حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحية

علموا الأطفال

هناك حكمة صينية على المسؤولين عندنا عن قطاعات الطفولة والتربية والتعليم تأملها جيدا، تقول:

«إذا كان مخططك لسنة واحدة ازرع الأرز، وإذا كان مخططك لعشر سنوات ازرع الأشجار، أما إذا كان مخططك لمائة سنة فعلم الأطفال».

مناسبة هذا الكلام هي تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونسيف»، الذي رسم لوحة سوداء حول واقع الطفولة في المغرب بخلاف الصور الوردية التي تحاول الحكومة عبثا إقناعنا بها. فالأرقام الصادمة التي أعلنها التقرير الأممي على هامش الاحتفال باليوم العالمي للطفولة، تتحدث عن مليون و685 ألف طفل مغربي تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، يوجدون خارج المدارس ولا يتابعون أي تكوين، وأن 247 ألف طفل مغربي تتراوح أعمارهم ما بين 7 و17 سنة يعملون، منهم 162 ألفا يمارسون أعمالا تعرضهم للخطر.

هذه الأرقام المفزعة تسائل الجدوى من السياسات التي تظل الحكومات تتغنى بها دون أن يصل مفعولها لجيل المستقبل. بدون شك أن عشرات الآلاف من هؤلاء الأطفال المقصرين تحول الشارع إلى ملاذهم وبيتهم المفضل وأضحى تعاطيهم للمخدرات والدعارة والكحول والجريمة متعتهم، بدل أن يشكلوا أجيال المستقبل التي تعول عليهم بلادنا.

في البلدان توجد حكومات وبرلمانات تحترم نفسها، تعد مثل هاته الأرقام المفزعة جرائم دستورية وإنسانية بشعة لأنها تقضي على أهم حقوق الطفل، وهو ضمان حقهم الطبيعي في التعليم واللعب. لأنها تدرك أن حماية حقوق المتعلمين هي ضمانات مستقبليّة لبناء المجتمع وحمايته من أخطار الإرهاب والعنف والجريمة والفقر والبطالة واللااستقرار الاجتماعي والأمني.

وبدون شك، فأن أرقام المنظمة الأممية صادمة، لكنها كانت متوقعة نتيجة توجهات حكومات وبرلمانات تسخر كل صلاحياتها للإجهاز على حقوق الأطفال ودفعهم للشارع، وتتفنن في إهدار هذه الثروات الوطنية. ماذا كنا ننتظر من تحسن في مؤشر الطفولة المغربية، وحكومة بنكيران تشرعن قانونا للاتجار العلني بالأطفال، من خلال قانون تشغيل القاصرات في البيوت، الذي يسمح لأطفال من 16 سنة بالعمل ببيوت الأغنياء؟ ماذا كنا ننتظر من مؤشرات وردية، وحكومة العثماني تستعد، خلال الأيام المقبلة، لإحالة مشروع قانون على البرلمان، وبالطبع سيصادق عليه، يبارك عمل الأطفال الأقل من 14 سنة في أوراش الصناعة التقليدية ولفترة تصل إلى عشر ساعات في اليوم؟ ماذا كنا ننتظر من أرقام غير هاته التي أعلنت عنها «اليونيسيف»، ومعدل تزويج القاصرات يبلغ 30 ألف زواج سنويا دون أن يستطيع القضاء الإجهاز عليها؟

ينبغي أن تفهم الحكومة أن قضية ضمان حقوق الأطفال في التعليم والقضاء على الهدر المدرسي، لا تمكن معالجتها بمنطق الشعارات الرنانة والوعود الانتخابية الكاذبة والدعاية الوردية الوهمية، ولكن بالمقاربة الشاملة والسياسات الاجتماعية العادلة التي تتوخى استئصال مظاهر الفقر والهشاشة والإقصاء التي يعاني منها 10 ملايين مغربي يعيشون تحت عتبة الفقر، غير هذا فكأنما نرسم في الماء أو ننفخ في حبل.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى