الرأي

بنكيران والضحك في غيبة الملوك

من استمع إلى الكلمة المتبوعة بالقهقهات التي تكلف رئيس الحكومة عناء إلقائها وهو ضيف على حلفائه من ورثة الحزب الشيوعي المغربي، سيخرج لا محالة بنتيجة أن السي عبد الإله ليس لديه ما يقدمه للشعب الذي انتخبه سوى أخبار «حاجيتك وماجيتك»، واتضح أن الرجل الذي ينتظر منه الناس والعباد والمؤسسات نتائج ما أنجزه طيلة هذه المدة، ليس في رصيده سوى اجترار الماضي وإضحاك الناس بالطريقة التي ينادي بها الملك وكيف تم تعديل الدستور، وكيف مر الربيع العربي وكيف لا يزال يعادي حزب «البام»، وكيف أصبح حركة إسلامية «سابقا»..، مع باقي حكايات «عزة ومعزوة».
والظاهر أن السي عبد الإله قد حل ضيفا على حزب التقدم والاشتراكية دون أن يستمع إلى بيان وزارة الداخلية الذي حدد تاريخ الانتخابات التشريعية المقبلة، أو ربما يعتقد رئيس حكومتنا أن الخزعبلات التي ملأ بها أسماع المواطنين أيام «إسقاط الريع والفساد ومحاربة التحكم» وأوصلته إلى السلطة بمقاعد برلمانية تفوق المائة، ستنفعه ليكررها على مسامعنا وتصلح لتكون من جديد بطاقة تذكرة سفر إلى ولاية ثانية، متناسيا أن مغرب 2011 ليس هو مغرب 2016، وأن مياها كثيرة مرت تحت الجسر وبللت أرجل الحزب الحاكم.
وبعدما أقفل فمه منذ مدة بعد المذكرة التي تقدمت بها أحزاب المعارضة إلى الديوان الملكي بخصوص استعمال رئيس الحكومة لشخص الملك في أحاديثه ذات الصبغة الانتخابية، عاد عبد الإله بنكيران إلى إقحام الملك مرة أخرى في سياق سياسي فرجوي بعدما سرد بسخرية صفراء أمام رفاق نبيل بن عبد الله كيف ينادي الملك في بيته وأمام حضرته، وختم «الفراجة» بالقول «ما نعرف واش وليت من دار المخزن»، مع أن رسالته الشهيرة التي بعثها بتوقيعه إلى إدريس البصري تؤكد أن السي عبد الإله يتوفر على كل عناصر الأقدمية في الانتماء إلى دار المخزن، اللهم لو كان يعتقد لوحده أن «المخزن فيه وفيه».
ولما كان بنكيران يجد الأريحية التامة والوقت الكافي لينكت من جديد عن علاقته بالملك، كان الأخير يباشر مهامه كعاهل مسؤول عن البلاد منشغل بالأوراش الكبرى في المدن وبمخاطر الزلزال وآثار الجفاف وانعكاساته الخطيرة على الاقتصاد الوطني، أما الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، فقد دق من الآن ناقوس الخطر وأعلن أن نسبة النمو الاقتصادي لن تتجاوز 1، 3 بالمائة، مع انخفاض مخيف في الصادرات والادخار الداخلي وارتفاع الواردات، وتبعه في ذلك الجواهري، والي بنك المغرب، الذي اضطر قبل أيام قليلة فقط إلى تخفيض توقعات نسبة النمو بشأن الاقتصاد الوطني للسنة المقبلة لتصل إلى 2.1 بالمائة عوض 3 بالمائة التي كانت منتظرة…، لكن بنكيران في كل هذه المعمعة التي تهدد البلاد مرتاح البال، ومشغول فقط بإضحاك وإلهاء الناس عن الكيفية التي ينادي بها الملك، رغم أن الوقت ليس وقت الضحك، والملك ليس موضوع سخرية.
البلاد دخلت المنطقة الحمراء، والناس الضعفاء في البوادي والمدن يقاومون غلاء المعيشة وآثار الجفاف وقلة ذات اليد، والحالة الاقتصادية العامة لا تبشر بخير ولا تطمئن، وفي سنة 2015 التي ودعناها اقترض المغاربة 900 مليار سنتيم من البنوك لسد حاجياتهم في الاستهلاك، في وقت بلغت فيه القروض غير المسترجعة والتي عجز المغاربة عن أداء أقساطها لدى البنوك إلى 57 مليار درهم مع متم السنة الماضية بزيادة 5 ملايير درهم في سنة واحدة فقط…، كل هذا ورئيس الحكومة «راشق ليه وميت بالضحك»، مع أن مكارم الأخلاق علمتنا أن الضحك في غيبة الملوك وفي وقت الشدة والمحن «كايفسخ البيع» يا السي عبد الإله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى