شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

تفاصيل اجتماع سري لتبرئة جبهة الإنقاذ من التمويل الخارجي

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

يقول هشام عبود إن الاجتماع مع المسؤول السعودي جرى في مقر الإقامة الرسمية لرئاسة الجمهورية، حيث التقى هذا الأخير مع مسؤولين جزائريين حضروا العشاء، وكأن على رؤوسهم الطير أمام الجنرال العربي بلخير، الذي كان مدير ديوان رئيس الجمهورية.

 

سيرك من «الجنرالات»

في مواضع كثيرة من هذه المذكرات التي كتبها الصحافي الجزائري هشام عبود، يظهر جليا أنه عندما كان في المسؤولية العسكرية، لم يتخل أبدا عن «جُبة» الصحافي الذي بداخله، فقد بدا واضحا أنه كان في مهمة صحافية وهو يمارس مهامه الإدارية في الجيش.

وفي محاور هذا الكتاب يفضح ممارسات الجنرالات الجزائريين وكيف كانوا يضعون مستقبل الجزائر كلها في كف عفريت وهم يستسلمون لنزواتهم وينهبون اقتصاد الجزائر، بل ويدمرون العلاقات الدبلوماسية لبلادهم مع دول أخرى شقيقة، على رأسها المغرب بطبيعة الحال.

 

دبلوماسية داكنة

أصبح لون البذلة العسكرية الداكن مهيمنا على كل ألوان الطيف الأخرى في المشهد السياسي والرسمي للجزائر، بل ولم يكن هناك أي لون باستثنائه. يصف هشام عبود أجواء اللقاء بين المسؤول السعودي الذي جاء أصلا لكي يسمع مبررا قويا من الجزائر التي اتهم رئيسها سنة 1990 السعودية بالوقوف وراء تمويل جبهة الإنقاذ التي يعتبرها الجيش جماعة إرهابية متطرفة. يقول: «في المساء، استُقبل الضيوف من طرف الجنرال العربي بلخير. حضرت المقابلة التي غلب فيها السؤال عن صحة أمير من الأمراء على الأسئلة المتعلقة بالأمن. كان حديثا في الصالون بين أناس مستأنسين ببعضهم.

بعد انتهاء مهمة المسؤول السعودي، حاول الجنرال بلخير إقناعنا، الضابطان المُسنان وأنا، بأن السعوديين ليست لديهم أي علاقة بتمويل الأصوليين في الجزائر، وأن المعلومات التي وصلتنا من أجهزتنا السرية، لا أساس لها من الصحة».

 

الصحافي لا يتقاعد

يقول هشام عبود، مواصلا وصف أجواء تلك الأمسية بعد انتهاء العشاء، إنه رد على الجنرال بلخير قائلا إن جهات كثيرة تتهم السعودية بتمويل جماعات إسلامية في مناطق مختلفة. واستشهد هشام عبود بما سبق للجنرال محمد بتشين أن صرح به خلال قمة أمنية مغاربية، في يونيو 1990، بشأن الأنشطة الوهابية في منطقة المغرب العربي. وقد كان هشام عبود وقتها مدير ديوان هذا الجنرال، أي أنه كان مطلعا على مضامين الملفات التي كان يحملها معه.

من أين كانت تأتي تلك الملفات؟ من المخابرات العسكرية. وهذه المخابرات في الجزائر كانت تقوم أساسا على قمع أدوار المؤسسات الأمنية العادية.

والكارثة، كما يفضح هشام عبود في هذه المذكرات، أن تقارير المخابرات العسكرية لم تكن دقيقة بالمرة، بل كان يُكتب فيها ما يريده الجنرالات وما يفكرون فيه.

لم يستسغ بعض المسؤولين الجزائريين في الجيش تعليقات هشام عبود على تصريحاتهم. فقد كان الجنرال بلخير يريد أن يطوي صفحة الخلاف مع المملكة السعودية بحضور هشام عبود الذي كان حاضرا طيلة اللقاء، ولم ير أي دليل جزائري يُرفع للسعوديين بشأن تلك الاتهامات. وهكذا مُرغ وجه الجيش من جديد في الوحل.

 

حمام الدم

قبل أن يفرد هشام عبود تفاصيل تجاربه مع جنرالات الجزائر أثناء وجوده في المسؤولية، تطرق أولا إلى مسألة الإرهاب الذي أرعب الجزائريين وحصد آلاف الأرواح وترك جروحا لم تندمل إلى اليوم رغم مرور قرابة ثلاثة عقود على تلك الأحداث.

يتعلق الأمر بالمذابح والتفجيرات التي عرفتها البلاد منتصف التسعينيات، والتي وجه خلالها النظام الجزائري أصابع الاتهام إلى جبهة الإنقاذ.

أعضاء الجبهة تعرضوا للاعتقالات والتعذيب بسبب تلك الاتهامات، وفر كثيرون منهم خارج الجزائر لكي يصرحوا للصحافة بأن الجيش الجزائري يشن إبادة ضد الشعب.

هناك بعض الحقائق الصادمة التي نقلها هشام عبود بهذا الخصوص، والتي جعلت مذكراته تصبح غير مرغوب فيها داخل الجزائر، لأنها أسقطت قلعة من الوهم الذي حاول الجنرالات بناءه لأزيد من ثلاثة عقود من محاربة المعارضة.

في قادم الحلقات سوف نرى كيف وصل هشام عبود إلى مكتب الجنرال بتشين وكيف عاش مع جنرالات الجزائر الأقوياء لحظات تختلط فيها الحسرة بالسخرية من الوضع.

هشام عبود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى