
مراكش: عزيز باطراح
في سابقة من نوعها، صادق المجلس الجماعي لمراكش على مقرر يقضي بتحويل حديقة الحارثي التاريخية إلى متجر كبير ووضعه رهن إشارة أحد التجار، بدعوى أن الأمر يتعلق بإحداث متحف للشاي الأخضر والتوابل.
وقد حذر عدد من أعضاء المجلس الجماعي عمدة مراكش من هذه الخطوة غير المحسوبة، خاصة وأن هذه الحديقة كانت محط اهتمام إحدى الأميرات، والتي ضخت فيها عشرات الملايين من السنتيمات، من أجل إصلاحها وتأهيلها وجلب نباتات نادرة إليها إلى أن أصبحت فضاء أخضر رائعا يستفيد منه سكان المدينة وزوارها من المغاربة والأجانب، خصوصا وأنها تقع في قلب حي جليز.
هذا، وقد صادق المجلس الجماعي على هذا المقرر في دورته الأخيرة، منتصف الأسبوع الماضي، القاضي بإحداث متحف للشاي الأخضر والتوابل بهذه الحديقة، في الوقت الذي كان من المفروض أن يسلك المجلس مسطرة حق الامتياز، والتي تقتضي أن يتنافس المقاولون على هذا الحق في إطار صفقة بكناش تحملات واضح، وليس المصادقة على مقرر يضع هذا الفضاء التاريخي رهن إشارة أحد التجار دون مقابل.
ويذكر أن المجلس الجماعي لمراكش، خلال فترة رئاسة عمر الجزولي، كلفته عملية إصلاح وإعادة هيكلة هذا الفضاء مبالغ مالية هامة، عبر تعويض عصبة الجنوب لكرة القدم التي كانت تستغل جزءا منه، بالإضافة إلى المبالغ المالية الهامة التي رصدتها الأميرة سالفة الذكر لهذا الفضاء.
واستنكر عدد من رواد هذا الفضاء التاريخي خطوة المجلس الجماعي هذه، منددين بعدم احترام رمزيته الثقافية، إذ كان فضاء لعقد ندوات فكرية وفنية، وما زال حتى حدود الآن فضاء للمطالعة، حيث يتوفر على خزانة يرتادها المثقفون والطلبة والتلاميذ: «فكيف يجرؤ العمدة على تحويله إلى متجر كبير للتوابل تحت غطاء متحف؟»، يتساءل أحد رواد هذا الفضاء، مؤكدا أن أحداثا ثقافية تاريخية بمراكش احتضنتها قاعة الزجاج بهذه الحديقة، كما كانت مقرا للأنشطة الحقوقية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وفيها تم تأسيس فرعها بمراكش سنة 1979.
وبحسب مصادر من المجلس الجماعي لمراكش، فإن مسؤولي الأخير وجدوا في عبارة «متحف» الصيغة السحرية لتمرير مشاريع بعض الجهات، حيث تم تفويت الرياض التاريخي المعروف بدار «زنيبر» إلى إحدى الشركات التي يقف وراءها أحد كبار المنتخبين بالمدينة، بدعوى أنها ستحوله إلى متحف خاص بـ«الأطعمة والأشربة»، والحال أن الأمر يتعلق بتحويل فضاء تاريخي ذي رمزية خاصة إلى مطعم.
وقد جاء استيلاء هذا المنتخب على الرياض التاريخي دار «زنيبر»، بعدما تم ترحيله ساكنيه وتعويضهم من طرف مؤسسة العمران، وتكلف المجلس الجماعي خلال فترة رئاسة فاطمة الزهراء المنصوري، بإعادة إصلاحه وترميمه ليصبح فضاء للعروض الثقافية والفنية بالمدينة العتيقة في إطار المشروع الملكي «مراكش الحاضرة المتجددة»، قبل أن تتوقف هذه المسطرة مع مجيء حزب العدالة والتنمية، وينقض عليه المنتخب سالف الذكر بدعوى تحويله إلى متحف للأطعمة والأشربة.
هذا، ولم يكتف صاحب المشروع بـ«رياض زنيبر»، بل قام بالاستيلاء على مساحات إضافية من الجهة الأمامية الخلفية لهذا الرياض، وأقام عليها بنايات جديدة حجبت الرياض، دون أن تكلف الشركة نفسها عناء وضع اللوحة الإشهارية للمشروع، والتي تبين طبيعة الورش والمهندس المتتبع لأشغاله كما ينص على ذلك القانون، وبالرغم من هذه المخالفة الواضحة فإن السلطات المحلية لم تتحرك لوقف أشغال البناء.





