شوف تشوف

الرأي

بحارة طنجة يتمنون الشفاء للرئيس ترامب

يونس جنوحي

العالم كله مشغول بأخبار صحة الرئيس الأمريكي ترامب. مُنافسه في السباق الرئاسي، جو بايدن، تمنى له الشفاء العاجل بعد ساعات فقط على خروجهما من حرب كلامية عند أولى جولات المناظرات التي لا يتابعها الأمريكيون وحدهم وإنما يتابعها العالم أجمع.
السفير الأمريكي في المغرب، السيد فيشر، كان بدوره من أوائل الذين تمنوا الشفاء العاجل للرئيس وزوجته، كما أنه شكر المغرب والملك محمد السادس على التمنيات بالشفاء واستقرار الحالة الصحية لساكن البيت الأبيض. إذ منذ انتشار خبر تأكيد إصابة الرئيس وزوجته وبعض معاونيه في البيت الأبيض بوباء كورونا، تقاطرت رسائل الاطمئنان والتضامن من كل مكان.
وربما تكون هذه المرة الأولى منذ قرون، حيث يصاب زعيم دولة ما بوباء انتشر في الشارع بين المواطنين، وهو تأكيد آخر على أن وباء «كورونا» دخل فعلا التاريخ من أوسع أبوابه وفرض علينا في هذا العالم أن نعيش لحظات لم يكن يتصورها أحد. الأماكن السياحية الأشهر في العالم، ومنها ساحة جامع الفنا بمراكش، كلها قضت أشهرا وهي خالية على عروشها تماما، وهو ما لم يتحقق يوما طيلة القرون التي كانت فيها هذه المعالم السياحية تضج بالحياة وضجيجها.
السنة الماضية كانت إيفانكا، ابنة الرئيس ترامب، تزور المغرب في جولة لفتت انتباه العالم أجمع. وأصبح اسم المغرب يتصدر عناوين نشرات الأخبار في كل أنحاء العالم. بدون مبالغة، أصبح المغرب في الواجهة تماما، خصوصا أن تصريحات ابنة الرئيس أشادت بالإصلاحات التشريعية والقضائية في ما يخص تكريس حقوق المرأة وتمكينها من ولوج الحياة السياسية والاستفادة من مشروع توزيع الأراضي السلالية على نساء المناطق الفلاحية.
وقتها وقع خلط طريف بين «طنجة» المدينة المغربية في الشمال، وبين «طنجة» الجزيرة التي يغمرها الماء في أمريكا، والتي يطالب سكانها رئيس أمريكا دائما بإيجاد حل لالتهام أمواج المحيط الأطلسي لأرض الجزيرة التي سُميت «طنجة» تيمنا بالمدينة المغربية التي كانت تتوقف فيها البوارج الأمريكية منذ قرون ووقع ربابنتها وبحارتها وجنودها في حب المكان.
عندما كانت أخبار جولة إيفانكا ورحلتها إلى المغرب، تتوالى في صفحات الجرائد الدولية وافتتاحيات كبريات الصحف، كانت أخبار البحارة في طنجة الأمريكية تظهر محتشمة، مما جعل بعض صحافيي الخليج وأوروبا الشرقية يعتقدون للوهلة الأولى أن بحارة مغاربة يستنجدون بالرئيس الأمريكي لإغاثتهم. إلى أن أعلن الرئيس أنه سوف يدرس إمكانية تطويق الساحل بسور طويل يقي السكان من ضربات الأمواج العاتية. وهو المشروع الذي جر على ترامب بالمناسبة مجموعة من الانتقادات، خصوصا أن بعض مهندسي الموانئ كانوا قد اقترحوا مجموعة من الحلول، ليس من بينها أبدا بناء سور قد يكلف ميزانية ضخمة في وقت الأزمة.
أما أولئك الذين خلطوا بين البحارة المغاربة وبحارة «طنجير» الأمريكية، فيبدو أنهم لم يسبق لهم نهائيا زيارة المغرب. لأن البحارة الحقيقيين في طنجة، لا يهتمون كثيرا بأخبار تأثير الموج على الجبل، وكل اهتمامهم ينصب على المضاربات أثناء بيعهم لما يجود عليهم البحر به من أسماك، ثم ينتقلون بهدوء إلى مقهى «جناة البحر»، أو هكذا كتبها صاحب المقهى، محولا «جنّات» البحر إلى «جُناة» دون أن يعلم.
هناك يلعب البحارة يوميا «البارتشي» ويلعنون الحظ ووباء كورونا والتعليم عن بُعد، ويعدلون المزاج قبل أن يفكروا في العودة إلى البحر مرة أخرى.
هؤلاء لا يعلمون أن هناك في أمريكا «طنجة» أخرى، يخلط الكثيرون بينها وبين المغرب كلما ذُكر اسم «ترامب»، ومعه مشاكل البحارة، الذين تمنوا له بدورهم الشفاء العاجل. فعلا العالم قرية صغيرة جدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى