شوف تشوف

الرئيسيةرياضةملف الأسبوع

غارات «الألتراس» أشهر المعارك الدامية بين فصائل مشجعين يؤمنون بأنهم أصحاب قضية

اعتقد عشاق كرة القدم أن إجراء المباريات بدون جماهير بسبب تداعيات الوباء، سيجعل فصائل المشجعين، المصنفين في حركة الألتراس، في إجازة طويلة المدى، لكن «الويكلو» لم يمنع الأدرع الجماهيرية الثورية للفرق المغربية من خوض معاركها في ساحة منصات التوصل الاجتماعي، قبل نقلها إلى الواقع، باستخدام الشهب النارية والهتافات الحماسية وعتاد حسب طبيعة المواجهة، مع حضور مكثف للقاصرين الذين يعدون حطب المواجهات.

يتحول المشجع حين يتشبع بمبادئ حركة الألتراس إلى عاشق زاهد في محراب ناديه المفضل، يموت ويحيا من أجله، يضعه في أعلى درجات التقديس، بل هناك من يختزل حياته في حب النادي ويجد في خصومه مبررا لدخول المواجهة، فيتحول الملعب والمدينة إلى فضاء لصراعات السيطرة والنفوذ بين المجموعات، التي تتخذ لها مواقع أشبه بمعاقل يصعب اختراقها.

تتفاخر فصائل المشجعين بمعاركها وتحتفظ في ذاكرتها وعلى صفحاتها بتفاصيل المواجهات وأسماء أبطالها، قبل أن تتحول إلى مادة لموشحات تتردد في المدرجات وتجمعات الفصائل في الشارع العام، بكل حمولتها العدائية التي ترفع درجة الاستنفار.

لا ينخرط في فكر الألتراس الشباب الحالمون بفريق لا يقهر، بل ينضوي تحت لواء الحركة التلاميذ والطلبة والموظفون والعاطلون والعمال الموسميون والتجار والأطباء والصيادلة والمهندسون، كلهم يصطفون في الصفوف الأمامية للجبهة عند كل معركة.

على امتداد تاريخ الحركة تعددت بؤر التوتر، منها من تم إخمادها ومنها من وصل حد الاحتقان وتجاوز حدود التراشق إلى عنف متبادل، انتهى بضحايا ومعتقلين وخسائر في العتاد والأرواح.

 

حسن البصري

++++++++

 

 

معركة دار بوعزة.. دماء وحطام وبلاغ مشترك بين الفصيلين

 

في نهاية الأسبوع الماضي، شهدت منطقة دار بوعزة، ضواحي الدار البيضاء، مواجهات دامية بين ألتراس فريقي الوداد والرجاء الرياضيين لكرة القدم، مما يشكل معطى جديد لانتقال المناوشات من شوارع وأزقة المدينة إلى ضواحيها، بل إن مصادر في الدرك الملكي أوضحت أن لهيب الصراع امتد إلى منطقة السوالم.

ووفق مصادر متطابقة، فقد خلفت المواجهات مجموعة من الإصابات في صفوف عناصر الدرك الملكي التي تدخلت لضبط الوضع بالشارع العام، فضلا عن إصابة بعض السكان جراء التراشق بالحجارة بين الفصيلين الودادي والرجاوي، دون معرفة دوافع المعركة المقامة لأول مرة بعيدا عن معاقل الفصيلين.

وعلى خلفية هذه المعركة، وضعت المصالح الأمنية بالدار البيضاء اليد على ستة أشخاص أغلبهم من القاصرين، للاشتباه في تورطهم في صراع تم فيه تبادل العنف، وإلحاق خسائر مادية بممتلكات الغير، وتعريض سلامة المواطنين للخطر.

وأفاد بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني بأن مصالح الشرطة بمدينة الدار البيضاء توصلت بإشعار حول تورط مجموعة من الأشخاص، يشتبه في أنهم محسوبون على فصائل مشجعي أندية كرة القدم، في تبادل العنف في ما بينهم باستعمال الرشق بالحجارة، الأمر الذي تسبب في إلحاق خسائر مادية بتسع سيارات كانت متوقفة بالشارع العام، وهو ما استدعى تدخل دوريات الشرطة التي عملت على إيقاف مشتبه فيهم، علاوة على حجز سلاح أبيض كان بحوزة شخص من بينهم. كما تجرى التحريات من قبل فرقة الشرطة القضائية، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، للكشف عن ظروف وملابسات وخلفيات هذه القضية، وكذا اعتقال باقي المساهمين والمشاركين في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية.

وفي محاولة لتطويق النزاع، أصدرت الفصائل المشجعة لناديي الوداد والرجاء الرياضيين، الأربعاء الماضي، بلاغا مشتركا، ردا على أحداث الشغب والعنف التي عرفتها منطقة دار بوعزة بين مناصري الفريقين، ودفعت المصالح الأمنية إلى التدخل وإيقاف المشتبه بتورطهم في الأحداث.

وندد البلاغ المشترك لكل من «الكورفا نور» و«الكورفا سود»، بأحداث الشغب والعنف التي اشتعلت شرارتها، بين منتمين للفصائل المشجعة لناديي الوداد والرجاء.

واعتبر البلاغ أن «حركية الألتراس لا يجب أن تلصق بها صورة أحداث مماثلة، خصوصا أن هذا النوع من المناوشات قد ينتهي بأضرار بالغة على الأفراد». كما ذكر البلاغ ذاته بقيم الرياضة، معتبرا المنافسة حبيسة الملاعب التي تظل فضاء للصراع الكروي، «وهو السبيل الوحيد لتبقى حركية الألتراس في المغرب دون شغب، ولا ضحايا في الأرواح، أو مصابين يحملون أثرا مدى الحياة»، يضيف البلاغ.

كما دعت «الكورفا نور» و«الكورفا سود»، إلى ضرورة التزام جميع الأعضاء بالتوجيهات الصادرة عنهما، من أجل حركية وصفتاها بالنقية وشغف بعيد عن الشغب.

 

معركة اللوحات الاستفزازية في المدرجات تنتهي بخسائر خارج الملعب

أنزلت جامعة كرة القدم الوطنية عقوبات قاسية على فريق الوداد الرياضي، بحرمانه من جمهوره لأربع مباريات، واحدة منها موقوفة التنفيذ، فضلا عن غرامة مادية تصل إلى 100 ألف درهم، بينما عاقبت فريق الرجاء الرياضي بمباراة واحدة دون جمهور موقوفة التنفيذ، وغرامة 10 آلاف درهم.

صدرت هذه العقوبات في دجنبر سنة 2015، ردا على أعمال الشغب التي شهدها «ديربي» الدار البيضاء، بين الوداد والرجاء، والذي انتهي سلبي النتيجة، ثم أعقبته أعمال شغب انتهت بإصابة عدد من المشجعين ورجال الأمن، الذين قضوا ليلة المباراة في مصحات المدينة.

وحسب القرار الجامعي، فالعقوبات تعود إلى رفع جمهور الفريق الأول لـ«تيفو» تضمن شعارات استفزازية في حق جمهور الفريق الثاني، واستخدام شهب نارية تسببت في توقيف المباراة لدقائق، فضلا عن الاعتداء على رجال الأمن.

حملت مضامين «التيفو» الذي رفعه جمهور الوداد تلميحا يصنف أنصار الرجاء في خانة القردة في الغابة، كما أظهر تيفو آخر ملصق الفيلم الشهير «كازابلانكا»، تلبس فيها امرأة اللون الأخضر الذي يحيل إلى لون الرجاء البيضاوي، بينما يرتدي الرجل اللون الأحمر الودادي.

وعلى خلفية هذا الحادث تم توقيف بعض رجال الأمن الذين سمحوا بولوج هذا النوع من المنشورات، وتقرر منع جمهوري الفريقين من إدخال ورفع كل أشكال «التيفو» في مباريات «الديربي» إلى أجل غير مسمى.

وعلى خلفية هذه القرارات أصدر فصيل «الوينرز» الودادي، بيانا بعد المباراة، قال فيه: إن «الأحداث غير الرياضية المرفوضة التي وقعت، هي مرآة لبعض الظواهر والمشاكل التي يتخبط فيها المجتمع المغربي، والتي تعذر على «الوينرز» التصدي لها ومعالجتها بمفرده».

 

موقعة الدراركة تنتهي ببتر ساق مشجع ودادي

 

 

شهد محيط حي الدراركة بمدينة أكادير أعمال شغب وتخريب ورشق رجال الأمن بالحجارة، قادها محسوبون على جمهور فريق الوداد الرياضي كانوا في طريقهم إلى ملعب «أدرار»، لمشاهدة مباراة بين فريقهم وحسنية أكادير، إثر اصطدام مع أنصار الفريق السوسي.

بدأت المعركة حين توقف موكب لسيارات مشجعي الوداد كانت تسير على الطريق الوطنية رقم 8، حيث أجبرت على الوقوف بحي الدراركة، جراء اختناق مروري. وحسب بلاغ صحفي، فإن موكب لمناصري الوداد تعرض للرشق بالحجارة، فتم الرد سريعا بالمثل، «لتتسع رقعة المواجهات إلى أن وصلت إحدى الثانويات بحي الدراركة وحي تيكيوين».

تعرضت ثانوية الدراركة للرشق بالحجارة، وتم تحطيم واجهاتها الزجاجية، وتخريب سيارات الأطر التربوية.

من أبرز ضحايا هذه المعركة كمال، عضو فصيل ألتراس «الوينرز»، فقد بترت ساقه في حادثة سير، في أثناء غارة أكادير بين جماهير الوداد والحسنية. نتيجة لوضعيته الصحية وأمام هول الفاجعة، تضامن الرجاويون مع الضحية رغم انتمائه للغريم التقليدي الوداد، وطالب نشطاؤهم برفع قيمة تذاكر «الديربي» بعشرة دراهم، وضخها في حساب خاص، لفائدة المشجع الودادي الذي بترت ساقه. وقام العديد من أنصار الفريق الأخضر بزيارة كمال في المستشفى الذي كان يخضع فيه للعلاج بمراكش، قبل نقله إلى الدار البيضاء.

الأكثر من ذلك أن محمد بودريقة، رئيس الرجاء في تلك الفترة، قد أهدى شقة في حي الرحمة إلى الضحية الودادي، وسجل هدفا في مرمى الوداديين لغاية في نفس يعقوب. وحين استعاد الفتى عافيته، عاد إلى عشقه القديم وأعلن نفسه عنصرا في جبهة الفصيل الودادي.

ليس كمال هو المشجع الوحيد الذي انتهى به الأمر أسير إعاقة مزمنة، فقد كان حمزة الرجاوي، وهو قاصر، ضحية قصف بالحجارة، استهدف حافلة النقل «الحضري»، في أثناء العودة من مركب محمد الخامس، بعد انتهاء مباراة «الديربي»، أصيب الفتى بحجارة طائشة على مستوى الجمجمة حولته إلى كائن أصم يعيش مأساته في صمت قاتل. عانت أسرته وتحملت رغم ضيق ذات اليد مصاريف العلاج والترويض، وما أن تحركت أوصال حمزة حتى وقف في الصفوف الأولى لجبهة «المكانة».

 

«الديربي» العربي بين الوداد والرجاء يشعل فتيل حرب الشوارع

قبل أن يجف عرق «الديربي» العربي الذي انتهى بتأهل الرجاء الرياضي، على حساب الوداد الرياضي، إلى ربع نهائي كأس محمد السادس للأندية العربية الأبطال، شهد حي مبروكة بمنطقة سيدي عثمان إنزالا أمنيا، إثر إشعار عناصر الشرطة بالدار البيضاء، بمحاولة هجوم على بيت المدعو (ن. ب)، القاطن بحي مبروكة والذي يعتبر العقل المدبر ومبدع «تيفوات» أنصار فريق الرجاء الرياضي، ومبتكر لوحة «البطة الراقصة» التي استفزت مشاعر جماهير الوداد، فقامت بإيقافه خشية وقوع ما لا تحمد عقباه.

بدأ الهجوم الذي باشره محسوبون على أنصار فريق الوداد وكان عددهم يفوق 42 شخصا، بإنزال رهيب من طرف ملثمين، كان الغرض منه معاقبة «المخرج» واستدراجه لبتر أصابعه بعد مهاجمته بمنزله بحي مبروكة، حيث بدأت عملية الهجوم بالأسلحة البيضاء على مسكنه، الأمر الذي زرع الرعب والخوف وسط الحي.

وبعد تدخل رئيس الدائرة الأمنية المذكورة وعناصرها، تم اعتقال بعض الأشخاص رفقة المعني بالأمر، الذي اتضح أنه موضوع بحث عدة شكايات. وكان قد تعرض في سنة 2017 لاعتداء من طرف محسوبين على أنصار الوداد، حيث قطعوا يديه وتسببوا في بتر إحداهما وتم إرجاعها في عملية جراحية، وأسرته ظلت تتخوف من الانتقام خارج أسوار الملعب.

وعندما أعلن مشجع رجاوي عن قراره باستبدال اللون الأخضر بالأحمر، وكشف عن نيته في تدوينة بصفحته الفايسبوكية تداولها الوداديون بكثير من السخرية، انتفض الرجاويون وقرروا القصاص من المرتد عن عقيدة الخضر، وباشروا في بداية الأمر مساعيهم السلمية وطلبوا من المرتد نشر بيان حقيقة لتكذيب الخبر، ومنحوه مهلة قصيرة لتصحيح قراره، لكن حين تأخرت «التوبة» كانت الكلمة للعنف، حيث تعرض الفتى لكل أشكال الضرب، ولولا تدخل الأمن لانتهت الحكاية في المقبرة.

 

الخميس الأسود.. حين اجتاح «الجيش الأسود» شوارع الدار البيضاء

في أبريل 2013، اجتاحت فصائل مشجعي فريق الجيش الملكي لكرة القدم شوارع الدار البيضاء، متوجهة إلى الملعب مشيا على الأقدام. وأفاد رئيس المنطقة الأمنية أنفا بولاية الأمن في الدار البيضاء، بأن شغب تنقل أنصار الفريق العسكري ناتج عن خطأ تنظيمي أدى إلى تسرب الجمهور، فضلا عن كيفية التدخل لاحتواء المشاغبين.

كما أكد أن مصالح الشرطة ما زالت تلاحق عددا من المتورطين بشكل مباشر في أحداث الشغب، وآخرين ظهروا على أنهم «غزاة» للبيضاء في أشرطة فيديو على «اليوتيوب». ووصفت الصحافة التي غطت أحداث الخميس الأسود الحدث بمقالات زادت من حجم الاحتقان، حين وصفت جمهور الجيش بـ«الميليشيات الخطيرة»، مع صور لشباب يقومون بأعمال التخريب والتحطيم، جاؤوا محملين بالحجارة، وأغلبيتهم يتأبطون أسلحة بيضاء ومفاتيح وبراغي، عاثوا فسادا في السلع والتجهيزات وكل ما وجدوه أمامهم، في غضون دقائق معدودة.

وقد كان الجميع يعتقد أن قضية «البلاك أرمي» قد طويت، عندما أعطى الملك محمد السادس تعليماته إلى وزير العدل والحريات آنذاك مصطفى الرميد بصفته رئيسا للنيابة العامة، لتقديم ملتمسات إلى الهيئة القضائية المعنية، من أجل الحكم بإطلاق سراح القاصرين. وكانت قوات الأمن قد اعتقلت زهاء 193 شخصا، يشتبه في تورطهم في أعمال تخريب ببعض أحياء مدينة الدار البيضاء.

لكن القضاء قرر فصل الملفات بعرض الراشدين على محكمة الاستئناف، بتهم «تكوين عصابة إجرامية والسرقة الموصوفة والإخلال بالأمن العام٬ وإلحاق خسائر بممتلكات الدولة والخواص، والتحريض على الكراهية بترديد عبارات عدوانية ومخلة بالآداب، وتسخير مواقع إلكترونية للتحريض على اقتراف جنايات، والتفوه بكلمات نابية مخلة بالآداب والأخلاق العامة المرتبطة بالمباراة، التي جمعت فريقي الرجاء الرياضي والجيش الملكي، بالعاصمة الاقتصادية». كما أن أفراد عائلات المعتقلين حضروا إلى بهو المحكمة، واحتشدوا في الغرفة رقم 7 التي ضاقت بهم، وهم يحملون صور أبنائهم القاصرين الذين لم يقدموا إلى المحاكمة بعد تصنيف المعتقلين، حيث إن 73 قاصرا عرضوا على القطب الجنحي، بينما البقية أحيلت على محكمة الجنايات.

ودخلت على خط القضية مجموعة من منظمات حقوق الإنسان، التي آزرت المعتقلين وجمعت أسرهم تحت تكتل واحد، بينما لوحظ وجود محامين يؤازرون المعتدى عليهم في الأحداث ذاتها، والذين طالبوا بتطبيق القانون و«الحفاظ على هيبة الدولة».

 

موقعة «أربعاء عياشة» وتراشق في «ديربيات» الشمال

في نهاية شهر ماي 2012، وقبل انطلاق مباراة القمة بين المغرب التطواني والفتح الرياضي، على أرضية ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، وقف الجميع لقراءة الفاتحة ترحما على أرواح ثلاثة مشجعين لفريق «الحمامة البيضاء»، لقوا مصرعهم قبل المباراة، في حادثة سير بالقرب من جماعة «أربعاء عياشة»، في إقليم العرائش، في الطريق الجهوية رقم 417 الرابطة بين مدينتي العرائش وتطوان، حين كانوا في طريقهم إلى العاصمة، ماتوا وهم يرتدون قميص الفريق التطواني، الأحمر والأبيض.

من بين الضحايا أنس لحكيم، الطالب الجامعي والناشط الحقوقي والعضو السابق في حركة 20 فبراير، على غرار صديقه أيوب الرياضي، الذي اقتنى تذكرة ولوج المركب الرياضي من سانية الرمل، ليعود إلى تطوان جثة هامدة، والذي كتب على صفحته في «فايسبوك»، ساعات قبل وفاته: «الوجهة نحو الرباط إن شاء الله». لكن الله شاء أن ينهي حياته وهو في كفن المغرب التطواني. إضافة إلى الفقيد حمزة التعواطي، الذي التحق بالرفيق الأعلى، قبل أن يشهد حلم اللقب وهو يتحقق.. بينما أصيب أزيد من 25 شخصا بجروح خطيرة في هذا الحادث الأليم، الذي نتج عن اصطدام حافلة صغيرة تقل 25 مشجعا، بسيارة خفيفة تقل 5 مشجعين، كانوا في طريقهم نحو الرباط لمتابعة مباراة فريقهم ضد الفتح الرياضي، برسم الجولة الأخيرة من البطولة الوطنية الاحترافية.

ورغم أن بعض الكتابات تحدثت عن تعرض الموكب التطواني لغارات بالحجارة من مجهولين، إلا أن محاضر الدرك نفت ذلك، وتبين أن الأمر يتعلق بحادث سير، حين قام السائق بتجاوز معيب، انتهى بسقوط الحافلة في منحدر خطير. ظل الجرحى يتلقون العلاجات الضرورية بمستشفيات كل من تطوان والعرائش وأصيلة، ودفن الموتى بمقبرة تطوان في موكب جنائزي مهيب.

لكن تبقى أكثر المواجهات دموية في تاريخ المغرب التطواني، هي التي أعقبت «ديربي» الشمال بطنجة، حين امتد التراشق إلى خارج ملعب مرشان، بين بعض جماهير اتحاد طنجة وقوات الأمن، حيث تعمد بعض المحسوبين على جماهير الفريقين تكسير زجاج السيارات وإحراق القمامات والاعتداء على المارة، وكالعادة فإن أغلب المشاغبين كانوا قاصرين.

 

الوجه الآخر لفصائل المشجعين

مبادرات إنسانية.. تبرع بالدم والكتب والملابس وفك العزلة عن سكان الجبل

ليست حركة «الألتراس» مجرد فيلق يقف في خنادق المواجهات، بل إنها لا تتردد في فعل الخير، إذ لا يخلو سجل كل فصيل من مبادرات إنسانية تسجل في دفتر حسناتها.

ساهمت الفصائل المساندة للرجاء الرياضي في الحملة التي أطلقها منخرطو الفريق، التي كانت تروم جمع تبرعات من أجل توفير مبلغ كراء طائرة خاصة للتنقل إلى زامبيا، وقدرت القيمة الإجمالية للمبلغ الذي ساهمت به فصائل المشجعين بحوالي عشرة ملايين سنتيم، علما أن ثمن كراء الطائرة حدد في مبلغ 200 مليون سنتيم.

وتندرج هذه المبادرة في سياق التخفيف من الأزمة المالية ومساعدة المكتب المسير للرجاء على توفير طائرة خاصة، تؤمن سفر الفريق الأول من مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء إلى زامبيا، لمواجهة فريق نكانا الزامبي، لحساب الجولة الثانية عن المجموعة الرابعة من دور مجموعات مسابقة كأس «الكاف».

كما قامت فصائل الألتراس الرجاوية بحملة دعم القراءة من خلال قافلة «اقرأ»، واختارت منطقة نائية لتنزيل المبادرة، وتحديدا في ضواحي أمزميز، حيث تم توزيع العتاد المدرسي وطلاء مؤسسة تعليمية.

وعلاقة بالموضوع ذاته، خلد فصيل «لوس ماتادوريس»، الموالي لفريق المغرب التطواني، يوم المعلم ووقف إجلالا له، مكرسا مقولة: «كاد المعلم أن يكون رسولا»، بل إن جماهير الملاعب اختارت تكريم مربي الأجيال في التفاتة إنسانية تمسح صورة المشجع المشاغب، الذي لا يتقن إلا لغة الاحتجاج. وأصدر الفصيل المذكور بيانا قال فيه: «إن معلمينا يستحقون التنويه».

من جهته، تفاعل ألتراس «إيمازيغن»، المساند لفريق حسنية أكادير، مع وفاة الفنان أحمد بادوج، أحد أعمدة الفن السابع الأمازيغي، الذي وافته المنية نتيجة إصابته بجائحة كورونا. واستحضر أعضاء الفصيل في مبادرة مؤثرة القيمة الرمزية لهذا الفنان، الذي يعد أيقونة ورمزا تحتفظ به الذاكرة الثقافية الأمازيغية. وعاد الفصيل نفسه ليخلد أربعينية الفنان الجزائري القبائلي «إيدير»، بمشاعر الحزن والأسى نفسها.

وجند الفصيل الودادي «الوينرز» كافة خلاياه للانخراط الكلي في حملة «جميعا ضد قساوة البرد»، من خلال عملية التبرع وتجميع الملابس الشتوية، سواء المستعملة أو الجديدة، وكذا الأغطية والأحذية وكل ما يلزم لإدخال الدفء إلى بيوت المحتاجين. ومست هذه المبادرة الإنسانية فئة واسعة من المتضررين من البرد، سيما في المناطق النائية، واستهدفت بالخصوص الفقراء والمعوزين، ﻭعابري السبيل كاللاجئين السوريين والأفارقة. فضلا عن حملة واسعة للتبرع بالدم حطمت رقما قياسيا وطنيا.

وسجل جمهور فريق الجيش الملكي موقفا يحسب له، حين تبرع وبشكل مكثف بالدم، ودعا الخلايا التابعة للفصائل المساندة للنادي العسكري إلى الانخراط في هذا العمل الإنساني، الذي خلف صدى طيبا في المشهد الرياضي المغربي. واستهدفت المبادرة ضحايا حادث انقلاب القطار ببوقنادل، حيث توجه عدد كبير من منخرطي، مجموعة «بلاك أرمي»، و«إلترا عسكري» إلى نقاط التبرع بالدم، بمدينتي الرباط وسلا، للمساهمة في هذا العمل الإنساني.

لكل فصيل مشجع عبر التراب المغربي وجهه الإنساني، والذي يضيق المجال لرصده، لكن النضال في الخندق الإنساني يؤكد بأن هؤلاء المشجعين ليسوا «صعاليك» كما ينظر إليهم البعض.

 

الأمن الرياضي.. الخط الأول في مواجهة معركة شغب الملاعب

في كثير من الأحيان تتحول المنافسات الرياضية في بلادنا من مناسبات احتفالية للاستمتاع والترويح عن النفس، إلى بؤر احتقان تتطلب استنفارا أمنيا كبيرا وإجراءات أمنية ولوجيستكية مكلفة ومعقدة، مما يجعلها تشكل تحديا جسيما بالنسبة لكافة المتدخلين، سيما الجهاز الأمني.

وعلى امتداد عقد كامل من الزمن ناقشت مكونات الحركة الرياضية إشكاليات الأمن الرياضي، وكشفت عن المقاربات الجديدة التي تتجاوز ما هو أمني، بل إن الأيام الوطنية المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني بالدار البيضاء، ومناظرات مكافحة شغب الملاعب بالمعهد الملكي للشرطة، قد رصدت عمق إشكالية أمن الملاعب.

وكان محمد بوزفور، رئيس قسم الأمن الرياضي بالمديرية العامة للأمن الوطني السابق، قد أشار في أكثر من مداخلة إلى الخطط التي نهجتها مديرية الأمن الوطني لتأمين الفرجة الرياضية بدون عنف، مصرا على البعد التشاركي في تدبير هذا الملف، من خلال انخراط كل الشركاء، مشيرا إلى اندثار المشجع الكلاسيكي وظهور جيل جديد من المشجعين يعرف بـ«الألتراس».

وعلى الرغم من خلق خلايا أمنية في ربوع المملكة وتتبعها لتحركات المشجعين داخل المدينة وخارجها، إلا أن العنف ظل حاضرا بقوة، ما دام ملازما للفئات الهشة، خاصة في ظل انسحاب الأسرة والمدرسة من عملية التأطير، في وقت تقتصر الحلول على التصدي للعنف داخل الملاعب، الشيء الذي يترك رجال الأمن في واجهة مدفع الانتقادات بعد أي أحداث لا رياضية.

تعززت الممارسة الأمنية بالمغرب بإحداث بنيات شرطية مركزية وغير ممركزة، تتمثل في قسم الأمن الرياضي التابع لمديرية الأمن العمومي، والخلايا الأمنية التابعة له بمختلف المدن. مهمتها تتبع التظاهرات الرياضية، وفق مقاربة علمية تتوخى الدقة وجمع الإحصائيات وإنجاز دراسات تحليلية لمختلف الظواهر المرتبطة بالفرق المنافسة والبنيات التحتية الرياضية، مع تحديث أساليب المعالجة والتتبع لسلوكات الجماهير. وكل التقارير المعدة من طرف هده الوحدات يعتمد عليها عند وضع الترتيبات الأمنية الخاصة بالمنافسات الرياضية المرتقبة، بالتنسيق مع باقي المتدخلين.

وبلغة الأرقام يتطلب الدوري المغربي تسخير 120.000 شرطي لتأمين المباريات، أي بمعدل يومي يصل إلى 3365 رجل أمن و454 عنصرا لكل مباراة من المباريات الرسمية للبطولة الوطنية الاحترافية. فضلا عن تسخير أسطول كبير من الوسائل اللوجيستيكية المتنوعة كالسيارات والحافلات لنقل العناصر الأمنية، والوقود، وأذونات الطرق السيارة، ومصاريف الإيواء وتعويضات التنقل، ونفقات خفر الكلاب البوليسية وفرق الخيالة.

وكان عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني، قد وجه عدة مذكرات إلى ولاة الأمن، ورؤساء الأمن الجهوي والإقليمي، ورؤساء المناطق الأمنية والمفوضيات الجهوية، حذر فيها من تجاوزات لبعض رجال الأمن تزامنا مع مباريات لكرة القدم، والفوضى والخسائر التي رافقتها. كما نبه إلى تقاعس بعض العناصر، في أثناء إجراءات المراقبة والتفتيش عند مداخل الملاعب، ما ينجم عنه تسريب الشهب النارية وأشياء محظورة، منها اللافتات التي تستعملها فصائل المشجعين.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى