حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

بيع ومقال

حسن البصري

 

كلما اقترب الموسم الكروي المغربي من نهايته، يظهر «شناقة» الكرة في ملاعبنا من جديد، منهم من يملك خيوط التحكم من بعيد بأصحاب الصفارات وحملة الإنذارات، ومنهم من تربطه بحراس المرمى معاملات ومناورات، ومنهم من يدعي امتلاك شبكة علاقات قادرة على تغيير ملامح المباريات وترتيب المنافسات.

قبل عشرة أيام، اتصل رئيس فريق ينتمي لقسم الهواة، ينافس من أجل الصعود إلى القسم الأعلى، برئيس فريق فقد شهية التنافس، والتمس منه تفويت نتيجة مباراة كانت ستجمعهما بعد أيام.

بدأت المفاوضات في تطبيقات «الواتس أب»، وتطورت إلى مكالمة وابتسامة فموعد ولقاء. عبر رئيس الفريق الراغب في شراء المباراة عن استعداده لدفع مبلغ مالي لكسب المواجهة الكروية بأقل اقتتال.

حدد الطرفان موعدا للقاء مباشر في مكان مستتر لاستكمال المفاوضات بتفاصيلها التقنية والمالية، حضر الرئيس المشتري بعد أن غير مكان الاجتماع تفاديا لأي طارئ. بينما حضر الرئيس «البائع» رفقة شخص آخر تم تقديمه كمسير نافذ في مكتب الفريق.

بدون مقدمات سيقدم الرئيس «المشتري» عرضه المالي وسيعبر عن رغبته في التأسيس لتعاون «مثمر» بين الفريقين، وسيبادله الطرف الثاني المشاعر الفياضة نفسها وحول كؤوس شاي سيدوسون على ما تبقى من قيم الرياضة.

سحب «المشتري» مبلغا ماليا من سترته، وسلمه للرئيس «البائع»، الذي سيسلمه بدوره لجليسهما، ثم انفض الاجتماع بالاتفاق الشفوي على تفويت نتيجة المباراة في سرية تامة، ثم راح كل إلى غايته.

أثناء سير أطوار المباراة تبين للرئيس أن الطرف «البائع» أخل بالاتفاق الشفوي، وأن اللاعبين يخوضون مباراة حياة أو موت، وأن التفويت بات صعب المنال.

اتصل هاتفيا بالرئيس «البائع» مستفسرا عن مصير بنود الاتفاق، فتبين له أن الرجل حرض العلبة الصوتية واختفى عن الأنظار.

كاد الرئيس أن يفقد صوابه، كان يضرب كفا بكف ويلعن المسيرين ويتأسف عن مصير «لكلمة» في زمن جاحد.

لحسن حظه أن فريقه سينتصر بشق الأنفس وسيتقبل التهاني من أشخاص لا يعلمون حقيقة المباراة، والمال الحرام الذي سكب عليها.

بعد أن هدأت النفوس سيرسل الرئيس المخدوع رسالة نصية إلى رفيقه في التسيير، يعاتبه على إخلاله بالاتفاق، لكن مخاطبه سيكشف له المستور.

قال له: «يا رفيقي لقد سقطت في المحظور، فالرجل الذي كان معي في الاجتماع ليس مسيرا في فريقنا كما أوهمتك، بل مفوض قضائي دون تفاصيل المفاوضات وتسلم المبلغ المالي، وأي تحرك منك سيرمي بك في قفص لجنة الأخلاقيات».

خوفا من الفضيحة، سيبتلع الرئيس المخدوع لسانه، وسيتم طي صفحة مفاوضات بين رئيسين يقومان معا بعمليات إحماء استعدادا للاستحقاقات الانتخابية القادمة.

خوفا من تهافت صحافة الإثارة، أقسم الطرفان على ابتلاع لسانيهما وصنفا النازلة في خانة مقالب «كاميرا كاشي».

الحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى لطرد المندسين في لعبة قيل إنها تجعل العقل السليم في الجسم السليم، وقيل في مرويات الأسلاف إنها تربي الممارسين على الروح الرياضية، وتصنع حسب علماء الاجتماع جيلا أنقذه القدم من جفاف القلم.

صحيح لا يمكن تنظيف المشهد الكروي من الباعة المتجولين للماتشات، لأنه لا يمكن أن تقنع الذباب بأن التحليق فوق الورود خير من التحليق فوق أكوام الأزبال والنفايات والفضلات، فالكرة أصبحت عندنا تجارة والتجارة شطارة وغفلة بين البائع والمشتري.

اليوم لا يمكن أن ننجب جيلا وفيا للقميص الذي يحمله، ففي زمن التنقل من فريق لآخر لا يمكن الحديث عن الوفاء، لأن «الوفاء العظيم» مجرد فيلم مصري بالأبيض والأسود انتهت صلاحيته في زمن بالألوان.

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى