
يونس جنوحي
لعل الواقعة التالية، واحدة من أطرف أخبار هذه السنة التي نطوي أسابيعها الأخيرة..
بدأت القصة، أو انتهت ربما، نهاية الشهر الماضي، كما نقلتها صحيفة «يوروبيان تايمز» الشهيرة، عندما سافر فريق كرة قدم باكستاني، على أساس أنه فريق مدينة «سيالكوت» السياحية الشهيرة، إلى اليابان للمشاركة في مباراة دولية.
فريق بطاقم كامل، مثل أي فريق كرة قدم عالمي، يرتدي لاعبوه وأفراد الطاقم أقمصة وبذلا رياضية رسمية تحمل العلم الوطني لبلاد باكستان. ختم أعضاء الفريق والطاقم جوازات سفرهم في مطار بلادهم بشكل عادي، ووصلوا إلى اليابان لخوض المباراة.
لكن اليابانيين اكتشفوا أن المشاركين ليسوا رياضيين نهائيا. وحسب ما نقلته صحيفة «يوروبيان تايمز»، فإن تحقيقات الأمن الياباني كشفت أن «اللاعبين» أدوا جميعا ما قدره 14 ألف دولار (14 مليون سنتيم) للفرد، لكي يتم تسجيلهم في لائحة الفريق الوطني الباكستاني! ويسافروا بالتالي إلى اليابان. وهكذا رحلت سلطات اليابان اللاعبين البالغ عددهم 22 لاعبا، على الفور.
تقول الصحيفة إن العملية تكشف مدى تغول عصابات الاتجار في البشر، والمأساة التي يعيشها الشباب الباكستاني الباحث عن تحقيق حلم مغادرة البلاد، حتى لو استدعى الأمر خوض مغامرات مماثلة.
مكتب التحقيقات الاتحادي، FIA، أكد أن العملية مخطط دقيق ومدروس، يدخل في إطار أنشطة الاتجار الخطير بالبشر.
ووفقا لهذه الوكالة الدولية، فإن هذه المحاولة ليست الأولى. ففي يناير 2024، نجحت عملية تهريب 17 شخصا من باكستان إلى اليابان، باستخدام الطريقة نفسها، أي تم تزوير لائحة فريق رياضي، وسافر «المرشحون» إلى اليابان على أساس أنهم مشاركون في تظاهرة رياضية، وتفرقوا مباشرة بعد مغادرة المطار، لكي يخوضوا «مباراة» أخرى مع الحياة الجديدة.
لكن هذه المرة، كشفت السلطات اليابانية الخطة، ولم يستطع «الفريق الوطني» تجاوز خط الدفاع!
مسؤولو الهجرة اليابانيين كشفوا عملية الاحتيال، وتقول الأخبار الرسمية إن درجة اليقظة عند ختم جوازات الوافدين على اليابان قد تضاعفت، مع توالي محاولات الهجرة غير النظامية، عبر مطار العاصمة اليابانية، خصوصا وأن السلطات الباكستانية، بحسب «يوروبيان تايمز»، لم يسبق أن أفشلت أي عملية من هذا النوع، ودائما تتداعى شبكات الاتجار الدولي للبشر الناشطة في باكستان عند الوصول إلى الدول المستهدفة.
الصحيفة تقول إن تجلية أداء المرشحين لمبلغ 14 ألف دولار، يكشف «حجم الاستغلال وعمق اليأس» الذي يتعرض له الشباب في باكستان. بالنسبة إلى الأسر الباكستانية العادية، فإن جمع مبلغ مماثل لا يتم إلا بعد بيع الأراضي في القرى، أو الحصول على قروض، أو رهن المنازل.
شبكات الهجرة غير النظامية من باكستان تمر في أغلب الحالات عبر إيران، تركيا، وليبيا، للوصول إلى سواحل أوروبا.. وأغلب الرحلات تنتهي بتراجيديا مميتة، أو مراكز الاحتجاز في أسوأ الحالات.
تتساءل الصحيفة التي فجرت القصة عن الكيفية، التي استطاع بها اثنان وعشرون رجلا الوصول إلى متن رحلة دولية بوثائق مزورة؟ وكيف لم تحقق الجهات الرياضية أو الحكومية المختصة الباكستانية في أوراق اعتمادهم، التي أدلوا بها قبل السفر؟ الصحافة وجهت، بناء على تقارير الاتحاد الدولي، اتهاما إلى الجهات الحكومية، بالتساهل وغض الطرف عن هذا النوع من الهجرة، الذي يتم فيه استغلال التظاهرات الرياضية. لكن هذا التساهل، تضيف الصحيفة «يُفقد جهاز الدولة السيطرة على بواباته».
عندما يتعلق الأمر بالهجرة غير النظامية، لا يقف الطموح عند تزوير جواز سفر، أو محاولة السفر بدونه فحسب، بل إنه يتطور، كما في هذه القصة تماما، إلى «خلق» فريق وطني لكرة القدم.





