شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

تعرضت للضرب حين رفضت كشف معلومات حول القاعدة العسكرية لسيدي سليمان لمحققين جزائريين

مانسيناكش علي عثمان (طيار مغربي أسير سابق للبوليساريو):

حسن البصري

متى سقطت في الأسر؟

مباشرة بعد عودتي من مكناس، تلقيت، إلى جانب زملائي، خبر تعرض عصابات البوليساريو لفيلق للمؤونة ضواحي بوجدور، وحصلت مواجهة غير متكافئة حيث كانت عناصر البوليساريو مجهزة بسيارات عسكرية من نوع متطور، وقتل ضابط صف مغربي اسمه زعنون. تلقينا أوامر بالتحليق واعتراض ميليشيات البوليساريو خلال عودتها، كان ذلك يوم 24 غشت 1977. عندما أردت تقديم المساعدة لقافلة للتموين شمال بوجدور في منطقة تسمى ليتيمة، وكانت الأجواء جد غائمة والرياح قوية، خرجت وطيار شاب في مهمة القصف، طلبت منه أن يحلق في أجواء عالية ويوفر لي السلامة على أن أتكلف بضرب البوليساريو، وحين وجهت ضرباتي مرتين وحاولت الرجوع إلى القاعدة في العيون، طلب مني الاستمرار وكان تحليقي قريبا. هنا ستتعرض طائرتي لإصابة بصاروخ «صام 7»، واستعنت بالمظلة بعد أن تعطل المحرك وسقطت بالقرب من بوجدور. هناك وقعت في الأسر وأنا أعاني من كسر من شدة ارتطامي بالأرض.

كيف عشت محنة التحقيق؟

يجب أن يعرف الجميع أن سقوط ضابط في الأسر صيد ثمين للجزائريين وللبوليساريو، والتحقيق مع ضابط، خاصة إذا كان طيارا، يختلف عن التحقيق مع مدني أو جندي. العصا والضرب المبرح والجلد هي اللغة السائدة أثناء جلسات التحقيق التي يشرف عليها ضباط جزائريون لهم إلمام بالجانب العسكري. تصور أنني تعرضت لكسر ولم أتلق العلاج إلى أن تعافت الرجل المكسورة من شدة الإهمال، تحولت إلى أسير أعرج أُساق إلى مكاتب التحقيق بساق مكسورة، وحين كانوا يضربونني ينتفض بعض الجنود المغاربة الذين عاشوا معي محنة الرابوني، وأغلبهم من مناطق تازة، كانوا يرفضون إذلال ضابط مغربي من طرف أشباه محققين يسألونك والسياط في أياديهم لإيمانهم بأن الحقائق تنتزع بالضرب. كانوا يقولون لي «نحن نعرف تفاصيل عسكركم»، وكنت أقول في دواخلي «نحن أيضا نعرف تفاصيل تحركاتكم».

ما طبيعة الأسئلة التي كانت توجه إليك؟

الضباط الجزائريون الذين كانوا يستنطقونني كل يوم، يسكنهم حقد دفين ضد المغرب، كانوا يسألون عن نوع الطائرات، عن المطارات العسكرية، عن القواعد وعن الموارد البشرية، ولديهم معلومات عن الثكنات. أتذكر أن الطيار المحجوب المعطاوي، الذي سقط في الأسر أواخر سنة 1979، طلبوا منه معلومات عن القاعدة العسكرية لسيدي سليمان، وحين أنكر معرفته بها، وقف ضابط جزائري وفتح حقيبة وكشف عن أجندة تتضمن مجموعة من الهواتف وقال له: «هذا رقم هاتف قاعدة سيدي سليمان»، وبدا مزهوا وهو يعطي هذه المعلومة التي قد يكون أحد الطيارين أعطاها له ولن تفيده أبدا. الأهم عند الجزائريين أن يمزجوا بين الاستنطاق والضرب، وفي نهاية الأمر يأتون بصحافيين جزائريين ليقولوا ما شاؤوا.

كيف كنت تقضي أيامك في السجن؟

اهتديت إلى فكرة عجيبة لنسيان طول مدة الاعتقال، وضعت الحروف الأبجدية وقلت في دواخلي سأعتبر كل حرف بمثابة سنة من الأسر، 26 حرفا أي 26 سنة من الأسر، الذي كانت ظروفه مأساوية، حيث كنت أبيت في شبه حفرة. هنا يحضرني شخص صحراوي عاش مأساة حقيقية في الرابوني، اعتقلوه ظنا منه أنه جاسوس لفائدة المغرب علما أنه مجرد مرشد صحراوي للقوافل في منطقة توكال. كشف لي عن حبه للمغرب وكراهيته للبوليساريو، كان التحقيق معه رهيبا، فقد نزع الجلادون لحيته حتى أصبح وجهه في وضع رهيب، كان هذا الرجل الصحراوي يجاورني في الأسر بالرابوني لكل منا غاره.

سيتم نقلك من الرابوني إلى سجون الجزائر؟

لست الوحيد، وطبعا بدون سابق إشعار، أخذوني في شاحنة جزائرية رفقة 25 معتقلا، وجدت نفسي في مطار تيندوف ومنها أخذنا الطائرة صوب الجزائر، حيث تم الزج بي في سجن البليدة لتبدأ مرحلة استنطاق جزائري جديد. علمت في ما بعد أن هذا السجن الرهيب كان معتقلا سريا أثناء حقبة الاستعمار الفرنسي، كل ما يعرف عنه أنه سجن يختص في التعذيب بأقصى درجاته ونادرا ما يغادره السجين حيا.

هل كان سجن البليدة امتدادا لسجن البوليساريو؟

من خلال اختلاس نظرة يتضح أنه لا وجود للبوليساريو بدون الجزائر، كنت أنظر من خلال منفذ في زنزانتي إلى ما يجري في الممر، فشاهدت قدم شخص يقدم شبه وجبة دون أن أتمكن من التعرف على محياه، سألته: «هل أنت مسجون؟». رد علي بأنه جزائري فتعجبت كيف لجزائري أن يعتقل معنا، ومن خلال علاقتي به سيكشف لي عن وجود القبطان الزكاي الذي أعرف أن جسده تعرض لإصابات وضرب مبرح وآثار رصاص. في ذلك السجن قضيت سنة كاملة. كان ذاك الشخص يعيش وضعا صحيا صعبا. شاهدته في تيندوف وأعطاني مشكورا مجلة قديمة ساعدتني على تجاوز محنة السجن.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى