حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

حكومة تل أبيب على حافة الهاوية

ملفات بالكنيست وتشريعات مثيرة للجدل تُجبر نتنياهو على مواجهة شبح الانتخابات المبكرة

تعيش الساحة السياسية الإسرائيلية حالة من الغليان غير المسبوق، وسط مؤشرات قوية على أن الأسابيع المقبلة قد تحمل تطورات دراماتيكية ربما تعصف بالكنيست وبمستقبل حكومة بنيامين نتنياهو. فبعد توقيع اتفاق وقف الحرب على قطاع غزة، بدت الأجواء الداخلية في إسرائيل مشحونة ومتوترة، في ظل ملفات حساسة تتصدر جدول أعمال الكنيست مع انطلاق دورته الشتوية الجديدة.

 

إعداد: سهيلة التاور

 

من أبرز الملفات المثيرة للجدل بالكنيست الإسرائيلي مشروع قانون تجنيد المتدينين المتشددين (الحريديم)، ومقترح ضم أجزاء من الضفة الغربية، إضافة إلى النقاشات الساخنة حول تشكيل لجنة تحقيق رسمية في إخفاقات هجوم السابع من أكتوبر 2023، فضلاً عن محاولات تمرير تشريعات تتيح لنتنياهو تجنب المحاكمة في قضايا الفساد. ومع تصاعد الجدل حول هذه القضايا، تتزايد التقديرات بأن الدورة البرلمانية الحالية قد تكون الأخيرة قبل حلّ الكنيست والدعوة إلى انتخابات مبكرة قد تجرى خلال صيف العام المقبل.

 

قانون تجنيد الحريديم.. القنبلة الموقوتة داخل الائتلاف

 

يرى محللون إسرائيليون أن قانون التجنيد الإجباري للحريديم يشكل أخطر القضايا، التي تهدد استقرار حكومة نتنياهو، إذ يواجه الائتلاف انقسامات حادة بين الأحزاب الدينية التي ترفض التجنيد وأعضاء كنيست يطالبون بفرض عقوبات صارمة على المتهربين من الخدمة العسكرية.

ويؤكد الكاتب أمير أتينغر، في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن الكنيست يعيش حالة من «الشلل السياسي»، في ظل صعوبة تمرير أي قانون دون مواجهة داخلية حادة، مشيراً إلى أن مصير البرلمان الحالي قد يكون الحلّ والذهاب إلى انتخابات مبكرة.

ورغم نصائح مستشاري نتنياهو، بضرورة استباق الأزمات بإعلان انتخابات بعد انتهاء الحرب وعودة الأسرى من غزة، فضّل رئيس الوزراء التريّث، على أمل أن يستغل الوقت المتبقي لتعزيز اتفاقات التطبيع مع دول عربية جديدة قبل أي تغيير حكومي.

لكن المعضلة الأكبر تكمن في فقدان الائتلاف أغلبية مريحة تتيح له تمرير القوانين الحساسة، وعلى رأسها قانون إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، وهو قانون يرى فيه المتدينون «قضية وجودية».

وتشير تقارير القناة 12 الإسرائيلية إلى أن نتنياهو يحاول تقديم صيغة وسطية تُرضي الحريديم وتمنحهم مخرجاً يحفظ ماء الوجه، فيما يحرص في الوقت ذاته على عدم استفزاز المحكمة العليا التي سبق أن أسقطت مشاريع مشابهة.

وبحسب تقارير القناتين 12 و13، فإن أي فشل في التوصل إلى تسوية سيؤدي إلى تعطيل جلسات التصويت في الكنيست، ما يعني شللاً تشريعياً شبه تام. وتخشى الحكومة من أن يؤدي تمرير القانون بصيغته الحالية إلى احتجاجات في الشارع الديني، وهو ما يجعل نتنياهو يسعى لتأجيل المواجهة وكسب الوقت.

 

ميزانية الدولة.. اختبار بقاء الائتلاف

الملف الاقتصادي لا يقلّ حساسية عن العسكري. فإقرار ميزانية عام 2026 يشكل شرطاً أساسياً لبقاء الحكومة، إذ إن فشل الكنيست في إقرارها قبل نهاية مارس المقبل سيؤدي تلقائياً إلى حله.

ووفقاً لتقارير صحيفة «إسرائيل اليوم»، يسعى نتنياهو إلى تبكير التصويت على الميزانية في يناير المقبل، لكن المعضلة تكمن في ربط الحريديم دعمهم للميزانية بإقرار قانون التجنيد أولاً.

ويرى مراقبون أن هذا التشابك بين الملفين يجعل الكنيست عملياً في حالة شلل تام، وأن الحكومة قد تجد نفسها عاجزة عن تمرير أي مشروع قانون قبل التوصل إلى حل وسط. ومع ذلك، يبدو وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، مصمماً على تمرير الميزانية، التي يعتبرها «آخر اختبار حقيقي لبقاء الحكومة»، وقد وجّه تعليماته للإسراع بصياغة بنودها.

في المقابل، تتصاعد خلافات جديدة حول قانون تعيين مفوض الخدمة المدنية، بعدما قضت المحكمة العليا بضرورة اعتماد آلية تنافسية لضمان الاستقلال المؤسسي. ويسعى نتنياهو لتغيير هذه القاعدة لتمكين حكومته من تعيين شخصيات موالية للتيار اليميني، في خطوة تراها المعارضة محاولة للسيطرة على مفاصل الدولة.

وتتضمن الدورة الشتوية، كذلك، مشاريع قوانين إضافية، بينها منح امتيازات ضريبية لجنود الاحتياط، وتوسيع مخصصات المحاربين القدامى وتشديد العقوبات على مثيري الفوضى في الشوارع.

 

غضب بن غفير وسموتريتش بعد الحرب على غزة

تزامنت انطلاقة الدورة الشتوية مع إعلان انتهاء العمليات العسكرية في غزة، وهو قرار أثار غضب حزبي «الصهيونية الدينية» و«العصبة اليهودية» الشريكين في الائتلاف، اللذين كانا يعلنان دوماً أن هدفهما الأساسي هو «القضاء على حكم حماس نهائياً».

ويرى المراسلان عميت سيغال وأنبار تويزر في القناة 12 أن إنهاء الحرب دون إسقاط حماس ترك إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، وبيتسلئيل سموتريتش، وزير المالية وعضو الائتلاف، في موقف حرج أمام جمهورهم، ما دفعهم إلى التلويح بالانسحاب من الحكومة إن لم تُستأنف العمليات العسكرية. وهدد بن غفير بتفجير الائتلاف إن لم يُقرّ الكنيست قانون الإعدام بحق منفذي العمليات الفلسطينية خلال ثلاثة أسابيع، متهماً حزب الليكود بالمماطلة في تطبيق الاتفاقات السابقة.

ويسعى الائتلاف، كذلك، بدعم من وزراء مقربين من نتنياهو، إلى تمرير قانون يسمح بتجميد جلسات محاكمته أثناء حالات الطوارئ أو الحرب، إلى جانب مشاريع قوانين أخرى تستهدف قادة حركة حماس الذين شاركوا في هجوم «طوفان الأقصى».

 

مشاريع الضمّ والانقلاب القضائي مجدداً

 

بموازاة القضايا الشائكة، تعود فكرة ضمّ الضفة الغربية إلى واجهة المشهد السياسي. فبحسب تقارير القناة 14، يستعد النائب الحاخام آفي ماعوز لتقديم مشروع قانون لتطبيق السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة، في خطوة يرى فيها اليمين الديني «حدثاً تاريخياً يجب اقتناصه قبل أي انتخابات قادمة».

ورغم تخوف نتنياهو من ردود الفعل الأمريكية، فإن التيار اليميني المتشدد يصر على المضي في المشروع، معتبرا أن «الوقت الحالي هو الأنسب لإقرار الضمّ رداً على هجوم حماس في أكتوبر الماضي». ويأتي ذلك امتداداً لتصويت سابق في يوليوز الماضي أيّد فيه الكنيست مقترحاً غير ملزم يعتبر الضفة «جزءاً من أرض إسرائيل»، وتم لاحقاً تمرير مشروع أولي لضمّ 15 مستوطنة.

في الوقت نفسه، تعود مشاريع ما يُعرف بـ«الإصلاح القضائي» إلى الطاولة مجدداً، بعدما توقفت مؤقتاً بسبب الحرب على غزة. فقد دعا وزير القضاء، ياريف ليفين، إلى استئناف خطة تغيير طريقة اختيار القضاة وتقليص صلاحيات المستشارة القانونية، في خطوة قد تعيد إشعال الاحتجاجات التي عمّت شوارع تل أبيب مطلع العام الماضي.

ووفق صحيفة «إسرائيل اليوم»، فإن الائتلاف اضطر إلى سحب بعض القوانين المثيرة للجدل من جدول الأعمال مؤقتاً، لتجنب إحراج نتنياهو خلال زيارة نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، خاصة مع استمرار مقاطعة الفصائل الدينية لجلسات التصويت.

 

لجنة تحقيق «طوفان الأقصى».. معركة نتنياهو القادمة

 

مع انتهاء الحرب، تجددت المطالب بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث السابع من أكتوبر، التي مثّلت أكبر فشل أمني في تاريخ إسرائيل الحديث. ويسعى نتنياهو إلى تشكيل لجنة حكومية «خاصة» تخضع لسيطرته، بدلاً من لجنة مستقلة يرأسها قاضٍ من المحكمة العليا كما ينص القانون، خشية أن توجه إليه أصابع الاتهام مستقبلاً.

ووفق ما نقلته صحيفة «معاريف»، فإن المعارضة ترفض بشدة هذه الخطوة، معتبرة أن نتنياهو يحاول «الهروب من المساءلة» وطمس الحقائق عبر لجنة محدودة الصلاحيات لا تملك حق استدعاء الشهود أو إجبار المسؤولين على الشهادة.

ومن جهته، حذر أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، من أن «اللجنة الحكومية الخاصة ليست سوى أداة للتستر على الفشل»، بينما اعتبر نفتالي بينيت أن الخطوة تهدف إلى تجديد الصراع الداخلي بين الإسرائيليين. أما القائد العسكري السابق، غادي آيزنكوت، فدعا إلى إنشاء لجنة تحقيق مستقلة وشاملة، معتبراً أن «المسؤولين عن الكارثة لا يمكنهم تعيين من يحقق معهم».

ورغم اعتراضات المعارضة، يحاول نتنياهو تسريع تشكيل اللجنة قبل أي حلّ محتمل للكنيست، خشية أن تفقد حكومته السيطرة على مجريات التحقيق في حال ذهاب البلاد إلى انتخابات مبكرة.

 

أفق غامض وحكومة على حافة السقوط

 

تُجمع التحليلات السياسية، في الصحف العبرية، على أن نتنياهو يعيش لحظة مفصلية في مسيرته السياسية. فهو من جهة يسعى لاستثمار اتفاق وقف الحرب ودعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب له لتعزيز صورته كـ«قائد سلام»، ومن جهة أخرى، يواجه تحديات داخلية غير مسبوقة تهدد بتفكيك ائتلافه.

وتشير موران أزولاي من «يديعوت أحرونوت» إلى أن نتنياهو يحاول تأجيل الانتخابات قدر المستطاع، آملاً في إنهاء محاكمته قبل أي استحقاق جديد، إلا أن الأزمات المتلاحقة داخل الائتلاف تجعل بقاء الحكومة حتى نهاية ولايتها في أكتوبر 2026 أمراً مستبعداً.

ويرى مراقبون أن الخلافات حول قانون إعفاء الحريديم، وملف الحرب على غزة وعودة الأسرى، إضافة إلى الصراعات الشخصية بين قادة اليمين، تجعل من احتمال حلّ الكنيست في الأشهر المقبلة أمراً شبه مؤكد.

ومع دخول إسرائيل عملياً في أجواء انتخابية، تتزايد المبادرات التشريعية المثيرة للجدل في محاولة لاسترضاء القواعد الانتخابية، ما يعمّق الانقسام السياسي والاجتماعي في البلاد.

وبحسب المراسل آرييه كالمان من قناة «آي 24»، فإن الدورة الشتوية الراهنة ستكون الحاسمة في تحديد مصير الحكومة: فإذا تمكن الائتلاف من تمرير قوانينه الأساسية فسيكمل ولايته، أما إذا فشل، فستتجه إسرائيل إلى انتخابات جديدة في ربيع أو صيف 2026 على أبعد تقدير.

ومع احتدام الجدل حول التشريعات المتعلقة بالقضاء والعلاقة بين الدين والدولة، تبدو إسرائيل على أعتاب مرحلة جديدة من الاضطراب السياسي، قد تنتهي ليس فقط بحلّ الكنيست، بل بإعادة رسم الخريطة السياسية برمتها.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى