
طنجة: محمد أبطاش
كشفت مصادر مطلعة عن ظهور وثائق تعود إلى بداية الألفية الثالثة، تُظهر تصورا هندسيا متكاملا لتهيئة مركز القصر الصغير، أُعدّ في إطار مباراة معمارية رسمية أطلقتها الجهات المختصة سنة 2004. المشروع، الذي حظي حينها بإشادة واسعة، كان يرتقب أن يشكل انطلاقة جديدة نحو إرساء نواة حضرية حديثة تستجيب لمتطلبات التحولات الاقتصادية المرتقبة بالمنطقة، خاصة في ظل تشييد المركب المينائي الكبير.
وأوضحت المصادر ذاتها أن التصميم الذي نُفذ حينها بدقة واحترافية عالية، حمل في طياته تصورا عمرانيا متناسقا ومتكاملا، إلا أن المشروع سرعان ما وُوجه بالتهميش وتمت إزاحته إلى رفوف النسيان في ظروف توصف بالغامضة. وهو ما أثار استغراب عدد من المتتبعين للشأن المحلي، الذين تساءلوا عن الأسباب التي حالت دون تنزيل هذه الرؤية الطموحة على أرض الواقع.
ونبهت المصادر إلى أنه رغم مرور أكثر من عشرين سنة على إنجاز التصميم، ما زالت بعض تفاصيله تُستحضر اليوم من خلال الصور التي تزين جدران بعض المقاهي والمنازل والمكاتب بالمنطقة، في حين بقي المشروع نفسه حبرا على ورق. وهو ما يعيد النقاش حول العوائق التي ما فتئت تُعرقل المصادقة على تصميم التهيئة الشامل للمنطقة، وسط مخاوف من تكرار سيناريوهات مشابهة لمشاريع أخرى لم يُكتب لها الاكتمال، من بينها ما يتعلق بالمجال المحيط بالقاعدة البحرية المحلية، حيث يلاحظ تناقض كبير بين التصور النظري والتجسيد الفعلي.
وأكدت مصادر محلية أن القصر الصغير بات في أمس الحاجة إلى رؤية حضرية واضحة المعالم تعطي للمنطقة المكانة التي تستحقها، في إطار تنمية شاملة تراعي خصوصياتها الجغرافية والتاريخية، وتنسجم مع التوجهات الكبرى المرتبطة بالتهيئة المجالية وتنمية الساحل الشمالي للمملكة.
وكشفت مصادر أن “لوبيات” تضغط في الخفاء للإبقاء على منطقة القصر الصغير في وضعها القروي، رغم توافر معظم شروط التحول إلى بلدية قائمة الذات، سواء من حيث البنية التحتية، أو من حيث أنشطة السكان التي لم تعد لها علاقة بالفلاحة.
وقالت المصادر إن جهات معينة لا يروقها إحداث تصميم تهيئة حضري، وتسعى بكل الوسائل إلى تأجيل هذا الورش، لما يشكله من تهديد لمصالح عقارية يشتبه في أنها كانت موضوع تلاعبات في السنوات الأخيرة. وأفادت المصادر نفسها بأن غياب التصميم الحضري يفتح الباب أمام تمدد عشوائي وانتشار التجزيء السري، كما أنه يعطل أي محاولة لترتيب المجال عمرانيا، وفق تصور حضري واضح.
وأوردت المصادر ذاتها أن الكل يتساءل عن سر الإصرار على إبقاء القصر الصغير نطاقا قرويا، في وقت تتوفر فيه شروط الارتقاء إلى مصاف مركز حضري أو بلدية، خصوصا مع توفر ثانويتين تأهيليتين، ومركز للبريد، وثكنة للوقاية المدنية، وأزيد من أربع وكالات بنكية وصيدليات، ناهيك عن كثافة سكانية متزايدة وعمران عصري يتوسع بوتيرة متسارعة. وأكدت المصادر أن تأخرات ترافق هذا الملف، سيما في ظل صمت المنتخبين المحليين والجهويين، وعدم تسجيل أي مبادرة جادة للترافع، من أجل إخراج المنطقة من وضعها الحالي.





