حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةحوارسياسية

ظهيري يشخص واقع العلاقات المغربية الإسبانية

"المهاجرون المغاربة بإسبانيا أمام تحديات تقديم مساهمات اقتصادية ومواجهة خطاب اليمين المتطرف"

حاوره : النعمان اليعلاوي

 

تشهد العلاقات المغربية الإسبانية تقليديًا دينامية متعددة الأبعاد، تجمع بين التعاون الاقتصادي والسياسي والأمني من جهة، والتحديات الاجتماعية والهجرية من جهة أخرى. المغرب، باعتباره بوابة إفريقيا نحو أوروبا، وإسبانيا، كدولة مطلة على البحر الأبيض المتوسط ومهمة اقتصاديًا وسياسيًا بالاتحاد الأوروبي، تربطهما علاقات تاريخية تمتد لقرون، تتسم بالتعاون في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب والتهريب والهجرة غير النظامية.

في هذا الحوار مع الدكتور محمد ظهيري، يسلط الخبير في الشؤون الدولية والعلاقات المغربية الأوروبية الضوء على أبرز القضايا التي تؤثث التعاون بين الرباط ومدريد، في الجانب الأكاديمي والثقافي. ويقدم ظهيري من خلال رؤيته التحليلية، قراءة موضوعية للملفات التي تشكل محور الاهتمام المشترك بين البلدين، مع التركيز على السبل الكفيلة بتعزيز التعاون والتفاهم في إطار يحفظ خصوصيات البلدين.

 

 

 

كيف تقيمون واقع العلاقات السياسية بين المغرب وإسبانيا في ظل التحولات الإقليمية والدولية الراهنة؟

يمكن توصيف العلاقات الراهنة بين المغرب وإسبانيا بأنها تمرّ بمرحلة انفراج وتعاون استراتيجي غير مسبوق، خاصة بعد التحول الجوهري في الموقف الإسباني من قضية الوحدة الترابية للمغرب في مارس 2022. فقد جعل هذا الموقف إسبانيا أكثر انسجاما مع موقف الولايات المتحدة الأمريكية، ومع مواقف عدد من الدول الإفريقية والأوروبية المؤيدة للمبادرة المغربية.

هذا الانفراج في العلاقات الثنائية بين البلدين حدث في سياق إقليمي ودولي يتسم بعدة تحولات متسارعة، خصوصا وأن البلدان يتقاسمان تاريخا من الترابط والتداخل، بحكم تقاسمهما لحدود بحرية وبرية استثنائية في المحيط الأطلسي وغرب البحر الأبيض المتوسط، إضافة إلى الروابط التاريخية والثقافية المشتركة بينهما، وهو ما يجعل العلاقة بينهما استراتيجية ولا محيد عنها.

بناء على ما سبق، ومن منظور التحولات الإقليمية، أسهمت حالة عدم الاستقرار في منطقة الساحل، وضغط الهجرة غير النظامية، والتنافس في مجال الطاقة في تعزيز الحاجة إلى تعاون استراتيجي أوثق بين المغرب وإسبانيا. وأما من منظور التحولات الدولية، فقد أسهمت كل من الحرب في أوكرانيا، وصعود تعددية الأقطاب، وارتفاع حدة التنافس بين القوى الكبرى، بين الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، أساسا، في الفضاءين الأورو-متوسطي والإفريقي، في منح المغرب وإسبانيا دورا متزايد الأهمية كشريكين إقليميين. هذا السياق العالمي الجديد فرض على البلدين تعزيز تحالفهما الثنائي لتعزيز موقعهما الجيوسياسي المشترك، سواء داخل الاتحاد الأوروبي أو في الفضاء الأورو-متوسطي والإفريقي.

 

برأيكم، ما هي أبرز نقاط التقارب ونقاط التوتر التي ما تزال قائمة بين الرباط ومدريد؟

في إطار العلاقات الثنائية بين الرباط ومدريد، أعتقد أن نقاط التقارب تغلب على مصادر التوتر، حيث تشمل نقاط التقارب أربع مجالات كبرى: الاقتصاد والأمن والطاقة ثم ما يمكن ان نصطلح عليه بالترابط الاجتماعي. فعلى المستوى الاقتصادي، منذ سنة 2012 تحولت إسبانيا إلى الشريك التجاري الأول للمغرب، متجاوزة فرنسا. فهي تعتبر منذ سنوات أول شريك تجاري للمغرب خارج الاتحاد الأوروبي وأول مستثمر أوروبي فيه، بحجم تبادل تجاري بلغ حوالي 20 مليار يورو في عام 2023.، هذا، إضافة إلى تواجد ما يقارب 1000 شركة إسبانية في المغرب. وحسب آخر الاحصائيات المتوفرة، فقد سجلت الصادرات الإسبانية نحو المغرب في عام 2024 نموا بنسبة 6٪، محققة أرقاما قياسية للعام الرابع على التوالي، مع اعتبار المغرب الوجهة الإفريقية الأولى لنحو 61 في المائة من الصادرات الإسبانية إلى القارة في عام 2023.

أما على مستوى التعاون في المجال الأمني، فهو تعاون حيوي للطرفين لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية، حيث ساعد على تفكيك 177 شبكة إجرامية خلال عام 2024، كما أحبطت السلطات المغربية 78.685 محاولة هجرة غير نظامية إلى الشواطئ الاسبانية خلال نفس السنة.

أما فيما يخص التعاون في مجال الطاقة، فهناك طموح مشترك بين البلدين في تحويل المغرب إلى مركز للطاقات المتجددة وإسبانيا إلى محور لتوزيع الغاز والهيدروجين نحو أوروبا.

أما المجال المتعلق بالترابط الاجتماعي بين البلدين فيتمثل فيما يفوق مليون ومئة ألف مغربي ومغربية، حسب احصائيات سنة 2025 ، يقيمون في اسبانيا، منهم 854.000 مقيم و260.000 مُجَنّس منذ سنة 2012، وما يزيد على 13 ألف إسباني وإسبانية مقيمون في المغرب.

أما نقاط التوتر، فيمكن اجمالها في ثلاث: أولا: وضع مدينتي سبتة ومليلية، والجزر الجعفرية، وصخور بادس والحسيمة وليلى، التي يطالب المغرب باستعادتها، معتبرا إياها جيوبا استعمارية لم يستكمل بعد مسار تصفيتها، بينما تعتبرها إسبانيا جزءا من أراضيها. ثانيا: الخلافات بشأن ترسيم الحدود البحرية في المحيط الأطلسي. ثالثا: تدبير ملف الهجرة الذي يُنظر إليه في إسبانيا أحيانا باعتباره أداة ضغط سياسي توظفها الرباط، بينما يَنظر إليه المغرب كعبء ناتج عن موقعه الجغرافي.

الملاحظ أن البلدان يحاولان في إطار علاقاتهما، خلال السنوات الأخيرة، تغليب عناصر التعاون والتقارب على نقاط التوتر تجنبا للدخول فيما يمكن أن نصطلح عليه بـ “الجوار الصراعي”.

 

كيف يمكن للمغرب وإسبانيا استثمار موقعهما الجغرافي لتعزيز دورهما كبوابة بين أوروبا وإفريقيا؟

يمتلك المغرب وإسبانيا موقعا جغرافيا استراتيجيا فريدا، إذ يسيطران معا على مضيق جبل طارق الذي يمر عبره ما يقارب 20% من التجارة البحرية العالمية. هذا المعطى يمنحهما قدرة استثنائية للتحول إلى منصة لوجستية واستثمارية ثلاثية الامتداد تصل أوروبا بإفريقيا وأمريكا.

في المجال المينائي، أصبح ميناء طنجة المتوسط منذ 2021 أكبر ميناء للحاويات في إفريقيا وضمن المراتب الثلاثين الأولى عالميا. أما في الضفة الشمالية، فيُعدّ ميناء الجزيرة الخضراء من بين أكبر الموانئ الأوروبية، إلى جانب ميناء فالنسيا، وكلاهما يتنافس ويتعاون مع طنجة المتوسط في الوقت ذاته، مما يخلق شبكة بحرية-لوجستية تكاملية.

أما في المجال الطاقي، فيرتبط البلدان حاليًا بخطَّين كهربائيَّين بحريَّين، ويجري الإعداد لخط ثالث لتعزيز تبادل الطاقة المتجددة، في حين تشكّل مشاريع الهيدروجين الأخضر المشتركة، الممولة أوروبيا وإسبانيا ومغربيا، رافعة استراتيجية لإمداد أوروبا بطاقة نظيفة. كما يُدرس إعادة تفعيل خطوط الغاز عبر الضخ العكسي ومشاريع بديلة لتعويض توقف خط أنابيب المغرب-أوروبا منذ 2021.

وإلى جانب هذه المشاريع، يبرز، من جديد، مشروع نفق جبل طارق للربط القارّي، الذي يُقارن بنفق بحر المانش، ويقترح المشروع إنشاء خط تحت المضيق لربط مدينتي طنجة المغربية وطريفة الإسبانية. ويُتوقع أن يشكل عند إنجازه أداة استراتيجية لربط إفريقيا وأوروبا عبر شبكات الطرق والسكك الحديدية. وقد اكتسب المشروع زخما إضافيا مع إعلان تنظيم كأس العالم 2030 المشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال.

اقتصاديا، يعزز المغرب موقعه كبوابة للاستثمارات الإسبانية نحو إفريقيا، إذ استحوذ على 61% من الصادرات الإسبانية الموجهة إلى إفريقيا عام 2023. كما تسمح اتفاقيات التجارة الحرة الإفريقية بجعل المغرب منصة انطلاق للشركات الإسبانية في القارة.

بناء على ما سبق، يمكن القول إنّ المغرب وإسبانيا مُؤَهلان للتحول من مجرد معبر جغرافي إلى قطب جيواقتصادي إقليمي، إذا ما نجحا في دمج موارد المغرب؛ أقصد الطاقات المتجددة، والأسواق الإفريقية، ورأس المال البشري، مع إمكانات إسبانيا؛ أي الانتماء للاتحاد الأوروبي، والتكنولوجيا، ورأس المال. بهذا، يصبحان الجسر الطبيعي بين أوروبا وإفريقيا، وقاطرة للتكامل الأورومتوسطي والإفريقي.

 

ما هو تقييمكم لدور الجامعات ومراكز البحث في تقريب وجهات النظر حول القضايا الخلافية؟

تؤدي الجامعات ومراكز البحث دورًا محوريًا فيما يُعرف بالدبلوماسية العمومية، إذ تُسهم في نزع الطابع الإيديولوجي عن النقاشات، وإنتاج معرفة نقدية مبنية على المعطيات، واقتراح حلول قائمة على التحليل التجريبي. وقد شهد التعاون الأكاديمي بين المغرب وإسبانيا منذ تسعينيات القرن الماضي تطورا ملحوظا، عبر برامج إيراسموس، واتفاقيات الإشراف المشترك على أطروحات الدكتوراه، وتأسيس شبكات بحثية متخصصة في قضايا مثل الهجرة، والإسلام في أوروبا، والتعاون من أجل التنمية.

وفي هذا السياق، بادرت جامعات بارزة مثل جامعة كومبلوتينسي بمدريد، وجامعة غرناطة، وجامعة محمد الخامس بالرباط، وجامعة عبد المالك السعدي بطنجة-تطوان، إضافة إلى جامعات أخرى مغربية وإسبانية، إلى إطلاق مشاريع مشتركة، في حين أنتجت مراكز بحث كالمعهد الملكي إلكانو بمدريد، ومركز السياسات من أجل الجنوب الجديد بالرباط تقارير مقارنة أغنت النقاش السياسي وصناعة القرار. هذه المؤسسات توفر فضاء أكثر استقرارًا للحوار من الحقل السياسي، لأنها أقل خضوعا لإكراهات الأجندة الانتخابية، وتملك قدرة على استشراف المخاطر واقتراح سيناريوهات بديلة.

وتتجلى أهمية هذا الدور في ثلاثة مستويات. المستوى الأول، ويركز على إنتاج معرفة موضوعية، من خلال تحليل القضايا الخلافية بعيدًا عن الضغوط السياسية، وبالاستناد إلى بيانات ووقائع. ثانيا: خلق مساحات حوار آمنة، حيث تتيح الجامعات عقد مؤتمرات وندوات تجمع باحثين وخبراء من البلدين، وأحيانًا من بلدان ثالثة، لمناقشة القضايا الحساسة في إطار أكاديمي محايد. وثالثا: تكوين الأجيال المستقبلية، إذ يُكسب التبادل الطلابي الأكاديمي الشباب المغاربة والإسبان فهما أعمق لتعقيدات العلاقة، ويقلل من قابلية انجرافهم وراء الخطابات الشعبوية أو الصور النمطية.

عير أن هذه المؤسسات تواجه تحديات لا يُستهان بها، أبرزها عدم اهتمام صانعي القرار بدراساتها وتوصياتها، واعتماد أغلب هذه المراكز على التمويل العمومي بما قد يقيّد استقلاليتها. ورغم هذه القيود، تُعدّ الجامعات ومراكز البحث استثمارا طويل الأمد في بناء الثقة الفكرية والبشرية، ولا يُنتظر منها أن تحل الخلافات فورا، بل أن تهيئ الأرضية الذهنية والاجتماعية التي تجعل الحلول السياسية ممكنة في المستقبل.

 

كيف ترون فرص تطوير برامج التبادل الأكاديمي والثقافي بما يخدم المصالح المشتركة؟

توجد العديد من الفرص لتوسيع برامج التبادل الأكاديمي والثقافي بين المغرب وإسبانيا بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.

على المستوى الأكاديمي، يمكن أن تركز هذه الفرص على التعاون في مجالات حيوية، مثل التعليم والبحث العلمي. مثلا، يمكن للجامعات المغربية والإسبانية إنشاء برامج دراسات مشتركة، خاصة في التخصصات التي تحظى باهتمام مشترك، كدراسات البحر الأبيض المتوسط، وعلم البيئة، والهندسة البحرية، والطاقات المتجددة، والهجرة والتنمية، والعلاقات الدولية. كذلك، عليها تعزيز برامج تبادل الطلاب والأساتذة من خلال مبادرات مثل برنامج إيراسموس+. كذلك، على جامعات البلدين توفير منح دراسية ومساعدات مالية لتشجيع المزيد من الطلاب على المشاركة في هذه البرامج، مع التركيز على تبادل الخبرات في مجالات البحث العلمي المشتركة. كما لا يجب إغفال البحث العلمي والابتكار، حيث تُعدّ الشراكات بين المراكز البحثية والجامعات في البلدين فرصة لتنفيذ مشاريع بحثية مشتركة تعالج تحديات إقليمية ودولية. هذه المشاريع يمكن أن تشمل مجالات مثل إدارة الموارد المائية والزراعة المستدامة، مما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للبلدين.

أما على المستوى الثقافي، فيمكن تنظيم فعاليات ثقافية وفنية مشتركة، مثل المهرجانات السينمائية والموسيقية، والمعارض الفنية. من شأن هذه الفعاليات تسليط الضوء على التراث الثقافي الغني لكل من المغرب وإسبانيا، وتعزيز التبادل الثقافي بين الشعبين. كما يمكن للبلدين استكشاف التراث الأندلسي المشترك كأحد الركائز الأساسية للتعاون الثقافي. هذا، إضافة إلى تنظيم ورشات عمل ولقاءات حول التاريخ المشترك، والموسيقى الأندلسية، والفنون المعمارية، مما يعزز الفهم الجيد للعلاقات التاريخية والثقافية العريقة بين البلدين.

ويجب ألا ننسى، كذلك، دور تعلّم وتعليم اللغات في العلاقات المغربية الاسبانية. فاللغة العربية تدرّس في العديد من الجامعات ومدارس اللغات الرسمية الاسبانية، جامعتين منها تدرس العربية المغربية (الدّارجة) (جامعة كومبلوتينسي بمدريد، وجامعة أوتونوما بمدريد)، إضافة إلى الامازيغية المبرمجة في نظام تدريس جامعة قادس، وهي الجامعة الاسبانية الوحيدة التي حصلت على كرسي الدراسات الأمازيغية، والذي كان من نصيب أستاذ من أصول أمازيغية. بينما الاسبانية تُدرّس في ثماني جامعات مغربية، إضافة إلى إحدى عشر مدرسة إسبانية موزعة عبر مدن طنجة، وتطوان، والحسيمة، والناضور، والعرائش، والرباط، والعيون، جنوب المغرب. لذا، فتحفيز تعلّم وتعليم هذه اللغات بكل غناها الثقافي والتراثي أعتبرها فرصة استثنائية في توطيد وتمتين العلاقات بين البلدين. كما أن بعض المؤسسات الثقافية مثل معهد ثرفانتس في المغرب والملحقية الثقافية في السفارة المغربية في إسبانيا، في انتظار فتح المركز الثقافي المغربي الذي لا زال في طور الإنجاز، يمكنها أن تلعب دورا تكميليا في هذا المجال، عن طريق تنظيم دورات تكوينية في اللغة والثقافة، إضافة إلى تنظيم فعاليات ثقافية لها علاقة بفلكلور وزي وطبخ البلدين، مما يسهل التواصل والتعارف، ويعزز الروابط بين الشعبين والبلدين والتقارب فيما بينهما.

 

 

كيف يمكن للمغرب وإسبانيا العمل معًا لمواجهة خطابات الكراهية وتعزيز ثقافة التعايش؟

ومما لا شك فيه أن مكافحة خطابات الكراهية تتطلب تعاونا ثنائيا استباقيا ورؤية شمولية تتجاوز المعالجة الأمنية لتشمل، كذلك، الأبعاد التربوية والثقافية والإعلامية. وهنا يمكن للمغرب وإسبانيا أن يلعبا دورا تكامليًا عبر مستويات عدة متداخلة ومتكاملة فيما بينها. أولا: على مستوى الدبلوماسية الرسمية، على حكومتي البلدين أن تدينا معا إدانة واضحة، وفي مناسبات مشتركة، رفضهما القاطع لأي خطاب كراهية أو تمييز ضد المغاربة في إسبانيا أو الإسبان في المغرب. كما عليها تعزيز التعاون القضائي والأمني عبر معاقبة جرائم الكراهية بشكل صارم، وتتبع ودعم الضحايا. ثانيا: على المؤسسات الحكومية الاسبانية اعتماد إصلاحات تشريعية لمحاربة التمييز، وتفعيل إصلاحات قانونية وإعلامية لمواجهة جرائم الكراهية، وترسيخ ثقافة الإنصاف الثقافي والاعتراف بالتنوع الثقافي والتعدد الديني كمصدر إثراء. كما عليها مكافحة الإسلاموفوبيا والتشهير بالإسلام والمسلمين، وتعزيز خطاب التعايش. أقصد إقرار استراتيجيات وطنية واضحة لمناهضة خطاب الكراهية والتمييز في إسبانيا. ثالثا: على المستوى التعليمي والثقافي، يجب الاستثمار في برامج التربية على المواطنة والتنوع، وتوسيع المبادلات الأكاديمية والثقافية بين الشباب المغربي والإسباني. فالتربية المشتركة والتجارب الميدانية هي أفضل وسيلة لتفكيك الصور النمطية وبناء ثقافة التعايش. رابعا: على المستوى الإعلامي والمجتمعي، يجب تشجيع وسائل الإعلام على تبنّي خطاب مسؤول ومتوازن يُبرز إسهامات الجالية المغربية في تنمية الاقتصاد والمجتمع الإسباني. كما أنّ إطلاق حملات مشتركة للتوعية، بمشاركة المجتمع المدني، يمكن أن يواجه الدعاية الشعبوية التي تغذي الكراهية. خامسا: على مستوى الدبلوماسية الثقافية، يجب دعم البرامج الثقافية المشتركة بين البلدين، بهدف إبراز المشترك الثقافي والحضاري، ودعم المبادرات المدنية والإعلامية التي تكرّس ثقافة الحوار بين الثقافات والتعايش بين الأديان، كما يجب دعم جمعيات المجتمع المدني التي تعمل في الميدان لتنظيم حملات توعوية وتحسيسية في اسبانيا بهدف تفكيك الصور النمطية عن المغرب، شعبا وثقافة وحضارة.

سادسا: ضرورة إشراك أطر وكفاءات الجالية المغربية في إسبانيا كشركاء فاعلين في تصميم سياسات الاندماج والتعايش، بحكم تجربتهم كمهاجرين أو من أصول مهاجرة، وكذا بحكم معرفتهم الجيدة للسياقات الثقافية والاجتماعية والسياسية للبلدين. ثم، سابعا: دعم البحث العلمي حول الهجرة المغربية وأدوارها المتعددة في تنمية اسبانيا خلال العقود الثلاثة الأخيرة وتشجيع الجامعات ومراكز الأبحاث على إنجاز دراسات علمية متعددة التخصصات حول الموضوع، لتوجيه السياسات العامة وتكوين الفاعلين.

إنّ تعزيز التعايش لا يتحقق إلا عبر شراكة متعددة الأبعاد، حيث يتكامل دور الدولة مع الجامعات، ووسائل الإعلام، والمجتمع المدني. بهذه الطريقة يمكن للمغرب وإسبانيا أن يتحولا إلى نموذج إقليمي ناجح في إدارة التنوع الثقافي وتدبير التعدد الديني ومكافحة العنصرية والاسلاموفوبيا.

 

 

 

الدكتور محمد ظهيري في سطور:

 

  • أستاذ التعليم العالي بجامعة كومبلوتينسي العريقة بمدريد.
  • عضو الأكاديمية الملكية للعلوم والآداب الجميلة والفنون النبيلة الإسبانية في قرطبة (إسبانيا).
  • عضو مجلس “مدرسة الدكتوراه” بـ”إنالكو-جامعة السوربون- باريس- سيتي” (فرنسا).
  • عضو مستشار ومدرس زائر ببرنامج الدكتوراه “إدارة الاخلاف في الأوساط المتعددة الثقافات والأديان” بالجامعة الوطنية تريس دي فيبريرو-بوينوس آيريس (مُعَيّن بموجب مرسوم وزاري من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالأرجنتين).

– سنة 2019 حظي، رفقة وزير الخارجية الإسباني السابق ميغيل أنخيل موراتينوس، بتكريم جامعة الدول العربية بمناسبة الذكرى 74 لتأسيسها.

– سنة 2012 حصل على جائزة جامعة الدول العربية باعتباره “الشخصية العربية الأكثر تأثيرًا في الرأي العام الإسباني .

 

  • احتفى به المنتدى الدولي الثالث للهجرة سنة 2013، اعترافًا بـ “دور أبحاثه العلمية في تصحيح الصورة الخاطئة عن المهاجرين العرب في إسبانيا وإبراز دورهم في تنمية إسبانيا اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا”.

 

  • سنة 2019، تم اختياره من قبل جامعة السوربون-باريس-سيتي كعضو في “مدرسة الدكتوراه” التابعة لها، وقد خصته بالكرسي الرابع المخصص للشخصيات الأجنبية المتميزة أكاديميًا وعلميًا.

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى