
النعمان اليعلاوي
شهدت أشغال الدورة العادية للمجلس الجماعي لبوزنيقة، المنعقدة يوم الأربعاء 10 شتنبر الجاري، تطورات غير مسبوقة بعدما فجّر المستشار الجماعي طارق السعدي فضيحة تعميرية، وأعاد إلى الواجهة ملف خروقات التعمير التي ظلت لعقود مثار جدل في المدينة، وكشف السعدي معطيات قال إنها موثقة وتؤشر على خروقات خطيرة ارتكبها النائب الرابع للرئيس السابق، محمد كريمين، المدعو (ح.أ)، الذي تولى خلال الولاية الانتدابية ما بين 2009 و2015 صلاحيات واسعة بموجب تفويض رسمي، استغله ـ وفق ما جاء في الوثائق المعروضة ـ لتمرير رخص بناء تفتقر إلى المشروعية القانونية.
وأبرز المستشار أن هذه الخروقات تتعلق بترخيص لبناء محطة وقود على عقار لا تتعدى مساحته 5308 أمتار مربعة، حسب شهادة الملكية للرسم العقاري رقم 19535/25، في وقت ينص فيه قانون التعمير في المجال القروي على شرط أساسي يتمثل في ضرورة التوفر على هكتار واحد على الأقل للاستفادة من ترخيص بناء محطة من هذا النوع، وهو ما يجعل “الرخصة الممنوحة مخالفة للقوانين الجاري بها العمل، ومثالا صارخا على استغلال النفوذ والالتفاف على المقتضيات التنظيمية”.
في السياق ذاته، أوضح السعدي أن النائب السابق استغل وضعه الاعتباري من أجل تشييد حي حرفي بشكل عشوائي، دون احترام المساطر أو الحصول على التراخيص الضرورية، وهو ما أدى إلى خلق بؤرة عمرانية غير خاضعة للمراقبة، كما أضاف أنه عمد إلى بناء قاعة حفلات دون ترخيص، في تحد صارخ للقانون، مستفيدا من تغاضي السلطات آنذاك، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول ظروف وملابسات السماح بمثل هذه الخروقات التي تمس بسلامة المجال العمراني للمدينة.
وبحسب المعطيات التي حصلت عليها “الأخبار”، فإن النائب الرابع السابق لم يكتف بالخروقات المذكورة، بل عمد أيضا إلى استغلال عقار تابع للمكتب الوطني للماء، مستغلا موقعه لفتح ممرات ووضع علامات إشهارية وتشويرية، فضلا عن استخدامه كموقف للسيارات دون أي سند قانوني، هذا الاستغلال غير المشروع لعقار عمومي يثير شكوكا حول حجم المصالح الشخصية التي تحققت من وراء هذه التجاوزات، ويضع علامة استفهام حول دور المراقبة المؤسساتية في الحد من مثل هذه الممارسات.
وتشير الوثائق ذاتها إلى أن المشروع موضوع الجدل يقع على الطريق المؤدية إلى بنسليمان، على مقربة من الملعب الكبير الجاري تشييده بالمدينة، غير أن ما أثار استياء السكان المحليين هو أن قاعة الحفلات المشيدة في هذا الإطار توجد بمحاذاة مقبرة المدينة، حيث تقام بها حفلات وأعراس بشكل منتظم، في تجاهل تام لما تفرضه حرمة الموتى من احترام وصون، وقد عبرت عدة أصوات محلية عن رفضها لهذا الوضع، معتبرة أن “استغلال المقابر كمجال تجاري أو ترفيهي يمس بمشاعر السكان ويتعارض مع القيم الاجتماعية والدينية”.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه التطورات تتزامن مع مذكرة حديثة وجهها وزير الداخلية إلى العمال والولاة، شدّد فيها على ضرورة التدخل الصارم لوقف اختلالات التعمير المنتشرة على طول محور الرباط – الدار البيضاء، باعتباره المجال الأكثر ضغطا عمرانيا واستقطابا للاستثمارات والمشاريع الكبرى. المذكرة ذاتها نبهت إلى أن استمرار مثل هذه الخروقات يهدد التوازن العمراني والبيئي، ويعرض المسؤولين المنتخبين والإداريين للمساءلة القانونية.





