حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

صناع الاحتقان

في متابعة لأزمة الصحة العمومية بأكادير، تقرر إعفاء العديد من المسؤولين والتحقيق في ملفات وفيات مرضى، وإحالتها على النيابة العامة المختصة في حال تطلب الأمر ذلك. وهو الأمر الذي كان يجب أن يكون استباقيا في التفاعل مع الشكايات والاحتجاجات الساخنة، لكن مع ذلك فإن المحتجين سجلوا إيجابية التدخل المركزي من قبل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، والمفروض الاستمرارية في تفعيل المحاسبة بعد تحديد المسؤوليات بشكل دقيق، ومحاربة صُناع الاحتقان بجميع القطاعات خاصة الحساسة منها.

وعندما نتحدث عن صناعة الاحتقان داخل المجتمع المغربي الذي نعرف جيدا معاناته مع الملفات الاجتماعية وسعي الدولة بمجهودات جبارة لمعالجتها والتخلص منها كحصى داخل حذاء التنمية، فإننا نقصد العديد من المسؤولين والمنتخبين الذين يتعاملون باستخفاف مع شكايات واحتجاجات المواطنين، ويحاولون تصريف الأزمة نحو المركز عوض تحمل المسؤولية الكاملة وإيجاد الحلول الناجعة للأزمات في بدايتها.

ولعل أحدهم يعلق ويقول إن المشاكل بنيوية وتتعلق بالسياسات العمومية، لكن حديثنا هنا عن سوء استثمار ماهو موجود من الأصل من إمكانيات بشرية ومعدات وتجهيزات وميزانيات لحل المشاكل المحلية والإقليمية وحتى الجهوية، وإهمال تحمل المسؤولية واللامبالاة بشكايات المواطنين وسوء الاستقبال، ما يراكم من مؤشرات الغضب والاحتقان ويتسبب في اغتيال الثقة بين المرتفق والمؤسسات العمومية.

هناك العديد من القطاعات الحساسة، التي تتطلب مسؤولين ومنتخبين بحس وطني عال، والكفاءة والمهنية الضروريتين لحل المشاكل والاستثمار الأمثل لما هو متوفر وموجود، وليس الاستهتار وتعميق الأزمة بسوء التدبير وفوضى استغلال الاختلالات لخدمة أجندات شخصية، وتفشي الزبونية والرشوة والعلاقات والتدخلات المفضوحة، وبعدها البكاء والعويل على غياب الإمكانيات المادية والبشرية عند اندلاع الاحتجاحات الاجتماعية وظهور تباشير المحاسبة بصرامة.

نحن لا نقول إننا نعيش في نعيم ميزانيات ضخمة مرصودة للقطاعات الحساسة مثل الصحة والتعليم، ولكن الأسوأ هو تعميق الأزمة من قبل مسؤولين يحترفون صناعة الاحتقان عوض التخفيف منه، من خلال فسادهم الظاهر والباطن، والتراخي في أداء المهام وغياب الإنتاجية وعدم احترام المرتفق وتقديره، في حين المطلوب هو الأخذ بعين الاعتبار كل ملف أو شكاية والرد عليها بشكل منفرد إذا تطلب الأمر ذلك، والتوجيه والتنسيق بين المؤسسات المعنية.

إن الشكايات الشفوية والكتابية التي توضع لدى الجهات المسؤولة سواء كانت معينة أو منتخبة، وجب أن تتم دراستها وفق المعايير المطلوبة والتجاوب معها بتسخير كافة الإمكانيات التي وفرتها الدولة، وليس البحث عن مخارج للتهرب من المسؤولية بتواطؤات مكشوفة بين مجموعة من الأطراف، وكما يقول المغاربة (خبي علي نخبي عليك) أي محاصرة الفساد والفضائح ليبقى الأمر محليا ويتم قلب الحقائق والوقائع وتزييفها عند كل احتجاج أو شكاية.

لقد نبهت الخطب الملكية السامية، إلى تبعات عدم التفاعل مع شكايات المواطنين بشكل صريح في جميع المؤسسات المعنية خاصة الحساسة منها، كما أكدت الخطب نفسها على تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة وتجويد الخدمات العمومية على رأسها الصحة، حتى أن الملك محمد السادس أشار إلى أنه لا فائدة من المؤسسات أصلا إذا لم تخدم المواطن، لذلك على المسؤولين إعادة قراءة الواقع جيدا وإعمال الصرامة في مواجهة صُناع الاحتقان من داخل المؤسسات الذين لا هم لهم سوى المصالح الشخصية والرشوة، أولئك الذين يستغلون صبر المواطن ويستفزونه بفسادهم وظلمهم وإهمالهم وتجردهم أحيانا من الإنسانية وليس الوطنية فقط.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى