
حسن البصري
من يتابع الاحتقان السائد داخل الرجاء البيضاوي، والاقتتال الدائر حول كرسي الرئاسة، سيجد للوضع مبررا واحدا، هو أن منصب رئيس فريق لكرة القدم أكثر جاذبية من منصب عمدة أو رئيس جماعة ترابية، وأن كرسي رئيس جمعية رياضية ذات قاعدة جماهيرية أضحى آلية من آليات إنتاج الوجاهة تحت مسمى «صنع في المغرب».
هذا هو سر التهافت على قيادة الفرق الرياضية من طرف رجال السياسة، وهذه هي دواعي غضبات السياسيين حين يسقطون في امتحان رئاسة فرق الكرة.
بالأمس كان السياسي في خدمة الكرة، واليوم أصبحت الكرة في خدمة السياسة، بعد أن اختلت الموازين وأصبح الشأن الكروي جسر عبور نحو الوجاهة. كان مؤسس الوداد محمد بن جلون شوريا محاطا بكثير من الاستقلاليين، وترأس الرجاء اتحاديون وشوريون ودستوريون ونقابيون، وكان اتحاد طنجة قلعة للتجمعيين وبني ملال للحركيين وأكادير للاتحاديين، والطاس منارة للتقدميين، قبل أن يختار كثير من رؤساء هذا الزمن الولاء للانتهازيين.
في زمن مضى كان الرجاء يسير من طرف مقاومين أشداء، كحميدو الوطني وكريم حجاج والمعطي بوعبيد، وقامات سياسية ونقابية لا تهزها رياح كالسملالي ومعاش والمحجوب بن الصديق، لكن انتهى به المطاف في قبضة منخرطين ومسيرين وزعماء مدرجات وأصحاب صفحات، وأضحى مسير اليوم يرتعد لمجرد هجوم إلكتروني خاطف.
اليوم يأتينا تشخيص الحالة الصحية للرجاء من فنانة منخرطة اسمها رجاء بلمير، قالت في ندوة صحافية إن شرط تسيير الرجاء هو أن تكون رجاويا، وألقت باللائمة على مكتب مسير قضى أيامه في المعارك الصغيرة. ولأن الرجاء عندو الزين عندو لحمام فانتظروا مداخلة الفنانة الرجاوية أسماء لمنور في الجمع الاستثنائي.
لقد سئمنا من وصفات السياسيين، رجاء دعونا نجرب وصفة الفن لإصلاح ما أفسده رجال السياسة، الذين ركبوا على صهوة الفريق سنوات ومارسوا هواية القفز بالزانة على المناصب إلى أن وجدوا أنفسهم في قبة البرلمان.
للوداد فنانة تسانده بالوتر اسمها الداودية أو هذا لقبها الفني، قيل إنها منخرطة لكنها تغني في حفلات الوداد حبا في الفريق الذي عشقته منذ أن كانت لاعبة ضمن فريق نسوي في سيدي عثمان مسقط رأس رئيس الوداد سعيد الناصري.
كانت أم كلثوم عاشقة للأهلي بصوتها وغنت قطعة لهذا النادي، ما أثار جدلا واسعا بين الأهلاويين والزملكاويين، وغضب الجزائريون على وردة حين ظهرت عليها أعراض حب الزمالك.
تكمن جاذبية الكرة في كون الوداد والرجاء وغيرهما من الفرق المرجعية، أقوى جماهيريا من أي حزب سياسي ومن أي هيئة نقابية، لهذا يفضل أهل الفن حضور تجمعات الكرة ومع مرور الوقت يتحولون تدريجيا نحو دائرة القرار.
لذا طالب البعض بترك أمور الحكم لزعماء الملاعب، لأن ولاء الجماهير للنادي ثابت ولأن الوقائع أكدت أن الغضب لا يجتاحها مهما ارتفعت أسعار تذاكر ولوج مدرجات الملاعب ومهما اختنقت المسالك وداس المنظمون على كرامة المشجع.
إذا تأملنا المشهد السياسي والفني في نقطة التقاطع مع الرياضي، سنقف على حجم المعارك الضارية التي تدور رحاها حول رئاسة الفرق المغربية، فلا تسلم الجموع العامة ولا تتم المصادقة على التقارير حتى يراق على جوانبها التشهير.
تعالوا نجرب وصفة الفنان/ الرئيس ولو على سبيل الإعارة، لأن الفنان الحقيقي هو ضمير أمته الحي الذي يغني حريتها وينشد عزتها، هو من يربط مجده الفني بمجد أمته وناديه وعزتهما، هو من يسخر موهبته في مناشدة الخير والحق.
لقد يئس الرجاويون من وصفة السياسي الذي يرفع شعار «النسيان نعمة» اعتقادا منه أن طبقة غبار سميكة غطت ذاكرة الرجاويين وجعلتهم ينسون مواجع أيام حكمه، حين جثمت الأزمة المالية على ملعب الوازيس ووقف كثير من اللاعبين في طوابير قفة الإحسان.





