
على امتداد تاريخ كرة القدم المغربية، كانت هذه الرياضة دوما محشوة بالسياسة، بدءا بصراع الاستقلاليين والشوريين حول الريادة الرياضية، وانتهاء بركض الجيل الجديد من السياسيين نحو منصات الملاعب، أملا في اختصار طريق الوجاهة وتحقيق مكاسب شهرة جماهيرية بلقب واحد دون الحاجة إلى خطب سياسية. ففي الكرة الأقدام تنوب عن الحناجر.
بالأمس، كان السياسي في خدمة الرياضة، واليوم أصبحت الرياضة في خدمة السياسي. لم يغتن سياسيو زمان من الكرة، بل ساهموا بجهدهم ومالهم وأفكارهم في بناء صرح فرق لم يكن يرعاها المستشهرون أو يلفها الرعاة والمحتضنون بعطفهم.
في زمن مضى، كان لكل فريق خادم من خدام الدولة يحرصه ضد عاديات الفاعلين الرياضيين. وكانت الأحزاب السياسية لا تلهث خلف الرياضيين لاستقطابهم، بل العكس هو الصحيح، حيث كان استقطاب رجل السياسة إلى ملاعب الكرة مكسبا، بل لقبا فخريا يزين به النادي سجل تاريخه.
كان الرجاويون يفتخرون بحيازة حقائب سياسية مؤثرة، خاصة حين كانت تداريب الفريق تشهد حضور رجال الدولة، وكانت للوداد دروعه السياسية، كما ظل أقطاب الحركة الشعبية يرعون فريق اتحاد الخميسات وشباب خنيفرة وحزب الاستقلال يلف كيان الكرة في فاس.
ساد الاعتقاد بين كثير من رؤساء الفرق الرياضية بأن دخول الاستحقاقات السياسية لا يختلف كثيرا عن دخول بوابة النادي، فوز بالتصفيق وولاية قد تطول أو تقصر حسب مطبات الطريق. لهذا خرج كثير من أقطاب السياسة من الملاعب، آمنوا بأن الجمع بين الكرة والسياسة أشبه بجمع المجد والشهرة بأقل مجهود.
في الملف الأسبوعي لـ «الأخبار»، رصد للطريق السيار الذي عجل بوصول أسماء رياضية إلى باحة الاستراحة السياسية في قبة البرلمان أو في مقرات الوزارات.
حسن البصري
+++++++
حين كان الاتحاد الدستوري حديقة خلفية للرجاء
رغم أن الملك الحسن الثاني كشف في «ذاكرة ملك» عن محاولة اغتياله من قبل رئيس سابق للرجاء البيضاوي يدعى كريم حجاج، ورغم ارتباط الفريق الأخضر بمقاومين ونقابيين كانوا في فترة من الفترات خصوما للنظام، كحميدو الوطني والنقابي المحجوب بن الصديق وآخرين، إلا أن اسم الرجاء ارتبط وجدانيا بحزب الاتحاد الدستوري، وكان المعطي بوعبيد الرئيس السابق للرجاء البيضاوي أول أمين عام للحزب، وتسلم عبد اللطيف السملالي مقود الرجاء والحزب وتلاه محمد الأبيض ثم القيادي «لكوايري» عبد العزيز المسيوي، ومنذ بداية الثمانينات إلى الآن مازال الحزب في عهدة الرجاويين، كالفردوس وجودار وقس على ذلك من الأسماء التي لطالما نقلت صراع الكرة إلى السياسة، بالرغم من وجود مد ودادي داخل الحزب ظل يمثله محمد العلوي المحمدي وأنور الزين الناطق الرسمي السابق باسم الوداد وأسماء أخرى حالت دون ترويض الحصان البرتقالي في محمية الرجاء.
سبق للمرحوم عبد العزيز المسيوي، القيادي السابق في حزب الاتحاد الدستوري، أن كشف عن فحوى اجتماع عقده الملك الحسن الثاني مع المكتب السياسي للحزب برئاسة المعطي بوعبيد في نونبر 1996، عندما كان الملك الراحل يخطط لتجربة التناوب التوافقي، «حضرنا كمجموعة محددة ولم يحضر كل المكتب السياسي، وتناول معنا الملك الراحل مواضيع كثيرة وصارحنا، ومن جملة ما قال للأستاذ المعطي بوعبيد إننا كفريق لا يمكن أن نلعب مباراة كبيرة، وأضاف الملك موجها كلامه لبوعبيد أنا سأتحدث معك بلغة كرة القدم بما أنك تهتم بهذا المجال، فريقك في حاجة إلى تدريب ونفس طويل للدخول في المعارضة ليصبح فريقا قويا، أما الآن فإن لديك فريقا لا يمكن له إلا أن يشارك في شوط واحد من المقابلة».
لا أدري ما إذا كان رياضيو الاتحاد الدستوري يشتغلون في الكرة ويستريحون في السياسة أو العكس صحيح، لكن المؤكد أن حصان الحزب البرتقالي، لا يركض جيدا في مضمار السياسة ويكتفي بالأدوار الثانوية، فاختار تنشيط البطولة السياسية على غرار كثير من الأحزاب التي خرجت من رحم الدولة مع توصية بممارسة الرضاعة الطبيعية من ثدي الحكومة.
ولا تزال أواصر الترابط بادية إلى اليوم، حيث ظل فريق الرجاء البيضاوي فرع كرة السلة يحمل علامة إشهارية باسم جريدة رسالة الأمة، التابعة لحزب «الحصان».
الوداد.. من الشورى والاستقلال إلى «البام»
تأسس الوداد الرياضي على يد أقطاب حزب الشورى والاستقلال، الذي كان محمد بن جلون أبرز قيادييه على مستوى الدار البيضاء والنواحي، لكن أثناء التأسيس لم يكن للرجل أي انتماء إلا صفة وطني. ومع بزوغ فجر الاستقلال اقتحم الوداديون الحزب التقليدي، وأصبح العديد من مسيريه يدينون بالولاء للوداد ولهذا الحزب المنشق عن حزب الاستقلال، على غرار الدكتور عبد القادر بن جلون التويمي، الذي ترأس الوداد بعد انتهاء ولاية محمد بن جلون، كما أسندت له حقيبة وزارة المالية في عهد أول حكومة للمغرب المستقل بقيادة البكاي، كما حمل عبد السلام بناني، وهو الذي أسس المغرب الفاسي وترأس الوداد الرياضي، وعصبة الفرق الحرة لسنوات، اللون السياسي لحزب الاستقلال، إلى جانب عبد اللطيف بن جلون، وهو أول من وضع مسودة القانون الداخلي للنادي رغم أنه طبيب وليس رجل قانون. وتناوب الاستقلاليون على الوداد ومنهم من فضل التعاطف مع هذا الحزب بدل الارتماء في أحضانه على غرار عبد الرزاق مكوار، الذي وقعت عريضة المطالبة بالاستقلال في بيت عمه الاستقلالي في فاس، وأحمد لحريزي الرئيس السابق للنادي والطيب الفشتالي، الذي دخل الانتخابات باسم حزب علال الفاسي، وهو الحزب ذاته الذي توقف فيه إدريس بنهيمة.
لكن ليس كل الوداديين ينتمون لحزب الاستقلال، بل هناك قيادات اختارت قبعات أخرى، كعبد الرحمن الخطيب الذي ترأس الوداد وكان وزيرا للداخلية قبل أن يتراجع في سلم الترتيب ويصبح وزيرا للرياضة، وبنسالم الصميلي الذي عين وزيرا للصيد البحري والطاهري الجوطي الذي كان وزيرا للشبيبة والرياضة، وتقلب بين حزب الأحرار والحزب الوطني الديمقراطي، والعلوي المحمدي القيادي في الاتحاد الدستوري، ثم نصر الدين الدوبلالي الذي لبس أكثر من معطف سياسي وانتهى في عهدة الحركة الشعبية الديمقراطية وحزب الاستقلال، وحده أحمد الزاكي رئيس المكتب المديري السابق للوداد الذي ظل حريصا على موقعه في الصف اليساري لحزب التقدم والاشتراكية.
لكن في الآونة الأخيرة هيمن منتمون إلى حزب الأصالة والمعاصرة على المكتب المسير للوداد الرياضي، إلا أن سيطرة حزب الأصالة والمعاصرة لا تلغي المواقف السياسية لكثير من الوداديين الذين ظلوا على ارتباط بالحركة الوطنية.
اقتحم «جرار» حزب الأصالة والمعاصرة سهول الوداد وراهن على مسير الشكارة باستقطاب فريق عمل سعيد الناصري المكون من صلاح الدين أبو الغالي، وصلاح الدين الشنكيطي، برعاية من عبد الرحيم الضو الأمين العام الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة الدار البيضاء سطات، وأحد أقطاب صناعة الجبن والألبان والزبدة في المغرب، فضلا عن أسماء أخرى يجمعها مقر الحزب وملعب الوداد.
دخل رئيس الوداد سعيد الناصري عالم السياسة بهدوء، لم يشعر بدخوله أحد، قبل أن يكتسح مناصب الكرة ويراكم المسؤوليات والألقاب، وينتهي به المطاف رئيسا لمجلس عمالة الدار البيضاء، ورئيسا للوداد، ضاربا عرض الحائط بالمرجعيات السياسية وصوت القواعد جاعلا المال أساس الحكم.
لكن ليس كل «الباميين» يدينون بعقيدة الوداد، فكثير منهم يحملون لون الرجاء كأحمد بريجة برلماني دائرة سيدي مومن المنخرط بالنادي الأخضر والذي سبق أن قضى فترة في تدبير شأن الفريق.
سياسيون يعبرون نحو غرفة القيادة الجامعية
ظلت القيادات الحزبية حاضرة في المشهد الرياضي، ومنها من دخلت السياسة من مقصورة ملاعب الكرة، فالكاتب الأول السابق للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عبد الرحمن اليوسفي، كان من مؤسسي الاتحاد البيضاوي، وأرسلان الجديدي كان أمينا عاما للحزب الوطني الديمقراطي ورئيسا لجامعة الكرة ووزيرا للشباب والرياضة ومسؤولا في الدفاع الجديدي وأولمبيك خريبكة، وحين سلم الكرسي لعبد الله القادري حول هذا الأخير مكتبه في نادي الراسينغ الجامعي للتنس إلى مقر لديمومة الحزب قبل أن يتم ابتلاعه، وحصل الفتح الرباطي في شخص عبد الحفيظ القادري على منصب وزير للشباب والرياضة قبل أن تطيح به نكسة 1979 حين انهزم المنتخب المغربي أمام نظيره الجزائري بخماسية، ولم يكن وحده العنصر الاستقلالي على رأس هرم الوزارة أو الجامعة، فقد سبقه عمر بوستة وأحمد اليزيدي للوجاهة الكروية.
داخل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من الصعب إيجاد موعد لاجتماع عليه إجماع كل الأعضاء، بل أضحى من العسير الجمع بين اجتماعات المكتب الجامعي واجتماعات البرلمانيين، على اعتبار أن العديد من الأعضاء الجامعيين يحملون صفة ممثلي الشعب، ويشكلون داخل قبة البرلمان صوت الكرة.
من يتأمل لائحة الأعضاء الجامعيين سيقف عند حضور سياسي وازن، من خلال سعيد الناصري قبل أن يستقيل من العصبة الاحترافية لكرة القدم، وحسن الفيلالي، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار والنائب البرلماني عن سيدي علال البحراوي دائرة تيفلت الرماني، الذي يراكم المسؤوليات كرئيس للجنة القوانين والأنظمة بالجامعة ورئاسة الاتحاد الزموري للخميسات، ورئيسا للجنة الميزانية بالبرلمان، ثم رئيسا لجمعية المنتخبين التجمعيين لجهة الرباط سلا.
سجل حزب الاستقلال حضوره في المكتب الجامعي مع حمدي ولد الرشيد، رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، الملقب بـ «حمدي الصغير» لكونه من أصغر رؤساء الجهات بالمغرب. وللتفريق بينه وبين حمدي ولد الرشيد الأكبر، دخل السياسة بالصدفة وبنفس الصدفة حجز لنفسه مكانة في الجامعة كرئيس للجنة على مقاسه «لجنة العلاقات مع إفريقيا». ويحسب له حل مشكل النقل الذي عانت منه فرق الصحراء بسبب اتساع رقعة المساحة الكروية.
كانت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تحت سيطرة العساكر لفترة طويلة خاصة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، قبل أن يسحب السياسيون البساط من تحت أقدام الجنرالات. حين أمسك لحسن الراديف الاتحادي ومحمد الكرتيلي الدستوري وأحمد عموري عن جبهة القوى الديمقراطية وآخرون، زمام المسؤولية.
رؤساء يواجهون قانون منع ازدواجية المهام
أيت منا: السياسة شأن يومي والكرة مساءلة أسبوعية
حين أنهى هشام دراسته الجامعية في سويسرا، ظل يتابع فريق برشلونة الإسباني ويسافر من أجله إلى مختلف الملاعب الأوروبية لمؤازرته. لم يكن في المحمدية فريق قادر على جمع أبناء فضالة تحت كنفه، لكن الولد اتخذ قرار إعادة شباب المحمدية إلى سالف عهده، بالرغم من وصية والده محمد أيت منا الذي أوصاه بالابتعاد عن الكرة والاهتمام بدراسته.
هشام هو ابن الحاج محمد أيت منا، رئيس فريق شباب المحمدية في عصره الذهبي، سنوات فرس وعسيلة وحدادي والرعد وغيرهم من النجوم. تربى هشام وسط عالم المال والأعمال، ولكن الأهم أنه نشأ في حضن فريق شباب المحمدية في عصره الذهبي في ثمانيات القرن الماضي، حين كان الشباب يضم ثلث عناصر المنتخب الوطني لكرة القدم، بقيادة مدرب اجتمع فيه ما تفرق في غيره هو المرحوم عبد القادر الخميري.
قبل وفاته، أوصى الأب ابنه بالابتعاد عن الكرة، والاكتفاء بالعمل الجمعوي في شقه الخيري، لكن هشام اختار السباحة ضد التيار وقرر إعادة إعمار فضالة رياضيا بإحداث ثورة كروية تعيد للمدينة مكانتها كقطب كروي. لم ينصت لتحذيرات أفراد عائلته وتملكه إصرار غريب على انتشال شباب المحمدية من قسم دوري المظاليم إلى بطولة الصفوة، ومن أجل ذلك صب ملايين الدراهم في خزينة فريق كان أشبه بجثة هامدة، قبل أن يستعيد عافيته، لكن بأي تكلفة؟
اسم الرجل ظل مقترنا بالجدل، إلى أن أصبح مادة إعلامية مثيرة، خاصة بعد أن خاض حربا مع مسيري الرجاء البيضاوي. وظل هشام محل توتر بين الرجاويين والوداديين بعدما اصطف مع الحمر، وحين قرر دخول غمار السياسة اختار حزب «الحمامة» ليحلق في سماء الكرة ويصبح في ظرف زمني قصير الأقرب إلى كرسي رئاسة الجامعة، وحين دخل الانتخابات فاز بمقعد برلماني وجلس على كرسي رئاسة المجلس البلدي، قبل أن يجد نفسه وهو يراكم المسؤوليات السياسية والجمعوية أمام لوحة تذكره بمنع ازدواجية المهام.
يقول هشام: «في الكرة يحاسب الرئيس في نهاية كل أسبوع على نتيجة الفريق، حتى إذا أهدر لاعب ضربة جزاء أو أخطأ خطأ فادحا، الرئيس هو الذي يحاسب عليه، لكن في السياسة تحاسب كرئيس كل يوم، لأن المواطن العادي له انتظارات أخرى من المسؤول الجماعي، يعتقد أن بيده مفاتيح جميع المشاكل الدواء والكراء والتمدرس وقضايا المحاكم».
البيضي.. «البامي» الأكثر حضورا في جلسات لجنة الأخلاقيات
لا يمر موسم رياضي دون أن يثير نور الدين البيضي الجدل بخرجاته الإعلامية، ومعاركه مع مكونات الكرة، حتى أصبح زبونا للجنة الأخلاقيات يقف أمامها لينكر تصريحا في حالة غضب ويتبرأ من اتهام جاهز يتغير فيه الأشخاص فقط.
وبسبب حالات العود والتكرار، قررت لجنة الأخلاقيات التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أخيرا، إيقاف نور الدين البيضي، رئيس يوسفية برشيد، لمدة أربع سنوات نافذة ومنعه من ممارسة أي نشاط كروي، مع تغريمه مبلغ مائة ألف درهم، على خلفية التصريحات التي أطلقها عقب نهاية مباراة فريقه أمام الجيش الملكي، برسم الجولة 24 من الدوري الاحترافي لكرة القدم، حين أقر بتفويت مباراة سابقة للكوكب المراكشي، ولم يكتف بهذا بل عاتب لاعبا على عدم رد الجميل له، حيث كان قبل ثلاث سنوات قد أنقذه من النزول رفقة الفريق المراكشي، وسهل له مهمة الانتصار بأربعة أهداف.
ولأن البيضي يشغل مهمة داخل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فقد كان إقراره بالتلاعب ضربا لمصداقية المكتب الجامعي، لذا بادرت اللجنة إلى تجريده بشكل تلقائي من كل مهامه الرياضية، خاصة عضوية المكتب المديري للجامعة الملكية المغربية.
وكانت اللجنة التأديبية قد قررت في العام الماضي، معاقبة المسؤول الحريزي، بالإيقاف حتى نهاية الموسم الكروي، مع منعه الدخول إلى الملاعب الكروية، وإجباره على تسديد غرامة مالية بقيمة 50 ألف درهم، وذلك لسوء السلوك، كما اقتحم الملاعب ودخل في ملاسنات مع الحكام والمدربين والمسيرين.
خرجات نور الدين البيضي، رئيس يوسفية برشيد، وعضو المجلس الوطني لـ «البام»، وعضو فريقه النيابي، ظلت تسرق الأضواء حتى في علاقته بالحزب، حيث أزعج في مرات عديدة رئيس الأصالة والمعاصرة، كما كلفه احتجاج على أسرة القضاء ببرشيد مساءلة قانونية انتهت بالتسوية.
الورزازي.. الرجل الذي وصفه «الأحرار» بثامن رجالات مراكش
قال سعيد الشرع، رئيس الاتفاق المراكشي، في حديثه عن فؤاد الورزازي العضو الجامعي السابق والذي يشاركه تدبير الفريق المراكشي: «إذا كان لمراكش سبعة رجال ففؤاد ثامنهم».
بالرغم من كون فؤاد رجل أرقام ومعادلات، بحكم وظيفته كخبير حسابات، إلا أنه دخل السياسة مكرها وأصبح منذ 2017 يحمل صفة المنسق الإقليمي لحزب التجمع الوطني للأحرار بعمالة مقاطعات مراكش، بعدما كان اسمه مقترنا لسنوات بالملاعب الرياضية، وجاء تعيين الورزازي في هذا المنصب كبديل للمنسق السابق عبد العزيز البنين.
لكن بالقدر الذي نجح الورزازي سياسيا في جمع نخبة من الأسماء المراكشية القادرة على التصدي لهيمنة حزب «المصباح» في مدينة مراكش، واستقطاب وجوه من عالم الكرة إلى معترك السياسة، إلا أنه عجز عن تقديم وصفة تنقذ الكوكب المراكشي من النزول إلى قسم المظاليم.
ولأنه رجل حساب ومحاسبة، فقد راسل فؤاد الورزازي المجلس الجهوي للحسابات طالبا تدقيقا للمالية، بسبب قلقه حول الوضعية العشوائية التي يعيشها الفريق، والتي لا تليق بفريق احترافي وتاريخي من حجم الكوكب المراكشي.
حين غادر فؤاد الكوكب المراكشي وجد نفسه في ملاعب السياسة، قبل أن يجد في الاتفاق المراكشي فضاء لتطبيق نظرياته في عالم التدبير، ويحقق معه الصعود إلى دوري الدرجة الثانية. وقبل أن ينعم بفرحة الصعود، وجد نفسه في جلسات تفاوض لدمج الاتفاق مع الكوكب حتى لا يموت تاريخ الكرة في المدينة.
بودريقة.. مقاول ركب صهوة الرجاء ليحقق حلمه السياسي
قبل سنة 2010، كان محمد بودريقة مجرد شاب يتردد، بين الفنية والأخرى، على مدرجات «المكانة» لتشجيع الرجاء البيضاوي. كان يصر على الجلوس في «الفيراج» بالرغم من كون هذا الفضاء مخصصا للمشجعين البسطاء، وكان الفتى من فصيلة «الكليميني».
فجأة راودت الشاب فكرة رئاسة الرجاء وداهمه حب القيادة، خاصة بعدما أصبح يدبر مقاولة بناء في ملكية والده. رفض هذا الأخير الزج بابنه في سياق كروي مكلف، لكن الرياح الخضراء حملته إلى قلعة الرجاء ليخلف عبد السلام حنات على رأس الفريق، وينهي حضور الحكماء ويلغي المكتب المديري ويعلن نفسه رئيسا للرجاء.
عزف على وتر الجمهور الذي كان مطلبه الكبير جلب لاعبين من العيار الثقيل، لذا بادر الرئيس الجديد بجلب المدرب فاخر ومنحه صلاحية «شراء» خيرة اللاعبين، قبل أن يمكنه منصب الرئيس من ترجمة كثير من الأحلام الممكنة والمستحيلة على أرض الواقع.
لكن بالرغم من الحضور في مونديال الأندية والحصول على لقب البطولة والكأس إلا أن الفاتورة كانت مكلفة، حيث أثقل الرجاء بالديون وتبين أن انتشال الفريق لا يتم بمشروع غير قابل للتنزيل.
حين شعر بغرق السفينة، تسلل إلى السياسة وأصبح منسقا لحزب «الحمامة» في معقل الرجاويين درب السلطان، وعندما هوى الفريق في حفر المديونية، قرر محمد بودريقة التنحي عن منصبه، بعد أربع سنوات من الرئاسة، بل إن الجمهور الرجاوي طالب برحيله بعد فشل مشاريعه التي وعد بها الرجاويين، ليتبين أن الحل هو التمسك بقشة السياسة حتى لا يصبح جزءا من الماضي.
حين أنهى علاقته مع الرجاء، قضى بودريقة أياما طويلة في التحقيق بسبب قضايا تتعلق بالفساد في تدبير شأن الرجاء ومطالب بالافتحاص، وزاد سقوط عمارة في طور البناء صورته قتامة في الوسط البيضاوي قبل أن ينقذ الموسم بالفوز بمقعد برلماني وكرسي رئاسة جماعة مرس السلطان.
بلقشور.. الرجل الذي جمع بين الفلاحة والفن والرياضة والسياسة
رغم انتمائه للعمق الدكالي في تقاطعه مع عبدة، إلا أن عبد السلام بلقشور عاش فترة طويلة في الدار البيضاء، حيث تابع دراسته الجامعية وارتبط بالحي المحمدي حتى أصبح عاشقا لمجموعة «لمشاهب» ليتحول مع مرور الوقت إلى أحد رعاتها.
في الزمامرة، راكم عبد السلام الحقائب السياسية، بدءا بانتخابه رئيسا لبلدية المدينة وبرلماني المنطقة، قبل أن يصبح رئيسا لنهضة الزمامرة، وهو المنصب الذي عبد له الطريق نحو الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ويصبح عضوا في المكتب الجامعي للجنرال حسني بن سليمان.
في المنظومة الكروية راكم بلقشور عدة مناصب أبرزها نائب رئيس العصبة الاحترافية لكرة القدم، ثم ناطقا رسميا باسمها دون أن يكلف نفسه عناء «الحديث» إلا في مناسبات رسمية متناثرة، إلى أن عين رئيسا للعصبة الاحترافية لكرة القدم مؤخرا معلنا نفسه «استمرارا لفترة صديقه الناصري».
على المستوى السياسي، لا يجد بلقشور حرجا في تغيير الأحزاب بنفس العزيمة التي تنتابه وهو يغير مدربي فريق نهضة الزمامرة، فقد كان عضوا في حزب الأصالة والمعاصرة، وكان من أشد المعارضين للاتحاد الاشتراكي، خاصة على مستوى بلدية الزمامرة، لكنه انضم لهذا الحزب في آخر استحقاقات انتخابية.
بنفس النهم، راكم عبد السلام عدة مناصب، فقد كان نائبا لرئيس الدفاع الحسني الجديدي ومنخرطا بالرجاء البيضاوي، ثم رئيسا منتدبا لحسنية أكادير، ورئيسا لنهضة الزمامرة الذي حمله إلى قسم الأضواء بعد سنوات من النفي في قسم الهواة.
ويعد عبد السلام بلقشور من بين رجال الأعمال في المجال الفلاحي الذين لا يطالهم تصنيف «فوربس»، لأنه يختار الاستثمار في الظل.





