حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسية

تدنيس الأماكن المقدسة

كتاب القدس الحلقة 9

لقد أبان الشعب الفلسطيني عامة، وسكان القدس خاصة عن بطولة واستبسال عظيمين في مواجهة كل المناورات الإسرائيلية، بما فيها إجراءات ضم القدس إلى إسرائيل، وعبروا عن ذلك من خلال رفضهم الانضمام إلى مجلس المدينة في صيغته الإسرائيلية، وتشكيلهم لهيئة إسلامية تتولى رعاية الشؤون الدينية في الضفة الغربية بما فيها القدس، بل إن الأمر تطور إلى تبني خيار الكفاح المسلح والمقاومة، وهو ما تصدت له إسرائيل من خلال سياستها العسكرية العدوانية القائمة على الترهيب والتصفية الجسدية لرموز المقاومة ونسف المنازل وتوسيع الوحدات الاستيطانية والاعتقال الجماعي، وما إلى ذلك من الممارسات الهمجية والوحشية، دون أن ننسى تدنيسها واستباحتها للأماكن الإسلامية المقدسة، نظير إحراقها للمسجد الأقصى سنة 1969م، وحفرها في أساسات هذا المسجد بحثا عن هيكل سليمان، وما ترتب عن ذلك من هدم للمنطقة الواقعة قبالة حائط المبكى وإجلاء سكانها العرب بعد نسف منازلهم، إضافة إلى هدم العديد من المساجد الإسلامية كـ: جامع الزاوية والجامع المتاخم لجنوب حائط المبكى وكذا أجزاء من كنيسة القديس يوحنا، دون الحديث عن نهب وسرقة التحف الأثرية… إلخ.

المدينة المقدسة
ليست هناك مدينة تستقي قدسيتها من اسمها غير القدس، فهي اسم على مسمى، مثلما ليست هناك مدينة أسبلت عليها الأديان الثلاث من القداسة والتكريم مثل القدس، ولا أدل على ذلك من أنها تضم بحسب بعض الإحصائيات الحديثة: 73 مسجدا و158 كنيسة و1204 كنس.
لا شك أن الأهمية الدينية والروحانية لمدينة القدس هي ما تمنحها تلك القداسة التي تضاهي قداسة مكة والمدينة عند المسلمين، أما عند اليهود فالمدينة تستمد قداستها من قيمة الأنبياء الذين مروا بها، ذلك أن المخطوطات العبرانية تفيد أن النبي والملك داود عليه السلام فتح القدس وجعلها عاصمة لمملكة إسرائيل الموحدة، وقد دام حكمه 40 سنة ليخلفه بعد ذلك ابنه النبي والملك سليمان عليه السلام، والذي بنى الهيكل الذي يسميه اليهود بـ«هيكل سليمان»، ويكتسي هذا الهيكل عند اليهود أهمية وقداسة ما بعدها قداسة، فهم يعتقدون اعتقادا راسخا أنه المكان الذي يثوي فيه تابوت العهد، وبناء على هذا المعتقد فهم لا ينفكون عن الحفر في أساسات المسجد الأقصى بحثا عن هذا الهيكل، وقد ورد في التوراة أن اليهود شادوا هيكلا آخر يدعى هيكل حيرود بعد أن تم تدمير هيكل سليمان، وتم ذكره في الكتاب المقدس 632 مرة.
ومن الأماكن المقدسة كذلك عند اليهود نجد حائط المبكى، ويعرف أيضا باسم حائط البراق، وهو ثاني أقدس الأماكن اليهودية بعد قدس الأقداس، ويقع هذا الحائط غرب الحرم القدسي الشريف، وهو آخر ما تبقى من السور القديم الذي كان يحيط بمعبد حيرود، وفق المعتقد اليهودي. ويرجع تاريخ الصلاة والتعبد بجواره إلى القرن الرابع، ولا يزال اليهود يزاولون عبادتهم عند هذا الحائط إلى حد اليوم، ويحرصون على أن تُبنى جميع كنسهم في العالم بشرط أن تكون محاربيها في اتجاه القدس، على أن تكون محاريب كنس القدس في اتجاه قدس الأقداس، أما صلواتهم فهي، بحسب الشريعة اليهودية، يجب أن تتلى في اتجاه القدس وهيكل حيرود. وللتدليل على مكانة القدس عند اليهود يكفي أن نذكر أنها وردت في التناخ 669مرة، أما اسم صهيون المرادف عند اليهود للمدينة ولفلسطين ككل فذكر 154 مرة. وفي سبيل إكساب القدس دورا دينيا ونوعا من القداسة، عمد اليهود إلى بناء كنيس القدس الكبير، وهو أكبر الكنس بالمدينة حاليا، وقد تم التخطيط لبنائه سنة 1923م إبان الانتداب البريطاني، ليُستكمل سنة 1958م بمساعدة الأثرياء اليهود.

معالم مسيحية
لا يقل إجلال المسيحيين للقدس عن إجلال اليهود لها، وها هنا يلعب التاريخ والدين كذلك دورا أساسيا في هذا التقديس، فمن جهة ورد ذكر القدس عند المسيحيين في العهد القديم، ومن جهة أخرى وسمت هذه المدينة حياة المسيح عيسى عليه السلام بميسم خاص، فبحسب العهد الجديد تم استقدام المسيح إلى القدس بعد ولادته ببيت لحم بوقت قصير، كما يعتقد المسيحيون أنه تم صلبه بالتلة المعروفة باسم جلجثة، وهي من المواقع المسيحية المقدسة بالمدينة، إضافة إلى التلة التي تقع على جبل صهيون، حيث يقع ضريح الملك داود، والتي يعتقد أن المسيح وحوارييه تناولوا فيها العشاء الأخير.
ومن أهم المعالم المسيحية المقدسة التي تحتضنها القدس نذكر كنيسة القيامة، التي يؤمن المسيحيون أنها شيدت على تلة الجلجثة، حيث صلب المسيح يسوع عليه السلام، كما أنها – بحسب معتقدهم- تضم مدفنه والمكان الذي قام فيه من الموت، ونظرا لقدسيتها شكلت مزارا للحجاج المسيحيين حول العالم منذ القرن الرابع وإلى يومنا هذا، وهي إضافة إلى ذلك تأوي مقر بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية، وتحتضن ثلاث طوائف: الرومان الكاثوليك، الروم الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس، وقد نشبت بين هذه الطوائف احتكاكات وصراعات حول مسألة الاحتفاظ بمفاتيح الكنيسة، إلا أنه في عهد صلاح الدين تم تسليم المفاتيح إلى عائلة مسلمة درءا للمشاكل بين تلك الطوائف، وهو الحل الذي يشاع أنه ما زال معمولا به إلى حد الآن.
ومن أهم المعالم المسيحية المقدسة الموجودة في القدس نذكر ضريح السيدة مريم، الذي تؤمن معظم الكنائس الشرقية أنه مكان دفن مريم العذراء، أم المسيح عليه السلام، وكاتدرائية القديس جرجس، وباب الأسباط وهو إحدى بوابات المدينة القديمة ويمثل بداية طريق الآلام التي سار عليها المسيح حتى صلب وفق ما يعتقده المسيحيون، وهي محجهم إلى يومنا هذا حيث يتعقبون خطى نبيهم عيسى عليه السلام .
كثيرة هي الأديرة والكنائس المسيحية المنتشرة في مدينة القدس، والتي تحكي كل واحدة منها تاريخا وقصصا مرتبطا بالأساس بالمسيح ومريم الباتول وغيرهم من القديسين المسيحيين، وهي في غالبها الأعم تعرضت لعوادي الزمن وللهدم من طرف الغزاة، ثم أعيد بناؤها وترميمها على مدار تاريخ القدس، وما زالت تشد إليها أعدادا من الحجيج المسيحيين من مختلف بقاع العالم.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى