حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

حمادي في طهران

 

حسن البصري

 

كان الشاه رضا بهلوي، إمبراطور إيران، عاشقا للكرة يكاد ينام على وسادتها، كان يعتبر وزارة الرياضة حقيبة سيادية، وغالبا ما يرتدي بدلته الرياضية البيضاء ويركض في ملعب قصره بحضور الوزير والناخب الوطني.

ظل يتردد على المغرب ويحرص على حضور مجموعة من التظاهرات الكبرى، خاصة مباريات كأس العرش.

في 12 يونيو سنة 1966 شهد الملعب الشرفي بالدار البيضاء نهاية كأس العرش على شكل «كلاسيكو» حارق بين المغرب الفاسي والنادي المكناسي، الذي نزل في الموسم الرياضي ذاته إلى القسم الثاني، لكنه عوض جماهيره بالظفر بلقب الكأس الغالية بعد الفوز على «الماص» بهدفين دون رد، في مباراة شهدت تألق المهاجم حمادي حميدوش، عميد «الكوديم»، الذي تسلم الكأس الفضية من يد شاه إيران محمد رضا بهلوي.

عبر ضيف الحسن الثاني عن إعجابه بأداء النادي المكناسي، خاصة حين علم أن فريق الإسماعيلية هوى إلى القسم الموالي، وحين صعد عميد الفريق حمادي حميدوش إلى المنصة الرسمية لتسلم الكأس، قال له شاه إيران: «هنيئا لكم على الأداء البطولي، إنني أوجه دعوة لفريقكم من أجل زيارة طهران، وقضاء أسبوع كامل على نفقة الإمبراطورية، سيتكلف سفير إيران في الرباط بجميع الإجراءات الإدارية لتسهيل سفركم».

شكر حمادي الشاه على المبادرة واعتبرها فرصة لا تعوض لزيارة أرض فارس، لكنه استغل فرصة مثوله بين يدي الملك الحسن الثاني، ليعرض عليه تظلما يسكن جمهور مكناس، ثم التمس منه فتح تحقيق في أسباب نزول الفريق المكناسي، وهو ما جعل الملك الحسن الثاني يدعو وزير الشباب والرياضة لتبني القضية بتنسيق مع وزير العدل.

لكن تألق اللاعب حمادي في هذه المباراة دفع الملك، باعتباره رئيسا شرفيا للجيش الملكي، ليعرض عليه الانتقال الفوري إلى القلعة العسكرية، فاستجاب حمادي على الفور.

عناصر الفريق المكناسي رفضوا السفر إلى إيران، بدعوى انشغالهم بقضية النزول إلى القسم الثاني، وحالة الإحباط التي سادت المدينة، بينما قرر حمادي السفر إلى طهران وحيدا وقضى فترة في ضيافة الشاه، وظل سفير المغرب حريصا على تتبع برنامج الرحلة السياحية للاعب المغربي.

سافر حمادي إلى طهران، وهناك استقبل استقبالا رسميا في مطار العاصمة، ونظم اتحاد كرة القدم الإيراني على شرفه مجموعة من الزيارات للمرافق الرياضية وتعرف على الكرة في بلد يحكمه إمبراطور بيد من حديد، إلى درجة إصراره على تعيين حكام نهائي كأس الشاه.

عرض الشاه على حمادي فكرة الاحتراف في إيران لكنه رفض لارتباطه بالمغرب، وارتباطه بالفريق العسكري بناء على قرار ملكي. وبعد زيارات للملاعب والمصانع نظم رئيس اتحاد الكرة حفل عشاء على شرف الضيف المغربي، ليعود إلى المغرب محملا بالهدايا والذكريات.

كان الشاه هو الأكثر عشقا للكرة من بين عدد من القادة الأجانب الذين تابعوا معه نهائيات كأس العرش، وكان يشارك الحسن الثاني لعبة الغولف أيضا، بل إنه وجه دعوة إلى المنتخب المغربي لزيارة إيران وإجراء مباراة في كرة القدم ضد الفريق الإيراني، كان ذلك عام 1970، ورغم ذلك لم يتمكن أي لاعب أو مدرب مغربي من الاحتراف في بلد ستتحول فيه الملاعب إلى فضاءات للخطب الدينية بعد أن سقط نظام الشاه وظهر الخميني الذي ألغى حقيبة الرياضة والثقافة بجرة قلم.

كانت علاقتنا الرياضية مع إيران سمنا على عسل، قبل أن يضع فيها الروحانيون سما زعافا، ويتصدوا بالفتاوى لكل صوت رافض، مطالبين بمصادرة اللسان واعتقاله في الثغر إلى أن يأتي الله بأمر كان مفعولا.

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى