حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

غش الامتحانات

 

 

مع اقتراب موعد امتحانات البكالوريا، تعود أزمة تطبيع تلاميذ مع الغش في الامتحانات، والاجتهاد في ذلك، عوض المثابرة للتحصيل العلمي والتمكن من أدوات التحليل والإنتاج الفكري، حيث تحول الغش إلى تجارة مربحة لبعض الشبكات الإجرامية، التي أصبحت توفر كافة الوسائل التقنية المتطورة التي تساعد التلميذ على الغش، ما يشكل رواجا تجاريا مهما قبيل الامتحانات، وسبق أن كان محط تحقيقات أمنية واعتقال متورطين وتقديمهم إلى العدالة.

إن الغش في الامتحانات من الفيروسات الخطيرة التي ضربت التعليم بالمغرب واستفحلت لتشمل جميع المستويات الإشهادية، كما تضاعفت تبعاته بسبب التهافت المجتمعي على تحصيل الشهادات والنقاط المرتفعة، دون التفات للجودة، ودون انعكاس الأمر على تحصيل التلاميذ وتطور قدراتهم واستيعابهم للدروس التي يتلقونها داخل المؤسسات التعليمية، سواء العمومية أو الخاصة، حيث يبقى الفرق في أمور تقنية تنظيمية وليس جوهر العملية التربوية، وما تتطلبه من مجهودات جبارة ومهنية لتحقيق هدف التربية والتعليم.

ولكي تغطي بعض المؤسسات التعليمية والمديريات الإقليمية على تراجع مستوى التلاميذ، يتم السماح جزئيا بالنفخ في نقاط المراقبة المستمرة، كما يتفادى العديد من الأساتذة منح التلاميذ نقاطا هزيلة، رغم مستواهم الضعيف، لأن ذلك سيجعلهم يدخلون دوامة الاستفسارات حول الأسباب وكتابة التقارير، وزيارتهم من قبل لجان التفتيش، وربما قضاءهم لعطلة الصيف داخل المؤسسة يجيبون عن التقارير، شأنهم شأن الأطقم الإدارية المعنية.

ولكي نخفف من وطأة الغش في الامتحانات، يجب أن يتم تحسيس التلميذ بأن النتيجة ليست بالأرقام والشهادات المحصل عليها، بل بما استوعبه من العملية التعليمية ككل، ومدى قدرته على تحليل الأحداث الراهنة والواقع، والقدرة على الإبداع واستثمار ما تعلمه في حياته الشخصية والمهنية والعلاقات الاجتماعية، فضلا عن ضرورة البحث الموازي للتعليم الأكاديمي والقراءة، لأن التعليم لا يرتبط بفضاء المدرسة فقط.

وما زالت جل مؤسساتنا التعليمية تتخبط في مشاكل الهدر المدرسي وغياب الجودة، كما أن النتائج الدراسية التي يحصل عليها التلاميذ منفوخة ولا تتوافق ومستوى التحصيل العلمي، إذا لم تكن في بعض الأحيان مبالغا فيها، خاصة بالقطاع الخاص، ويظهر ذلك جليا عند خوض الامتحانات الموحدة بمستوى البكالوريا، أو اختبار التلاميذ في مباريات تتميز بالحراسة المشددة، أو اجتياز امتحانات لا يمكن استعمال الغش فيها من الأصل.

وبالعودة إلى مسألة التهافت على النقاط دون التفات للمستوى ومدى تطوره، فقد ساهم الأمر في ازدهار تجارة دروس الدعم، وإرهاق ميزانية الأسر بالمزيد من المصاريف، فضلا عن ظهور مراكز الدعم التي تقدم الحلول السهلة والشعبوية للحصول على شهادة البكالوريا، وتهافت التعليم الخاص على مسألة النقاط أيضا لكسب الزبناء في عملية تجارية محضة، وهو الشيء الذي يتطلب وقفة حقيقية لتصحيح المفاهيم، لتصحح بذلك التصرفات داخل المجتمع ويعود بريق قيمة القيم ليضيء دروب قطاع التعليم المعتمة.

ونحتاج في وقتنا الحاضر إلى ضرورة العودة لتقييم العملية التعليمية بشكل شامل، والتدقيق في قدرة تلاميذنا على التحليل الفكري، وليس الحفظ والاستظهار، لأن متطلبات العصر ترتكز على الإبداع وفتح باب الحرية في البحث العلمي والاختراع، وما سبق ذكره لن يتحقق بالنقاط المنفوخة ولا بالغش والتهافت على الشهادات، بل بالجد والمثابرة، لأن العبرة بما يحمله التلاميذ في رؤوسهم وليس بما يحصلون عليه من شهادات وهم غير قادرين على كتابة فقرة بسلاسة يعبرون فيها عن رأيهم، بحيث إذا غابت عنهم ما يسمونها في أوساطهم بـ«النقلة» في الاختبارات، أصبحوا مثل أعجاز النخل الخاوية.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى