
النعمان اليعلاوي
تتواصل بمدينة تمارة عمليات هدم عدد من البنايات السكنية والتجارية، في إطار مشاريع تروم توسيع بعض المحاور الطرقية وتحسين انسيابية حركة السير، غير أن هذه العمليات فجّرت موجة واسعة من الانتقادات، وسط تساؤلات حول الحكامة، وتدبير التعمير وحدود المسؤوليات الإدارية التي سمحت بإنجاز هذه البنايات قبل اتخاذ قرار الهدم.
وأفادت مصادر محلية بأن عدداً من البنايات، التي شملتها قرارات الهدم، شُيّدت خلال السنوات الأخيرة فقط، بعد حصول أصحابها على رخص قانونية من المصالح المختصة، وهو ما أثار استغراب المتضررين، الذين اعتبروا أن الهدم يمس بحقوقهم المكتسبة ويكبّدهم خسائر مادية جسيمة، دون أن تتحمل الإدارة أي مسؤولية عن الأخطاء السابقة.
وفي هذا السياق، عبّر عدد من المواطنين والفاعلين الجمعويين عن استيائهم من «منطق المعالجة المتأخرة»، معتبرين أن توسيع الطرقات، رغم أهميته في تحسين البنية التحتية الحضرية، كان يفترض أن يُدرج ضمن تصاميم التهيئة منذ البداية، قبل منح رخص البناء، بدل اللجوء لاحقاً إلى الهدم كحل سهل، لكنه مكلف اجتماعيًا واقتصاديًا.
ويرى متابعون للشأن المحلي أن ما يقع بتمارة يعكس اختلالات بنيوية في منظومة التعمير، حيث يتم، في حالات كثيرة، الترخيص ببنايات داخل مجالات مخصصة مستقبلًا للطرق أو التجهيزات العمومية، في غياب تنسيق محكم بين أقسام التعمير، والوكالات الحضرية والجماعات الترابية. ويؤكد هؤلاء أن المواطن يجد نفسه، في نهاية المطاف، الحلقة الأضعف، يدفع ثمن أخطاء إدارية لا يد له فيها.
من جهتهم يطالب المتضررون بتوضيح المعايير المعتمدة في اختيار البنايات المعنية بالهدم، وبفتح تحقيق إداري لتحديد المسؤوليات، خاصة في الحالات التي تتوفر فيها وثائق رسمية تثبت قانونية البناء، داعين إلى اعتماد مقاربة تعويضية عادلة أو بدائل تقنية تقلل من اللجوء إلى الهدم الكلي، كلما كان ذلك ممكنًا.
في المقابل تشير مصادر من داخل الجماعة إلى أن عمليات الهدم تندرج في إطار تنزيل مشاريع مهيكلة تهدف إلى فك الاختناق المروري الذي تعرفه تمارة، خاصة على مستوى بعض المحاور الرئيسية التي لم تعد قادرة على استيعاب الكثافة المتزايدة لحركة السير. وتؤكد هذه المصادر أن القرارات المتخذة تستند إلى تصاميم تهيئة مصادق عليها، وأن المصلحة العامة تفرض، أحيانًا، اتخاذ إجراءات صعبة.
غير أن الجدل المتصاعد أعاد إلى الواجهة مطلب مراجعة شاملة لسياسات التعمير بالمدينة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، تفاديًا لتكرار سيناريو «البناء المرخص ثم الهدم»، الذي يضرب الثقة في الإدارة، ويغذي الإحساس بالحيف لدى المواطنين، في وقت تُراهن تمارة على مشاريع التأهيل الحضري لتكون رافعة للتنمية المحلية.





