شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرسياسية

رسائل قوية في ندوة رؤساء لجان الخارجية بالبرلمانات الإفريقية

الدعوة لمواجهة التحديات الأمنية والنزعات الانفصالية وتأمين السيادة الغذائية

محمد اليوبي

دعا خبراء ونواب برلمانيون مغاربة وأفارقة، أول أمس الخميس بالرباط، إلى تعزيز العمل التشريعي للبرلمانات الإفريقية وتقوية دورها في الجهود الرامية إلى محاربة الإرهاب والجريمة ومواجهة التحديات الأمنية وتداعيات التغيرات المناخية على القارة، وكذلك تأمين السيادة الغذائية لبلدان القارة الإفريقية.

وشدد المتدخلون في جلسة عمل حول موضوع «المساهمة البرلمانية في تعزيز السلم والأمن في إفريقيا»، ضمن أشغال ندوة نظمها مجلس النواب يومي 6 و7 يوليوز الجاري حول «التعاون البرلماني الإفريقي في ظل التحديات الراهنة»، على ضرورة اضطلاع البرلمانيين الأفارقة بمسؤولياتهم في النهوض بالقارة الإفريقية وتنميتها، بما يحقق الاستقرار والاكتفاء والاستقلالية السياسية والاقتصادية، وتقوية أدوارها ضمن النظام العالمي.

وأكد عدد من الأكاديميين المشاركين في الندوة، على ضرورة تعزيز التعاون جنوب-جنوب لتأمين السيادة الغذائية للقارة الإفريقية، داعين إلى إقرار استراتيجيات شاملة للاستثمار المشترك في المجالين الفلاحي والزراعي، ونبه المتدخلون في جلسة عمل حول موضوع «تحديات الأمن الغذائي في القارة الإفريقية»، إلى الصعوبات التي تواجهها القارة الإفريقية والتي تفرض على مختلف الفاعلين والمسؤولين تقوية التكتل الإفريقي وتعزيز آليات التعاون والتضامن لضمان الاستقلالية الاقتصادية، لاسيما بعد تداعيات جائحة كورونا والحرب الأوكرانية والتغيرات المناخية وتزايد الضغط على الموارد الطبيعية.

ودعا رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، إلى الاعتماد على الإرادة الإفريقية المشتركة، وعلى توحيد الجهود «لرفع التحديات التي تكبح العديد من الديناميات الإنمائية في القارة»، وأكد في كلمة له في افتتاح الندوة، أن التحديات التي تواجه القارة الافريقية اليوم «لا تحتاج إلى عناء كبير أو جهد خاص من أجل تشخيصها، ولكنها تحتاج بالأساس إلى أجوبتنا الجماعية، إلى ذكائنا الجماعي، وإلى الرفع من درجة التعبئة والتأهب من أجل الترافع عن مصالح قارتنا أمام ازدهار الأنانيات القارية والقطرية في قارات أخرى، كما تأكد ذلك بالدليل الملموس خلال جائحة «كوفيد 19»».

وأبرز أن على رأس قائمة التحديات التي تواجهها القارة عودة تناسل النزاعات الداخلية أساسا في عدد من البلدان، منبها إلى أن إفريقيا ما تزال تعاني من أكبر عدد من النزاعات وأعقدها عبر العالم والتي تساهم في تعميق الهشاشة، وتتغذى منها، خاصة في السياقات الجيوسياسية التي تمكنت فيها الحركات الإرهابية ونزوعات الانفصال من أخذ مواطئ أقدام هامة في بعض مناطق القارة مقوضة التنمية والبناء الديمقراطي والمؤسساتي والاستقرار والسلم.

وشدد الطالبي العلمي على أنه إزاء الأوضاع السائدة في القارة، فإن البرلمانات الإفريقية مطالبة بالترافع من أجل استراتيجية دولية عاجلة لمكافحة الإرهاب في إفريقيا تنخرط فيها المجموعة الدولية بجميع الإمكانيات الممكنة، بالموازاة مع العمل الجدي مع حكومات البلدان المعنية من أجل تنمية محلية مبنية على شراكة «تقطع مع الأساليب التقليدية للدعم من أجل التنمية، وتمكن من تحويل إمكانيات إفريقيا إلى ثروات منتجة للشغل ودامجة للجميع».

وسجل في هذا السياق أن التحدي الأمني في القارة يتمفصل مع ما تفرضه ضرورات الأمن الغذائي، مشيرا إلى أن الحرب الجارية في شرق أوروبا كشفت عن مدى تأثر الوضع الغذائي في إفريقيا بالأوضاع الجيوستراتيجية الدولية وحجم تداعيات المنظومة التي أرساها التقسيم الدولي للعمل، على بلدان القارة.

وبعدما استعرض الموارد والمؤهلات الطبيعية والبشرية الهائلة التي تتوفر عليها القارة الإفرقية، أكد رئيس مجلس النواب على الحاجة إلى «الثقة في إمكانياتنا وفي ضرورة وأهمية التعاون جنوب – جنوب، وأن ندرك أن إفريقيا هي قارة المستقبل والفرص الواعدة»، متسائلا «وإلا فلماذا هي اليوم في قلب تنافس دولي كبير، كما يؤكد ذلك عدد الآليات التي يقال بأنها مسخرة للشراكة مع إفريقيا».

وخلص إلى القول: «سواء في موضوع مكافحة الإرهاب أو معركة بناء السلم أوتحقيق التنمية والديمقراطية والأمن الغذائي ينبغي لنا التعامل بمنطق التعاون، واعتماد استراتيجية التعاون والتوجه إلى المستقبل وتعزيز التضامن والشراكة العادلة بالارتكاز على التاريخ، بدروسه ودينامياته، واستخلاص الدروس من الحروب والأزمات. وينبغي علينا الحرص على احترام خصوصياتنا الثقافية والمؤسساتية والثقافات الإفريقية كعمق وكأفق وكرافعة للتنمية».

من جهتها، أكدت رئيسة لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج، نادية بوعيدا، أن القارة الإفريقية شكلت على الدوام فضاء تاريخيا وجغرافيا بالنسبة للمغرب، فيه تأسست استراتيجيته الإفريقية وسياسته في القارة، المبنية على الصدق والتضامن، والتي تجعل الإنسان الإفريقي في صلب التنمية، مبرزة أن هذه السياسة يرعاها الملك محمد السادس الذي جعل، منذ اعتلائه العرش، من التعاون جنوب-جنوب، وعلى وجه التحديد بين-الإفريقي، «خيارا استراتيجيا صادقا، شمل كل مناحي الشراكة الثنائية ومتعددة الأطراف وهم كل ما هو اجتماعي واقتصادي ودبلوماسي وأمني وعسكري وثقافي وديني ورياضي وإنساني».

وبالتالي، تضيف بوعيدا، فإن فهم روابط المغرب بالقارة الإفريقية «ليس مشروعا ظرفيا بل مشروعا نابعا من اختيار استراتيجي للمملكة المغربية»، مشددة على المغرب مصمم اليوم وأكثر من أي وقت مضى على المضي في تعزيز هذه الروابط بطرق ناجعة وفعالة لتحقيق التنمية والازدهار للبلدان الإفريقية كافة وتعزيز تعاونهم.

وعلاقة بموضوع الندوة البرلمانية «التعاون البرلماني الإفريقي في ظل التحديات الراهنة»، اعتبرت  بوعيدا أن البرلمانات الإفريقية، بصفتها مؤسسات دستورية وهيئات تشريعية وطرف مجتمعي، لها دور مهم في رفع التحديات التنموية التي تواجه القارة، بما فيها الطبيعية والمناخية والديموغرافية والأمنية والصحية والزراعية والغذائية والتعليمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

وأكدت أن التوصيات والمخرجات التي ستتوج أشغال هذه الندوة، ستساهم في رسم أهم المحاور التي يجب الانكباب عليها مستقبلا «حتى نرفع معا تحديات التنمية، مع ضرورة تعزيز التنسيق والتشاور بين برلماناتنا ومؤسساتنا وإشراك إداراتنا ومقاولاتنا التي تشكل الذراع الوظيفي لأجرأة ما نصبو إليه سياسيا».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى