حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

دروس الاستقبال

د. خالد فتحي

 

من القصر الملكي، الذي أعلن منذ أيام قليلة عن المخرجات الحاسمة للمجلس الوزاري، بخصوص المضي قدما في الارتقاء بقطاعي الصحة والتعليم، وبناء الدولة الاجتماعية، وفسح آفاق المشاركة السياسية أمام الشباب، خرج إلينا المنتخب المغربي الشاب مكللا بالغار ومتوجا من الشيلي. فهذا المنتخب الذي استحق الثناء الملكي وحفاوة ولي العهد الأمير مولاي الحسن، كان أيضا جديرا بثناء شعب يتوق إلى معانقة المجدين والمخلصين ويقدر البطولة ويحتفي بالنجاح.

في هذا الاستقبال الشعبي الحاشد، الذي ستتذكره العاصمة زمنا طويلا، لم يقتصر الحضور على الشباب فحسب، وإنما حضرت كل فئات الشعب المغربي في لحظة تاريخية نادرة.

الكل انضم إلى الفرحة، شبابا وكهولا، صغارا وشيوخا، رجالا ونساء. المشهد هوليوودي أسطوري، كأنما خرج من رحم رواية ملحمية. الكل كان هنا، مثل أعضاء أسرة واحدة ذابوا جميعا في كيان الوطن. تختلف بينهم، فتنظر الفرح يضيء الوجوه، ثم لا تلبث أن تلمح على محياهم نفس الشعور: فخر الانتماء إلى هذه الأمة المغربية الضاربة جذورها في عمق التاريخ… الأمة التي تمتلك ما يكفي من جينات العبقرية وقوة الروح، ما يؤهلها لتعود دوما إلى الواجهة بكل ثقة وكبرياء.

شعرت وكأن هذه الكأس، التي أهداها «الأشبال» إلى المغرب، لم تكن فقط تتويجا رياضيا، بل كانت حاملة لمعان ملأى بالعبر والدروس. لقد ضخت لدى المغاربة آمالا جديدة بعلو الجبال، وزرعت فيهم عزيمة وإصرارا من طراز خاص، وطاقة إيجابية لن تعرف الوهن.

أحتاج إلى كتاب كامل كي أشرح مشاعري ومشاعر من حولي، وهذا اليم البشري يتقاذفنا، ونحن نتطلع كي نتملى بوجوه هذا المنتخب العبقري الذي رفع الراية خفاقة في سماء العالم.

حين هتف الشعب لهذا المنتخب، لم يكن يهتف لكرة القدم، وإنما كان يفعل ذلك لقيمة الإتقان، ولثقافة التضحية، ولإحساس الوطنية الكامنة في أعماق كل مغربي.

هتف لمنتخب برهن له عن أن النجاح لا يكون بالمصادفة ولا بالتمني، ولكنه يغدو ممكنا حين تجتمع شروطه: العمل، الإيمان، الانضباط، الوحدة. إنها القيم التي علينا أن نعممها على كل القطاعات: صحة، اقتصاد، ثقافة إلخ.

المغاربة دائما يتألقون ويبدعون لما نوفر لهم مناخ الإبداع. لقد كانت الجماهير بتلقائيتها وعنفوان البهجة فيها في واقع الأمر تهتف: نحن مستعدون للانخراط متى وجدنا القدوة.

هذه الجماهير المليونية بخيلائها وزهوها بالنصر تثبت أن عوامل الفرحة قد غلبت عوامل التوتر، وأن روح الأمل ستبقى أكبر من الإحباط، وأن عوامل النجاح لا بد وأن تهزم لدينا عوامل الإخفاق.

لقد أصبح المغرب مرة أخرى بفضل هذا الإنجاز الرياضي على كل لسان، لا فقط لمنتخبه الناجح، وإنما لأننا أثبتنا أننا أمة حية، قادرة، ومصممة على أن تصنع لنفسها مكانا مشرّفًا تحت الشمس.

شئنا أم أبينا، صارت كرة القدم مدخلا من مداخل النهضة ببلادنا، فلنجعل منها قوة ناعمة تحركنا نحو الأفضل، قاطرة تتأسى بنجاحاتها القطاعات الأخرى.

لنجرب أن يكون لكل نجاح رياضي، فني، وعلمي أثر ملموس على السياسات العمومية، لبناء مغرب الكفاءة والفرص المتساوية الذي نحلم به.

لنحول كل فرح مؤقت إلى طاقة عمل دائما، هذا هو الرهان. التتويج الرياضي ليس خط النهاية، بل هو نقطة انطلاق نحو تحفيز الشباب على التميز كل في حقله الخاص به.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى