شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

سنة بيضاء؟

 

 

يونس جنوحي

هذا العام الذي نستقبل أول أيامه، يجب أن يكون مفصليا في تاريخ التعليم المغربي. ليس على اعتبار الإضرابات المتوالية التي شّلت قطاع التربية حرفيا، ولكن على اعتبار التحديات التي تنتظر القطاع، في سياق يرتبط أولا بالنظام الأساسي الذي تتفق عليه جميع الأطراف، وأيضا بتوفير التمدرس لتلاميذ إقليمي الحوز وتارودانت، حيث دمر الزلزال مئات الدواوير والقرى التي لم يعد لبعضها وجود نهائيا.

السنة الماضية كانت عصيبة جدا، إذ إن المغرب المعاصر لم يسبق أبدا أن عاش هزات أرضية مماثلة. أبان المغاربة عن روح تضامن أثارت إعجاب العالم، وتقاطرت المساعدات من كل صوب إلى درجة أن الأهالي في القرى باتوا يصرخون لأيام يطلبون فيها من الجميع أن يتوقفوا عن إرسال الأطعمة والأغطية. لكن، رغم هذا كله، ارتفع نداء استغاثة، في أكثر من جماعة قروية، يُعلن عدم توصل بعض الدواوير بأي شيء، وكشف أيضا أن بعض الأسر لم تنل حقها في التسجيل ولم يتم إحصاؤها، وهناك أيضا من لازالوا ينتظرون دورهم في الاستفادة من الدعم الحكومي. وهناك أيضا من عاشوا ليلة رأس السنة، وهم ينتظرون للشهر الرابع على التوالي، أن يتذكرهم أحد ويطمئنهم بقرب إيوائهم وإنهاء كابوس عيشهم في الخيام.

الأسر والدواوير التي لا تزال تعيش إلى اليوم في الخيام، لا يفزعها ما يحمله المستقبل بشأن عملية الإيواء، بقدر ما يُفزعها فصل الشتاء الحالي، خصوصا مع تأخر هطول المطر. فهذا يعني أن موسم البرد سيكون قارسا وقاسيا ولن يوقف سوطه الذي يجلد الأطراف إلا هطول المطر.

الأمطار تعني تضرر المناطق التي أقيمت فوقها الخيام التي تؤوي الأهالي، إذ لا تتوفر بنيات تحتية في مداشر ظلت تعيش وفق ظروف تقليدية لا مكان فيها لا للصرف الصحي ولا لوسائل الراحة أو الترفيه.

وعلى ذكر الترفيه، لا أحد تذكر آلاف الأسر التي قضت ليلة رأس السنة في الجبال، وهي توزع بينها الأغطية التي حصلت عليها من حملات التبرع في شتنبر الماضي. لماذا لم يفكر أحد في النزول لقضاء ليلة رأس السنة مع هؤلاء، ويمنحهم جُرعة إضافية من الأمل في انتظار ما سيحمله لهم العام القادم؟

لم نسمع عن أحد من الذين نظموا حفلاتهم تزامنا مع رأس السنة، وجنوا الملايين في دقائق، يتحدث عن هؤلاء الناس أو يُرسل إليهم على الأقل رسالة، على المباشر، يدعو فيها الناس إلى تذكر إخوانهم المغاربة الذين ينامون في الخيام طيلة الأشهر الماضية.

هناك تخوف لدى العائلات المغربية من أن تكون هذه السنة الجديدة سنة بيضاء في التعليم، لكن واقع الأمر يقول إن عشرات السنوات التي مضت كانت في حُكم «السنة البيضاء»، ما دام آلاف التلاميذ، وباعتراف رسمي، لا يعرفون لا القراءة ولا الكتابة رغم أنهم ينجحون من مستوى إلى آخر طيلة سنوات.

هناك أرقام مقلقة جدا بخصوص جودة التعليم. واعترف وزراء التعليم المتعاقبون بأن المستوى كارثي بكل المقاييس، ولم يعد يخفى أيضا أن الارتجالية التي مارستها الحكومتان السابقتان بخصوص التوظيف بالتعاقد، مست كثيرا بجودة تكوين الأطر التعليمية. علينا ألا ننسى أن جيلا بأكمله من أعضاء أسرة التدريس لا يتوفر على تكوين رصين في مجال التربية، وهو، بلغة الأرقام، أقل بكثير من بقية زملائه ولا يمكن الاعتماد عليه للرهان على النهوض بجودة التعليم. ولم يعد سرا أن بعض الأساتذة يرتكبون يوميا أخطاء تماما مثل التلاميذ، وقد يسقطون بدورهم في امتحان بسيط في الإنشاء أو الإملاء!

نتمنى من الأعماق ألا تكون السنة الجديدة مجرد أيام فارغة، وأن تكون فارقة فعلا في حياة هؤلاء المغاربة المساكين.. كل عام وأنتم بخير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى