنه ولعه بالرسم وكتابة القصائد الشعرية خاصة العاطفية، ولطالما سهر الليالي لكتابة قصيدة مناجاة لفتاة يعشقها تحت ضوء الشموع، فضلا عن ولعه بالرسم الذي كان هوايته الثانية بعد الشعر.

في سنة 1976، تعرض الشاب محمد لمرض «التفويد»، الذي كان منتشرا في تلك الفترة، وحين لم تنفع معه محاولات العلاج بالأعشاب، دخل الفزازي المستشفى وقضى على سريره أسبوعين تحت المراقبة الطبية هناك وهو على فراش المرض اكتشف أن أصدقاءه لا يزورونه ولا يسألون عن حالته الصحية، بينما لاحظ أن فقيها في مسجد والده يواظب على الزيارة ويقضي وقتا طويلا معه، حيث يقرأ ما تيسر من آيات بينات من الذكر الحكيم. قرر الفزازي قطع علاقاته مع محيطه واعتبر رفاقه مجرد أصدقاء السوء الذين تخلوا عنه في عز الأزمة الصحية وتابعوا مجونهم بنفس الإيقاع العلماني، وحين غادر المستشفى أعلن توبته واستبدل كتب نزار قباني بكتب الفقه والشريعة وتردد على مشايخ تلك الفترة وغير عاداته وأعاد ترتيب بيته على نحو جديد في قطيعة مع أيام البوهيمية والنشاط، كما مارس الرياضة حيث كان حارسا للمرمى في لعبة كرة اليد بفضل قامته (1,90 متر) التي جعلت منه حارسا متألقا.

الزمزمي.. عاشق الكرة الذي أفتى بتأخير الصلاة بسب مباراة

في مساء العاشر من فبراير 2016، توفي الفقيه المغربي عبد الباري الزمزمي، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل، ومؤسس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عن سن يناهز 73 عاما. مات الرجل في مصحة خصوصية بالدار البيضاء قبل أن يتقرر دفنه في مدينة طنجة، بالزاوية الصديقية، بعدما صلى عليه مشيعوه صلاة العصر بمسجد الشريف حسنونة بطنجة، لأنه من مواليد هذه المدينة التي رأى فيها النور عام 1943، حيث نشأ في وسط صوفي داخل أسرة تعمل جميعها في المجال الدعوي، كما تلقى العلوم الشرعية في الفقه والحديث والتفسير من والده العالم محمد الزمزمي، قبل أن يشتهر بفتاويه المثيرة للجدل.

لكن عبد الباري الزمزمي رحمه الله، الذي عرف بعشقه لمباريات الدوري الإسباني، لم يتردد في إصدار فتوى تجيز تأخير صلاة العشاء والتراويح بسبب مباراة كرة القدم، لأن الصلاة قبل انتهاء المباراة تضعف تركيز المصلي، فتصدى له الواعظ الشرقي عبد الله نهاري رافضا تأخير الصلاة حتى ولو تعلق الأمر بضربات الجزاء.

ظل عبد الباري يتابع مباريات الكرة في بيته، ويساعد الأطفال الموهوبين على اقتناء بذل رياضية، كما أشار أحد المؤطرين يوم وفاته، فقد كان رجلا سخيا بامتياز إذ عرف بتكفله بعدد من الأسر المحتاجة بطنجة تتقدمها عائلة تقربه، إذ يحكي مقربوه أن الزمزمي كان يضع رهن إشارتهم محل البقالة الذي كان يملكه، والذي يوجد تحت منزله بعين الحياني بطنجة وأمواله في سبيل ضمان عيش كريم لهذه الأسرة المحتاجة وعدد من الأسر الأخرى.

قبل وفاته، حرص الزمزمي على تذكير أفراد أسرته بوصية لم يكتبها، بل كانت ملتمسا أخيرا من رب البيت لأبنائه، حيث يطالب بدفنه تحت قدمي والدته المدفونة بإحدى مقابر طنجة، كما كان يكثر من تلاوة القرآن والحديث عن الموت وفناء الدنيا.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى