شوف تشوف

الرأي

سفر الخروج السوري (Exodus)

حسب الشاعر (أدونيس) فإن ثلث الشعب السوري هاجر، وهو ليس بشعب سوري ثوري ذلك الذي يترك بلده؟ هاجر أو هُجر؟ الفرق عند شاعر الحداثة حرف، وفي القرآن: (الشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون).
مصطلح سفر الخروج جاء من التوراة، حين هرب بنو اسرائيل من فرعون بقيادة موسى فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم ما غشيهم وأضل فرعون قومه وما هدى.
حين ذكر لنبي الرحمة (ص) هذا اليوم قال: نحن أولى بالاحتفال به. فشرع صيام عاشوراء، لأنه خروج من نفق العبودية إلى فضاء الحرية، وهو ما يحصل للهاربين السوريين من بشار البراميلي.
وفي نهاية غشت من عام 2015 مع نزوح شعب الدياسبورا السورية، هائمين على وجوههم في غابات المجر ومستنقعات الصرب وبعوضها، وإعلان رئيس وزراء المجر البراءة منهم ثلاثا، أحدها الأسلاك الشائكة، واستعداد بلجيكا لاستقبال المسيحيين فقط منهم، ارتجت أوربا ـ لوجود الإعلام ـ لخبر اختناق سبعين إنسان سوريا ـ منهم أطفال بعمر الورد ـ في شاحنة بهائم، ماتوا متعانقين في ظلمات الشاحنة وبردها يرددون كلمة واحدة: (ما لنا غيرك يا الله). ماتوا في قلب أوربا التنوير والعقلانية، فكان موتهم قربانا للشهادة، والشهداء لهم أجرهم ونورهم، فكانوا جسر العبور للهاربين من جحيم البراميلي، عفوا الرئيس بشار الأسد (المنسق الأمني الأعلى بين أفرعة التنين الأمني). في حين أعلنت ميركل استعدادها لاستقبال 800 ألف من الشاردين الهاربين، في الوقت الذي تنظر دول الخليج الغنية إلى الكارثة بعيني ضفدع.
لقد صدق البراميلي (عفوا الرئيس بشار) في اثنتين، وكذب في كل شيء، كما وصفه الإبراهيمي حين سألته مجلة دير شبيغل الألمانية (هل يعلم بما يجري) فأجاب الخبيث بأنه يعلم الكثير الكثير. صدق في عبارة الأسد أو نحرق البلد، وصدق في جملة (ستكون حرب عالمية هنا). وهي حاليا حرب عالمية بالوكالة، يدفع ثمنها السوريون في أفظع كارثة بعد الحرب العالمية الثانية، فانهمر الدم مدرارا، مع تصدع كامل الدولة السورية، مترافقا مع تدمير أكثر من مليون منزل وآلاف المدارس والمآذن.
ولكن هل نحن إزاء خطة أكبر مما نتصور، عن تفريغ سوريا وتغييرها ديموغرافيا، كما فعل بنو صهيون في فلسطين والصرب في البوسنة، ويفعل بنو عبدان في الزبداني حاليا.
أذكر من مجلة الشيفرة (Code) نادرة التوزيع التي تصدر في سويسرا باللغة الألمانية أن الصهاينة والنازيين كانوا يتعاونون في إرعاب اليهود للهرب إلى فلسطين، حيث وضعوهم في طنجرة بخارية ـ بتعبير القشطيني العراقي ـ يطبخون فيها قرنا من الزمن؛ فمن مات منهم كان أمره جيدا، ومن قتل من العرب كان ألذ وأطيب.
ليس هذا فقط بل الشرخ التاريخي العميق بين أبناء العم الساميين ـ أو هكذا نزعم ـ فبعد لون من الاستقرار لليهود في الشرق سوف يبدؤون رحلة دياسبورا جديدة، كما يفعل السوريون مع خريف عام 2015م.
نحن حاليا أمام تحول كوني، يعلو فيه بنو صهيون والفرس علوا عظيما، وسوف يكون مصير الشرق الأوسط بين هاتين القوتين. وعلينا أن لا نستخف بالإيرانيين فهم قوم يجيدون حياكة السجادات والمؤامرات، طبعا في عباءة خضراء حسينية، وزعم المظلومية لآل البيت، في قضايا انتهت في التاريخ، ولكنهم يفعلون كما فعل الصليبيون قبل ستة قرون بزحف أوربا كلها ـ بما فيها الأطفال ـ لاسترداد قبر المسيح، وهم يدفعون كل جنس وسن لاسترداد قبور وهمية؛ لسكينة ورقية وأم كلثوم وزينب. يقولون إن رأس الحسين مدفون في الجامع الأموي، لذا هم حريصون جدا أن يلطموا أنفسهم في ساحات المسجد الأموي في سوق الحميدية المفضي إليه؛ فيهرب الناس من رائحة العرق المنبعث من أنصاف المجانين هؤلاء.
يبدو كما قال المفكر السوري (جلال صادق العظم) أننا سوف نمر في هذه المخاضة من الجنون الديني لتولد الحداثة، كما حصل في حروب الثلاثين عاما في أوربا (1618 ـ 1648م) بين (تكفيريين) حسب المصطلحات الجديدة لنصر الله وخصومه، كما كانوا من قبل يقولون بالنواصب والرافضة، فقد تبدلت الكلمات ولم تتبدل المعارك العبثية.
في تقديري أن السنوات العشرين القادمة سوف تحمل أخبارا غير سارة للعرب، جاء في الحديث ويل للعرب من شر قد اقترب. وهناك حديث عميق الدلالة عن اقتتال على كنز في الفرات ـ قد يكون ترميزا للثروة النفطية ـ يحسر الفرات عن كنز من ذهب يقتتل عليه الناس فيقتل من المائة أكثرهم كلهم يقول هو لي.
سوف تلتهم إيران البحرين في أربع ساعات، والمنطقة الشرقية من السعودية في أربعة أسابيع، وبقية الخليج سوف يضعونها تحت مظلتهم وحمايتهم كما فعلت فرنسا وبريطانيا في المشرق وأفريقيا.
ولماذا لا يتم الزحف باتجاه الكعبة والاستيلاء عليها فتصبح في يد آل البيت المزعومين وتخليصها من يد الوهابية ومن ساندهم ودافع عنهم؛ فترجع الأمور إلى نصابها.
القرامطة فعلوا من قبل أكبر من ذلك، فقد بقي الحجر الأسود رهينة أيديهم عشرين عاما، بنفس الدوافع المذهبية.
جاء في الحديث: (يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأولهم وآخرهم). وفي كتاب قاسم الحمد السوداني تنبؤات من هذا القبيل تحت مفهوم العالمية الثانية.
فإذا مرت السنوات فسوف يصدق عليهم ما قاله رب العزة والجلال عن قوم سبأ، حين غلبتهم شهوة التوسع فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فمزقناهم كل ممزق وجعلناهم أحاديث.
أنصح القارئ بالاطلاع على كتاب المؤرخ الأمريكي باول كينيدي (صعود وسقوط القوى العظمى في القرون الخمسة الفارطة).
يختصر الكاتب بجملة واحدة إذ كانت (شهوة التوسع) مصيدة الجرذ التاريخية، فهي مقتل كل القوى، وسوف تنتهي أمريكا بنفس الداء بعد أن انهارت مملكة الشر بتعبير ريغان، عفوا الاتحاد السوفياتي، وهو يملك قدرة تدمير الكون عشر مرات.
فأهلكناهم بذنوبهم ومضى مثل الأولين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى